تصاعد التوتر في السجون الإسرائيلية، خاصة في “سجن النقب” بسبب الهجمات الجديدة العنيفة، التي شنتها وحدات خاصة على أقسام الأسرى الفلسطينيين، وما صاحبها من اعتداءات وحشية ونقل إلى جهات غير معلومة.
الهجوم على أسرى النقب
أكدت مؤسسات فلسطينية تعنى بملف الأسرى، أن التوتر عاد إلى “سجن النقب”، بشكل أكبر مما كان عليه، بعد هجوم وحدات خاصة من قوات “المتساداه والدرور واليماز” على قسمي 3 و4.
حيث قامت تلك القوات بنقل جميع الأسرى إلى جهة غير معلومة.
وقال نادي الأسير، إن تلك القوات وبعد الاقتحام الذي نفذته صباح الخميس، قامت بنقل الأسرى القابعين فيه إلى جهة غير معلومة.
وعلى إثر ذلك، سادت حالة من التوتر الشديد في جميع السجون، خاصة وأن العملية التنكيلية جاءت بعد يوم فقط من قيام إدارة السجون بإغلاق مجموعة من الأقسام في عدة سجون، ضمن إجراءاتها القمعية المستمرة بحق الأسرى.
وأشار نادي الأسير إلى أن هذه العملية جاءت بعد زيارة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير لسجني “النقب، وعوفر” قبل ثلاثة أيام.
وفي السياق، أكد الناطق باسم مكتب إعلام الأسرى حازم حسنين أن قوات القمع الإسرائيلية، نفذت عملية الاقتحام في ساعات الصباح الباكر، لافتا إلى أن الاقتحام التعسفي جاء بعد حشد جميع القوات وسط انقطاع الاتصال مع الأسرى في القسم، ونقل العديد منهم خارجه.
وأوضح أن تلك القوات المتعددة شاركت في عملية القمع الوحشية على رأسها ما تسمى “المتسادا”، من دون معرفة نتيجة الاقتحام وماذا حل بالأسرى داخل القسم.
وأشار حسنين إلى أن قوات القمع تحتشد بكثافة أمام كل قسم في “سجن النقب” وسط استعداد من الأسرى لمواجهة السجان والقوات المقتحمة، مبينا أن الاحتلال يقوم بعملية تصوير للاقتحام، خاصة بعد زيارة الوزير المتطرف بن غفير للسجن قبل عدة أيام.
وقال “ما يحصل الآن من قمع وحشي واعتداء وانتهاك لحقوق الأسرى هو ترجمة فعلية لزيارة المتطرف بن غفير للسجن قبل أيام، حيث أوعز بتضييق الخناق على الأسرى واقتحام غرفهم وأقسامهم. ونحذر من تكرار مشهد الاعتداء على أسرى النقب عام 2019”.
ودعا جميع الأطر الفلسطينية إلى العمل على وقف هذا الاعتداء الهمجي على الأسرى في سجن النقب وإنقاذهم من مخالب السجان التي تفتك بهم من دون رادع.
وقال مكتب إعلام الأسرى إن أسرى “سجن النقب” الذين تعرضوا لعملية القمع الهمجية، أعلنوا دخلوهم في إضراب مفتوح عن الطعام.
خطوات التصعيد
وكانت قوات خاصة إسرائيلية اقتحمت قبل أيام، قسم 26 في “سجن النقب”، وقامت وقتها بتهديد الأسرى هناك، وذلك في إطار عمليات اقتحام كبيرة وخطيرة نفذتها خلال الفترة الماضية، تخللها فرض عقوبات على الأسرى، كان أبرزها العزل الجماعي، وفرض غرامات مالية بحقّهم، إضافة إلى عملية العزل الانفرادية، ونقل مجموعة من الأسرى بشكل تعسفي إلى سجون أخرى.
هذا وقد حملت العديد من مؤسسات الأسرى إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير الأسرى في “سجن النقب”.
وكان الأسرى في “سجن النقب” أعلنوا مع بداية الحملة الجديدة ضدهم قبل أيام، حالة الاستنفار، فيما قام الأسرى بعد الهجوم الأخير بإغلاق جميع أقسام السجون في وجه السجانين، ما يعني عدم امتثالهم لعمليات العد اليومي الأمني، ورفض الخروج إلى “الفورة”.
