] المصالحة الفلسطينية التي تنقصها الصراحة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 16 كانون الثاني (يناير) 2022

المصالحة الفلسطينية التي تنقصها الصراحة

هشام عبدالله
الأحد 16 كانون الثاني (يناير) 2022

يبدو أن الحوار الفلسطيني حول المصالحة، وإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، مستمر إلى ما لا نهاية. وفي الوقت الذي تقترب فيه الذكرى الخامسة عشرة لهذا الانقسام، فإن ما تحقق يتجلى فقط في تقدم ملموس للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية.
وبينما تنشغل فتح وحماس، ومعهما مجموعة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في إطلاق دعوات جديدة قديمة لاستئناف «الحوار الوطني» على أسس جديدة في كل مرة، تواصل إسرائيل تثبيت احتلالها للضفة الغربية وتشديد حصارها على قطاع غزة.
ليس ذلك فحسب، ولكن إسرائيل تمكنت خلال السنوات الأخيرة من عمر الانقسام الفلسطيني، من تحقيق انتصارات على الساحة العربية والدولية، لاسيما اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين، وهي استطاعت أخيرا نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ويظل البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، لاسيما حول مدينة القدس، يشكل التهديد الأكبر الذي يواجهه الفلسطينيون، حيث تشير التقديرات إلى ارتفاع عدد المستوطنين في الضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى قرابة مليوني شخص.
بل إن الخطوات الحثيثة والمتسارعة في تنفيذ مشروع الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وحصار قطاع غزة المتواصل، تطغى على أي حديث عن حوار فلسطيني جديد على طريق المصالحة الموعودة.
أكثر من عشر اتفاقيات وإعلانات مصالحة توصلت إليها حركتا فتح وحماس برعايات سعودية ومصرية وقطرية وتركية، منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في العام 2007. لم يجد أي من هذه الاتفاقيات طريقه إلى التنفيذ وسط تبادل اتهامات متواصل ومستمر.
وقد تجدد الحديث أواخر العام 2021 المنصرم عن دعوات روسية وجزائرية للفصائل والحركات الفلسطينية الوطنية والإسلامية لحوار متجدد آخر. وقالت حركة حماس أنها تلقت دعوة روسية، من دون أن تأتي على قبولها دعوة الجزائر.
وقالت حركة فتح في تصريحات على لسان أمين سر لجنتها المركزية، جبريل الرجوب، أنها شكلت وفدها لجلسات الحوار في الجزائر المزمع عقده آذار/مارس المقبل، في حين لم تتحدث فتح عن الدعوة الروسية.
وفي تصريحات له على قناة «الميادين» في11 كانون الثاني/يناير الجاري أتهم الرجوب قيادات حركة حماس بأنه «لا يوجد لديهم نضج كامل ووحدة موقف لبناء الشراكة» غير أنه أكد في ذات الوقت أن الحوار بالنسبة لحركة فتح هو «خيار استراتيجي». وكشف أيضا انه التقى مؤخرا في اسطنبول نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، مشيدا بالمسؤول الحمساوي ومؤكدا على إيجابية اللقاء.
وكان الرجوب على رأس وفد من حركة فتح في زيارة رسمية لكل من دمشق وبيروت حاملا رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، لكن جل زيارته خصص للقاء أمناء فصائل منظمة التحرير الفلسطينية المقيمين في العاصمة السورية لحث هذه الفصائل الموافقة على عقد اجتماع للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقالت مصادر أن جهود الرجوب لم تكلل بالنجاح بسبب إصرار ممثلي الفصائل على تشكيل «هيئة عليا تضم كافة الفصائل والحركات الوطنية والإسلامية» مقتربين بذلك من موقف حركة حماس الذي يدعو إلى إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.
ويمثل رفض الفصائل حضور جلسة المجلس المركزي ضربة قوية لجهود حركة فتح والرئيس محمود عباس في المحافظة على السيطرة على تمثيل الفلسطينيين على الساحتين العربية والدولية، وفي تعزيز موقف حماس الرافض لنهج المفاوضات والتسوية السياسية.
ويشكل الأمر تراجعا عن التقدم «الشعبي» الذي حققته فتح برئاسة عباس عندما رفضت مبادرة صفقة القرن لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حينها نجح عباس في عقد لقاء لجميع الفصائل والحركات الفلسطينية بما فيها حماس في رام الله وبيروت.
وتعيد هذه المواقف إلى الأذهان الفجوات الكبيرة التي تعترض طريق تطبيق المصالحة الفلسطينية، لا سيما مطالبة حماس بإجراء انتخابات متوازية تشريعية ورئاسية وأخرى للمجلس الوطني الفلسطيني، الأمر الذي ترفضه حركة فتح حيث تدعو لإجراء انتخابات متتالية.
وتشكل قضية المقاومة المسلحة التي تتبناها حركة حماس في الصراع مع إسرائيل، عقبة كبرى في تحقيق المصالحة الفلسطينية، ويصر الرئيس محمود عباس على اعتراف الحركة الإسلامية الموافقة بإسرائيل واعترافها بقرارات الشرعية الدولية التي وافقت عليها السلطة الفلسطينية، الأمر الذي ترفضه حماس.
وقد صعدت حماس انتقادها للسلطة الفلسطينية والرئيس عباس في أعقاب لقائه الأخير مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في منزل الأخير في إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين، وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، في تصريحات مؤخرا إن اللقاء هدف «إلى زيادة التعاون الأمني مع السلطة مقابل تسهيلات وقضايا معيشية».
وأكد أبو مرزوق في مقابلة مع قناة «الأقصى» الفضائية إن حماس «ما زالت عند مبادئها ومواقفها باستمرار المقاومة والنضال، ورفض كل إجراءات الاحتلال أو التوافق معه بأي صيغة كانت، وأي اتفاق سياسي واقتصادي».
ثمة لهجة غاضبة ورافضة تغلب على تصريحات حماس وفتح، لهجة لا تشي بالتصالح والتسامح، بل تكشف عن حدة في الخصومة والمنافسة. فتح ومنظمة التحرير تقدم نفسها على أنها الممثل الشرعي والصوت المعتدل للفلسطينيين، حماس تقول إنها رأس حربة المقاومة في الصراع مع الاحتلال، في حين تواصل إسرائيل بنائها الاستيطاني في الضفة الغربية وتهويد ما تبقى من أحياء القدس العربية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 23

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28