] استراتيجية أميركا الثابتة تقودها إلى حرب إقليمية... ماذا عن إيران؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 28 كانون الثاني (يناير) 2024

استراتيجية أميركا الثابتة تقودها إلى حرب إقليمية... ماذا عن إيران؟

الأحد 28 كانون الثاني (يناير) 2024 par هدى رزق

من نافل القول إن أيديولوجية بايدن تضعه على يمين بعض أعضاء حكومة نتنياهو الحربية، ففي حفل لجمع التبرّعات في كانون الأول/ديسمبر الماضي صرّح بايدن أنه “لن يفعل شيئاً سوى حماية إسرائيل”.

أصبح جو بايدن من “أقوى الصقور في أميركا”، هذا ما أوضحه فريقه بقوله: “إن سياسة بايدن متجذّرة في عقيدتها فهو لا يعترف بإنسانية الفلسطينيين، بل يركّز على خسارة”إسرائيل“في 7 تشرين الأول/أكتوبر التي يعتبرها خسارته، ولا بدّ له من أن يربح الحرب في غزة”.

وفي الوقت الذي تنتشر فيه أخبار عن خلافات بين بايدن ونتنياهو في الأروقة الإعلامية، يطرح استمرار الحرب تساؤلات حول ماهية الخلاف وحقيقته؟ هل هو مؤثّر في مسار الحرب؟

تعد الولايات المتحدة هذه الحرب حربها وهي ليست مجرّد داعم لأحد طرفيها. صرّح بايدن مؤخّراً أن عملية طوفان الأقصى قد أضرّت بعدد من المشاريع والمسارات الأميركية في المنطقة، ومنها مشاريع التطبيع مع الاحتلال، والمشاريع الاقتصادية التي ستربط “دولة” الاحتلال بالدول العربية وأوروبا.

لا شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة عملت على خلق وضع إقليمي مضطرب، فالولايات المتحدة التي ادّعت أنها لا تسعى إلى اتساع الحرب، تعمل الآن على توسعتها وتُعمّق انخراطها فيها. هذا الدعم الذي تقوم به الولايات المتحدة، يعتبر خطأ استراتيجياً من وجهة نظر موسكو وطهران وبكين.

أما تصوّرها بأنّ استخدام القوة سيؤدي إلى ردع أنصار الله عن مواصلة هجماتهم في البحر الأحمر، أو تقويض قدرة حزب الله والحشد في العراق على تهديد المصالح الأميركية فيبدو غير واقعيّ، ولا سيما أنّ محور المقاومة كان ولا يزال يتدرّج في المواجهة من دون تصعيد كبير، وإيران كانت واضحة منذ بداية الحرب على غزة بضرورة العمل على عدم توسعة إطار هذه الحرب حتى لا تصبح حرباً إقليمية.

إدارة بايدن لم تعمل على وقف إطلاق النار بل تصدّت لقرارات الأمم المتحدة، واستمرت في دعم الحرب الإسرائيلية الدموية والوحشية على غزة، من دون إحراز نتائج سياسية، وما الخلاف مع حكومة الاحتلال سوى على استمرار بن غفير وسموتريتش، اللذين تعتبرهما متطرّفين في حكومة نتنياهو ويضرّان بمصالح “إسرائيل” والولايات المتحدة الاستراتيجية.

الخلاف إذاً مرتبط بشكل الحرب ومسارها والخطة التالية التي طرحها وزير الخارجية الأميركي في زيارته الأخيرة، والتي تزامنت مع حديث الاحتلال عن “مرحلة ثالثة”. الأمر لا يتعلق بالحرب نفسها على غزة، فالأميركي لن يسمح بانتصار المقاومة. هذا يعني استمرار الحرب لكن بشكل مختلف.

في الوقت عينه يجري التصعيد على الجبهات في سوريا والعراق ضد القوات الأميركية، وتُقابل بردّ أميركي متصاعد، وتتصاعد العمليات على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية.

تعتقد الولايات المتحدة بإمكانية ردع محور المقاومة عن الانخراط في الحرب عبر عامل الرد، وهي تعتبر أن توجّهها نحو المرحلة الثالثة، أي تغيير شكل الحرب على غزة، من دون إيقافها، ستجعل الدول العربية شريكة في مشروعها لقطاع غزة، في الوقت الذي لا تزال المقاومة الفلسطينية قوية. أما إيران فهي تحذّرها من مغبّة توسيع نطاق الحرب في المنطقة، وتهديد السلام والأمن.

