] العودة إلى جوهر الصراع بعد أعوام التيه! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 23 تموز (يوليو) 2023

العودة إلى جوهر الصراع بعد أعوام التيه!

الأحد 23 تموز (يوليو) 2023 par رشاد ابو شاور

لم تحدث مراجعات كبرى فكريّة عميقة شاملة للمسيرة الفلسطينيّة، التي بدأت مع انتهاء حرب تشرين، عام 1973، تدفع مروجيها، عبر خطاب اتكأ على الخطاب الرسمي العربي الذي جنح للتفاوض و(السلام)، إلى التوقف وتأمل مجريات الأمور، ومآلات خطاب التسوية الذي قاد إلى (كامب دايفد)، والمسار الفلسطيني الرسمي إلى (اوسلو)، معتمداً على (أمنيات)، وليس حقائق واقعية.

وعلى رغم كل ما حدث للقضية الفلسطينية من تراجعات عربية ودولية، فإن الذين اختاروا مسار (التسوية) – وهو مصطلح تضليلي لأنه يوحي في أن الطرفين سيقدمان تنازلات من أجل التوصل إلى حلول _ لا يعيدون الحسابات في ضوء النتائج والخواتيم لهذه السياسة التي يفرضها (عدو) أيديولوجي لا يقبل، في عقائديته التوراتية، أقلَّ من أن تكون فلسطين كاملة له، “دولة يهودية توراتية”، وكل من يعيش فيها لا حق له سوى فيما تقرره قوانين تلك “الدولة”، وفي مقدمتها أنه (مقيم) يمكن أن يُطرد منها في أي وقت، وفقاً لقوانين “دولة اليهود”، ولا عجب!

مفاوضات وفد فلسطين في واشنطن، برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي، تعطّلت عند طرحه وتشبثه بضرورة إيقاف الاستيطان اليهودي في الضفة والقطاع في أثناء مرحلة المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاقات نهائية، لكن المفاوضين (الإسرائيليين) رفضوا هذا البند من أساسه، لأنهم أرادوا مواصلة الاستيطان (مع) استمرار المفاوضات، وهو ما فضح نيّات، بل مخططات (شريك السلام)، فتشبث الدكتور حيدر عبد الشافي بهذا البند، و(تهرّب المفاوض الإسرائيلي) وقفز المتلمظون في (تونس) من القادة الفلسطينيين، واندفعوا إلى ظلمات أوسلو، وفتحوا ما سموه (قناة خلفيّة)، أدت بعد مرحلة طويلة إلى ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وخسارات الدم والأرض وألوف الأسيرات والأسرى وهدم البيوت، ووضع الفلسطينيين في الضفة والقطاع في السجن الكبير، وقتل القادة الفلسطينيين الذين اندفعوا إلى مصيدة وَهم السلام. وباتت القضية صراعاً فلسطينياً (إسرائيلياً)، وليست صراعاً عربيّاً (إسرائيلياً).

هذه (التجربة) المرّة الطويلة الثقيلة على شعبنا تقتضي إعادة النظر في (مسيرة) أوسلو؛ المسيرة التي وُصفت بـ(سلام الشجعان)!

على رغم سعار سلطة الاحتلال، وافتضاح خطابها، ممثلة بحكومة نتنياهو ومن معه من عتاة الصهاينة، فإن القيادة الفلسطينية المتحكمة في القرار ما زالت تواصل نهجها وخياراتها ورهاناتها على إمكان الظفر بدولة فلسطينية على جزء من الأرض الفلسطينية ارتضته بنسبة 22% من أرض فلسطين التاريخية، وتسامحت بـ78%من أرض فلسطين، آملة أن تُرضي قادة الكيان الصهيوني بهذا الكرم الذي يُفترض أنه مُحرج، لكن يبدو أنها على رغم كل ما حدث منذ توقيع (أوسلو) في حدائق البيت الأبيض، بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 1993، لم تأخذ الدروس والعِبَر التي تؤكد أن الصهاينة لن يقبلوا أقل من وضعهم اليد على (كل) ارض فلسطين، وعلى أن الفلسطينيين ليسوا سوى أغيار غرباء لا مكان لهم في (دولة اليهود)!

واضح أن القيادات الفلسطينية لا تسمع صوت الشعب العربي الفلسطيني، وتتعامل معه كأنه قطيع تابع، على رغم خبراته الممتدة، والتجارب الفلسطينية المتراكمة، والتي تؤكد أنه واجه بريطانيا مؤسِّسةَ هذا الكيان، وأميركا راعيته وممولته ومسلحته، والتي تخوض كل معاركه وتذود عنه في كل الصعد!

الهجمة الصهيونية في ذروتها، وحكّام الكيان يخططون ويعملون على (حسم) الصراع مع عرب فلسطين ومن يدعمهم، وينهون مقاومة عرب فلسطين نهائياً، وتأكيد سيادتهم على كل فلسطين، وتحكّمهم في قلب الوطن العربي. وهذا دورهم في خدمة المشروع الإمبريالي الأميركي، في هذه اللحظة المفصلية التي يتشكل فيها نظام عالمي جديد ينهي هيمنة الإمبراطورية الأميركية على العالم. والحرب العالمية الدائرة مع روسيا هي العنوان، وما أوكرانيا سوى أداة في هذه الحرب، وأوروبا مستخدَمة ومستتبَعة أميركيّاً.

ما نراه في أرض فلسطين يضع الشعب العربي الفلسطيني، والقضية العربية الفلسطينية، في صدارة المشهد العربي، والمطبعون العرب، التابعون أميركياً، عبر تآمرهم، يؤدّون دورهم في خدمة أميركا و(إسرائيل) بمعرفة منهم، ولذا يعملون على معاونة الكيان الصهيوني على إنهاء القضية الفلسطينية، والإجهاز على المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. وهذا دورهم المطلوب منهم، وهم يدركون أنهم في هذا يحمون تبعيتهم، وديمومة أوضاعهم الإقليمية والعائلية، من دون التوقف لحظةً للتفكير في مصير الأمة، وأقدس قضاياها.

شعب فلسطين ينطبق عليه المثل (جمل المحامل)، وهو سيحمل قضيته على رغم ثقلها، وسينتظر شرفاء أمته ليهبّوا لنجدته، وعدم تركه وحيداً في الميدان.

الصراع يعود الآن إلى جذوره: قضية فلسطين هي قضية الأمة العربية كلّها، والصراع صراع وجود لا صراع حدود، وفلسطين كاملة، وقلبها القدس الواحدة، هي قضية كل المقاومين في الوطن العربي الكبير.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

30 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 30

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28