وقال مكتب إعلام الأسرى، إن الحركة الأسيرة تدرس سلسلة خطوات وإجراءات تصعيدية ضد إدارة سجون الاحتلال على إثر عمليات الاقتحام المتواصلة من قبل وحدات القمع الخاصة في “سجن النقب”.
والجدير ذكره أن عمليات الاقتحام تشكّل إحدى السياسات، التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال، ومنذ عام 2019 صعّدت إدارة السجون من مستوى التنكيل بحق الأسرى خلال عمليات الاقتحام، حيث سُجلت خلال عامي 2019 و2020 عدة اقتحامات كانت الأعنف منذ سنوات، وارتفعت وتيرتها مجددًا بعد عملية الهروب من “سجن جلبوع”، عام 2021، حيث لم تتوقف حتى اليوم.
ويأتي ذلك على وقع استمرار الاحتجاجات التي ينفذها الأسرى، ضمن البرنامج النضالي الرافض لسياسة الاعتقال الإداري.
خطوات الإداريين مستمرة
ومنذ أسبوعين تقريبا، شرعت لجنة الأسرى الإداريين بتنفيذ برنامج الاحتجاج، الذي يشمل تأخير الخروج من الزنازين وكذلك تأخير العودة إليها بعد انقضاء الفورة، ورفض استقبال الطعام في أيام محددة، وكذلك رفض الامتثال أحيانا للعد اليومي الأمني، في إطار فعاليات ستتصاعد مع قادم الأيام، لتصل إلى الإضراب المفتوح عن الطعام.
كما لا يزال هناك تسعة أسرى إداريين مضربين عن الطعام، رفضا لهذه السياسة الاعتقالية التنكيلية، حيث يصرون على الاستمرار في المعركة، حتى الحصول على قرار من إدارة السجون بعدم تمديد اعتقالهم بعد انتهاء مدة محكوميتهم، أو إطلاق سراحهم فورا.
وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات “سرية” لا يمكن الكشف عنها، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه، وغالبا ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية؛ وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ويلجأ الأسرى الإداريون لتنفيذ إضرابات فردية عن الطعام، تنتهي أغلبيتها بحصولهم على قرارات من إدارة السجون بعدم تمديد فترة الاعتقال مرة أخرى.
وفي سياق قريب، نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، تفصيلات الوضع الصحي للأسير إيهاب جبر الشيخ صبح (40 عاما) من بلدة بيت سوريك قضاء رام الله، المعتقل منذ تاريخ 20 إبريل/نيسان الماضي، والموجود في “سجن عوفر”.
وقال محامي الهيئة يوسف متيا، أن الأسير يعاني من ظهور كتلة في الرقبة قريبة على الفقرات تسبب له خدران مستمر باليد، لافتا إلى أن هذا الأسير خاض إضرابا عن الطعام لمدة 7 أيام للمطالبة بعلاجه، وعلقه بعد صدور قرار من القاضي وبتدخل من مؤسسة حقوقية، بأن يتم تشخيص حالته وتقديم العلاج اللازم له، غير أن إدارة السجون تنصلت من الاتفاق واكتفت بإعطائه مسكن، ولا تزال تتعمد التأجيل والمماطلة في إجراء الفحوصات اللازمة.
والجدير ذكره، أن سلطات الاحتلال تتعمد إهمال علاج الأسرى، وتؤجل عمليات عاجلة وملحة للكثير منهم، وقد تسبب ذلك في تفشي الأمراض في أجساد الأسرى، وهو ما أدى إلى وفاة عدد منهم إما داخل الأسر، أو بعد وقت وجيز من إطلاق سراحهم.
ويواصل الاحتلال اعتقال نحو 5000 أسير فلسطيني، منهم 600 مريض، ومن بين العدد الإجمالي هناك نساء وأطفال وكبار في السن، ويشكو جميعهم من سوء المعاملة، ومن تعرضهم للإهانة والتعذيب، فيما هناك العديد منهم محرومون من زيارة الأهل، ويقبع آخرون في زنازين عزل انفرادي.
