] عبد الناصر … اكبر من ذكرى! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 25 تموز (يوليو) 2021

عبد الناصر … اكبر من ذكرى!

د.موفق محادين
الأحد 25 تموز (يوليو) 2021

كانت مصر والأمة كلها بانتظارك ، كما رائحة الارض والمطر بعد سبع عجاف
كنت واحدا من الناس
ولدت في بيت بسيط من بيوت البسطاء
درست في مدارسهم، ولعبت في حواريهم
في الاسكندرية ، وفي اسيوط ، وفي مدرسة النحاسين، وبيت العم خليل في القاهرة ، ذهبت الى الجيش ، كما يذهب ابناء الفلاحين، وقاتلت في فلسطين، واوقفت انهيار الجبهة في الفلوجة ، ما رأيته كان فظيعا وثقيلا على البلاد والعباد..
اهذا وطن.. هذه جيوش… هذه ام الدنيا … مصر الكرنك والاهرامات
وجدلِ اللاهوت، بين الرها والاسكندرية، والرهبان الهاربين، من بطش روما الى دير كاترين
اهذه مصرُ، طه حسين، واولُ المطابع في بولاق ..
اهذه مصر رمسيس الثاني، عين جالوت والظاهر بيبرس، مصرُ محمد علي الكبير ، يفتح الشام من جديد ويطارد الوهابيين حيث يطلع قرن الشيطان.
لم تحركك الضغائن والاحقاد واحلام البرجوازي الصغير ..
والاسئلة وحسب ، والقنديل، في ليالي الكلية الحربية .. وما تبقى لك من استراحة المحاربين في الخيمة العسكرية .
نقرأ وتقرأ حتى الصباح
شيء عن محمد علي والقوس المصري الشامي واحمد عرابي
وسعد زغلول، عن امة بين قرطبة واعالي الفرات والمنصورة
عن نابليون وبوليفار والأمم الكبيرة
عن بسمارك والاقليم القاعدة.
عن اتاتورك، بين سيفر ولوزان
عن فولتير والثورة الفرنسية
شيئا عن مصر والفتاة واحمد حسين
عن مصطفى النحاس والجامعة العربية
شيئا في الاستراتيجية وامن مصر القومي، الذي يبدأ من تركيا
شيئا من دفاتر الاشتراكية ، وستالين، الرجل الحديدي الذي دخل برلين وهزم النازيين وحرم الامبرياليين من اوروبا الشرقية
شيئا من المسرح والاداب والنثر الجميل : توفيق الحكيم واحمد امين، هوغو وديكنز وقصة مدينتين.
تضطرب الاسئلة في رأسك، وحولك اهواءٌ واهواء ، من الاحزاب والضباط الأحرار : وطنيون ، يساريون، اسلاميون ، وواهمون بأكاذيب الامريكي الصاعد بين الرأسماليين في الشمال..
وبين نعم ولا ، والف سؤال وسؤال، يأتيك طيف النفري في لحظة شك
وبلاء وجلاء صوفية وتتسع الرؤيا كلما ضاقت العبارة
هكذا، رحت تسأل، وتسأل ..
أي كتاب باسم الله ويقال ما يقال عن الدعم السخي لحزب المؤمنين من شركة القناة والمخابرات البريطانية.
وأي علاقةٍ بين وعدين للانجليز ايها الوفديون:
وعد بلفور لليهود، ووعد ايران بجامعةٍ صديقة خوفا من الشعوب
هكذا ، وبين الرمل والحصار والرصاص ، وبين قراءات منتصف الليل … بين فساد السلاح والهزيمة في فلسطين ، وبين فساد السرايا والحرس الحديدي في عابدين ..
كانت الاسئلة قاسية ، مريرة وحادة مثل سكين
ما هي الخطوة الاولى وما هو مضمون البيان الاول للضباط الاحرار:
اصلاح دستوري ، وتاج وباشوات من القرون الوسطى ، ويسار عند اليمين ، ويمين عند الخواجات
ام جمهورية وحسب ، وربما خيبة وخطأ صغير يقود الى حائط الاعدام
فأي قبطان كنت على هذا المركب المتلاطم بين الانواء..
