] جنين نموذج« المقاومة المتدحرجة» الناجح: آمال الإسرائيليين ستنهار على أسوار المخيم ونحذر الفصائل من اتخاذ موقف الحياد - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 3 تموز (يوليو) 2023

جنين نموذج« المقاومة المتدحرجة» الناجح: آمال الإسرائيليين ستنهار على أسوار المخيم ونحذر الفصائل من اتخاذ موقف الحياد

الاثنين 3 تموز (يوليو) 2023 par حامد ابو العز

إلى لحظة كتابة هذه السطور، ارتقى أربعة شهداء وأصيب العشرات في مخيم جنين، كما قامت الجرافات والدبابات الإسرائيلية بتدمير العديد من الأبنية في المخيم. إن هذه العملية تشبه إلى حدٍ ما حدث في العام 2002 والتي عرفت بمجزرة جنين. قاد المجرم شارون مجزرة جنين، وفوجئ في ذلك الوقت بحجم المقاومة الشعبية الفلسطينية في المخيم وهذا ما دفعه إلى استخدام وسائل غير تقليدية في عملية الاقتحام وهذا كذلك ما أخر عمليته لنحو 11 يوم.

قامت قوات الاحتلال بارتكاب أعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية. ونتيجة المقاومة الشديدة اضطرت قوات الاحتلال إلى القتال بين الأبنية والمنازل كما قامت قوات الاحتلال بقتل نحو 500 شهيد فلسطيني في تلك الأثناء.

وبعد مرور حوالي 21 عاماً تكرر إسرائيل جرائمها البشعة في مخيم جنين وتسعى إلى تكرار العملية السابقة، ولكنها هذه المرة تستخدم قوات أكبر ومدرعات أكثر، كما تعمل قوات الاحتلال على تنفيذ عملية الاقتحام من عدة محاور وتستخدم كذلك كل الإمكانيات البرية والجوية واللوجستية والسيبرانية لتحقيق أهداف هذه العملية بأقصى وقت ممكن. والسؤال الأهم هنا لماذا تسعى إسرائيل إلى اقتحام المخيم في هذا الوقت بالذات ولماذا كل هذا الحشد لهذه العملية؟

في الواقع بعد الهزائم المتعددة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة الفصائل الفلسطينية المقاومة في قطاع غزة، وبعد غياب احتمالية الاقتحام البري للقطاع، ركزّ الاحتلال جل اهتمامه نحو تركيع المقاومة في غزة بوصفها المقاومة التي فضحته على المستوى العالمي وبوصفها الملهم الحقيقي والقلب النابض للشعب الفلسطيني والشعوب العربية.

ولذلك فقد طورّت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية ومخيم جنين نوعاً جديداً من المقاومة تدعى “المقاومة المتدحرجة”، هذه الحالة التي تشكلت بشكل تدريجي وأصبحت واقعاً وتحدياً استراتيجيا لجيش الاحتلال. هذا النوع من المقاومة يركز اهتمامه على كسر شوكة الاحتلال من خلال استهداف مواطن القوة الإسرائيلية. بمعنى أخر، لقد تم تطوير قدرات الشباب الفلسطيني في المخيم بحيث أصبحوا قادرين ومتمرسين في عرقلة الهجوم البري وتكبيد الاحتلال الخسائر الفادحة وهذا ما ظهر بالفعل خلال العملية الأخيرة عندما اضطرت قوات الاحتلال إلى الاستعانة بالقوات الجوية لتهريب عناصرها من داخل المخيم. وهذا ما يمكن أن يطلق عليه اسم حرب العصابات، إذ أن العمليات الإسرائيلية في معظم الأحيان اقتصرت على القوات الجوية لكسر المقاومة في غزة بينما ما يقوم به الفلسطينيون في جنين هو تكبيد القوات البرية المهاجمة أكبر الخسائر وهذا ما يضرب إسرائيل في مقتل.

كما طورّت المقاومة الفلسطينية بالتعاون مع محور المقاومة ككل، القدرات على التعامل مع المسيرّات الحربية ومسيّرات التجسس. وكان لهذه الجهود نتائجها الباهرة عندما أسقط شباب جنين الطائرة الإسرائيلية المسيرّة في الأمس.

صحيح أن كتيبة جنين في سرايا القدس أعلنت اسقاط الطائرة عبر استهدافها بالرصاص، إلا أن هناك إمكانية كبيرة تشير إلى أن اسقاط الطائرة تم عبر خرق الكتروني للمنظومة الإلكترونية للطائرة، خصوصاً بأن الصور التي تم نشرها للطائرة المسيرة تبين سلامتها.

