] التفاوض الانتقاصي - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 18 شباط (فبراير) 2020

التفاوض الانتقاصي

الثلاثاء 18 شباط (فبراير) 2020 par د.عبدالستار قاسم

يصر مسؤولون فلسطينيون يمسكون بزمام السلطة على مستويي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بصورة غير شرعية على أن النهج الذي اتبعوه منذ مؤتمر مدريد حتى الآن على أنه مسيرة سلام. وهودم يكررون في تصريحاتهم وخطاباتهم بأنهم متمسكون بما يسمى عملية السلام، والتي تظهر نتائجها حتى الآن أمام العالم وأمام كل أطياف وفئات الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية.
ما يجري منذ مدريد حتى الآن ليس عملية سلام وإنما عملية تفاوض، وواضح أن عملية التفاوض هذه لم تكن سوى “لتّ حكي،” بلهجة أهل الشام. وهذا يعبر بوضوح عن نوايا الكيان الصهيوني منذ البداية والتي تتلخص في ضرورة استغلال العملية التفاوضية لإبقاء الفلسطينيين في الحضن الأمريكي والغربي عموما، وتوفير الوقت الكافي للصهاينة لفرض أمر واقع لا يبقي للفلسطينيين حقوقا أو مجالا لإقامة دولة. وقد صرح شامير منذ البدء أن الصهاينة سيفاوضون ويفاوضون وسيستمرون في استهلاك الوقت. الصهاينة يستفيدون من الوقت ويفرضون أمورا تتحول إلى أمر واقع، في حين لا يصنع الفلسطينيون شيئا سوى البكاء والعويل والتغني بجنوحهم نحو السلم والقبول بكيان الصهاينة.
والملاحظ على مدى السنوات أن الوضع الفلسطيني يزداد تعقيدا في حين تبقى الاعتداءات الصهيونية مستمرة. وكلما سار الفلسطينيون بنهج التفاوض يزداد الصهاينة شراسة واستقواء، ويصنعون حقائق على الأرض تحرم الفلسطينيين من تحقيق سعيهم في إقامة دولة فلسطينية ولو على خرق (خزق) صغير.
مع كل جولة مفاوضات يرتفع منسوب الخسائر الفلسطينية، وهذا يؤكد فشل المفاوض الفلسطيني. وبالرغم من فشل المفاوض وفشل المفاوضات التي دائما تنتقص من مساحة الأرض المطلوبة من قبل الجهة الفلسطينية الرسمية، ما زال المفاوض في مكانه ولا يرى في استقالته ما قد يفتح الباب أمام خيارات فلسطينية غير المفاوضات. المفاوضون الفلسطينيون لا يخجلون على دمهم، ولا تهمهم وجوههم، ولديهم الاستعداد لتقديم التنازلات وابتلاع الإهانات من أجل البقاء على كراسيهم.
وبالرغم من فشل المسيرة التفاوضية، وحشر الشعب الفلسطيني في زوايا المهانة والهوان، ما زال رئيس السلطة الفلسطينية غير الشرعي مصرا على الاستمرا ر في التفاوض. هذا ما صرح به في الأمم المتحدة وهو يعلم أن الإطار المطروح الآن للتفاوض هو صفقة القرن. وهذا ما يفعله الصهاينة والأمريكيون على الدوام. هم يأتون بأفكار وخطط جديدة يفرضون مفاهيمها ومصطلحاتها على الفلسطينيين الرسميين، فتتبعها المسائل الإجرائية التي تنهتك الحقوق الفلسطينية بالمزيد. وعلينا ألا نستغرب مستقبلا من قبول جهات فلسطينية رسمية لصفقة القرن من الناحية العملية التطبيقية.
بناء على تاريخ المفاوضات الفلسطينية الصهيونية، نخلص إلى نتيجة أن الهدف من المفاوضات هو توريط الشعب الفلسطيني بالمزيد وتجريده تدريجيا من كافة حقوقه. الانتقاص هو السمة الأساسية للمفاوضات مع الصهاينة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

41 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 41

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28