وأي قائد كنت وانت تحيل الانقلاب الى ثورة بلا دماء للعمال والفلاحين والفقراء.
تسمع دبيب الارض ونبض المقهورين في كل مكان، فيرد الصدى في مسامعهم : آمين
ومن كل فج عميق يخرجون افواجا
يمضون على خطواتك ويرصدون الصفوف خلف محرابك ويمنحونك ما لم يمنح لزعيم ، قبلك وبعدك
قلبهم وسيفهم معا..قيسية الكوفة ويمانية الشام
ولا يقولون لك ما قاله اليهود لموسى :
إذهب انت وربك فقاتلا ، إنا ها هنا قاعدون…
كان في انقلابك ما يشبه وجدانك ، وكان العسكري ثاويا في خطابك ..
قلب دافيء وعقل بارد
لم تجزع لحظة واحدة، ولم تساوم
ولم تترك الامور خبط عشواء، هكذا وكيفما اتفق..
قرأت مرة وتركت ملاحظة بخط يدك (ان شجرة الحياة اغنى من كل النظريات) ، لكنما الايام لا تجري على هواها ، فللثورات قوانينها ومجراها ومرساها
هكذا ايها الرئيس ، وفي خطين متداخلين ، مصر والامة مضيت بالناس من النقاط الخمس الى فلسفة الثورة من المحيط الى الخليج ،
مصر كلوحة ارابيسك ، النقوش الفرعونية، المآذن والاجراس وباب زويلة وباب الحديد والغورية ، الازهر والاقباط والسيد البدوي وسيد مكاوي وسيدنا الحسين والليلة الكبيرة ، وبهية، الزمن راح وهي جاية..
– السد العالي في اسوان
– تأميم القناة ، شركة عربية مصرية
– الاصلاح الزراعي ، مجمعات الحديد والصلب في حلوان ، وكسر احتكار السلاح، وتحدي الامريكان
– الجامعات والمدارس، والصروح الثقافية للمسرح والسينما والموسيقى والفنون الشعبية
ارض لكل فلاح ، مقعد لكل طالب ، مطارق للعمال
وهكذا ايها الرئيس ، عبرت بالامة برزخ الذل والتبعية والهوان وهويات الخرائط الكيانية المريضة المرسومة بالالوان
فان تكون عربيا او لا تكون
فالامة ليست فكرة رومانسية في بطون الكتاب والاهواء السياسية ، بل واقعة وضرورة تاريخية ، بل اهم وقائع الازمنة الحديثة منذ هزيمة الاقطاع والملكية الحاكمية
وهم محض ، كل حديث عن الحرية دون التحرر القومي ، وكل حديث عن الحرية دون التحرر القومي ،وكل حديث عن المواطنة والثورة والحقوق والواجبات خارج الامة محض افتراء.
والاهم الاهم ايها الرئيس كرامة موفورة ، ورؤوس مرفوعة ، وقامات كما طولك الفارع
بنادق ومناشير للثوار في فلسطين،و ردفان والكونغو والجزائر
وكتفا الى كتف مع بلشفيك الاورال، مع سوكارنو وتيتو وتشوان لاي، من باندونغ الى غانا،الى بيتك البسيط العامر بالثوار من اربع جهات الارض : غيفارا، لومبما ، بن بلا ومكاريوس وعبد الكريم الخطابي
وعلى ايقاع خطاباتك وصوتك القومي الواثق الهادر كما (صوت العرب من القاهرة) كان الطوفان الشعبي العظيم يفيض على الشوارع و الساحات والعواصم عاصمة، عاصمة وتحطيم احلاف المستعمرين ، حلفا حلفا :
الاول: حلف المتآمرين من الشمال الى اسطنبول وبغداد ، نوري السعيد وعدنان مندريس ، الاسلامي الطالع من اصابع فوستر دالاس ، والاستاذ الاعظم لاردوغان والانبعاث العثماني من واشنطن واصابع بريجنسكي وبرنار لويس ..
