صحافي بحريني، كما يبدو، يعاني من أزمة هوية، ليكتشف بعد طول بحث أنه ليس عربيا كما كان يعتقد، وليس حتى يهوديا فهناك نحو 38 يهوديا أصليا فقط في البحرين وهو ليس منهم، واكتشف أنه صهيوني متجذر، فهنيئا له بهذا الاكتشاف العظيم، وهنيئا لنا بالتخلص منه. ونتمنى لمن هم على شاكلته، وهم ليسوا كثرا أن يتحلوا بشجاعته ويميطون اللثام عن وجوههم ويظهرون على حقيقتهم الصهيونية.
فقبل أيام قرر الصحافي البحريني، الذي يوصف بالشهير، واسمه أمجد طه، أن يعلن عن هويته الصهيونية الحقيقية، التي ربما أبقاها سرا لبضع سنوات، إلى أن جاءت اللحظة المناسبة ليعلنها على الملأ، تزامنا مع انفتاح نظامه. ولم يجد وسيلة أفضل لإعلان صهيونيته وإحساسه بالافتخار بها، من قناة «أي 24» اليمينية الصهيونية، ونقول لأمجد طه، ألف مبروك عليك هويتك الصهيونية الجديدة، ونؤكد لك، أنك ليس الأول في ذلك، ولن تكون الأخير، فقد سبقك إلى ذلك البعض، ليس بالأقوال فحسب، بل بالأفعال.
وبهويته الصهيونية الجديدة، من الصعب أن يحتفظ باسمه الحالي، وهو يستحق بجدارة اسم أبو الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل. لم يأت الصحافي البحريني/ الصهيوني بجديد، وهو يعلن بالصوت والصورة عن هويته الصهيونية، ونقول له «من شابه ملكه فما ظلم». وهل هناك أكثر صهيونية من حمد بن عيسى آل خليفة، الذي كان على عجلة من أمره في توقيع اتفاق التطبيع، لا لشيء سوى الخروج بالعلاقات الحميمة القائمة بين المنامة وإسرائيل إلى العلن، على الرغم من أن التطبيع قائم منذ سنوات عديدة، وكانت هناك سفارة إسرائيلية غير رسمية في المنامة منذ عام 2009. طبعا العلاقة كانت قائمة حتى قبل ذلك بسنوات تحت عناوين ومسميات عديدة اخرى، ومنها مسمى التسامح بين الأديان، وقد عين بن عيسى الحاخام الأمريكي الصهيوني مايك شناير مستشارا له في هذا الشأن.
ولم يكتف حمد بن عيسى بعلاقاته التطبيعية، بل أراد من الجميع أن يحذوا حذوه. فدعا عام 2017 شعب البحرين الأصيل، وشجعه على زيارة إسرائيل، وندد بمقاطعي دولة الاحتلال. وباختصار فإن التسامح بين الأديان بالنسبة لحمد بن عيسى لم يكن سوى شعار استخدمه كجسر نحو التطبيع مع إسرائيل والترويج لها. غير أن شعب البحرين أبى أن يسير على خطاه بالتطبيع، ناهيك عن خطاه الصهيونية. وبالمناسبة، إذا كان محمد بن زايد قد سبق حمد بن عيسى في الإعلان الرسمي عن التطبيع، فإن الثاني سبقه في الاحتفال بعيد «الحانوكا» العبري ومشاركة يهود البحرين، رغم أن عددهم لا يتجاوز الـ 38 هذا الاحتفال، وسبقه ايضا بالسماح للفرقة الموسيقية الملكية البحرينية بعزف النشيد القومي الإسرائيلي «هاتكفاه».
نعود إلى آخر نسخ الصهاينة، الصحافي هرتزل الثاني، فقد تفاخر بأن بلاده، ويقصد نظامه «تقف مع دولة الاحتلال وتزدهر معها وتقاتل العدو نفسه معها». جاء ذلك في مداخلته مع موقع «24 آي نيوز» العبري، يوم الجمعة 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، إذ قال غاضبا «لا أحد سيسكتنا بعد اليوم بالقول إننا صهاينة. إذا كانت الصهيونية تعني البناء والسلام فكلنا صهاينة» وهنا أسألكم إن كان أحد منكم قد عرفه من قبل، ناهيك من محاولة إسكاته.
