] ضرب عصفورين بحجر واحد - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 21 حزيران (يونيو) 2021

ضرب عصفورين بحجر واحد

الاثنين 21 حزيران (يونيو) 2021 par نادية عصام حرحش

حاولت ان اقلب الخبر الأخير في فضيحة الفساد التي كشفها أحد المنسقين الإسرائيليين على منصات التواصل الاجتماعي بشأن صفقة التطعيمات الخاصة بشركة فايزر. مختصر القصة ان إسرائيل من خلال منسقها أعلنت ان اتفاقية ما بين السلطة وبينها وشركة فايزر قد ابْرِمت مدوّنا: ” خلال الأسابيع الأخيرة عملنا جاهدين وبشكل مكثف من اجل التوصل لإبرام اتفاقية التطعيمات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والتي تحمل معها بشرى هامة للمساعي الرامية للقضاء على فيروس كورونا…. في إطار الاتفاق سيتم نقل مليون جرعة تطعيم الى وزارة الصحة الفلسطينية وقد تم اليوم فعلا نقل حوالي مائة ألف جرعة. خذوا التطعيم!”
قبل اعلان المنسق بعدة ساعات كانت وزارة الصحة قد ادلت ببيان جاء فيه: ” اتفاق فلسطيني مع فايزر بتسليم مليون لقاح من إسرائيل اعتبارا من اليوم. وكانت الحكومة اتفقت في وقت سابق مع فايزر على شراء ٤ ملايين جرعة، لكن الشركة الامريكية قالت انها لن تستطيع البدء بتسليم الطلبية قبل شهر تشرين الأول او الثاني من هذا العام. .. وتحت ضغط الحكومة الفلسطينية لتسليم اللقاحات في أسرع وقت حتى يتسنى لنا ترتيب عودة طبيعية للمدارس والجامعات، وإعادة فتح الاقتصاد، اقترحت فايزر تسليمنا مليون جرعة بشكل فوري فائضة لدى إسرائيل على ان يتم خصمها من الطلبية الفلسطينية. …”
وبلا طول سيرة… أكمل البيان ان التفاوض حصل على إذا ما كان يجب ان تدرج كلمة فلسطين او لا وعن حصة غزة وعن المفاوضات الحفيفة التي تكللت بالنهاية بإتمام الصفقة بإعلاء اسم فلسطين عاليا وضم غزة للتطعيم.
ليتبين للجميع بعد وقت قليل جدا من هذا الإنجاز العظيم ان التطعيمات كادت ان تنتهي صلاحيتها، وان إسرائيل ستأخذ لنفسها التطعيمات الجديدة مقابل هذه التي اقترب انتهاء صلاحيتها.
الحقيقة، كدت اخذ بعض الدفاع عن وزارة الصحة والسلطة لأفكر ربما ان اقتراب انتهاء المدة لا يعني بالضرورة فسادها الفوري. يعني بالمحصلة سيتم حقن الناس بغضون أيام وقبل انتهاء المدة. وربما هناك بعض المنطق، فإسرائيل طعمت شعبها والفائض لديها لا تحتاجه ولقد اقتربت مدة انتهاؤه. ولكن بما ان السلطة وفق تصريح رئيس وزرائها ووزيرة صحتها أعلنا فورا ان الصفقة الغيب بسبب فحصهم لبعض العينات التي تبينت ان اللقاحات غير صالحة.
يعني لم يكن هناك من داع لكي أفكر بالدفاع عن موقف السلطة.
فكرة ان شركة فايزر دائما تشترط بيعها ومن ثم تسليمها للقاحات بعد أشهر بدا كذلك كديباجة قديمة. اذكر نفس الحجة قبل أشهر! والمصيبة ان الشركة لا توفر التطعيمات مجانا، فهناك مبالغ بالملايين ثمن هذه اللقاحات.
ذكرني ما جرى اليوم كذلك، بحادث اليم ومفجع للشابة مرح العيساوي التي دفعت حياتها ثمنا لجرثومة اصابتها اثناء تبرعها بالدم قبل سنوات قليلة، وكان رد وزارة الصحة قريب من هذه الردود، التي تزيد من الطين بلة. يظن هؤلاء انهن يتقنون اختلاق الحجج لدرجة يصدقونها أنفسهم. ولا يستوعبون ان العالم ليست تلك المرايا التي يضعونها امامنا. لأننا عرفنا وتيقننا منذ زمن ان مراياهم مخدوشة مغشوشة لا تعكس الا أكاذيب وتفتقد دوما ابسط قواعد المنطق.
