] ما هي التظاهرات الموازية و«الأفلام المشاركة» للحضور الفلسطيني في المهرجانات؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 28 أيلول (سبتمبر) 2023

ما هي التظاهرات الموازية و«الأفلام المشاركة» للحضور الفلسطيني في المهرجانات؟

الخميس 28 أيلول (سبتمبر) 2023

- سليم البيك

تقسم المهرجانات السينمائية أفلامها إلى المسابقة الرسمية، وهي واجهة المهرجان والمعيار لمكانته وأهميةِ أيٍّ من دوراته، والتظاهرات الموازية، الرسمية وغير الرسمية. الأفلام هي رافعة المهرجان، والدليل على تموقعه، وهو أوّل ما يجعل مهرجانات كانّ ثم البندقية وبرلين، أهم ثلاثة مهرجانات. الأفلام المشاركة في هذه المهرجانات بعروض عالمية أولى تجعلها كذلك، لتتبعها مهرجانات أصغر تأخذ من أفلام هذه الثلاثة وتضيفها إلى تشكيلة أقل أهمية، من ناحية اسم المخرج، أو عنوان الفيلم. أهم هذه التالية هي مهرجانات سان سيباستيان ولوكارنو وروتردام وتورونتو.
الأفلام المشاركة هنا أو هناك، في المسابقة الرسمية، أي المتنافسة على الجوائز الأولى (السعفة الذهبية، الأسد الذهبي، الدب الذهبي…) تكون أفضل اختيارات المهرجان، وهنالك دائماً استثناءات، إما في العروض خارج المسابقة، بقرار من أصحاب الفيلم، أو المبرمجين، أو أفلام مدرجة في تظاهرات موازية، وتكون اكتشافاً سينمائياً من بعد عرضها، يفوق الفيلم فيها جودةً أفلاماً أخرى، ارتأى مبرمجو هذا المهرجان أو ذاك إدراجها في المسابقة الرسمية، لمبررات يكون لمكانة المخرج وتجربته دورٌ في تشكيلها. هو عالمٌ موازٍ للمسابقة الرسمية للمهرجانات، لأسماء واكتشافات وتجارب غير تلك المكرّسة المستقرّة في المسابقة الرسمية، نجدها في التظاهرات الموازية، وهي الأكثر جرأةً وإثارةً للفضول من غيرها، وتتنوع في مستوياتها ومعاييرها ضمن المهرجان ذاته. هنا، في هذه الأسطر، أتتبّع الحضور الفلسطيني في المظاهرات الموازية، بعد المقالة السابقة («القدس العربي» 17/9/2023) التي تناولت الحضور الفلسطيني ضمن المسابقات الرسمية، والحديث كله محصور في الأفلام الروائية الطويلة، إضافة إلى حضور محدود في المسابقات الرسمية للمهرجانات الأهم في العالم، السبعة المذكورة أعلاه، كان الحضور الأكبر للفلسطينيين في التظاهرات الموازية، منذ الثمانينيات حتى اليوم، ولا عيب في ذلك بالنظر إلى معايير وعناوين أفلام المسابقات الرسمية من ناحية، وإلى أهمية تلك التظاهرات من ناحية أخرى، فتظاهرة موازية كـ«نظرة ما» في مهرجان كان السينمائي، تفوق أهميةً أي مسابقة رسمية لأي مهرجان غير الثلاثة الكبرى. والتظاهرات الموازية تكون كذلك بمستويات متفاوتة، فالقول إن فيلماً فلسطينياً شارك في مهرجان برلين السينمائي مثلاً، لا يستقيم ما لم يتم التوضيح، في المسابقة الرسمية؟ في تظاهرة «لقاءات» أو في «بانوراما» الأقل أهمية؟ وفي البندقية، هل يكون الحديث عن المسابقة الرسمية؟ أم عن تظاهرة «آفاق» أم «أيام المؤلفين» الأقل أهمية، وفي كانّ، هل يكون الحديث عن المسابقة الرسمية أم «نظرة ما»؟ أم عن تظاهرة «أسبوع النقد» و«أسبوعَي المخرجين» وكلاهما أقل أهمية؟
ويمكن لأفلام أن تشارك في أكثر من مهرجان، وغالباً تنطلق من المهرجانات الأولى الثلاثة إلى غيرها، ويحصل أن تكون في تظاهرة موازية في الأولى، وفي المسابقة الرسمية في التالية. وهذا ما يدخلنا إلى موضوعنا وهو الحضور الفلسطيني في هذه التظاهرات، فالمثال على الحالة الأخيرة هو فيلم ميشيل خليفي الذي شارك بفيلمه «عرس الجليل» ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان سان سيباستيان عام 1987 ونال جائزة «الصدفة الذهبية» بعد مشاركته في العام ذاته في مهرجان كان السينمائي ضمن تظاهرة «أسبوعَي المخرجِين».

