] بوادر عصيان بعد هزيمة أمريكا في أفغانستان!! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 28 آب (أغسطس) 2021

بوادر عصيان بعد هزيمة أمريكا في أفغانستان!!

السبت 28 آب (أغسطس) 2021 par محمد عبد الحكم دياب

منذ إنشاء طالبان لـ«إمارة أفغانستان الاسلامية» عام 1994، وهي طرف في الحرب الأهلية الأفغانية، وعندما عادت بعد عشرين عاما ملأت الدنيا وشغلت الناس. وكانت بقيادة الملا عمر، إلى أن أعلن ناطق باسم المخابرات الأفغانية حسيب صديقي عن وفاته في يوليو 2015؛ في مستشفى بكراتشي في أبريل 2013 في ظروف غامضة»!!. وطالبان مُكَوِّن من البشتون حاز شهرة كبيرة عقب الاجتياح السوفييتي لأفغانستان عام 1979، ويشکل البشتون أكبر ثاني مجموعة عرقية باکستانية؛ منتشرة فی الأوساط الحکومية وأروقتها، ويقدر إجمالي عددهم 40 مليون نسمة، ونظراً لغياب الإحصائيات الرسمية الدقيقة منذ عام 1979 فإن النقاش يدور حول رقم 60 قبيلة بشتونية وأکثر من 400 عشيرة..
ولم تتحقق الوحدة السياسية للبشتون فی السابق إلا قليلاً، وكان لهم حضور موثر وقت الهيمنة البريطانية والروسية، وسيطروا علی البلاد في حقب مختلفة، واستولوا على العاصمة كابول في سبتمبر 1996م، وإعلان «الإمارة الإسلامية في أفغانستان»؛ ونُقِلَت العاصمة إلى قندهار، واستمر حكم طالبان حتى 2001؛ وأطاح به الغزو الأمريكي نهاية نفس العام؛ كرد على هجمات 11 سبتمبر، ولم تنل حكومة طالبان اعترافا دوليا باستثناء اعتراف ثلاث دول هي: باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وخرجت على إدارة حامد كرزاي المدعومة من واشنطن، ومن قوات «إيساف» التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وأعادت طالبان تنظيم صفوفها، ووصل عددها نحو 200 ألف مسلح.
أربكت عودة طالبان العالم، وهناك ما يشبه الإجماع في الصحافة الغربية بأن واشنطن لم تتعرض لهذا الإذلال منذ حرب فيتنام؛ ذلك لسهولة تمكين طالبان من السيطرة على القرى والمدن الأفغانية بعد غياب دام لعقدين من الزمن، وطرح معلقو ومحللو الغرب أسئلة واستفسارات تبحث في أسباب «الكارثة» وسبب الانتصار الطالباني السهل، فكتبت صحيفة «تاجس أنتسايجر» السويسرية، ومقرها زيورخ: «طالبان باغتت الغرب». وحنثت بوعودها الخاصة بالمرأة أو الصحافة، وحتى خدمة الشعب والبلاد.
وأضافت: «من السذاجة تصديق ما صرحت به طالبان، وقد أظهر ماضيها أن كلمات ما أسمته الصحيفة بـ«إسلاميي العصر الحجري» فكانت كلمات بلا معنى؛ لا يريدون برلمانا، ولا انتخابات، ولا حرية دينية، وإنما يريدون أميرا وملالي يحكمون باسم الشريعة المناسبة لهم، وحمَّلت مسؤولية ما حدث على الحكومة الفاسدة، والسبب الأهم هو ما قالت إنه مبالغة الولايات المتحدة وشركائها الغربيين في تقدير تأثيرهم على أفغانستان طوال 20 عاما؛ ضخوا خلالها مبالغ فلكية من الأموال لبناء المنظومة الأمنية القادرة. وقدرر جو بايدن أن عودة طالبان للحكم تحتاج ما لا يقل عن عام ونصف العام، لكنها عادت خلال أسبوع ونصف الأسبوع، وفاجأت الولايات المتحدة والغرب والعالم عموما بشكل تام» حسب الصحيفة.
وأدّلَت صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه» الألمانية بدلوها بشكل مغاير؛ وتطرقت إلى «تعامل الغرب باستعلاء» مع الأفغان، وحتى في ساعات الفشل، مازال بإمكان السياسيين الغربيين الاختباء وراء أمريكا، وتوجيه الاتهام لجو بايدن. ففي الأيام الأخيرة دعا الرئيس الأمريكي الأفغان إلى القتال من أجل أنفسهم. وكان الكل يعلم أن ذلك مجرد أماني صعبة المنال. وأضافت الصحيفة: «كلما طال بقاء قوات الغرب، زاد اعتماد القوات الحكومية عليها. وعند انسحابها ينهار البنيان. واستعلى الغرب بشكل ميئوس منه في أفغانستان. وهذا اعتراف واجب، لكنه لا يُبرر الهروب من المسئولية. ويتعين على أمريكا وأوروبا الاعتراف بأن تواجد القوات هناك كان كافياً لتأبيد حالة الجمود مع طالبان. ولم تكن تلك بالاستراتيجية لكن أي شيء آخر (كان) يعني الفشل»!!.
