] إهانة إسرائيلية للأردن… دلالات مهمة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 24 كانون الثاني (يناير) 2023

إهانة إسرائيلية للأردن… دلالات مهمة

الثلاثاء 24 كانون الثاني (يناير) 2023 par محمد عايش

الاعتداء الذي تعرض له غسان المجالي سفير الأردن لدى إسرائيل، وهو داخل باحات المسجد الأقصى، يُشكل إهانة إسرائيلية للأردن، ومحاولة للاعتداء على دوره في القدس ورعايته للمقدسات الإسلامية، وهو اعتداء ذو دلالات بالغة ومهمة، خاصة مع صعود اليمين إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بكل ما فيها من تطرف ويمينية ومعاداة للعرب والمسلمين.
للأردن دور خاص ووجود استثنائي في القدس المحتلة، وهذا الدور لا يتوقف عند مستوى الوصاية على المقدسات وعلى المسجد الأقصى ورعايتهما وتقديم الخدمات فيهما، وإنما يتوسع إلى دور تاريخي بالغ الأهمية مزروع في أعماق كل أردني، إذ هناك حول المسجد الأقصى لا يوجد شبر إلا وسالت فيه دماء أردنية، ولا توجد منطقة إلا وتشهد على قوافل من الشهداء الأردنيين الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، بل إن بعض المؤرخين يُشير إلى أن الأردنيين وحدهم من عرقل سقوط القدس في عام 1948، وأنهم الوحيدون الذي قاتلوا وخاضوا حرباً جدية خلال معارك عام 1948 التي انتهت على أية حال بهزيمة الجيوش العربية وقيام الدولة العبرية، لكنها انتهت بالحيلولة دون سقوط القدس، وظل المسجد الأقصى تحت السيادة الأردنية حتى عام 1967.

الدور التاريخي الأردني، بما في ذلك الرعاية التي يتم تقديمها للمقدسات الإسلامية من قبل الأردن، وعلى نفقة الحكومة الأردنية، اعترفت به إسرائيل في اتفاقية «وادي عربة»، إذ تنص المادة التاسعة من اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية التي تم توقيعها في عام 1994 على ما يلي: «تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن».

ما حدث إذن مع السفير الأردني بمنعه من دخول المسجد الأقصى (قبل أن تعود سلطات الاحتلال وتسمح له بذلك)، يُشكل انتهاكاً للقانون الدبلوماسي الذي هو جزء من القانون الدولي العام، كما أنه انتهاك لاتفاقية ثنائية مبرمة بين الطرفين ومودعة لدى الأمم المتحدة لتقوم بصيانتها ورعايتها، كما أن السفير يعتبر ممثلاً رسمياً لبلده، وهو ما يعني في التحليل الأخير أن إسرائيل انتهكت تعهداتها، ووجهت إهانة للأردن ورسالة واضحة مفادها التراجع عن الاعتراف بهذا الدور الأردني. ثمة دلالة أخرى مهمة لما حدث مع السفير الأردني في القدس وهو، أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لا ترغب بتحسين العلاقات مع الأردن، ولا تهدئة التوتر القائم مع الأردن منذ سنوات، بل إنها تتجه إلى التصعيد، وتتعامل مع الأردن على القاعدة نفسها التي تتعامل بها مع الفلسطينيين. وعليه فإن رد الفعل الأردني على حادثة السفير يجب أن لا تقتصر عند مستوى تقديم الاحتجاج الدبلوماسي، وإن كان الاحتجاج هو أحد الإجراءات الدبلوماسية المعتبرة في العالم، لكن لدى الأردن العديد من الأوراق التي يمكن له أن يضغط بها على الاحتلال، ليس فقط لفرض احترام السفير واحترام هيبته، وإنما أيضاً للاحتجاج على الإجراءات الإسرائيلية العدوانية في القدس المحتلة.

يتوجب على الحكومة الأردنية أن تبحث السير في اتجاه تقديم شكاوى ضد إسرائيل أمام المحاكم الدولية، والأمم المتحدة، والأهم من الشكاوى والقضاء الدولي هو أن الأردن يستطيع معاقبة إسرائيل بالتوقف عن إبرام الصفقات التجارية، بل التوقف عن الاعتماد على الغاز والمياه وغيرهما مما يأتي من دولة الاحتلال. يجب أن نتذكر بأن الأردن عاش دولة مستقلة وحُرة وعزيزة لعشرات السنين، قبل أن يُبرم اتفاق السلام مع إسرائيل، وقبل أن يقيم أية علاقات مع تل أبيب، وهذا يعني بأنه ليس مضطراً للاتفاقات والمعاملات التي أبرمت مؤخراً مع الاحتلال، بل إن الأردن كان في وضع اقتصادي أفضل قبل إبرام معاهدة السلام، وأبسط مثال على ذلك أن نسبة البطالة في الأردن كانت دون التسعة في المئة قبل معاهدة السلام، واليوم هي فوق الـ23%، والمؤشرات الأخرى التي تؤكد ذلك كثيرة وحاضرة


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28