] معايير أمريكية مزدوجة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 7 حزيران (يونيو) 2020

معايير أمريكية مزدوجة

الأحد 7 حزيران (يونيو) 2020

لم تعد الشعارات الأمريكية بالحرية والمساواة والسعي لخير الآخرين تنطلي على أحد، وباتت الشعوب على امتداد العالم تدرك زيف تلك المصطلحات؛ بعد أن عرّت حادثة مقتل جورج فلويد أولئك الذين يتبجحون بالديمقراطية ليل نهار، وقد سقطت ورقة التوت عنهم حينما كُشفت حقيقة واقع بلادهم التي تحرم الإنسان من أبسط حقوقه لأنه ينتمي لعرق غير «العرق النقي» الذي يسود تلك البلاد. والسؤال الذي يطرح في هذا المقام: إذا كان المواطن في بلده لا ينعم بأدنى حقوق المساواة، فكيف يحق لدولته أن تطالب دولاً أخرى بشعارات هي بعيدة عنها؟ وكيف تجيز لنفسها فرض قوانين تعاقب من خلالها دولاً بحجة حماية شعوب تلك الدول إذا كان الفرد فيها لا ينعم بالحماية والرعاية والعدالة؟

ما يثير الاستغراب أن أمريكا التي لم تخرج بعد من تداعيات مقتل جورج فلويد، وما خلفته تلك الحادثة من تمييز عنصري مقيت، تجاوزته ما تصنف على أنها من دول العالم الثالث، خرجت على السوريين بقانون تزيد من خلاله معاناتهم، وتسهم في تضييق الخناق عليهم، سمته ب«قانون قيصر»؛ حيث أقرَّ مجلسُ الشيوخ القانون في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2019، الذي سيصبح نافذاً خلال هذا الشهر.

الذريعة المعلنة لقانون قيصر هي حماية الشعب السوري، وتضييق الخناق على الحكومة السورية؛ لكن إذا كان هذا القانون مبعثه رعاية مصالح الشعب السوري، فلماذا يصدر الآن والبلاد في طريقها للتعافي مما نزل بها؟ وهل منع الاستيراد والتصدير مع الحكومة السورية لن يؤثر في الشعب السوري؟ لاسيما أن القانون الأمريكي يفرض عقوبات على شركات تسهم في رفد ودعم البنية الأساسية للدولة.

«قانون قيصر» بدأت تداعياته تظهر في سوريا؛ إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية، وفُقدت عدة أنواع رئيسية من الأدوية، وعلى الرغم من الوعود التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء السوري لمحاربة المحتكرين، ومعالجة تداعيات الموقف، فإن الأزمة ظهرت جلية في الشارع، وامتدت لقطاعات عدة، وهو ما يحتم إعادة النظر في هذا القانون الذي ستطال آثاره المواطن السوري قبل غيره، لا سيما أن دخل الفرد هناك يراوح بين 30 وأربعين دولاراً تبعاً لسعر الدولار الحالي الذي جاوز الألفي ليرة سورية، وهو ما أدى بدوره لارتفاع الأسعار، وإرهاق كاهل المواطن السوري الذي زاده هذا القانون هماً على همه الذي لم يفارقه بعد من جرّاء الحرب المستعرة في البلاد منذ مارس/ آذار 2011.

سنوات الحرب التسع التي ذاق فيها السوريون الويلات، وكانت السبب في تشريدهم من ديارهم، لم تشفع لهم لدى الإدارة الأمريكية التي سنت قانوناً يحاربهم في لقمة عيشهم، بعد أن فرضت عقوبات على الشركات والقوى الداعمة للحكومة السورية. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية تحاول إظهار القانون على أنه في مصلحة الشعب السوري، فإنه لا يخفى على أحد أنها ترمي من خلاله إلى معاقبة روسيا وإيران الداعمتين لدمشق؛ لكن واشنطن مع ذلك تبرر قانونها بأنها إنما فرضته من قبيل محبتها للشعب السوري حتى ولو كان من الحب ما قتل.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 18

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28