] كفانا لطما وندبا… ولنجير أزمة أوكرانيا لصالحنا - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 12 آذار (مارس) 2022

كفانا لطما وندبا… ولنجير أزمة أوكرانيا لصالحنا

السبت 12 آذار (مارس) 2022 par علي الصالح

من مهازل القدر أن يواصل رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت بكل صفاقة، محاولاته لعب دور الوسيط في الأزمة الروسية/ الأوكرانية لوقف الحرب، بينما يرفض وهو المستوطن المتشدد، لقاء أي من المسؤولين الفلسطينيين، وعلى أي مستوى لإنهاء أقدم الأزمات في الشرق الأوسط، لا بل في العالم.
والغرابة ليس في محاولاته هذه، فهو صفيق يتوقع منه أي شيء، بل في إشادة دول الغرب وتشجيعها لهذه المحاولات، التى لا أرى فيها سوى محاولة لإعطاء إسرائيل صورة لا تعكس واقعها، وستستغل الأزمة لتهجير بضع عشرات آلاف، وربما مئات آلاف اليهود سواء في أوكرانيا أو في روسيا، واغتصاب المزيد من الأرض الفلسطينية لتوطينهم.
وإذا كانت محاولات بينيت مهزلة حقيقية، فإن ما فعلته الحكومات الغربية ورؤساؤها، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في تسليح ودعم أوكرانيا، أكبر مسخرة بكل ما في الكلمة من معنى، أماط بها اللثام عن العنصرية المتأصلة في داخله، وكشف والعديد من زعماء الغرب، إن لم يكن جميعهم عن زيفهم وريائهم ونفاقهم. وزايد جونسون حتى على غيره من الزعماء الغربيين، بخطوة تحصل لأول مرة في تاريخ مجلس العموم البريطاني، فقد فتح أبواب المجلس على مصراعيه أمام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليتحدث إلى النواب مباشرة، وسط تصفيق حار من قبل جميع النواب الحاضرين، الذين استقبلوه وقوفا. وزاد التصفيق حرارة عندما اختتم زيلينسكي، حديثه بالقول، إنه سيقاتل وسيقاوم حتى النهاية. في الوقت الذي رفض فيه البرلمان الإسرائيلي، طلبا من زيلينسكي وهو يهودي الديانة، لإلقاء كلمة متلفزة أمام هيئته العامة. وبرر رئيس الكنيست ميكي ليفي، ذلك الرفض بأن الطلب جاء في اليوم الأخير من الدورة الشتوية للكنيست. وعلاوة على ذلك، قررت حكومة بوريس جونسون مبالغة في تضامنها، رفع العلم الأوكراني على المؤسسات الحكومية.
للحظات تمنيت لو يفعل جونسون مع الرئيس الفلسطيني ما فعله مع الرئيس الأوكراني، كي يبدو أكثر توازنا وإنصافا واقل عنصرية وزيفا ورياء. تخيلت لثوان مشهدا وفيه يتحدث رئيس الشعب الفلسطيني إلى نواب الشعب البريطاني ولورداته، ويشرح أمامهم خطته للسلام، وإنصاف الشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه التي استباحها الاستعمار البريطاني، قبل أكثر من مئة عام. ليس هذا فحسب، بل يرفض الاعتراف بمسؤوليته عنها وتعويض الشعب الفلسطيني، على الأقل، بالاعتراف بدولته ليس على كل التراب الفلسطيني، بل على 22% فقط من الأرض. وزاد على ذلك بتعريفات جديدة لمعاداة السامية. وأقصى ما يتشدق به المسؤولون البريطانيون، هو إبداء التعاطف اللفظي، من دون اتخاذ أي خطوات عملية، بل يعملون على إعاقة اي خطوات من هذا القبيل.

كشفت الحرب الأوكرانية عن أسوأ ما في مواقف زعماء الدول الغربية، من عنصرية ونفاق عند الحديث عن حقوق الشعوب في تقرير المصير

