] بسالة الفعل تكتمل برشاقة العقل - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 28 شباط (فبراير) 2023

بسالة الفعل تكتمل برشاقة العقل

الثلاثاء 28 شباط (فبراير) 2023 par د.عادل سمارة

لن تعرف نفسك إذا لم تعرف عدوك لأنك لا تلعب لوحدك. وحينما تعرف عدوك قد ترضى عن نفسك وقد تنتقد أداؤك. وحين يرفض اي طرف نقد نفسه أو نقد آخر له، فهو في الحقيقة بلا منهج وبلا إستراتيجية بل بسلسلة مفككة من التكتيكات.
للكيان منهج واحد واضح هو أخذ كل الأرض ووصول النيل والفرات. كل خطوة يقوم بها هي في هذا الاتجاه والولايات المتحدة والغرب معه كي يرى.
في حالتنا العربية جرى توريطنا وتورط بعضنا قصداً في أكذوبتين:
أكذوبة الدولة الواحدة منذ مئة سنة، ولم تحصل وببساطة لأن الطرف الآخر لديه منذ 1967 دولة واحدة لكل مستوطنيها ومع ذلك يتكاثر عدد الفلسطينيين والعرب الذي يدعون لدولة واحدة مع المستوطنين رغم أن برنامج الكيان واضح وبمكبرات الصوت.
وأكذوبة حل الدولتين. وهذا تنبه له الكيان بقيادة حزب العمل باكراً والبعض نيام. لقد وضع اسس نسف حل الدولتين فوراً بعد احتلال 1967 حيث باشر زرع المستوطنات معتمداً على توفر عاملين :
• وجود فائض بشري من المستوطنين
• وتوفر الإمكانات المادية للإنفاق على المستوطنات إنشاءً ورشوة لمن ينتقل إليها.
ولم تكن المستوطنات مجرد مهاجع للنوم بل بنية عسكرية واقتصادية وحتى عالية التكنولوجيا مما جعلها مركزاً لمحيط/طرف تابع أي اقتصاد الضفة الغربية. ناهيك عن كونها مجال تشغيل قوة عمل فلسطينية والتي كلما ازداد الطلب الاستيطاني على قوة العمل كلما ترافق مع ذلك إهمال الأرض في الضفة الغربية خاصة.
وضمن عسكرة المستوطنات ودورها الإستراتيجي قام الاحتلال بمسح حدود 1967 حيث ابتنى مدناً إستيطانية على نفس ما أُسمي خط الهدنة او الخط الأخضر ومنها: مستوطنة أريئيل قرب طولكرم وهي مدينة كاملة، ومستوطنة مودعيم غربي رام الله أي بين منطقة رام الله وبين اللد والرملة/ ومستوطنة الخان الأحمر/معالييه أدوميم شرقي القدس التي تقطع الضفة الغربية إلى شطرين، ومستوطنة جيلو قرب مدينة بيت لحم، ناهيك عن إيرز على حدود قطاع غزة. هذا ناهيك عن عديد المستوطنات الأصغر.
وأذكر انني كتبت عن هذا تحديداً عام 1982 في مجلة العهد التي كانت تصدرها الجبهة الشعبية في القدس وتم إغلاقها من قِبل الكيان.
والحقيقة أن الكيان لم يوقف الاستيطان إطلاقا حتى حينما كان يزعم أنه أوقفه.
أذكر في هذا الصدد أن إدارة كلينتون قدمت للكيان 10 بليون دولار كتغطية قروض أو ضمانة قروض بشرط أن يجمد الاستيطان، كان ذلك عام 1994. والمضحك أن هذه الأموال طلبها الكيان لاستيعاب المستوطنين الجدد من الاتحاد السوفييتي المنهار. فكيف يمكن أن يلتزم الكيان بوقف الاستيطان وقد جرى ردفه بمليون مستوطن!
حينها كنت أعمل مستشاراً للأونروا في برنامج إدرار الدخل. وفي أجتماع لكبار موظفي هذه المؤسسة أُتخذ قرار بمراقبة إلتزام الكيان بعدم توسيع المستوطنات وحينها أفرزت إدارة أونروا 30 مراقباً من فلسطينيين وأجانب ليراقبوا الاستيطان وكانت تقارير الجميع بأن الكيان لم يوقف الاستيطان.
أُورد هذا لأن من بنود مؤتمر العقبة تجميد الاستيطان.
وهذا يفتح على إتقاقات أوسلو والتي ورد فيها:
“…بقاء المستوطنات مع حقها في التوسع الطبيعي”!
وهذا يعني:
• أن المحتل 1948 هو ليس لأهله اي ليس للشعب الفلسطيني.
• وأن المحتل 1967 هو مشترك بين الطرفين. أي ان المستوطنين “شركاء” لنا حتى في بقايا فلسطين.
