] الصراع يتصاعد في الدولة اليهودية.. و”أيلول أسود” إسرائيلي على الأبواب - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 17 آب (أغسطس) 2023

الصراع يتصاعد في الدولة اليهودية.. و”أيلول أسود” إسرائيلي على الأبواب

الخميس 17 آب (أغسطس) 2023 par وديع عواودة

يبدأ اليوم الخميس شهر أيلول، وفق التقويم اليهودي، وهناك مخاوف واسعة لدى الإسرائيليين من أن يكون سبتمبر القادم أيلول الأسود الإسرائيلي، نتيجة اتساع وتعمّق السجال الداخلي وتغلغله للجيش، وتفاقم التوتر بين المستويين السياسي والعسكري، واقتراب لحظة ارتطام محتملة بين الحكومة والمحكمة العليا، يؤدي لما يعرف بـ “الفراغ الدستوري”، الذي يطرح السؤال لمن ينصاع قائد الجيش أو قائد الشرطة، للحكومة أم للمحكمة العليا، بحال صدرت عنهما قرارات متناقضة؟

يوجز رسمٌ كاريكاتيري نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أمس، الحلقة المناوبة من مسلسل التشظي والتراشق الإسرائيلي الداخلي المتصاعد، منذ تفجّره في مطلع العام الجاري.

“كان إمسالم الأشد قسوة في التهجّم على قيادة الجيش، بقوله إنه يعرف ماذا يفعلون في دول أخرى مع جنود وضباط يتمردون على الأوامر العسكرية”.

في الكاريكاتير يظهر الوزير في وزارة القضاء دودو إمسالم (يهودي من أصول شرقية) وهو يعتلي سيارة تفريق المظاهرات بالمياه العادمة، موجّها خرطومها نحو مقر قيادة الجيش في تل أبيب. ويرمز الرسم إلى حملة إمسالم، والكثير من وزراء ونواب اليمين الصهيوني، على قيادة الجيش المتهمة بالانحياز لمعسكر المعارضة، وبالتدخل في الشأن السياسي بشكل غير قانوني. وكان إمسالم الأشد قسوة في التهجّم على قيادة الجيش، بقوله إنه يعرف ماذا يفعلون في دول أخرى مع جنود وضباط يتمردون على الأوامر العسكرية”. وهذا ما اعتبرتْه أوساطٌ معارضة تحريضاً دموياً خطيراً على قيادة الجيش لأنه يقصد إطلاق النار على المتمردّين، غير أن اللافت أكثر هو انضمام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لهذه الحملة بشكل مباشر وغير مباشر.

نتنياهو الذي يقضي إجازة صيفية طويلة في الجولان السوري المحتل هاتَفَ، قبل أيام، قائد جيش الاحتلال هرتسي هليفي، وقام، وفق التسريبات، بتوبيخه وسط صراخ عال، وسرعان ما قطع إجازته، في اليوم التالي، والتقى بقيادة الجيش، وبمشاركة وزير الأمن غالانت، وكرّر في الاجتماع توبيخه للضباط الكبار، بسبب تحذيراتهم بالتصريح والتلميح، بأن استمرار السجال الداخلي بين الإسرائيليين وتغلغله لصفوف الجيش يمّس بجاهزيته وأهليته القتالية.

يقول المحلل العسكري الإسرائيلي طال ليف رام، في مقال نشرته “معاريف” اليوم الخميس، إن الجيش يكرّس الكثير من الطاقات، في هذه الأيام، لأحاديث مع جنود وضباط الاحتياط، بهدف كبح ظاهرة وقف التطوع والخدمة العسكرية.

وينقل عن قادة الجيش قولهم إن استمرار لغة التشظي الانفعالية والتهجّمات القاسية على المستوى العسكري تنذر بتعميق الأزمة والتوتر بينه وبين المستوى السياسي.

ويتابع طال ليف رام: “اليوم يبدأ أيلول حسب التقويم اليهودي، ويبدو أن هذا هو أيلولنا الأسود”. متسائلاً هل يقف نتنياهو وغالانت في مسار تصادم؟ وينقل عن مصادر عسكرية قولها إنها قلقة جداً مما يحمله شهر أيلول في ظل تفاقم المأزق.
علامَ الخلاف بين المستويين السياسي والعسكري؟

نتنياهو ووزراؤه يعتبرون مثل تصريحات وتحذيرات قيادات الجيش العلنية، حول تضرر أهليته القتالية، إضعافاً له ومسّاً بهيبته وقوة ردعه، وتشجيعاً لأعداء إسرائيل على المزيد من التجرؤ عليها، طالباً وقفها. لكن قيادة الجيش، وبتأييد من جهات أمنية أخرى ومن المعارضة تعتبر أن إطلاع الإسرائيليين على الحقيقة جزءٌ من مبدأ الشفافية المستحقة، والواجب الملقى عليهم بالتحذير من المخاطر الكامنة، وحتى لا يقال مستقبلاً لماذا لم تشغلوا “صافرة الإنذار” مبكّراً، خاصة بحال نشبت مواجهة عسكرية واتضح أن الجيش فعلاً غير جاهز.

