] المقاومة تضرب في الضفة: «الذئاب المنفردة» تثير هلع إسرائيل - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 5 أيار (مايو) 2021

المقاومة تضرب في الضفة: «الذئاب المنفردة» تثير هلع إسرائيل

الأربعاء 5 أيار (مايو) 2021

يوماً بعد يوم، تتعاظم التحدّيات أمام العدو الإسرائيلي على الجبهة الفلسطينية؛ فمن الضفة الغربية حيث يخيّم شبح عودة «الذئاب المنفردة»، إلى القدس المحتلّة حيث يتزايد القلق من غضبة الفلسطينيين، إلى قطاع غزة حيث «همّ» الصواريخ لا ينتهي، تجد تل أبيب نفسها إزاء سيناريوات صعبة لا خيارات كثيرة بين يديها للتعامل معها. يوم أمس، جاءت عملية حاجز زعترة جنوب نابلس لتُمثّل ذروة جديدة في «جبل الجليد» الذي لا يبدو أنه بلغ ذروته إلى الآن. إذ بحسب التقديرات الإسرائيلية، ثمّة إشارات، في عملية الأحد التي أعادت التذكير بعملية الأسير عاصم البرغوثي، إلى تخطيط محكَم يستهدف إرعاب المستوطنين وحكومتهم، خصوصاً على أعتاب «يوم القدس الإسرائيلي» حيث يُتوقّع تجدّد الاستفزازات والاعتداءات على نحو أكبر وأوسع. وفيما ينصبّ جزء من التركيز الإسرائيلي، حالياً، على كيفية الحؤول دون أن تكرّ سبحة «الذئاب المنفردة» في الضفّة، يبدو الاهتمام الأكبر متمحوراً حول غزة، التي تُظهر فصائلها توثّباً للتدخّل في أيّ تصعيد. يحدث كلّ ذلك فيما يواصل أهالي حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلّة معركتهم من أجل البقاء في منازلهم، وسط مؤشّرات إيجابية ظهرت أخيراً لصالحهم

نابلس | على رغم تشديد العدو الإسرائيلي قيوده، وتعزيزه تحصيناته على المفترقات والحواجز الرئيسيّة في شمال الضفة الغربية المحتلّة، إلّا أن المقاومة نجحت في ضربه في مقتل عند حاجز زعترة جنوب نابلس. هناك، توقّفت مركبة فلسطينية كانت تَعبُر الطريق بشكل طبيعي، لأقلّ من نصف دقيقة، وأطلق أحد ركّابها بضع رصاصات من مسافة لا تزيد على أربعة أمتار؛ والنتيجة إصابة ثلاثة مستوطنين، اثنان منهم في حالة حرجة؛ أحدهما تلقّى الرصاص في رأسه، فيما انسحبت المركبة من المكان بسلام على رغم التحصينات الأمنية والعسكرية المعقّدة.