وقد كتبت في مجلة كنعان عديد المرات بأن يوماً سيأتي يكون الفصل بين مدننا وقرانا وبين المستوطنات أمر محال طالما لم يتم على الأقل في أوسلو شرط اقتلاع المستوطنات قبل اي اتفاق.
لذا، كنت ولم أتغير ضد أوسلو ,أعلم أن هذا من أسباب زعم مثقفي الطابور السادس بأنني مثقف انتحاري.
ولذا، فإن أي قبول باتفاق أوسلو هو شكليا قبول بحل الدولتين، ولكن عملياُ هو قبول غير قابل للتنفيذ بناء على النصوص نفسها. ولا حاجة طبعاً للحديث عن نصوص بروتوكول باريس التي أبقت على كون اقتصاد المحتل 1967 اسيرا للاقتصاد الصهيوني.
لقد أدى قبول اتفاق اوسلوإلى شق الحركة الوطنية إلى نصفين إلى أن أتت انتخابات 2006 لتأخذ معظم بقية القوى للقبول باتفاقات أوسلو بغض النظر عن التذرُّع بهذه النقطة الشكلية أو تلك.يبق خارج أوسلو سوى الجهاد الإسلامي وبعض العروبيين.
مؤتمر العقبة/امريكي:
بغض النظر عن الأسباب التي دعت الأمريكي إلى عقد مؤتمر العقبة، وبغض النظر عن ما رشح عنه إلا أنه بالإمكان حصره في ما يلي:
• الضغط الأمريكي لتحويل التنسيق الأمني إلى قيام قوات فلسطينية بقمع ظاهرة الفدائيين الجدد تحت ذريعة بسط سلطة السلطة على أماكن الصراع الساخنة جنين ونابلس. مع العلم أن هذه المجموعات الفدائية لم تقم بما يخل بصلاحيات السلطة. لكن الهدف الأمريكي هو إراحة وتأمين الكيان وإحداث إشتباك داخلي فلسطيني ، إذا حصل سيكون كارثياً. وهذا ينسجم مع تكتيك نتنياهو بتعزيز الانقسام والاشتباك البيني الفلسطيني.
• تشكيل غير معلن لفدرالية أمنية من الكيان والسلطة والنظام الأردني مع بقاء السيطرة على الأرض لصالح الكيان واستمرار الاستيطان رغم زعم تجميده، إن حصل الزعم.
• إستعادة أسلوب ودور النظام الأردني من العمل الوطني قبيل 1967 حيث كانت قوات النظام كفيلة بحماية الكيان من الجبهة الشرقية.
• تشغيل نظامي مصر والأردن في خدمة الكيان ضد الشعب الفلسطيني مما يعني أن سلطة الكيان تمتد من النيل إلى الأردن وحتى العراق الذي لم يعد موجوداً كعراق حقيقي وعروبي فهو تحت عدة إحتلالات ومنه طريق تهريب نفط سوريا!!!. وهذا يعني أن توقف توسع الكيان جغرافيا يجري تعويضه سياسيا وامنيا واقتصاديا وهيمنة وحتى بنية تحتية مشتركة بدأت مع الأردن باتفاقات الغاز ناهيك عن وادي عربه.
وبغض النظر عن تنفيذ هذه التعليمات الأمريكية أم لا، فإن علاقة الأنظمة العربية بالقضية الفلسطينية وصلت درجة من الخطورة بمكان حيث اصبح أكبر بلد عربي مصر وأقرب بلد عربي لفلسطين، الأردن جزءأً من مشروع أمريكي لتصفية القضية من وجدان الشعب العربي.
وكما كتبت دوماً، فإن أعداء الأمة قد قاموا بتنفيذ أخطر موقفين ضد الأمة العربية وضد فلسطين:
فقد ضربوا الموقف القومي في القلب حينما شاركت عدة جيوش عربية في الحرب على العراق 1991 الأمر الذي جعل عدوان عدة دول ضد سوريا منذ 2011 امر طبيبعي!
واليوم ينفخون المقاومة الفلسطينية إلى حد إشعار الشعب العربي بأن فلسطين هي قضية الفلسطينيين وحدهم وهم قادرون على هزيمة العدو الذي هو حقاً يبدأ من واشنطن إلى أوروبا إلى الكيان!
ولعل أخطر من يعمل سواء بوعي او خبث لتكريس هذا الفكاك بين فلسطين والأمة العربية هم المحللون والإعلام الذين يبالغون في النضال الفلسطيني ولا يحرضون الشعب العربي على القيام باي دور قطعياً. تباً لهؤلاء الرقاصين.
وعليه،أصبحت أطراف الصراع:
• الشعب الفلسطيني
• يقابله الكيان وأنظمة عربية والغرب
صحيح أن محور المقاومة هو في جانب الشعب الفلسطيني ولكنه هو ايضا بحاجة للظهير الشعبي ومن الغريب أنه لا يركز على شحن الشارع العربي .