وحمل الوزير السابق، رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان على نتنياهو بشدة، وقال مجدداً للإذاعة العبرية العامة إنه يمارس الترهيب والضغوط على قيادة الجيش من أجل إخفاء معالم الكارثة الناجمة عن استمرار وقف آلاف الجنود والضباط تطوعهم في الخدمة العسكرية ضمن الاحتياط.

وتبعه، اليوم الخميس، نائب رئيس الموساد السابق النائب رام بن براك، الذي قال للإذاعة العبرية إن نتنياهو يلحق ضرراً بأمن إسرائيل أكثر من أعدائها، ويفكّك الإسرائيليين من الداخل.

وفي المقابل هاجم وزير الجاليات اليهودية عامي حاي شكلي، في الإذاعة ذاتها، رئيس الحكومة السابق إيهود براك، وقائد الجيش السابق دان حالوتس، وقال إنهما قد “عارضا بشدة رفض الخدمة العسكرية، واليوم يؤيدانها بسب اعتبارات الغيرة، والبحث عن كرامة ضائعة وحسابات شخصية”.

وأكدت رئيسة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي، في تصريحات إعلامية، إنها خرجت من اجتماع سري للجنة فرعية تابعة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس، قلقة، بعدما سمعت تقارير ليست للنشر حول جاهزية الجيش القتالية، في ظل الخلافات الداخلية التي دخلت صفوفه أيضاً. وهذا ما تؤكده تسريبات صحفية تفيد بطرح معطيات خطيرة في الاجتماع المذكور أمس حول جاهزية الجيش، حيث تتعرّض الأهلية للضرر الآن وغداً، ومع ذلك فإن المجلس الوزاري المصغر لا يلتئم، بخلاف التقاليد الإسرائيلية المعهودة، رغم هذا الوضع الدقيق ورغم الانتقادات.

حملَ أفيغدور ليبرمان على نتنياهو بشدة، وقال إنه يمارس الترهيب على قيادة الجيش من أجل إخفاء معالم الكارثة الناجمة عن استمرار وقف آلاف الجنود والضباط تطوعهم في الخدمة العسكرية.

من هو صاحب اليد الأعلى

لكن ما يصب الزيت على هذا التوتر الساخن بين المستويين السياسي والعسكري هو خلاف آخر، يتمثّل باستمرار رؤساء الأجهزة الأمنية بالتوضيح أنه، في حال حدث “فراغ دستوري” في إسرائيل، فإنهم سينصاعون للقانون فقط. والحديث عن “فراغ دستوري” محتمل يعني إصدار المحكمة العليا أحكاماً، في الشهر القادم، بإلغاء القوانين التي سنّها الائتلاف الحاكم والكنيست، ضمن “خطة الإصلاحات القضائية”، كقانون “إلغاء المعقولية”، الذي يقزّم صلاحيات الجهاز القضائي، وقانون “التعذر”، الذي يحمي رئيس حكومة من إقصائه، إلا في حالة ضرر جسماني أو نفسي بالغ، وبموافقة 80% من وزراء الحكومة.

في مثل هذه الحالة تدخل إسرائيل مرحلة دقيقة، وغير مسبوقة، ليس واضحا معها مَن هو صاحب السيادة الأعلى: الحكومة أم المحكمة العليا، وهذا يعرف قضائياً- سياسياً بـ “الفراغ الدستوري”، الذي يعتبره مراقبون محليون ارتطاماً للدولة بالحائط.

ورغم إلحاح الأسئلة الإعلامية، لا يعلن نتنياهو وبقية الوزراء التزامهم واحترامهم لأي قرار يصدر عن المحكمة العليا، التي تنظر بالتماسات تطالب بإلغاء القوانين الخلافية المصادق عليها.
ليست أزمة بل فوضى عارمة

وهنا يقول الأديب المحامي الخبير بالقضايا الدستورية البروفيسور يوفال البيشان، الذي يحاول، منذ شهور، البحث عن صيغة توافقية تنهي الصراع الداخلي، إن إسرائيل ربما تدخل، في أيلول القادم، في حالة فوضى عارمة، وهي حالة أخطر من حالة أزمة اعتيادية، نتيجة احتمال ولادة منظومتي صناعة قرار متناقضتين.

في حديث للإذاعة العامة، اليوم، دعا البيشان المحكمة العليا أيضاً للتعقّل وتحمّل المسؤولية والتصرف بحذر، كي لا تتورط إسرائيل بما يعرف بـ “الفراغ الدستوري”، وتدخل مرحلة سوداء في تاريخها.