عصر الأحد، اعترف جيش العدو بإصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار عند حاجز زعترة، الذي يُعدّ حاجزاً حيوياً يفصل بين عدّة محافظات في الضفة الغربية. وتُبيّن مصادر، لـ“الأخبار”، أيضاً، أن الحاجز مزوّد ببرج مراقبة كبير، إضافة إلى عدّة أبراج مراقبة أصغر وعالية نسبياً، فضلاً عن انتشار مكثّف دائم لجيش العدو عنده، فيما إلى جانب الطريق محطّة حافلات إسرائيلية ينتظر فيها المستوطنون. محطّة حافلات الانتظار هذه، كانت هدف المقاوم الذي توجّه إلى عبور الحاجز كباقي المركبات الفلسطينية والإسرائيلية قادماً من جهة بعض قرى جنوبي شرقي نابلس ورام الله باتجاه مدينة نابلس، لكنه توقّف مقابل المحطّة، وصرخ “الله أكبر”، مُطلِقاً عشر رصاصات على المستوطنين، ثمّ أكمل طريقه، بحسب “القناة الـ 20” العبرية. ويُظهر فيديو مصوّر بثه إعلام العدو أن أحد الجنود فرّ هارباً مع مستوطنين لحظة تنفيذ العملية، فيما زعمت مصادر إسرائيلية أن جنود العدو ردّوا بإطلاق النار على المركبة وأصابوها، لكن السائق الفلسطيني أكمل طريقه.
وقد رأى مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن عملية زعترة، بجرأتها، تُذكّر بعملية الأسير عاصم البرغوثي، حيث جرى إطلاق النار في مفترقٍ مؤمّن جيّداً والانسحاب بسلام. وتبدي مصادر إسرائيلية متطابقة خشية من تنفيذ المقاوم عمليات أخرى قبل العثور عليه، أو اتجاه خلايا أخرى إلى تقليد عملية زعترة في الأيام المقبلة. ولا يقتصر الفشل الذي مُني به العدو على تعقيدات المكان الأمنية فحسب، بل يكشف التحقيق الرسمي الأولي قيام نائب قائد لواء “جولاني” شخصياً، بتدريب الجنود على الحاجز قبل ساعات من العملية، حول كيفية التعامل مع إطلاق نار مِن مركبة مسرِعة، ورغم ذلك لم يتمكّنوا من إصابة المقاوم أو إعاقته، وفق مراسل “القناة 13” العبرية.

عملية زعترة تُذكّر بعملية الأسير عاصم البرغوثي، حيث جرى إطلاق النار في مفترقٍ مؤمّن جيّداً والانسحاب بسلام

وبعد عملية حاجز زعترة بأقلّ من ثلاث ساعات، ذكر موقع “والا” العبري أن عبوة ناسفة انفجرت عند شارع استيطاني قرب بلدة المغير الى الشمال الشرقي من رام الله، من دون تفاصيل إضافية، لكن مصادر محلّية قالت لـ“الأخبار” إن انفجاراً ضخماً دوّى جهة الشارع، لتهرع قوة كبيرة من جيش العدو، ترافقها وحدة هندسة المتفجّرات، إلى المكان، وتبدأ بتمشيط المنطقة، توازياً مع إغلاق المدخل الشرقي لبلدة المغير. وعصر أمس، عثرت أجهزة أمن السلطة على المركبة التي نفّذت عملية حاجز زعترة داخل بلدة عقربا جنوبي شرقي نابلس. وفي التفاصيل، أفاد مصدر، “الأخبار”، بأن أشخاصاً أبلغوا مركز الشرطة الفلسطينية في البلدة عن وجود مركبة غريبة عن المكان مركونة بجوار طريق، لكن شبّاناً نجحوا في إحراق المركبة بهدف إخفاء أيّ دلائل محتملة قد تساعد في كشف المنفذ. وفي وقت لاحق، وصلت قوة كبيرة من جيش الاحتلال إلى بلدة عقربا، وفشلت في إخماد النيران المندلعة بالمركبة، بينما دارت مواجهات عنيفة مع الشبّان؛ تخلّلها إطلاق النار وقنابل الصوت والغاز.