بناء على المخطط الأميركي، تعمل بريطانيا على استمرار استهداف أنصار الله للحد من قدراتهم العسكرية، ما يعني أن فترة من الاضطراب ستستمر في أكثر الممرات البحرية حيوية. الهجمات التي بدأها الحوثيون- قبالة السواحل اليمنية لمنع السفن من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية- حوّلت الاهتمام إلى البحر الأحمر، حذّر الحوثيون الولايات المتحدة وبريطانيا من أن ضرباتهما على اليمن “لن تمرّ من دون ردّ وعقاب”، لكنّ البنتاغون علل أن الضربات بسبب استهداف القوات المسلحة اليمنية سفن الشحن في البحر الأحمر، في حين تضغط الولايات المتحدة على الدول التي تمر في البحر الأحمر للتوقّف من أجل الإيحاء بأنّ الحوثيين يغلقون طرق التجارة، مع العلم أنهم لا يستهدفون سوى المتوجّهين إلى الكيان الإسرائيلي. وكان بايدن قد أوحى بأنه إذا ما اشتدّت الحرب الإقليمية فلن يكون أمام واشنطن خيار سوى دعم “إسرائيل”.
هل تقترب أميركا وإيران من هاوية الحرب

بدأت الاستراتيجية الأميركية ضد إيران تتخذ أشكالاً جديدة في الظهور بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نتج عنها تأكّل التفوّق الإسرائيلي في المنطقة. رفعت طهران مستوى التحدّي في الأيام الأخيرة، بتوجيه ضربات صاروخية إلى ما اعتبرته أهدافاً “تجسسية” إسرائيلية في أربيل العراق و“داعشية” في أطراف حلب في سوريا.

واستهدفت شرقاً في باكستان تنظيم “جيش العدل” الذي ينشط على الحدود بين البلدين، ويستهدف القوات الإيرانية هناك، رافعاً شعار الاستقلال لمحافظة سيستان وبلوشستان عن إيران، وهو ما تعتبره طهران انفصالياً وتتهم الولايات المتحدة باستثماره أحياناً لزعزعة استقرارها وممارسة الضغوط لإخضاعها، ولا سيما بعد زيارة الجنرال عاصم منير إلى واشنطن ولقائه كبار المسؤولين الأميركيين، والاعتزام على زيادة التفاعلات بين واشنطن وباكستان مع وعود بدعمه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

الضربات الإيرانية بالصواريخ والطائرات من دون طيار على ثلاث دول ـــــ سوريا والعراق وباكستان ـــــ على مدار 24 ساعة، واتخاذ طهران الخطوة غير العادية بإعلان مسؤوليتها عن الهجمات، نقلت رسالة بالغة الأهمية إلى واشنطن مفادها أن خطة الولايات المتحدة الأميركية المتمثّلة في إنشاء تحالف من المجموعات الإرهابية في المنطقة المحيطة بإيران ستتم مواجهتها بحزم.

وهي دليل واضح على تصميمها على التصرّف دفاعاً عن النفس في السياق الإقليمي والدولي الجديد. النوايا الأميركية واضحة: تطويق طهران من الغرب والشرق بدول يسهل التلاعب بها.

وفي أعقاب الضربات الإيرانية على أربيل عملت الولايات المتحدة على ترتيب اجتماع مع كبار المسؤولين العراقيين أثناء مؤتمر دافوس، كان الغرض منها دعم الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، وضرورة استئناف ضخ النفط لـ “إسرائيل”، وإنهاء الهجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا، والالتزام بالتعاون والشراكة الدفاعية، ودعم سيادة العراق، وتمّت دعوة رئيس الوزراء السوداني لزيارة البيت الأبيض. فالولايات المتحدة تسعى لتعزيز وجودها في العراق ولديها أهداف مماثلة في باكستان.

تحوّلات كبيرة حدثت مند حرب السابع من أكتوبر حرّكت الصراع بين محور المقاومة والولايات المتحدة وأدت إلى اضطراب الإقليم بأسره.

تعتقد الولايات المتحدة أنها مع استمرار حرب غزة والعنف الممارس بحق الفلسطينيين يمكنها تجديد حضورها العسكري القوي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن مستقبل الدور الأميركي في الشرق الأوسط، لم يعد ينظر إليه بعد حرب غزة سوى أنه مدافع مستميت عن “إسرائيل”.

بينما ترى إيران أن حرب غزة والمنافسة بين الدول الكبرى ستنعكس متغيّرات إقليمية وجغراسياسية يمكن أن تكون لمصلحتها ومصلحة حلفائها الإقليميين والدوليين.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2331020

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 20

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28