والثاني ، حلف المتآمرين في سيفر بعد تاميم القناة في منشية الاسكندرية.
والثالث ، حلف الاحلاف الاسلاموي ، حلف النفط وسماسرة السلاح والشركات واليهود وقاطعي الرؤوس باسم الله ، معاذ الله، في شوارع جاكرتا، وبعدك في كل الشوارع.
سيدي الرئيس،
عندما ضاقت الدنيا على الشام في الخمسينات ورمى الترك ظلهم الكريه عليها ، وهددوا رئيسها الشجاع ، شكري القوتلي، ابن البرجوازية الشامية السنية الوطنية، واجتاحوا حدودها وشكلوا باسم الجيش الحر اول انشقاق للجيش في سرمدا ، تقاطر السوريون الى ارض الكنانة وبايعوك على الوحدة ، زرافات ووحدانا
قلت لهم: لنبدا باتحاد بين دولتين ، لكنهم ما وافوك من اجل اتحاد كهذا ، وهم كما تعرف ، وقلت عنهم : قلبا لعروبة النابض ومنارة الشرق على مر الايام والازمان.
هكذا، ولدت الجمهورية العربية المتحدة من اقليمين لا من دولتين ، وبنجمتين خضراوين كخضرة النيل والغوطتين
كانت وحدة بعمر الورود ، ولم تقطف هدية لعاشق او لتوضع في مزهرية أو لتنثر على قبر شهيد
كان الانفصال ولا يزال غيمة سوداء تمطر حقدا وكراهية وصراعات وحروبا من كل لون وفي كل الدروب الا درب الوحدة ودرب فلسطين ..
لم تقاتل ايها الرئيس دفاعا عن وردة الوحدة وخضرتها فالقتال كما الشوك يجرح الوردة والناس ،هكذا قتلت دامعا ، وما اغلى دمع الرجال
توارى العقل البارد الصارم فيك لصالح العاشق والقلب الدافيء ، ولم يكن ذلك حسنا يا سيدي
فالقلب الدافيء في لحظات الضعف لايدير التاريخ في المستنقعات وحيثما حل الغزاة والمستعمرون والرجعيون والاقليميون والنهابون والمتآمرون.
لا يروي عطش البستان والياسمين ولا يضيء الليل البهيم وسواء على الناس كما كحل البارود ..
وستمضي سنوات وسنوات وقلبك الدافيء يحجب بذلة الصانع وجروح الفلوجة فيك ، وتأخذك معركة البناء في بر مصر عن الاشتباك بالسلاح خارج الحدود ، لكنه منطق الاشياء والتاريخ ، يصوب المسارات ويضع الثورة على الطريق الصحيح .
هكذا، خبرت في الانفصال وارض القحطانيين وحزيران ، حلف النفط والمال والاعلام، حلف اليهود العرب واليهود اليهود، بل انهم حاولوا قتلك مرات ومرات ، وراح خوارج العصر وتلاميذ المودودي، يقسمون الناس على غير ما قسمت من طبقات.
فالناس عندهم ، كفار ومؤمنون ، على ايقاع اية السيف والفرقة الناجية وجهاد المخابرات البريطانية والامريكية ، حاولوا استعادة ما لايستعاد من خطاب بائد باسم الجاهلية الاولى ، وهم الاشد جهالة وفتنة وضلالا فكنت لهم بالمرصاد وكما ينبغي لزعيم تاريخي ان يكون : الحرب اولها الكلام
العين بالعين والسن بالسن والقصاص لاولي الالباب
وليتك بقيت على هذا العهد من عقلك البارد والصارم واخذت العدو بالضربة الاولى ، قبل ان يأخذوك على حين غرة وينالوا من طائراتك عند الفجر وينتظرون غروبك وغيابك وضم مصر الى جمهوريات الموز اللاتينية.