ملاحقة ساخنة
منذ لحظة وقوع العملية عند حاجز زعترة، أغلق جيش العدو شمال الضفة كاملاً. كما أغلق كلّ مداخل مدينة نابلس وما حولها، وأقام عشرات الحواجز على مداخل القرى والمفترقات، وواصل الاستيلاء على تسجيلات كاميرات مراقبة من محالّ تجارية في عدد من المناطق. وصعّد المستوطنون، بدورهم، من اعتداءاتهم على عدّة قرى في جنوبيّ نابلس، لكن الفلسطينيين تصدّوا لهم بمواجهات خلّفت عدّة إصابات. وتركّزت أبرز نقاط المواجهة مع جيش العدو ومستوطنيه في كلّ من: بلدة بيتا جيث أصيب خمسة شبان برصاص العدو، وقريتَي قصرة وجالود حيث دارت مواجهات عقب هجوم مستوطنين على منازل في القريتَين. يُذكَر أن منطقة حاجز زعترة لم تشهد عملية إطلاق نار بهذه النوعية منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2005، فيما شهدت عمليات دهس ومحاولات طعن فدائية، الأمر الذي أجبر العدو على رفع تحصيناته واحتياطاته الأمنية من المكان، قبل أن يُشيّد نقاط كاميرات عالية الجودة خلال ما يعرَف بـ“هبّة القدس” في عام 2014، لكن كلّ هذه الاحتياطات لم تَحُل دون تنفيذ عملية حاجز زعترة الأخيرة.

التكافل والحاضنة الشعبية
فور إغلاق جيش العدو الحواجز، عَلِق مئات الفلسطينيين بين محافظات الضفة الغربية، وخصوصاً في منطقة زعترة وجنوب نابلس، حيث تداعى الفلسطينيون وقت الإفطار إلى إسناد بعضهم البعض. وأَفرغ تاجر متجوّل بالجملة حمولة مركبته للصائمين، فيما قدّم شبان من بلدة بيتا وجبات إفطار للعالقين، ووزّع آخرون التمر والماء في غرب نابلس. أيضاً، انطلقت دعوات شبابية عبر مواقع التواصل إلى ضرورة إتلاف تسجيلات كاميرات المراقبة في القرى القريبة من مكان العملية، لمنع العدو من الوصول إلى المقاوم.

- على أعتاب «يوم القدس» العبري: وحدة الساحات لا تزال همّاً
يَظهر واضحاً، بالنسبة إلى إسرائيل، أن التصعيد المتنقّل في القدس والضفة الغربية المحتلّتَين، وكذلك المواجهة المحدودة مع قطاع غزة، ينذران بالأسوأ. الأيام العشرة المقبلة تبدو مليئة بعوامل التفجير، التي إن لم تُحسن تل أبيب مواجهتها والحدّ من تأثيرها، فلا يبعد أن تتسبّب بمواجهة شاملة لا تقتصر على القدس فقط، أو على عمليات محدودة في الضفة، بل قد تشمل أيضاً تصعيداً عسكرياً مع القطاع، في فترة تتوثّب فيها الفصائل لمؤازرة بقية الساحات، وإن مع المخاطرة بانفلاش التصعيد. هكذا، تواجه أجهزة إسرائيل العسكرية والأمنية، في القدس والضفة وغزة، تحدّيات متشعّبة، وإن كانت أسبابها متّصلة ويغذّي بعضها بعضاً. فـ«النجاح» الإسرائيلي، كما قيل، في تقسيم الشعب الفلسطيني وتشتيت وحدته ومنْع تآزره، سقط أمام اختبار الواقع، ما أضفى مزيداً من المنعة على التموضع الدفاعي الفلسطيني في وجه إسرائيل، وعقّد على الأخيرة قدرة قمعه، وهو ما تخشى تل أبيب تداعياته.