وليس بالغريب الكذب والافتراء والاستخفاف بالعقول، فلقد شاهدنا رئيس الوزراء وهو يتباهى بالمئة ألف تطعيم الذي أعلن عنه المنسق الإسرائيلي قبل وقت قليل من تباهيه وتشهيده لمسؤول وزارة الصحة زورا على ما شهد حقيقته كل العالم.
هؤلاء يعيشون في كذب هم اخترعوه ويصدقوه.
هل لنا ان نطالب مثلا بإقالة وزيرة الصحة؟
هل لنا ان نطالب بتحقيق؟
لا اعرف ايهما أسوأ في المطالبة به الإقالة ام فتح تحقيق؟ فكما الاقالات لا تحصل ابدا، الا عندما يقرر الرئيس امرا يخصه بشأن الشخص المنوي التخلص منه، كذلك التحقيقات تفتح الى الابد وتكون بالنسبة لهؤلاء كالمثل القائل:”قالوا للحرامي احلف قالهم اجا الفرج.”
من نحاسب ومن نطالب بالمحاسبة؟
ما هي التهمة؟ فساد اخر؟
يجب ان تمحى كلمة فساد من كل الملفات، فلقد أصبحت لغوا على لساننا وبديهية في الممارسات. وكأن الفساد حياة في قاموس المسؤولين هؤلاء. فنحن نشرشر بالفساد من كل صوب. ولسوء حظ هذه السلطة التي تريد إسرائيل ومن يهمه امر امنها من دول اجنبية وعربية التأكد من بقائها، ولكن تصر إسرائيل على التهديد دوما بكسر رقاب اوليائها، فتكتفي بخبطة تحنيهم مؤقتا، حتى ننشغل نحن الشعب بفضيحة فساد جديدة.
المشكلة الأكبر ليست بفسادهم. ولا بعظم الكوارث التي يلحقونها، ولكن بعدم مقدرتهم حتى على سوغ مخرج به بعض الذكاء او بالأحرى الاحترام لذكاء هذا الشعب. او ربما عليّ الا أكون مثل أصحاب السلطة وادفن رأسي كشعب بالرمل. هم لا يحترموننا أصلا. هم لا يروننا. نحن العبيد في نظرهم. ينظرون الينا من فوق عروشهم ويظنون انهم الاسياد وعلينا هز الرأس طاعة وطواعية.
وهنا، عندما فضحت فسادهم إسرائيل على يد منسقها، اضطروا ليتعاملوا مع الامر، فالفضيحة خرجت من إطار تشهيد موظف زورا على امر وتمريره كما يمرر كل شيء. فنحن نتذمر ونصيح ونطرق ولا حياة لمن تنادي. لا حياة الا للفساد والفاسدين في هذا الوطن المستباح.
ولكن كيف سيتعاملون مع هذه الفضيحة الجديدة؟ هل ستكون وزيرة الصحة هي كبش الفداء؟ لا يمكن ان يكون وزير الداخلية، بما ان الاتفاقية كانت اتفاقية رفيعة المستوى وشملت مفاوضات امنية صعبة، وسيراجع رئيس الوزراء من طرفه وزير الداخلية. سيقوم ربما بفتح تحقيق يترأسه هو ليحاسب من وقف وراء هذه الصفقة التي كان سيذهب ضحيتها مليون فلسطيني. نحن شعب الجبارين، وشعب الشهداء. ولكن رفقا بالجنة منا!
خسرت السلطة فرصة تقديم مليون شهيد امام العالم لتحمل إسرائيل قتلهم بتطعيمات انتهى اجلها!
يبقى سؤال مهم أخير… وليس من المهم معرفة اجابته، لان من بالخزان أصابه الصمم من تكرار الدق: كم تطعيم منتهي الصلاحية قد تم استخدامه من ال مائة ألف تطعيم التي تسلمته السلطة؟
ربما تعديل وزاري مشروط يلبي مطالب التغيير الذي وعد بها الرئيس للمجتمع الدولي بعيد تأجيل الانتخابات الى اجل غير مسمى يضعنا جميعا في حالة الهاء لبعض الوقت حتى موعد فضيحة مدوية جديدة…تمر كما يمر كل شيء ويبقى المسؤول ثابتا في مكانه.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

42 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28