] ثورة يناير الموءودة وماذا عن «حركة تمرد»؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 30 كانون الثاني (يناير) 2021

ثورة يناير الموءودة وماذا عن «حركة تمرد»؟

محمد عبد الحكم دياب
السبت 30 كانون الثاني (يناير) 2021

مرت الذكرى العاشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 يوم الاثنين الماضي، وكالعادة تم التعامل معها كما اعتادت قوى الثورة المضادة واعتمادها على قاعدة «الشيطنة» بعد أمسكت بمفاتيح الحكم والاقتصاد والأمن، ويعمل لحسابها رديف ضخم من البلطجة؛ أغلبها منظم وبعضها عشوائي، ورعاتها موزعون بين وزارة الداخلية وأباطرة المال والأعمال، وكبار موظفي الدولة؛ بما لهم من تأثير فاق الحد، وكلها عناصر وقوى تضرب عرض الحائط بالقوانين والدساتير والضوابط الأخلاقية والإنسانية، وكل جهدها مكرس لتلبية أوامر من له الكلمة ومالك القرار، وذلك معقود لـ«المشير» السيسي، الذي تمكن من وأد الثورة العظيمة، التي لولاها ما وصل إلى ما هو فيه، وانتهاءً بقراره الأوحد؛ المتحكم في تحديد مستقبل البلاد ومصائر المواطنين!!
ونؤكد هنا إن قيمة ثورة يناير 2011 التاريخية والسياسية والإنسانية، مستمدة من كونها الحدث الأكبر الذي شهدته مصر، وهز أركان «القارة العربية» وكان محط أنظار العالم مع بداية العقد الثاني من الألفية الميلادية الثالثة، ومع ذلك أجهضت أحلام الثوار وتراجعت تطلعات الشباب، وتحولت الأحلام لكوابيس؛ صارت مصدرا للإرتباك والاضطراب. وتوزعت مصائر الثوار، ومن لف لفُّهم بين ملاحق أو محبوس أو منفي، ومنهم من استسهل طريق الإلتحاق بركب الثورة المضادة؛ سعيا للنفوذ السياسي والمالي والاجتماعي، وزايد على من سبقه، ورفع راياتها، وهتف بشعاراتها، وأشهر أسلحته في وجوه الثوار وشيطن ثورتهم الكبرى، وتمادى في نعتها بالمؤامرة، وهم في الحقيقة المتآمرون، ويكفيهم عار «موقعة الجمل»؛ مذبحة الثوار والمعتصمين بميدان التحرير، وشاركت فيها فئات وجماعات عديدة؛ من أعلى السلم الاجتماعي والطبقي إلى حضيض السفالة والإجرام وقطع الطرق!!
والمؤامرة لمن يجهل هي مكيدة وعمل «عُصْبَوي»؛ اعتاده أفراد وعناصر خارجة على القانون، وامتهنت الجرائم السياسية المنظمة، التي لا تختلف كثيرا عن العصابات الفاشية والعنصرية والطائفية والانعزالية، وخروج ملايين، وآلاف مؤلفة من المواطنين؛ في وضح النهار، وعلى رؤوس الأشهاد، وذلك الخروج استمد قيمته وتأثيره من ذاته، ومن قدرته على الإمساك بزمام المبادرة والحركة، وما لذلك من أهمية وتأثير في كسر الجمود الذي خيم على البلاد لأربعة عقود، والملايين عندما تكون بحجم شعب فلن تتآمر على نفسها ولن تفرط بسهولة فيما انتزعت من مكاسب.
والمتآمرون معروفون، وهم من فلول الحكم الذي أسقطت الثورة رأسه ورمزه، وأُعيد إنتاج ذلك الحكم دون الرأس والرمز، بجهود وإمكانيات أباطرة المال والأعمال والبلطجة وملوك الطوائف وشيوخ المذاهب ورموز الانعزال؛ هم من تآمروا على ثورة كانت الأنبل في تاريخ العرب المعاصر، وعاش معها الإنسان المصري حلمه المشروع الذي تطلع إليه؛ عزيزا، كريما في بلده وخارجه، وما زالت تمده بالطاقة والعزم والإرادة والصبر وتحمل المكاره ونبذ حماقات وأنانيات المعادين للثورة؛ الذين لا يلتزمون بدستور ولا بقانون أو قيم وأعراف.

إن قيمة ثورة يناير 2011 التاريخية والسياسية والإنسانية، مستمدة من كونها الحدث الأكبر الذي شهدته مصر، وهز أركان «القارة العربية»