صحيح أن عملية حوارة كانت رداً على مؤتمر العقبة، كما أن انتقام الكيان كان متوقعاً. وعليه، فإن الرد والابتكار الشعبيين لن يتوقفا، ولكن انتقام العدو لن يتوقف ايضاً.
وهنا تبرز عدة تساؤلات أهمها: ما هو التكتيك الأفضل في مواجهة الكيان؟
على الصعيد الشعبي الفلسطيني، فإن العمليات الفردية هي الطريق الأفضل والأنجح والأشد نجاعة لأنها تندرج من حيث النتائج ضمن أو الأقرب لحرب الغُوار بمعنى أنها ليست حرب جبهة، بل حرب “أضرب واهرب” لاسيما وان فارق السلاح وعدد القوات بيننا وبين العدو هائلاً. كما أن العمليات الفردية تترك العدو أعمى بعكس الأخطاء التي حصلت مؤخراً حيث عملت مجموعات من الشباب بشكل علني مما جعلها عرضة للمذبحة.
إن محاولات اعتبار مخيماً أو حارة في مدينة مثابة منطقة محررة هي خاطئة وعالية الكلفة حيث يتمكن الكيان من محاصرتها وتصفية الفدائيين الذي سلاحهم الفعلي هو الجرأة.
وفي نفس سياق قراءة اللحظة، هناك من يطرح وجوب اشتعال انتفاضة شاملة في الضفة الغربية. وهذا رأي، ولكن واقع وتجربة الصراع تؤكد بأن الانتفاضة الشاملة يجب ربطها بمعركة التحرير الشامل التي لا تقتصر على الأرض المحتلة.
إن انتفاضات موقعية وموضعية هي التكتيك الأدق لأنها اقل كلفة واقدر على الاستمرار وخاصة العمليات الفردية. إنها مهارشة العدو لإبقاء القضية حية.
إن الحديث عن انتفاضة شاملة يعيدنا إلى القلق من مصير التثمير السيىء لانتفاضة1987 حيث تم تثميرها باتفاقات أوسلو.
يتسائل البعض لماذا لم تتم عمليات رد من محور المقاومة أي من غزة أو لبنان وخاصة بعد العدوان الأخير ضد سوريا.
ونحن إذ نترك لمحور المقاومة تقدير الموقف كيف يراه، ولذا يجب التحذير من أمرين:
الأول: عدم الضخ الهائل لدفع كل الشعب إلى انتفاضة شاملة لوحده وقبيل أوان قرار المعركة الشاملة لأن هذا تكرار لتجربة أكثر من خمسين عاماً حين زعم فلسطينيون بأن القضية قضيتهم وحدهم وأن بوسعهم وحدهم تحرير فلسطين، وها هو المآل واضحاً.
والثاني: فإن محور المقاومة نفسه ليس في درجة التماسك المطلوبة مما يوجب النضال هنا بتكتيك مرن وطويل النفس ودون اندفاعة صدر عاطفية.
صحيح أن الأسئلة تتوالد بموالية هندسية، إن صح التعبير، ولكن الجواب ليس حتى بمتوالية حسابية بل بكلمة واحدة: لن يتوقف شعبنا عن مسيرته، ولو كان سيتوقف لما وصلنا ولادة ظاهرة الفدائيين الجدد.
إلا أن ما يجب الحذر منه هو المخطط الأمريكي التلمودي الرسمي العربي:
• مخطط فنزل، وهو من الخطورة والوحشية بمكان حيث يحاول إعادة الأمور إلى ما قبل 1967 ، وكما ذكرت أعلاه، أن يتولى الفلسطيني حماية الكيان بل وإيصال الأمر إلى ما كان في لبنان حينها. لا زلت اذكر أنه حين أستشهد الشهيد خالد عام 1964 من كادر “ابطال العودة” سلًم الكيان جثمانه إلى الأمن اللبناني، وحينها لم يجرؤ أهله على التعرف على جثته خشية القمع!!!
• ومخطط أمريكا والأنظمة التطبيعية حيث تشجب العمل الفدائي وتحاول استغلال الوضع الحرج لسوريا بعد مذبحة الإرهاب وقانون قيصر والزلزال لفك العلاقة بين سوريا وإيران وجر سوريا إلى التطبيع.
• وتشويه وتخدير الشعب العربي بأن القضية فلسطينية فقط، هذا ممنوع بالمطلق.
إن المشوار طويل، وعليك تقنين الاستهلاك النضالي.

لذا، أختم تحذيرا بقول نصر بن سيار لبني أمية:
أرى تحت الرماد وميض نارٍ…ويوشك أن يكون لها ضِرامً
فقلت من التعجب ليت شعري… أأيقاظٌ أمية أن نيامُ.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 3

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28