لم يكن اليهود وحدهم في الميدان ذلك الصباح الحزين
– شركات النفط الامريكية ردا على خطابك (نفط العرب للعرب)
– الرجعيون في كل مكان خوفا من بلاغاتك قبل صياح الديك
– دوائر دالاس واقلام الاستخبارات في المتروبولات الامبريالية وقد راحت اطيافك ، اطياف الحرية والوحدة وفك التبعية تحوم فوق القرى ومدن الصفيح بين المحيط والخليج
– الاقليميون وايتام نوري السعيد في كل ارجاء الهلال الخصيب
البرتقاليون والليبراليون والمتأسلمون واشباه المثقفين واليسار القطري ، وقد راحوا جميعا يتحدثون عن العدوان عليك ، كمحطة لطي كتابك ، كتاب التحرر القومي العربي التقدمي الاشتراكي.
كانوا في اعقاب حزيران كما الهوام في اعطان الابل فاغرقوا المحافل والمكتبات والندوات بقاموس بائس وضحل ، عن الشمولية والقومجية واللغة الخشبية والقاء يهود الكيبوتزات في البحر وقد انتهوا جميعا واحدا، واحدا ، لا يذكرهم احد، مؤلفة جيوبهم بين سفارات الاطلسي وعربات النفط والمكابيين.
لم تبك كابي عبد الله الصغير ملكا مضاعا وتسلم مفاتيح غرناطة لامراء قشتالة
لم تصالح ، كما لو كان دنقل في خافقيك
أدم الغريب ، كدم اخينا
أكل الرؤوس سواء لنبادل رأسا برأس ودما بدم
أشذاذ الافاق كالمحروسة ، سيدة الحضارات، ومن وادي الملوك الى النقاشين الكبار في الطين والفخار، حسن فتحي ومحمود مختار الى نقوش الكلمات والاوتار، سيد درويش وصلاح جاهين
والابنودي وسيد مكاوي (الارض بتتكلم عربي)
كنت ملء السمع والبصر
تخرج من رماد الايام السوداء كما الفينيق ، كما طائر الثأر في اول الركب : الا اسقوني … الا اسقوني حتى يشخب الدم بين الماء والماء (راجعين بقوة السلاح .. من بعد ليلة مظلمة )
تصحو وتنام مع الخبراء الروس على ضفة القناة وتحضر للعبور
عبور بارليف والعبور الى اشتراكية جديدة تربط بين برين ، بر الكنانة وبر الأمة الواحدة المجيدة، لكنه مكر التاريخ والمنون ، تبت يداه ومن يدري..يا ويلتاه..
هو قلبك الدافيء واختناق الوريد بالدخان الصاعد من ايلول في عمان
ام اغتيال خسيس في كأس ماء او قهوة الصباح
مكر التاريخ وهو يعيد نفسه مرتين : نابليون الاول الكبير كما انت، ونابليون الثالث ،الثعلب الصغير ، عبد العبيد، كافور الجديد ، ربيب العوامات ومخابرات الخديوي والنازيين والنفط والرأسماليين
خان الجميع وبدد كل شيء ، ملح الارض وخبز الناس
شهداء العبور ، ورفاق السلاح في الجولان
وانتهى مضرجا بدماه ، بما اقترفت يداه
ومن قبل ومن بعد سيدي الرئيس..
سلام عليك في مثواك حيا حاضرا وملهما ورمزا وعنوانا للأجيال جيلا فجيلا
سلام عليك
لاقربان نستعيد ذكراه بالذبائح والشموع والضارعات
ولا اطلال في برقة ثهمد ، تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
بل رسالة ومدرسة في المناقبية والايثار
في الارادة والشوكة والاقتدار
في الحرية والكرامة والاشتراكية
في اللاءات الثلاث
لاصلح، ولا اعتراف، ولا مفاوضات.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

43 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 43

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28