] لنمنح المنظمة الفرصة حتى سبتمبر - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 19 شباط (فبراير) 2022

لنمنح المنظمة الفرصة حتى سبتمبر

السبت 19 شباط (فبراير) 2022 par علي الصالح

الأجواء العامة في الضفة الغربية، أو لنكن أكثر دقة في المناطق التي زرتها من الضفة من الوسط إلى الشمال، كانت خلال أيام انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي أتشرف بعضويته، وما بعدها، غير راضية أو لنقل غير مبالية لما يجري داخل وخارج قاعة المجلس. ويرى الناس في هذا الدورة، كما في غيرها من دورات سابقة، مضيعة للوقت والجهد والمال. ويعتبرون مخرجات المجلس من قرارات، لاسيما في ما يتعلق بالأسماء التي أضيفت لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كانت مخيبة للظنون والآمال رغم توقعها، ولن أخوض فيها في مقالي هذا واحتفظ بالحق بالعودة إليها في مقالات لاحقة.
الناس الذين التقيتهم بمستوياتهم وانتماءاتهم المختلفة، السياسية منها والعلمية والثقافية والمالية، لم يكونوا راضين عن مخرجات الدورة الحادية والثلاثين للمركزي، التي يقولون إنها لا تختلف في مجملها عن مقررات الدورة الثلاثين لعام 2018. ويقولون إن مصيرها سيكون كمصير سابقاتها من دورات «سلة المهملات».
ولم يكن هؤلاء يستخفون بإمكانية تنفيذ هذه القرارات فحسب، بل عبروا عن عدم رضاهم الشديد عن طريقة تعامل حركة فتح والفصائل الأخرى المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، رغم الحديث عن المقاومة الشعبية، مع مستوى الاعتداءات المتواصلة على الفلسطينيين، وأولادهم وأراضيهم ومزارعهم وممتلكاتهم، وغيرها، بدءا من سلفيت وكفر قدوم وبيتا وبيت دجن وبرقة شمالا، مرورا بجنين وبلداتها وقرى رام الله، التي شهدت قبل أيام استشهاد الشاب نهاد البرغوثي من قرية النبي صالح شمال غرب المدينة، وصولا إلى مسافر يطا إحدى قرى الخليل، وحتى وسط المدينة الذي يحتضن بين جنباته الحرم الإبراهيمي الشريف.
الاعتداءات الاستيطانية في الضفة الغربية، لا تزال تشهد تصعيدا خطيرا للغاية، وسط مخاوف فلسطينية من اتساع نطاق هجماتها الدامية وعمليات السلب والإرهاب ونهب المزيد من أراضي الضفة، بعدما تقرر أن يضم في صفوفه ميليشيا حريدية متطرفة، تعمل في الأصل على خدمة المستوطنين، وإرهاب وقتل الفلسطينيين، كما حصل مع المسن الفلسطيني في منطقة رام الله عمر أسعد الذي لم يشفع له عمره ولا جنسيته الأمريكية .والانتقادات لا تقتصر على ردود أفعال المنظمة وفصائلها فحسب، بل تنسحب على جميع الفصائل والحركات الخارجة عن المنظمة، التي قاطعت اجتماعات المركزي. ويتهمونها بالتقصير وعدم العمل والتحرك بما يتناسب وحجم العدوان والهجمة الاستيطانية الشرسة والمسعورة بما فيه الكفاية، ولم يضعوا المخططات الرادعة لوقف المستوطنين وجنود الاحتلال ومواجهة اعتداءاتهم المستمرة، تاركين المزارعين والفلاحين ومصائرهم. وما يلفت الانتباه أن عامة الناس مدركون لحقيقة أن منظمة التحرير هي الوحيدة التي تطرح برنامجا سياسيا، رغم عدم رضاهم عنه. ويرى عامة الناس ولن أدعي الحديث باسمهم جميعا، بعد كل هذا الانتظار، ضرورة منح أبو مازن المهلة التي طلبها المجلس المركزي حتى سبتمبر المقبل، وعدم الحكم عليه مسبقا، وإن كانت التجارب السابقة لا تبشر بالخير. وكما يقولون «اللي خلانا ننتظر كل هذه السنوات بعد اتفاق أوسلو عام 1993، يخلينا ننتظر الأشهر القليلة المقبلة حتى سبتمبر المقبل» التي ستكشف مدى مصداقية القيادة الفلسطينية واحترامها لقرارات مؤسساتها التشريعية.