وتابع هرتزل الثاني الذي يرأس المركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط: «ليس التبادل التجاري فقط الذي يجمعنا مع إسرائيل، بل كل شيء.. نعيش في سلام ورفاهية وبيننا تفاهم ديني وثقافي متبادل». وعزا هذا التعامل إلى الرغبة في أن تعيش البحرين والإمارات وإسرائيل في مكان آمن وصحي وأكثر سعادة، حسب قوله.
واكتفي برد المدون البحريني عبد الرحمن المناصير، الذي جاء في تغريدة له: «حين ينسب أحدهم نفسه للصهيونية، لا أقام لها راية، ويبيع دينه وضميره فليتحدث عن نفسه وحده وحسب، ولا يتحدث باسم أهل البحرين، ولا ينسب نفسه لهم ابتداء.. أنا باعتباري بحريني لم أفوّض المدعو ولا أرضى له الحديث باسمي ليقول «كلنا صهاينة».
وأختتم بتهديد الشيخ محمد بن زايد نائب رئيس إمارة ابو ظبي، الذي وصل به الغرور لتهديد دولة الجزائر بلد المليون شهيد، محمد بن زايد يهدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأنه انتقد اتفاق التطبيع، الذي وقعه عبد الله بن زايد مع إسرائيل في البيت الابيض في15 أيلول/سبتمبر الماضي، فقد كشف النقاب عن أن نظام ابو ظبي بعث برسالة التهديد للجزائر بسبب انتقادات الرئيس تبون لتطبيع أبوظبي مع دول الاحتلال، إضافة إلى تقاربه مع أنقرة، وتحديداً في الملف الليبي، حسب ما أوردت صحيفة «القدس العربي». وأرسل بن زايد التهديد المباشر للرئيس تبون، عبر رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي. ومفاد الرسالة أن أبوظبي لن تتردد لثانية واحدة في تبني عقوبات اقتصادية وسياسية ضد الجزائر، إذا استمرت السلطات في التحرك خارج سرب توجهات الدولة الخليجية. وحسب عدد من المتابعين فإن بن زايد يرفض أن يتحرك أي منافس ضد توجهاته، ويعمل على جعل الدول الحليفة له تسير وفق خططه وطموحاته التوسعية في المنطقة، وإلا فإنه يعتبر الأمر بمثابة تحد، ويفتح النار عليها. ويؤكد المراقبون على أن أبوظبي في عهد محمد بن زايد ترى الأمور من زاوية، إما معي، أو ضدي.
هل يعقل هذا الكلام، وهل إلى هذا الحضيض وصلنا، يا ابن زايد خفف، وتأنى واعرف قدر نفسك، فهذه الفقاعة التي أنت فيها ليست أزلية وستزول بزوال الأسباب والاحتياجات، تعلم من دروس التاريخ فليس هناك أحد دائم، وفكر في ذاك اليوم الذي تنتهي فيه المصالح وينفض من حولك المنتفعون والانتهازيون والأمريكيون والصهاينة، وهو مقبل لا محالة. وغيرك كان أشطر يا ابن زايد. هل تذكر شاه إيران محمد رضا بهلوي هذا الشاه العظيم الذي كانت ترتعد خوفا منه أنظمة دول الخليج كلها، واحتل جزركم ولم ترفعوا في وجهه إصبعا، وهي جزر لا تزال محتلة منذ الثلاثين من نوفمبر عام 1971، وان نسيتها نذكرك باسمائها فهي جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. وهل تذكر أيضا أن هذا «الشاه العظيم» لم يجد عند اقتلاعه من حكمه من يؤويه عندما وقعت الواقعة، وانفض من حوله الحلفاء في الغرب، أمريكا التي خدمها، رفضت استقباله ولم يجد من يستقبله ويؤويه سوى الرئيس المصري الراحل انور السادات، ولم يكن في وداعه في مثواه الاخير في القاهرة القديمة سوى أفراد أسرته وأنور السادات وزوجته. ونذكرك أيضا بمصير ما يسمى بجيش لبنان الجنوبي وقائده أنطوان لحد وما حل بهما بعد فرارهم لإسرائيل عقب تخلي جيش الاحتلال عنهم بانسحابه في25 أيار/مايو عام 2000 من دون أن ينسق معهم. وعوملوا هناك معاملة الايتام على مآدب اللئام.
يا ابن زايد خذ العبر من غيرك، ولا يأخذنك الغرور مآخذ تودي بك إلى الهاوية، ونذكرك بان لا يدوم الا الدايم، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه. واعمل من أجل ذلك اليوم الذي ينفض فيه من حولك الحلفاء ولا تجدي من يؤويك أو يحميك.
كاتب فلسطيني - «القدس العربي»*
