] فلسطينيو الداخل “يُطبِّعون” مع إسرائيل! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 16 كانون الثاني (يناير) 2021

فلسطينيو الداخل “يُطبِّعون” مع إسرائيل!

زهير اندراوس
السبت 16 كانون الثاني (يناير) 2021

سجّلوا أمامكم: بنيامين نتنياهو سيفوز في الانتخابات العامّة الإسرائيليّة التي ستجري في شهر آذار (مارس) القريب. الرجل يحكُم دولة الاحتلال دون توقّفٍ منذ عقد ونيّف من الزمن. الهجوم عليه من قبل الإعلام العبريّ يزيده قوّةً، وللتدليل على ذلك، تكفي الإشارة إلى أنّ جميع استطلاعات الرأي العام تؤكّد أنّ الفوز سيكون حليفه، وسيحصل حزب (ليكود) الذي يقوده على ربع المقاعد في الكنيست، أيْ 30 مقعدًا، في حين سيحصل حزب (أمل جديد)، وهو يمينيّ ومتطرّف على 16 مقعدًا، علمًا أنّ قائد الحزب الجديد هو الوزير السابِق والمُنشّق عن (ليكود)، غدعون ساعر.
والحديث هنا ليس عن استطلاعات رأي من قبل حملة نتنياهو الانتخابيّة، بل من قبل الإعلام الذي يُهاجِمه، حيثُ تشير النتائج إلى أنّه الشخص الذي يحظى بأكبر تأييد لمواصلة منصبه في رئاسة الحكومة، بفارقٍ كبيرٍ من منافسيه، إذا جاز التعبير، ذلك أنّ نتنياهو يتبوّأ المرتبة الأولى، في حين أنّ الثاني في القائمة يبعد عنه على الأقّل بنسبة 30 بالمائة.
ويجِب التوضيح بشكلٍ لا لبس فيه أنّ ما يُسّمى بالـ”يسار الصهيونيّ” قد انتهى، ربّما إلى غير رجعة، فها هو حزب (العمل) الذي أقام إسرائيل يندثِر، حيثُ يؤكّد الخبراء والاستطلاعات أنّ هذا الحزب لن يعبر نسبة الحسم في الانتخابات القادِمة، أيْ أنّه ستختفي عن الخارِطة السياسيّة، في حين أنّ حزب (ميريتس)، المحسوب على ما يُطلَق عليه اليسار الصهيونيّ، سيحصل على خمسة مقاعد فقط في الانتخابات القريبة، علمًا أنّ يُحاوِل الحصول على أصواتٍ من فلسطينيي الداخِل.
نسوق هذه التوقعات على خلفية التراجع في قوّة القائمة العربيّة المُشتركة، الممثلة اليوم في الكنيست بـ15 مقعدًا، بحيثُ تُشكِّل القوّة الثالثة في البرلمان الإسرائيليّ. التراجع في قوّة (المُشتركة) يعود فيما يعود إلى الخلافات الداخليّة بين مرّكباتها، بالإضافة إلى ضجر فلسطينيي الداخل من أداء القائمة في الكنيست، واهتمام النوّاب الفلسطينيين وفق هذا النهج الخطير بقضايا الوطن العربيّ والمسألة الفلسطينيّة، على حساب الاهتمام بالمشاكل الحياتيّة اليوميّة لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطينيّ، الذين يعيشون تحت كنف “ديمقراطيّة الدولة اليهوديّة”، ويمثّل هذا التوجّه الخطير بالسؤال الشائِع: “شو عملمولنا”، أيْ نوّاب (المُشتركة)!
عُلاوةً على ذلك، لا نكشِف سرًا إذا جزمنا بأنّ مشكلة فلسطينيي الداخل في الانتخابات تحوّلت إلى معضلةٍ بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ: فالأحزاب الصهيونيّة على مختلف مشاربها تقوم بغزو المجمعات الفلسطينيّة في أراضي الـ48 وتنثر الوعود وتحصل على التأييد، وهذا ليس جديدًا، ولكنّ الجديد أنّ داعمي الأحزاب الصهيونيّة تناسوا قانون القوميّة العنصريّ وباتوا يُركّزون على “مقاومة” (!) القائمة المشتركة، وكأنّ أعضاء البرلمان من هذه القائمة هم الذين يتحكّمون في التشريع والتنفيذ.
