] وهم التطبيع.. من مصر حتى الإمارات - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 11 أيلول (سبتمبر) 2020

وهم التطبيع.. من مصر حتى الإمارات

محسن القزويني
الجمعة 11 أيلول (سبتمبر) 2020

تتوهم إسرائيل أنها باعمالها الاستعراضية تستطيع أن تطبِّع علاقاتها مع الدول العربية حتى لو ملأت الشوارع العربية بالأعلام الإسرائيلية وتقاطرت على المطارات العربية طائرات العال الإسرائيلية.
فهناك حقيقةٌ لا تريد إسرائيل ان تفهمها عن وجود العداء لإسرائيل المزروع في قلب كل عربي ومسلم نتيجة عدوانها المتواصل والسافر على الشعب الفلسطيني، فكل قطرة دم تسفك على ربى فلسطين تتحول إلى رصاصة أو حجر في يد كل انسان عربي تتوجه في يوم من الأيام نحو الكيان الغاصب للأرض الفلسطينية المقدسة.
ربما تتمكن إسرائيل أن تبرم مع الحكومات العربية أفضل العلاقات الدبلوماسية.
وربما أيضاً تجد لنفسها أسواقاً في بعض الدول العربية الفقيرة، لكنها لا تستطيع أن تطبِّع مع الشعب العربي والمسلم. وهي تعرف أن بعض الدول العربية لم تجنح إلى السلام طواعيةً أو عن رغبة فهي متيقنة إن السلام الذي تتكلم عنه مجرد سراب.
فأيّ سلام هذا بين الضحية والجلاد.
وهي تعرف جيداً إن تطبيع السودان كان من أجل التخلص من العقوبات المفروضة عليها، ومن أجل كسب ود البيت الأبيض.
وان تطبيع الامارات العربية هو من أجل الحصول على مقاتلات F35 التي اشترطت الولايات المتحدة بيعها إلى الدول العربية بأخذ الاذن من إسرائيل.
سلامٌ من أجل القرب إلى واشنطن وسلامٌ من أجل الحصول على مقاتلات F35.
وربما حكوماتٌ عربية أخرى ستهرول إلى إسرائيل لغايات في نفس يعقوب، من أجل مكاسب سياسية أخرى، وهذه كلها لا تصنع السلام.
نعم ربما ستحصل إسرائيل على بعض المكتسبات لكنها لا تستطيع أن تحقق ما تصبو إليه وهو نزع العداء الكامن من قلب كل عربي وكل مسلم كمقدمة لنزع السلاح من اليد العربية.
هذا العداء المتأصل تاريخياً في قلب العرب منذ عهد بني النضير والقينقاع وقريظة وجدّدته إسرائيل خلال قرن من الزمن من وعد بلفور وحتى يومنا هذا بمماراساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
فأيُّ سلام تريده إسرائيل وهي تقطع الأرض الفلسطينية ارباً ارباً وتقيم فوقها المستوطنات.
أيُّ سلام تريده إسرائيل وهي تقيم في كل يوم مجزرة وتريق دماً فلسطينياً وتهدم بيتا لعائلة فلسطينية لأتفه الأسباب.
أيُّ سلامٍ تريده إسرائيل وهناك الألوف من الفلسطينيين الذين لازالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية.
أيُّ سلام تريده إسرائيل وهي تمنع الفلسطيني من ممارسة حقه على أرضه حتى ذلك الفلسطيني الذي حصل على الجنسية الإسرائيلية لا يستطيع ان يمارس حقه في الحياة بحرية ضمن الكيان الإسرائيلي.
لو كانت إسرائيل تريد السلام لوفرته للشعب الفلسطيني الأعزل الذي يعيش بين ظهرانيها.
ولو كانت تريد التطبيع لتعايشت مع الشعب الفلسطيني واعطته حقه في دولته على أرضه، لهذه الأسباب التي لا تريد إسرائيل أن تدركها؛ أصبح السلام وهماً وخدعة يحاول نتنياهو أن يخدع به الشارع الإسرائيلي ليحصل على بعض الأصوات في الانتخابات القادمة، ومع الأسف بعض الدول العربية التي فرشت السجاد أمام الوفود الإسرائيلية ستساعد نتنياهو للوصول إلى كرسي الرئاسة في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
أما التطبيع فلا وجود له ولن يتحقق طالما بقيت إسرائيل تمارس سياسة العدوان على الشعب الفلسطيني.
انظروا إلى مصر فبعد أربعين عاماً هل استطاعت إسرائيل أن تتعايش مع الشعب المصري؟، فقد وجدت نفسها محاصرة أمام الغضب المصري في كل مكان ذهبت إليه فهذه سفارتها في الجيزة في كل يوم وهي تستقبل بريدها وعليه اسم الشهيد الذي قتلته الرصاصات الإسرائيلية وهو في حضن والده، عندما أقامت إسرائيل سفارتها في منطقة الجيزة أعلن المجلس المحلي بتسمية الشارع الذي تقع فيه السفارة باسم الشهيد محمد الدرة.
وحتى الأقباط في مصر حرّموا التطبيع، إذ أعلن البابا شنوده حرمة الحج إلى فلسطين.
ورفضت أكثر الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والكيانات المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.
وكم حاولت إسرائيل المشاركة في معرض الكتاب السنوي المصري لكنها جُبهت بالرفض وفي كل عام يتحول هذا المعرض إلى تظاهرة سياسية ثقافية ضد التطبيع.
وعلى رغم بنود اتفاقية كمب ديفيد تقام المؤتمرات والندوات في مصر بدون مشاركة إسرائيلية كما نصت إحدى بنود هذه الاتفاقية.
أربعون عاماً وإسرائيل تحاول كسب ود الشارع المصري عبر السياحة والاعلام والثقافة لكن بدون جدوى، لأنها لا تريد أن تفهم ان التطبيع مع الشعوب العربية والمسلمة هو أمرٌ مستحيل.
نعم ربما تستطيع تحقيق ذلك إذا تمكنت من تغيير المناهج الدراسية وتزييف التاريخ وطبع قرآن آخر غير هذا القرآن الذي رتله الشيخ الحصري وجوّده الشيخ عبد الباسط والشيخ المنشاوي.
وحتى في الامارات العربية التي قامت الحكومة بحركة استعراضية عندما البست طفلاً اماراتياً لباساً عربياً عليه العلم الإسرائيلي إلى جانب العلم الاماراتي حين وصول الوفد الإسرائيلي إلى مطار أبوظبي، جُبهت برد فعلٍ واسع من الشارع الاماراتي من مثقفين وادباء ومنصات التواصل الاجتماعي التي نددت بهذا الفعل واعتبرته استغلالا للطفولة البريئة وقالت تلك المنصات: ان الشعوب لا علاقة لها بالاتفاقيات التي تُبرم بين الحكومات.
في الختام نقولها لمن طبّع ولمن يهرول للتطبيع لا تُتعبوا أنفسكم فالعقل العربي مشبعٌ بالعداء للصهيونية فلا سلام مع القاتل ولا حياة مع من يُريد ازهاق الحياة عن الآخرين.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

39 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28