الأوضاع لا تحتمل التقاعس، بل التحرك الفوري للمواجهة بجميع الوسائل وعلى جميع الجبهات ونقاط التماس، وتحتاج إلى مثابرة

في المقابل يرى الكثيرون أن ما تطرحه الفصائل المعارضة، يفتقر لخطط التنفيذ والتصور لتحقيق هذه المطالب، التي لا تختلف كثيرا عن مطالب المنظمة، رغم المزايدات، وليست بعيدة عنها وهي حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران إلى جانب دولة إسرائيل. ولا تطرح تصورا لتحقيق ذلك غير الشعارات الطنانة، عن كنس الاحتلال بالمقاومة والكفاح المسلح في غياب الرؤى والاستراتيجيات السياسية منها والعسكرية لتحقيق ذلك. لا يكفي الحديث عن التحرير في غياب هذه الرؤى. وأنا شخصيا أعتقد أن ذلك أصبح صعب المنال على الأقل في المرحلة الحالية، لأن حكومة الاحتلال ترفض أصلا مبدأ قيام دولة فلسطينية ضمن أي حدود، وترفض حتى فكرة التفاوض السياسي مع الفلسطينيين لأنها ترى الحل اقتصاديا وتجميل صورة الاحتلال، وتخفيف نقاط التصادم وتسهيل الأوضاع الاقتصادية، وهي لا تفعل حتى ذلك. إن ما نراه على أرض الواقع لا يكفي لتحقيق مطالبنا، والمواجهات الأسبوعية عند نقاط التماس، رغم أهميتها ورغم التضحيات الجسام التي تقدم عند هذه النقاط، ورغم ضرورة استمرارها، لن تكون بديلا عن انتفاضة حقيقية طويلة الأمد. وهذا يتطلب أساليب عمل مختلفة، وإدارة مختلفة للصراع. انتفاضة تصحح المعادلة وتثير الرعب في أوساط المستوطنين، وتعيد إليهم ذكريات انتفاضة الحجارة وترجعهم إلى جحورهم بوسائل شتى. الغرض ليس تسجيل نقاط أو أهداف في مرمى الطرف الآخر، فالأوضاع لا تحتمل التقاعس ولا المزاودات ولا تسجيل النقاط والأهداف، الأوضاع بحاجة إلى التحرك الفوري للمواجهة بجميع الوسائل وعلى جميع الجبهات ونقاط التماس، الأوضاع لا تحتمل التأجيل والتقاعس وتحتاج إلى مثابرة.
نعم الانتفاضة هي الحل الوحيد والأخير في غياب الحلول الأخرى، وغياب الاهتمام الدولي بالصراع، رغم تقرير منظمة أمنستي واتهام إسرائيل بالفصل العنصري، ووصفها كدولة أبارتهايد. حل طويل الأمد مرهون بعدم تدخل الكثير من الأصابع كما حصل في الانتفاضتين الأولى والثانية، ولاسيما الانتفاضة الأولى التي فرضت القضية الفلسطينية على خريطة العرب أولا والعالم ثانية.
ونختتم بلغز العلاقة المتجددة بين النظام التركي وإسرائيل، لغز الخطوات الحثيثة التي تقوم بها أنقرة للتطبيع مع دولة الاحتلال، من دون الكشف عن المستجدات والمتغيرات التي تبرر بها أنقرة موقفها الجديد من دولة الاحتلال الذي يزداد تشددا. فالشيء الوحيد الذي أرى فيه تغييرا، هو دخول دولة الإمارات على خط المصالحة ربما بالإغداق المالي على أردوغان، ودفعه للإقدام على هذه الخطوة، كما حصل مع الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي خضع للإغراءات الاقتصادية الإماراتية، ووافق على التطبيع مع إسرائيل. فبعد ذلك المشهد المسرحي الذي رفض فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر دافوس الاقتصادي مصافحة نظيره الإسرائيلي شيمعون بيريس، في عام 2009 وحصد بعدها شعبية كبيرة في عالمنا العربي، يسعى اليوم بخطى حثيثة لعقد لقاء قمة مصالحة مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ في الشهر المقبل في أنقرة. وقد أمر أردوغان بإطلاق سراح زوجين إسرائيليين معتقلين بتهمة التجسس. هناك من يقول إن المصالحة ربما تكون على حساب العلاقة بين حركة حماس وأنقرة التي تطورت في السنوات الأخيرة، إلى حد احتضان عدد كبير من قياداتها الأساسيين مثل صالح العاروري رئيس حماس في الضفة الغربية، وتتهمه إسرائيل بالوقوف وراء العمليات في الضفة الغربية. وفي هذا السياق تسربت معلومات تفيد بأن إسرائيل تطالب أنقرة بترحيل كل من له علاقة بالجناح العسكري لحماس وعلى وجه الخصوص العاروري. وهناك من يرى في المصالحة ربما تطويرا للعلاقة بين حماس ودولة الاحتلال، لاسيما في قطاع غزة، وتأجيل الحسم لأجل غير مسمى والسماح بنمو كيان فلسطيني في غزة، أو ترسيخ تسوية طويلة الأمد مع «حماس» عبر حوافز اقتصادية مهمة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28