هذا الوضع الخطير، الذي ينذر بتعميق الشقاق بين الإسرائيليين، وربما التسبب بحالة عصيان لدى الجيش النظامي أيضاً، يدفع قادة المؤسسة الأمنية للقول، خلال الأيام الأخيرة، بأنهم “في مثل هذه الحالة هم منحازون للقانون”، ما يعني أنهم لن ينصاعوا لتعليمات الطبقة السياسية، وهذا ما تعتبره الحكومة “انقلاباً عسكرياً”.

وكان قائد شرطة الاحتلال كوبي شبتاي، صاحب الصوت الأعلى والأوضح، حيث قال، خلال احتفالية خاصة في مدينة اللدّ لتعيين ضباط جدد في “حرس الحدود”، إنه ينصاع للقانون فقط.

جاءت أقوال شبتاي، فيما هناك تقديرات لدى الائتلاف الحاكم بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية (الجيش والموساد والشاباك) ستنحاز لجانب المحكمة العليا، بحال صار “فراغ دستوري”.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير سارعَ للرد على شبتاي بقوله إن الانصياع لتعليمات المستوى السياسي هي الديموقراطية الحقيقية، لأن السياسيين يُنتَخبون من قبل الشعب كي يمارسوا الحكم.

على خلفية ذلك يتعرّض قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لحملة واسعة من التحريض والشيطنة، شارك فيها نجل نتنياهو، يائير نتنياهو، الذي كتبَ، في منشور قبل محوه، إن قائد الجيش هرتسي هليفي هو أكثر القادة فشلاً في تاريخ إسرائيل.

وأصدر نتنياهو بياناً مشتركاً مع وزير الأمن قالا فيه إنهما يدعمان قادة الجيش، ويعملان معها من أجل أمن إسرائيل ومناعتها.

من جهته سخر النائب بيني غانتس، أحد أقطاب المعارضة، من البيان، وقال إنه متأخر جداً، وهزيل جداً.

رئيس الموساد السابق قال إن نتنياهو يلحق ضرراً بأمن إسرائيل أكثر من أعدائها، ويفكّك الإسرائيليين من الداخل.

ويعبر رسم كاريكاتيري نشرته صحيفة “هآرتس” عن عدم جدية نتنياهو في معالجة الأزمة مع الجيش، حيث يظهر فيه نتنياهو وزوجته تحت مظلة، خلال إجازتهما، يحتسيان القوة والمشروبات، وهو يتحدث مع قادة الجيش، غير مكترث بوجودهم.
قانون التجنيد

وهناك مشروع قانون جديد يستعد حزب اليهود الأورثوذوكس (الحريديم) “شاس” و “يهدوت هتوراة” لطرحه، وهو يثير جدلاً متصاعداً، وبحال طُرح بصيغته الحالية فإن من شأنه أن يصبّ الزيت على نار الخلافات الإسرائيلية، لأنه يقضي بإعفاء الشباب “الحريديم” من الخدمة العسكرية. ومثل هذا القانون يستفز أوساطاً واسعة جداً من الإسرائيليين، لأنه يجسّد تمييزاً ظالماً غير محتمل بالنسبة لهم، لأنه يعفي “الحريديم”، الذين لا يعملون أيضاً (متفرّغون لتعلم التوراة فقط)، من الخدمة العسكرية، ما يجعل أعباءها أكبر وأثقل على من يَخدِم.

وما يزيد الأمر حساسية ومعارضة أن “الحريديم” يشكلّون اليوم 13% من الإسرائيليين، لكن نسبة أبنائهم في الصف الأول داخل المدارس اليوم تبلغ 25%، بسبب الزيادة الطبيعية، ما يعني أن ربع الإسرائيليين بعد عقدين لن يشاركوا في الخدمة العسكرية، ولن يعملوا أيضاً.

ولذلك هناك جهات داخل الحزب الحاكم، “الليكود” تتحفظ من مشروع القانون، وتخشى أنه سيثير أزمة ومعارضة كبيرتين في الشارع الإسرائيلي، ما يغذي حركة الاحتجاج في الخريف القادم. وتعمل هذه الأوساط على تعديل مشروع القانون بحيث يشمل مكافأة مالية كبيرة لمن يخدم في الجيش، وفي المقابل إلزام “الحريديم” بخدمة مدنية بديلة، وهذا ما يرفضه “الحريديم”، رغم أن بعض قياداتهم تعمل على تليين “قانون التجنيد”، تحاشياً للاصطدام باحتجاج واسع جداً في الشارع، وتحاشياً لشطب القانون على يد المحكمة العليا.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع تقارير اعلامية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 34

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28