وفي مثل هذه الذكرى نشير إلى ما يمكن استخلاصه من خبرة ودروس مستفادة؛ ارتبطت بإحجام جماعة الإخوان المسلمين عن الاشتراك في الثورة من البداية، واشتركت بعد النجاح المرحلي، وخروج الملايين إلى الشوارع بشكل سلمي ومنظم، وكانت الجماعة قد حذرت في 19 يناير 2011، قبيل الثورة بستة أيام من المشاركة، وحمَّلت من يشارك نتائج ما يقوم به(!!) وكنت شاهدا على دعوة اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر مصر الأول» مايو 2011 لـ«الجماعة» بالمشاركة والحضور، فأحجمت، وبدا ما تَصَوَّرَتْه تعبيرا عن قوة هو العكس وتعبير عن ارتباك وضعف، وما توهمته بإنها الكيان الأكثر تنظيما وقدرة، وبدلا من اتخاذ ذلك حافزا وسببا للتواضع، وجدناها تأخذ بما أسمته نظرية «أستاذية العالم» إن كانت تلك نظرية أو معتقدا فهي لا تساوى شيئا، وتحمل شبهة تزكية النفس!!. واكتفت بعلاقتها مع «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» وتخلت عن الثورة ولم تكن في حاجة لقواها، وأحدث ذلك شرخا عميقا يصعب إلتئامه في المدى المنظور، وأثر ذلك سلبا على علاقة «الإسلام السياسي» بتيار الثورة المتدفق والمتجدد.
وكانت تلك فترة غليان خرجت منها دعوة الانتخابات الرئاسية المبكرة، وكانت في الأصل اقتراحا من أكاديمي وطني ومعروف هو د. يحيى القزاز،؛ من مؤسسي «حركة 9 مارس» لاستقلال الجامعات، ومن قادة الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» وعضو في الأمانة العامة لـ«المجلس الوطني» المصري، وأول راعٍ لحركة «تمرد» التي خرجت من شباب حركة «كفاية» وأمام تحفظ «كفاية» على فكرة «تمرد» ساندها القزاز في البداية؛ دعا مؤسسيها لزيارة «المجلس الوطني» وحضر ثلاثة يمثلونهم في معية د. القزاز، هم: حسن شاهين، ومحمد السويسي، ومحمود بدر، وقدمهم للتعارف وطلب مني (كاتب هذه السطور) الكلام، فرحبت بهم باسم «المجلس» مؤكدا على وقوفنا معهم بلا شروط،، ونحن بحكم السن من جيل أكبر، قد لا تكون حركتنا متكافئة مع ما فيهم من حيوية وعنفوان، ولن نتوانى عن تقديم كل ما هو متاح من إمكانيات و«المجلس» يضعها تحت تصرفكم، وأقدم الشكر للدكتور القزاز الذي أتاح الفرصة لهذا اللقاء المثمر، واتفقنا على عقد لقاءً آخر بالنادي النهري للمهندسين بشارع البحر الأعظم بالجيزة؛ حضره د. ممدوح حمزة الشخصية العامة المعروفة، وصاحب فكرة «مؤتمر مصر الأول».
بدأت موازين الشارع تختل بتأثير العلاقة الإخوان بالمجلس العسكري الأول؛ برئاسة المشير طنطاوي، بسبب ما اكتنفها من عنف ودم وصدام في ميدان التحرير؛ ومحيطه؛ الممتد من ميدان عبد المنعم رياض، وشارع محمد محمود، والمتحف المصري، والمتحف العلمي، وشارع قصر العيني، ومجلسي الشعب والشورى، بالإضافة إلى ما كان يحدث في المدن الأخرى البعيدة عن القاهرة؛ في الدلتا والصعيد وشرق وغرب النيل.
وهذه فرصة للإشارة إلى ما تردد عن حركة «تمرد» واعتبارها صناعة «مخابراتية» عسكرية، وكنت من شهود العيان الذين رأوا إن الأمر ليس على ذلك النحو، فحسب مشاهداتي ومتابعتي لعدد من شباب «تمرد» لم يكن الأمر كذلك عند النشأة، وقد يكون هناك من استقطب لهذه الجهة أو تلك. وما أعرفه هو تبني «تمرد» لاقتراح د. يحيى القزاز بالانتخابات الرئاسية المبكرة، وما أخذ به «المجلس الوطني» المصري، وتناولته في صحيفة «القدس العربي» اللندنية، لكن «الجماعة» استخفت بكل ذلك، ولم تتصور إمكانية حدوثه، وانتهى الأمر بخلافات بين أعضاء حركة «تمرد» وتفرقت بهم السبل ووصل إثنين منهم لمجلس النواب.
وفي عالم اللامعقول، وكوميديا السياسة السوداء، فإن منصب وكيل مجلس النواب الجديد، جاء مكافأة متأخرة على دوره في «موقعة الجمل» وهو معروف بأهم عناصر الثورة المضادة وممول رئيسي لأنشطتها ومشروعاتها، ويستمد قوته من قربه الشديد من «المشير» السيسي، الذي يعول على أمثاله في مشروعاته «القومية» التى تنخفض بمستوى المعيشة وتزيد من معدلات الفقر!!.
ويخرج علينا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخرا بتصريحات عن تراجع معدل الفقر في مصر «لأول مرة منذ 20 سنة»(!!)، حسب قوله؛ ليصل إلى 29.7٪ عام 2019/2020 مقابل 32.5٪ عام 2017/2018؛ تصريحات تناقضت مع بيان «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» الحكومي في يوليو 2019 عن ارتفاع معدلات الفقر في البلاد لتصل إلى 32.5 في المئة من عدد السكان، وقد يكون تصريح مدبولي على غرار بيان «صندوق النقد الدولى» لإغراق مصر في مزيد من الديون بتأثير تصريحات وردية، تضمنها «تقرير آفاق اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، والإشادة بإجراءات «برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري» الذي ينفذ منذ 2016 موضحاً «أنه لولا الإصلاحات الأخيرة التي خفضت الدين بشكل كبير قبل أزمة جائحة كورونا، لكان الاقتصاد المصري وقت دخول الأزمة في وضع يعرضه لمزيد من المخاطر»(!!)..


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 36

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28