ويمثّل إطلاق النار على ثلاثة مستوطنين بالقرب من مدينة نابلس، رأس جبل الجليد وفقاً للتقديرات الإسرائيلية المسرَّبة للإعلام العبري، وهو مرشّح للمزيد من التصاعد. إذ يصادف يوم الاثنين المقبل «يوم القدس» (الإسرائيلي)، الذي يُتوقّع أن يشهد «حجّاً» للمستوطنين إلى المدينة بأعداد كبيرة جداً لتأكيد ادّعاء «السيادة» الإسرائيلية فيها، الأمر الذي سيستجلب في المقابل تحرُّكاً مقدسياً واسع النطاق، يُنذر بمواجهات بين الجانبين، من شأنها فتح الباب على تصعيد كبير يتجاوز القدس إلى الضفة، ويؤدّي إلى تحريك صواريخ غزة. كذلك، تترقّب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بقلق، الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وأيضاً ليلة القدر في السابع والعشرين منه، وهما مناسبتان يحتشد فيهما الفلسطينيون بأعداد كبيرة، قابلة لإحداث احتكاك مع المستوطنين، بما يمكن أن يؤدّي إلى مواجهات تجرّ في أعقابها تصعيداً في أكثر من اتجاه.
ما يضغط أكثر على إسرائيل، أن في عملية إطلاق النار على المستوطنين دلالات على أنها عملية مخطّط لها جيداً. وهي تحمل، وفقاً للتقدير الاستخباري لدى الجيش الإسرائيلي، «إشارات تحذير» من حركة «حماس»، مُوجّهة تحديداً إلى «يوم القدس» الإسرائيلي، من استهداف تجمّعات المستوطنين، إن تمادوا، كما هو متوقّع، في استفزازاتهم في حينه، وخصوصاً اقتحام الحرم القدسي بأعداد كبيرة جداً. والواضح، من التسريب الإسرائيلي، أن ثمّة محاولة لقلب التموضعات، وتحويل المعتدي إلى «ضحية»، علماً أن المقدسيين في «يوم القدس» الإسرائيلي، سيكونون في موقع ردّ الفعل لا الفعل الابتدائي. واللافت في هذه «السردية» استحضار حركة «حماس»، وردّ أيّ مواجهة مقدسية للاستفزازات، إليها هي تحديداً.

تُقدّر استخبارات تل أبيب أن ثمّة توثّباً لدى الفصائل للتدخّل في أعقاب أيّ تصعيد في القدس والضفة

تثير هذه المقاربة، ومعها حقيقة استقدام الجيش الإسرائيلي مزيداً من الوحدات إلى مناطق مرشّحة لأن تشهد مواجهات، أسئلة حول نيّات العدو، وما إن كان فعلاً يريد نزع فتيل التفجير عبر تقليص «فعاليات» هذا اليوم أو منعها كلّياً. وأضحى قرار تل أبيب، هنا، موضع تجاذب بين اتجاهين يصعب التوفيق بينهما: التماشي مع المستوطنين في تأكيد ادّعاء «السيادة» الإسرائيلية على القدس والحرم القدسي، عبر تمكينهم من ذلك في «يوم القدس» الذي يراد له أن يكون يوم «إعلان السيادة»، مقابل خشية من ردّ فعل الجانب الفلسطيني، مع ما لدى الأخير من دوافع لردّة فعل عنيفة، علماً أن إسرائيل تدرك أن تراجعها في اليوم المذكور أمام المقدسيين سيكون سلاحاً يُعتمد لديهم لمنع أنشطة وفعاليات بل وتنفيذ قرارات ترتبط بـ«السيادة» الإسرائيلية على القدس، ومسار تهويد المدينة. الواضح، إلى الآن، أن إسرائيل معنيّة بأن تتماشى مع المستوطنين، وإن اتّجهت إلى فعل ما أمكن للتقليل من استفزازاتهم، في مقابل التشديد على منع الفلسطينيين من تظهير أيّ ردّ فعل عملي ضدّ المستوطنين. وتُعدّ واحداً من الأساليب المعتادة في أوضاع وتقديرات كتلك، هي سياسة العصا والجزرة، التي أمّنت لتل أبيب في الماضي نتائج مقبولة مع الجانب الفلسطيني. لكن هل تنجح إسرائيل، حالياً، في التوفيق بين المطلبين؟ لا يقين في النتيجة.
في الموازاة، تضغط عملية إطلاق النار بالقرب من نابلس، على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية؛ إذ من دون تحديد هوية مطلقي النار، ومن ثمّ أَسرهم أو قتلهم، مجازفة وتهديد كبيران لأمن الإسرائيليين، سيتسبّبان في تسريع ذهاب الفلسطينيين إلى محاكاة العملية، بما سيَصعب احتواؤه لاحقاً. مع ذلك، العين الإسرائيلية شاخصة أكثر إلى قطاع غزة. حيث تُقدّر استخبارات تل أبيب أن ثمّة توثّباً لدى الفصائل للتدخّل في أعقاب أيّ تصعيد في القدس والضفة، بمستوى عالٍ جدّاً، وهو ما شأنه تعزيز مكانة الفصائل في الأراضي المحتلة على حساب السلطة التي منعت عن الأولى الفوز في الانتخابات الملغاة، بقرار من رئيسها محمود عباس، وإن تذرّع الأخير بإسرائيل ومنعها العملية الانتخابية في القدس.