أفقت من حلمي لأجد نفسي جالسا على المقعد نفسه أعيش أمنيات غير قابلة للتحقق، على الأقل في الزمن المنظور، طالما بقي حالنا على ما هو عليه. أما «بي بي سي» وهي البوق الرسمي للحكومة، فنقلت بثها إلى أوكرانيا ونقلت أفضل مراسليها الدوليين، سواء في الشرق الأوسط، أو مناطق أخرى، لبث أكاذيبها والمبالغة في نقل الصورة.
وهناك من نقل جرائم جيش الاحتلال البشعة، خلال حروبه الأربع على قطاع غزة وآخرها في مايو 2021، والأبراج التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية، ومعاناة أهالي غزة لبشاعتها، على أنها صور دمار من أوكرانيا. وحتى عهد التميمي أيقونة المقاومة الشعبية الفلسطينية، حاولوا سلبها منا، فقد أعيد نشر صورها وبث أشرطة لها وهي تواجه وتتحدى جنود الاحتلال الاسرائيلي وتصرخ في وجوههم، على أنها فتاة أوكرانية. وتبقى عهد الفلسطينية إرهابية، وعهد الأوكرانية مقاومة.
يقول الكاتب الإسرائيلي ألان بابيه في مقال له، معلقا بالتأكيد، هناك شباب وشابات في أوكرانيا يتحلون بشجاعة عهد التميمي، لكن في الوقت الذي توصف فيه عهد التميمي الفلسطينية بالإرهابية، فإن عهد التميمي الأوكرانية توصف بالمقاومة. ويوصف الشباب والأطفال الفلسطينيون الذين يقاومون بالحجارة جنود الاحتلال المدججين بالسلاح، بالإرهاب بينما يوصف بالأبطال، الشباب الأوكراني، الذي يواجه الدبابات الروسية بقنابل المولوتوف. ونحن نتحدث عن سرقة نضالاتنا، لا بد من أن نشير إلى سرقة الأزياء الفلسطينية الوطنية، وكذلك الأكلات الشعبية من فلافل وحمص وشكشوكة وغيره لتصل الوقاحة بهم حد تقديمها للزبائن العرب في الإمارات ودبي، على وجه الخصوص، على أنها اكلات شعبية يهودية.
ومواقف زعماء الدول الغربية الأخرى لا تختلف كثيرا، كما أسلفنا، عن الموقف البريطاني، فقد كشفت الحرب في أوكرانيا عن أسوأ ما في دواخلهم من عنصرية ونفاق عند الحديث عن حقوق الشعوب في تقرير المصير، وتفريقهم بين حرب وحرب، وبين ضحايا وضحايا، فبينما يفتحون الأبواب على مصراعيها أمام اللاجئ الأوروبي ويوفرون له وسائل التنقل، تغلق الأبواب في وجه لاجئين هم من خارج أوروبا.
يتحدثون عن مليوني لاجئ أوكراني، وهذا لا يعني في أي شكل من الأشكال أننا نستهين بمحنة ومعاناة الشعب الأوكراني، ويفتحون له أبواب كل الدول المحيطة، بينما بلغ عدد اللاجئين السوريين، ولن أتحدث عن الفلسطينيين والعراقيين والأفغان، أضعاف أضعاف هذا العدد، وأبقوا حدودهم مغلقة في وجوه غالبيتهم العظمى، كما لن أتحدث عن الكيل بمكيالين في وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، فهذا كلام مكرر وممجوج.
يوم أمس قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن إسرائيل «تواصل تكثيف الاستيطان في مساحات واسعة من أرضنا، مستغلة انشغال المجتمع الدولي بالحرب الدائرة في أوكرانيا». وتابع: «من سخريات السياسة الدولية أن تحاول إسرائيل الدولة المحتلة لفلسطين أن تكون وسيطا لحل الأزمة في أوكرانيا». دولة الاحتلال ليست بحاجة لحرب حتى تواصل إرهابها على الشعب الفلسطيني وأرضه، فالنشاط الاستيطاني لم يتوقف ولو يوما واحدا، كما لم تتوقف أعمال القتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني على أيدي جنود الاحتلال ومستوطنيه. ففي الأسبوع الأخير وحده استشهد أربعة شباب فلسطينيين برصاص جنود الاحتلال، خلال مواجهات ضد هدم المنازل وسرقة الأراضي. نحن بالمطلق ضد احتلال شعب لشعب آخر، ونرفض تبريراته في أي شكل، فليس هناك احتلال مقبول واحتلال غير مقبول. فكيف لشعب واقع تحت الاحتلال أن يؤيد احتلال شعب لشعب آخر، اخطأنا مرة واحدة بتأييد احتلال صدام حسين للكويت وسدد شعبنا فواتير باهظة. ونحن ضد الحروب بشكل عام، في جميع أشكالها لأن الغالبية العظمى من ضحاياها، من الأطفال والمدنيين العزل، وهم الذين يسددون فواتيرها بالتشرد والقتل والرعب، نعم نحن جربنا الحروب ولا نزال في قطاع غزة الذي شهد في غضون سنوات قليلة4 حروب، وقدم آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وشهد دمارا لم يرمم حتى الان.
واختتم بالقول يكفينا ندبا ولطما وتكرار المكرر. إن ما سمعناه وشاهدناه ولمسناه ليس غريبا، ولا كنا نتوقع أقل منه. ومن فكر بغير ذلك فهو لغرض تبرير عجزه. علينا التركيز والعمل من أجل تجيير الأزمة في أوكرانيا لصالح القضية الفلسطينية لإخراجها من النفق الذي أدخلتها فيه الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية وعربية اخرى. ونكون أكثر إيجابية بالتركيز على أن الشعب الفلسطيني ليس عاجزا، بل هو قادر على المقاومة، كما الشعب الأوكراني. ونقول للزعماء الغربيين كفاكم نفاقا والتعامل مع كل القضايا، ولاسيما الاحتلال وحق تقرير مصير الشعوب من منظار واحد، وهو أن كل البشر متساوون كأسنان المشط، شريطة أن نكون نحن أكثر إيجابية نحو أنفسنا ونضالنا وقدراتنا وهي كثيرة. والعمل على تغيير أساليبنا البالية في مواجهتنا للعدو، وعلينا أن نمارس جميع أشكال المقاومة. ونفرك بصلة في عيون من يحاول وصم نضالنا ومقاومتنا الشرعية بالإرهاب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28