وأما الخطر الرئيسي لإسقاط هذه الطائرة فهو يتمثل بالهندسة المعكوسة التي يمكن لشباب المقاومة أن يجروها على هذا النوع من الطائرات. بحيث يصبح من السهل على الفصائل أن تنتج طائرات مسيرة شبيهة بتلك الإسرائيلية. كما لن يغفل الفلسطينيون وحلفائهم في الخارج عن دراسة المنظومة المشغلة لهذه الطائرات لتحييدها بشكل كامل في المعارك القادمة.

ليس فقط لكسر المقاومة المتدحرجة شنت إسرائيل عمليتها ضد جنين، بل لا بد من الإشارة إلى استراتيجية إسرائيلية جديدة تسمى “سياسة التفرّد”. هذه السياسة والاستراتيجية التي تطبقها إسرائيل على مستوى الداخل الفلسطيني والخارج كذلك. ففي الداخل الفلسطيني فقد سعت إسرائيل إلى التفرد بفصائل المقاومة بشكل فردي، وهو ما مارسته خلال عمليتها الأخيرة ضد الجهاد الإسلامي، فإسرائيل أرسلت رسائلها عبر الوسطاء بأن المستهدف هم فقط عناصر الجهاد الإسلامي. سياسة التفرد هذه تساهم في كسر شوكة المقاومة بشكل تدريجي وهي تشابه السياسة الاستعمارية القديمة “فرق تسد”.

ولا تقتصر سياسة التفرد على الفصائل وحسب، بل يتم تعميمها على المدن كذلك. فلطالما قامت قوات الاحتلال باستهداف قطاع غزة بشكل منفرد ومن ثم عملت على فصل القدس عن محيطها الفلسطيني من خلال دعم تصرفات المستوطنين العدوانية ضد المقدسيين وها هي اليوم تحاول التفرد بمخيم جنين.

وأما على المستوى الدولي، فهي تسعى إلى الحفاظ على ماء وجهها بعد الضربات الموجعة التي تلقتها من الفصائل الفلسطينية المقاومة، وتحاول إشاعة الضباب حول الأوضاع السياسية المتردية في إسرائيل لنقل صورة غير حقيقية حول ما يجري في فلسطين المحتلة. ومن المؤسف حقيقة أن بعض حكومات الدول العربية، غيّرت في بوصلة المواجهة وضربت برغبات الشعوب العربية عرض الحائط. لا زالت الإمارات تمارس الضغوط على الدول العربية للمضي قدما في عملية التطبيع مع إسرائيل وجميعنا يعلم خطر إسرائيل على العالم الإسلامي والعربي ليس ذلك فحسب بل تحاول الإمارات تصوير الإسلام السياسي كأنه الخطر الأكبر الذي يهددنا وتمارس في سبيل تحقيق ذلك ضغوط على الدول العربية تماماً كما حصل مع الكويت التي اعتقلت التاجر المصري سيد الشويحي بتهمة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وحسناً فعلت دولة الكويت بإعادة الشويحي إلى تركيا استناداً لمبدأ حقوق الإنسان المتمثل بأنه لا يحق لأي دولة أن تعيد تسليم أحد إلى دولة أخرى يحتمل فيها أن يتعرض للتعذيب والاعتقال التعسفي. على أخوتنا العرب والإماراتيين بشكل خاص أن يدركوا بأن ما يحصل هو عملية تفرد إسرائيل بفلسطين وكل خطر تشعر به هذه الدول يجب أن يأتي بعد الخطر الإسرائيلي.

ختاماً، إن السبب الحقيقي والأول والأخير لاتخاذ إسرائيل قرارها مهاجمة مخيم جنين هو خوفها من أن تتحول جنين إلى ظاهرة تنتشر عبر الأراضي الفلسطينية جمعاء، وهذا سيوفر للقضية الفلسطينية تأييداً شعبياً في الداخل وفي الخارج من الأخوة العرب والمسلمين.

علينا ألا ننسى أبداً بأن الشعوب حول العالم لا تؤيد ولا تدعم المظلومين المقهورين بل تدعم الشعوب التي تقاوم الظلم والعدوان. نموذج جنين هو النموذج الناجح الذي سيكسر شوكة إسرائيل مرة أخرى وعلينا أخيرا ألا ننسى أن نوجه نداء عالي الصوت إلى الفصائل الفلسطينية على جميع التراب الفلسطيني، هذا اليوم يومكم فلا تتردوا ولو للحظة واحدة في دعم إخوانكم في جنين. لا فائدة من الصواريخ المكدسة ولا المسيرات المخزنة في المخازن إن لم تنصر المقاومين في جنين، إن التخاذل في الدعم هو تكريس لسياسة التفرد الإسرائيلية وسيندم من تخلى عن إخوانه في الشدائد وعندها فقط يصدق قول الشاعر بالقول: “ولات حين مندم”.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 26

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28