- أهالي «الشيخ جرّاح» صامدون: ورقة رابحة بمواجهة إسرائيل
غزة | مرّة أخرى، أثّر الضغط الشعبي على السلطات الأردنية، ليدفعها إلى التصديق على عقود تُثبت حقوق الفلسطينيين في حيّ الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، بعد فقدان تلك العقود من الأرشيف الأردني لسنوات طويلة. ويأتي ذلك في وقت أمهلت فيه محكمة الاحتلال العليا أربع عائلات فلسطينية حتى نهاية الأسبوع، للتوصّل إلى اتفاق مع المستوطنين، على أساس بقاء الفلسطينيين في منازلهم مقابل دفع بدل إيجار لليهود. وتقضي “التسوية” المقترَحة من قِبَل المحكمة بإيجاد آلية لدفع بدل إيجار للمستوطنين بأثر رجعي، ومواصلة دفع الإيجار إلى أن يتوفّى ربّ المنزل الفلسطيني، بحيث لا ينتقل الإيجار المحميّ إلى أولاده. وأعلنت العائلات الفلسطينية رفضها القاطع لهذه “التسوية”، لمطابقتها مطالب الشركة الاستيطانية، ولكونها تُعدّ اعترافاً بملكية المستوطنين للأراضي، فيما اقترحت العائلات أن تودَع مبالغ بدل الإيجار في صندوق خاص تابع للمحكمة، إلى أن يبتّ قرار مُلكية الأرض.

ويوماً بعد يوم، تتزايد الاتهامات للحكومة الأردنية بالتواطؤ لتهجير العائلات المقدسية، بعد تسليمها أوراقاً منقوصة تثبت عدم ملكية شركات استيطانية للأراضي المقام عليها حيّ الشيخ جراح، على الرغم من إعلان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأسبوع الماضي، تسليم السلطة الفلسطينية جميع الأوراق الثبوتية واستمرار البحث عن باقي الأوراق. وبحسب مصادر فلسطينية تحدّثت إلى “الأخبار”، فإن شخصيات أردنية وفلسطينية مقرّبة من السلطة متهمة بالتلاعب في قضية أهالي “الشيخ جراح”، واخفاء جزء من الأوراق التي تثبت ملكية العائلات المقدسية للأراضي المقامة عليها منازلها، مؤكدة أن ما يجري اليوم هو جزء من تبعات عمليات تسريب الأراضي والعقارات في المدينة المقدسة، وهو أمر استمرّ منذ عقود وبانت نتائجه بعد تأكّد المستوطنين من اختفاء جزء من الأوراق الثبوتية من الأرشيف الأردني.
وفي ظلّ استمرار الاحتلال في خطواته ضدّ العائلات المقدسية، وتقليص الوقت المتاح لديها، ناشد أهالي الحيّ، الحكومة الأردنية و“وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (الأونروا)، الضغط على السلطات الإسرائيلية لمنع إخلائهم من المنازل التي أسكنتهم فيها السلطات الأردنية في خمسينيات القرن الماضي بعد تهجيرهم في عام النكبة، وكان ذلك وفق اتفاق تنازَلت بموجبه العائلات الفلسطينية عن مستحقات اللاجئين ومخصّصاتهم، مقابل تسجيل الأراضي باسمها من قِبَل السلطات الأردنية. وبفعل اشتداد الضغط الفلسطيني وتصاعُد الاتهامات ضدّ الأردن خلال الأسبوع الماضي، صدّقت الحكومة الأردنية، أخيراً، على 14 اتفاقية سابقة موقّعة بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية وأهالي حيّ الشيخ جراح في عام 1956، كانت قد اختفت من الأرشيف الأردني، إلا أن العائلات الفلسطينية زوّدت السلطات الأردنية بالنسخ الأصلية منها، لتقوم الأخيرة بتسليمها مصادَقاً عليها إلى وزارة الخارجية الفلسطينية والأهالي ومحاميهم. كما سلّمت خارجية الأردن شهادة تبيّن أن وزارة الإنشاء والتعمير كانت قد عقدت اتفاقية مع “الأونروا” لإنشاء 28 وحدة سكنية في حيّ الشيخ جراح، وكذلك اتفاقيات فردية مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحيّ، تعهّدت بموجبها بأن يتمّ تفويض وتسجيل ملكية الوحدات السكنية بأسمائهم، لكن نتيجة “حرب عام 1967، فإن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تتمّ”، وفقاً للتصريح.