الاختراق الإسرائيليّ لفلسطينيي الداخل، لا يختلِف البتّة عن اختراق دولة الاحتلال للوطن العربيّ عن طريق التطبيع مع عددٍ من دول الخليج العربيّ والمغرب والسودان والحبل على الجرّار، إضافةً إلى العلاقات الوثيقة بين الاحتلال وبين السلطة الفلسطينيّة، ودُرّة تاجِه التنسيق الأمنيّ بين الضحيّة والجلّاد، لذا فإنّ التوجّه التطبيعيّ لـ”عرب الأحزاب الصهيونيّة”، لا يختلِف كثيرًا عن توجّه الزعماء العرب الـ”مُعتدلين”.
ومن هنا يُطرَح السؤال: هل “غزوة” نتنياهو الأخيرة للمُجمعّات العربيّة في الداخل الفلسطينيّ نابِعة من إيمانه بأنّ تطبيع فلسطينيي الداخل مع “دولتهم” إسرائيل، يمُرّ عبر قطار التطبيع مع الدول الخليجيّة والعربيّة والسلطة الفلسطينيّة، باعتبارهم جزءًا لا يتجزّأ من الوطن العربيّ؟!.
الأمور لا تُبشِّر بالخير، ويجب قول الحقيقة دون رتوشٍ وبعيدًا عن العنتريّات: فلسطينيو الداخل يعبرون مرحلةً حساسّةً، نابِعة فيما هي نابِعة من شعور البعض الكثير منهم أنّ السلطة الفلسطينيّة تركتهم كالأيتام على موائد اللئام، إذْ أنّه على سبيل الذكر لا الحصر، منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 لم تتمكّن السلطة من إطلاق سراح أيّ أسيرٍ سياسيّ من “سُكّان إسرائيل” (!)، بعد خضوعها للموقف الإسرائيليّ.
ولكي لا ندخل في متاهاتٍ وتفاصيل أكثر نُوضِح أنّ يوم الأربعاء، الـ13 من يناير 2021 سيدخل التاريخ كوصمة عارٍ لفلسطينيي الداخِل: المُحرِّض رقم واحد والعنصريّ مع علامة الجودة والامتياز، بنيامين نتنياهو “احتّل” الناصرة، أكبر مدينة عربيّة في مناطق الـ48، عدد رجال الشرطة الذين نفّذوا الاعتداء ضدّ المُتظاهرين فاق عدد المُتظاهرين، والرسالة واضِحة: إسرائيل دولة بوليس للعرب، والفلسطينيين في إسرائيل عوضًا عن التجمّع بالآلاف والتظاهر ضدّ العنصريّ نتنياهو فضّلوا البقاء في بيوتهم، والأخطر من ذلك أنّ رئيس بليدة الناصرة، السيّد علي سلّام، أعلن أمام الكاميرات أنّه يؤيّد التصويت لنتنياهو في الانتخابات القادِمة، مع الإشارة إلى أنّه، أيْ سلّام، حصل في الانتخابات المحليّة في العام 2018 على حوالي 70 بالمائة من أصوات الناخبين في الناصرة.
نُنهي بالقول: لا يستغرّبنّ أحدٌ إذا أفرزت الانتخابات الإسرائيليّة القادِمة فوز التيّار المؤيِّد للانخراط في صفوف الدولة العبريّة ومؤسساتها من قبل العرب الفلسطينيين في الداخِل، وهو النهج الذي بات الإعلام العبريّ على مُختلف مشاربه بالتطبيل له.
وَجَبَ التوضيح: لا أنتمي لأيّ حزبٍ عربيٍّ أوْ أيّ إطارٍ آخر في الداخل الفلسطينيّ ولا أُشارِك في الانتخابات المحليّة والعامّة في إسرائيل.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 12

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28