وأكدت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية على«الفضيحة التي لحقت بالغرب، وطعنت في مصداقيته وأخلاقياته! وأشارت إلى: «النهاية المصحوبة بالرعب؛ كشفت عدم اكتراث الحكومات الغربية بمصير الأفغان؛ خاصة الذين عملوا كمترجمين. وبدلاً من مساعدة الموظفين المحليين في الوصول لبر الأمان، تاهت الحكومة الألمانية في سراديب بيروقراطية وغرقت في مناقشات تفاصيل الاختصاصات؛ مثل الولايات المتحدة، وكان المهم عند برلين هو البحث عن مهرب. وبهذا تلطخت مهمة أفغانستان الفاشلة؛ بأكثر مما يفعله سوء التقدير والهزائم العسكرية»!!.
وزادت الصحيفة بالقول: «الولايات المتحدة والغرب لحقتهم الفضيحة؛ حين أرادوا فرض قيمهم وسيطرتهم في واحدة من أصعب مناطق العالم، وفشلوا بعد ذلك بسبب التقديرات الخاطئة. وعدم القدرة على التحمل. وأخيرا اكتمل ما كان يلوح في الأفق، وهو أن أمريكا، في بداية الألفية الجديدة تحمست بشدة لإعادة صياغة العالم، وأرادته على هواها؛ ثم تعود لديارها، وقد تبقى لفترة إضافية أطول».
وحاولت صحيفة «تايمز» اللندنية الرد علي سؤال عن عواقب هذه الهزيمة بالنسبة لآمال الغرب في البقاء في عصر التنافس بين القوى العظمى!!. ويشير المعلقون الصينيون إلى أن أفغانستان عُرفت منذ فترة طويلة كمقبرة للإمبراطوريات، وأعقب الانسحاب الروسي في عام 1989 انهيار الاتحاد السوفييتي. «ومن ناحية أخرى، قد يشعر الغرب بالارتياح، فلم ينج من كارثة فيتنام فحسب، بل وانتصر أيضا في الحرب الباردة»!!.
وتابعت تايمز ردها: «إذا أراد الغرب فرض نفسه خلال منافسته مع الصين، الخصم الأقوى بكثير، فعليه إقناع حلفائه وشركائه بأن نموذجه الاقتصادي والسياسي لا يستحق الدفاع عنه، بل ما زال الغرب مستعدا أيضا للدفاع عنه. وهذه المهمة ستزيد من صعوبتها مشاهدُ اليأس في أفغانستان» وأدى لهبوط شعبية جو بايدن، وأشار إلى ذلك «أليكسي زابرودين» في صحيفة «إزفيستيا» الروسية (20/ 08/ 2021) وتناول انعكاس الانتصار الطالباني على وضع الولايات المتحدة الداخلي، وتَعَرَّض لاستطلاعات رأي انخفض فيها تأييد الرئيس الأمريكي فور انتقال السلطة إلى طالبان. لنحو 45 – 46٪.
وتم الاستشهاد برأي رئيس الجامعة الأمريكية في موسكو، إدوارد لوزانسكي؛ وهو أن الرأي العام ومخاوفه يتأثران بـ«فشل الولايات المتحدة وعارها العالمي، الذي تبثه الإذاعات وشاشات التلفزيون في كل مكان». و«حتى الصحافة المؤيدة لبايدن تتناوله بحدة. وساد الاعتقاد أن ما حدث كان كارثة. والتعبير عن الاستياء من الحكومة شيء، والفُرجة على الإهانة الوطنية شيء آخر» وقال لوزانسكي في (إزفستيا): «عندما تُمَس كرامة البلاد، فذلك يؤثر على الرأي العام».
ومثل الوضع في أفغانستان فشلا تاما للإدارة الحالية منذ وصولها إلى السلطة. وسوف تُجرى الانتخابات النصفية العام القادم (2022). ويعمل الجمهوريون على استعادة سيطرتهم على مجلس الشيوخ وزيادة حصتهم في مجلس النواب. وقـد تساعدهم الكارثة الأفغانية في هذا الأمر، وبالفعل يدفع الجمهوريون العجلة الأفغانية بقوة، حتى إن الرئيس السابق دونالد ترامب يدعو الديمقراطيين إلى الاستقالة. وعلى الرغم من أن جو بايدن لن يترك البيت الأبيض الآن، إلا أن الدعم الذي يحتاجه خصومه متاح.
وخلص لوزانسكي إلى: «لو أجريت الانتخابات اليوم، لكان لدى الجمهوريين بالتأكيد فرص للفوز» والسؤال المؤجل هو أين تل أبيب مما يجري؟، وتناول ذلك الكاتب الروسي «إيغور سوبوتين» الثلاثاء الماضي (24/ 08/ 2021) في مجلة «نيزافيسيمايا غازيتا» عن الأمل الذي تعلقه تل أبيب على استعادة واشنطن لكرامتها المُهْدَرة أمام طالبان سيكون خصما من الحساب الإيراني، ويَحْمِل رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت معه «خطة ردع» ضد إيران يقدمها للرئيس الأمريكي خلال زيارته لواشنطن، المقررة، أثناء كتابة هذه السطور.
واستشهد بما جاء في عمود الصحافي الصهيوني «بن كاسبيت» المنشور بالنسخة الغربية من «المونيتور» وتأكيد مصادر مخابراتية بأن الوضع الحالي في أفغانستان يوفر فرصا جيدة للدولة الصهيونية لإقناع الولايات المتحدة بالتشدد مع إيران. وحسب رأي هذه المصادر فالصدمة التي أصابت الإدارة الأمريكية والجمهور الأمريكي قد يكون لها «تأثير معاكس تماما» فالفشل الأمريكي المذل في أفغانستان قد يجبر واشنطن على استعراض قوتها في أماكن أخرى، بما في ذلك «الشرق الأوسط»!!، وماذا عن الموقف من الصهاينة العرب والمسلمين؛ الناطقين باللغة العربية، ووالحاملين لجنسيات عربية وإسلامية؟، وهذا مبحث آخر.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28