يوماً بعد يوم، تتزايد الاتهامات للحكومة الأردنية بالتواطؤ لتهجير العائلات المقدسية

ميدانياً، يشهد حيّ الشيخ جراح مواجهات يومية بين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال، التي تسعى بشكل حثيث إلى قمع أيّ تظاهرات أو وقفات تضامنية من سكّان الحيّ المقدسي. ولذا، تتواصل حملات الاعتقال ضدّ الشبّان الفلسطينيين من أهالي الحيّ والآخرين المتضامنين معهم. إزاء ذلك، حذّرت الفصائل الفلسطينية دولة الاحتلال من مواصلة سياساتها ضدّ المقدسيين، وخاصة في “الشيخ جراح”، فيما دعت حركة “حماس” مكوّنات الشعب الفلسطيني وفصائله إلى تبنّي استراتيجية عمل مقاوم، لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في الحيّ، وتعزيز صمود سكّانه، واصفة ما يجري هناك بـ“السلوك العدواني والعنصري الخطير”.
وتخشى عشرات العائلات الفلسطينية في “الشيخ جراح” من طرد وشيك من منازلها التي تعيش فيها منذ عام 1956 لمصلحة مستوطنين، فيما تقول مؤسّسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية إن قرارات الإخلاء تأتي ضمن مخطّط لتهويد مدينة القدس، بالإضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها.
وقدّمت، أمس، مؤسّسات أهلية تُمثّل سكّان الحيّ التماساً إلى محكمة الاحتلال العليا، مطالبة إياها بتجميد عملية تسجيل قسيمة أرض يدّعي يهود ملكيتهم لها غرب الحيّ، مؤكدة أن الإجراءات المتخذة تحرم الفلسطينيين حقوقهم في العقارات، من دون إعلام القاطنين فيها حتى. ولفتت إلى أنه يتمّ الترويج للإجراءات ضدّ سكّان “الشيخ جراح” على أساس قرار من حكومة الاحتلال يحمل عنوان تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق تنمية في القدس الشرقية، لكنه في الحقيقة يكشف النيّات الحقيقية في نقل ملكية الأرض من أيدي الفلسطينيين إلى مستوطنين، وخاصة في ظلّ عدم نشر إجراءات التسوية للأراضي للعامة، إلى جانب التسجيل السريع والمفرط لعملية التسوية مقارنة بما حدث في باقي القسائم، بشكل يثير الشبهات حول النية في سلب الأرض بصورة سريعة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع قضايا ومحاور   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28