بمعزل عمّا إن كانت الأفلام مثّلت فلسطين رسمياً، أم لم تفعل، يعود الفضل في أوّل وثاني دخول للفلسطينيين إلى المهرجانات العالمية، لخليفي الذي عاد إلى مهرجان كان في تظاهرة «نظرة ما» عام 1990 بفيلمه «نشيد الحجر». ليتناوب هو ورشيد مشهراوي في السنوات القليلة التالية على تظاهرات المهرجان الفرنسي. مشهراوي في «أسبوع النقد» عام 1994 عن فيلمه «حتى إشعار آخر» وخليفي في «أسبوعَي المخرجين» عام 1995عن فيلمه «حكاية الجواهر الثلاث». ليلحقه مشهراوي عام 1996 في «نظرة ما» عن فيلمه «حيفا». يتكرر بذلك حضور الفلسطينيين في مهرجان كان السينمائي في التسعينيات، بأفلام جيدة وبتظاهرات متنوعة، قبل أن يلحقهما كل من إيليا سليمان بفيلمه «سجل اختفاء» ضمن «نوافذ على الصّور» في مهرجان البندقية، عام 1996، وعلي نصّار بفيلمه «درب التبانات» ضمن «بانوراما» في مهرجان برلين عام 1998.
من بعدها، ومع عام 2000، دخل الفلسطينيون مرحلة جديدة في سينماهم، اختلفت كماً ونوعاً ومقاربات وأساليب، وتفاوت حضورهم في المهرجانات، أكثرها كان في مهرجان تورونتو السينمائي، وتحديداً ضمن تظاهرتَي «سينما عالمية معاصرة» و»اكتشاف». لكن، المهرجان، أقل أهمية من المهرجانات الثلاثة الكبرى، وهو ينتقي منها ويعيد العرض في تظاهراته، لتكون، أخيراً، المشاركة في المهرجان الكندي ثانوية لا أوّلية. ذلك ما يجعلني أزيح هذه المشاركات في هذا التتبع، لكثرة الحضور الفلسطيني هناك، بعد حضورٍ أوّل في غيره عموماً، وللمكانة الثانوية للمهرجان. فحصرتُ المشاركة في التظاهرات الموازية للمهرجانات الكبرى الثلاثة.
منذ عام 2000 وحتى اليوم، كان الحضور الفلسطيني في معظمه ضمن المهرجانين الفرنسي والإيطالي، إذ لم يكن في المهرجان الألماني ضمن تظاهراته الموازية، سوى في «فورَم» بفيلم «لمّا شفتك» و»بانوراما» بفيلم «الحب والسرقة ومشاكل أخرى». وهي التظاهرات الأقل أهمية من غيرها المذكورة في هذه الأسطر، رغم أن «لمّا شفتك» واحدٌ من بين الأفضل في مسيرة السينما الفلسطينية. أما في مهرجان البندقية، فقد تركّز الحضور في تظاهرة «أيام المؤلفين» المعروفة بـ«أيام فينيسا» فشاركت فيها أفلام «انتظار» و«حبيبي راسك خربان» و«ميراث» و«مي في الصيف» و«مفك» و«200 متر». وفي المهرجان ذاته شارك «فيلا توما» ضمن «أسبوع النقد» وفيلما «تل أبيب ع نار» «»غزة مونامور» ضمن «آفاق».
يبقى لمهرجان كان السينمائي الحصة الأكبر في التظاهرات الموازية، ففي «أسبوع النقد» شاركت أفلام «عرس رنا» و«عطش» و«ديجراديه» و«أمريكا» في «أسبوعَي المخرجين». أما الأبرز في مجمل هذه التظاهرات، فكان الوصول إلى «نظرة ما» في مهرجان كان السينمائي، ففيها شاركت أفلام «ملح هذا البحر» و«عمر» و«أمور شخصية» و«حمى البحر المتوسط». أضيف إلى ذلك كله فيلم «باب الشمس» المشارك في المهرجان ذاته بعروض «خارج المسابقة».
المشاركة الفلسطينية في المهرجانات العالمية، ضمن المسابقة الرسمية أو التظاهرات الموازية، لا تعني أن هذا الفيلم أو ذاك أفضل من غيره. جودة الفيلم تنحصر فيه بمعزل عن اسم المسابقة أو التظاهرة التي يجد لنفسه، لسبب أو لآخر، موقعاً فيها. فللمهرجانات سياساتها، وللمبرمجين اعتباراتهم. لكن يمكن للمشاركة أن تكون مؤشراً أولياً، فالاختيار من عدمه لا يكون اعتباطياً، ويمكن دائماً نقد المؤشّر أو نقضه، بآراء نقدية ومقاربات متفاوتة، موضوعية وذاتية. وفي الحالة الفلسطينية، تبقى دائماً الاعتبارات السياسية للمهرجان الأوروبي مطلّة برأسها، تزيح هذا الفيلم وترحّب بذاك. فبعضٌ من أسوأ الأفلام الفلسطينية مذكورة هنا. كما أنّ أفلاماً لم تُذكر لعدم مشاركتها في أي من هذه التظاهرات، وانحصرت مشاركتها في تورونتو، منها ما يتخطّى بعض المذكور، مثل «فرحة» و«علم». ومنها كذلك ما سيتخطى معظم المذكور ليكون واحداً من أفضل ما أنتجت هذه السينما منذ عام 2000، «الأستاذ».


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفنون   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 19

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28