] الضم الزاحف كالضم الشامل - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 29 حزيران (يونيو) 2020

الضم الزاحف كالضم الشامل

د. مصطفى البرغوثي
الاثنين 29 حزيران (يونيو) 2020

لا يوجد في تصريحات وسلوك الحكومة الإسرائيلية ما يشير إلى أي نية للتراجع عن مخطط الضم الإجرامي الذي صممه نتنياهو وروجت له “صفقة القرن”.

وقد تلجأ هذه الحكومة، بإرشاد أميركي، إلى محاولة امتصاص النقمة الفلسطينية والإقليمية والدولية الشاملة، عبر تجزئة الضم إلى مراحل تبدأ بفرض القانون الإسرائيلي (أي الضم الفعلي) لكتل استيطانية ثم تتوالى حتى تصل إلى هدفها الحقيقي الذي لن يقل، برأيي، عن ضم 62% من مساحة الضفة الغربية مع تحويل ما سيتبقى إلى جيتوستانات فلسطينية تمثل معازل في إطار نظام أبرتهايد عنصري.

ولذلك لا يجوز التراخي أو الاسترخاء إن لم يتم الضم دفعة واحدة، فالضم الزاحف هو تماما كالضم الشامل، وقد بدأ بضم القدس وبعدها الجولان.

والضم بحد ذاته ليس سوى المحطة الحالية في مسيرة صهيونية اعتمدت أسلوب الخداع السياسي مع الشراسة المطلقة في فرض الوقائع على الأرض.

الضم هو محطة في مسيرة بدأت بنكبة عام 1948، وأُتبعت باحتلال الضفة والقطاع في عام 1967، وتواصلت في البناء الاستيطاني الاستعماري، الذي رفض الإسرائيليون بعناد وقفه عندما وقعوا اتفاق أوسلو، والذي اتضح أنه فخ نُصب للفلسطينيين لامتصاص نتائج انتفاضتهم وإثارة الانقسامات في صفوفهم، وتجسدت في إقرار الكنيست الإسرائيلي “قانون القومية”، الذي يحصر حق تقرير المصير في فلسطين باليهود فقط، وفي منظومة الأبرتهايد العنصرية بكل مكوناتها، التي أصبحت العنوان الحقيقي للسياسة الصهيونية، بعد أن فشلت في استكمال طرد من بقي من الفلسطينيين من أرض وطنهم.

ولذلك فإن التعامل الفلسطيني مع جريمة الضم ومع الاحتلال ومنظومة الأبرتهايد، يجب أن لا يكون بأي حال تكتيكيا، أو جزئيا، أو أن يسمح لنفسه بالتعلق بأوهام إمكانية التفاوض، أو الحل الوسط، مع منظومة عنصرية متطرفة كالتي يمثلها تحالف نتنياهو- غانتس وحزب العمل.

التعامل الفلسطيني يجب أن يستند إلى إدراك واعٍ، بأننا دخلنا منذ قدوم نتنياهو للسلطة، والتحول الواسع في أوساط الجمهور الإسرائيلي نحو التطرف العنصري، وخصوصا بعد إعلان “صفقة القرن”، في مرحلة مواجهة جديدة مع الحركة الصهيونية، لا يمكن أن تنتهي بدون إسقاط منظومة الأبرتهايد العنصرية وبدون إحداث تغيير إستراتيجي في ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني.

مسألة الضم، التي يحاولون تمويهها الآن، فتحت أمامنا كفلسطينيين فرصة لا تعوض لحشد المجتمع الدولي وشعوب الدنيا، ضد العنصرية الإسرائيلية، وذلك بحكم فداحة خرق الضم لكل القوانين الدولية، والنظام الدولي.

وهذه الفرصة يجب أن تتجسد باستنهاض الشعوب العربية للضغط من أجل تبني المقاطعة الشاملة لإسرائيل، ولوأد نشاطات التطبيع المخزية معها، وكذلك لاستنهاض أوسع حملة عالمية لفرض العقوبات والمقاطعة على نظام التمييز العنصري الإسرائيلي. ويساعدنا على ذلك النهوض العالمي الجاري ضد العنصرية.

جريمة الضم، وضرورة مواجهته، فتحت كذلك أفقا لإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني وتشكيل قيادة وطنية موحدة تتبنى إستراتيجية كفاحية، (وليس تكتيكا) تركز على تصعيد المقاومة الشعبية، والمقاطعة، وتعزيز صمود الفلسطينيين على أرض وطنهم.

لو لم يكن نتنياهو وحكومته وحليفه ترامب في أزمة وعزلة دولية، لما حاول الإفلات بتحويل الضم الشامل إلى ضم زاحف، ولا يحق لأحد أن يسمح له، بعد اليوم، بالإفلات من المصير المحتوم لكل نظام عنصري.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 2 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

42 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 42

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28