] سورية والمبادرة الجزائرية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 18 شباط (فبراير) 2020

سورية والمبادرة الجزائرية

الثلاثاء 18 شباط (فبراير) 2020 par معن بشور

جاءت تصريحات وزير الخارجية الجزائرية صبري بن قادوم المطالبة بعودة الجمهورية العربية السورية الى مقعدها كعضو مؤسس في جامعة الدول العربية لتطلق مبادرة تصحيح جدي في العلاقات العربية – العربية، بل في واقع النظام الرسمي العربي الذي تحوّل بعد سيطرة دول البترودولار على قراراته إلى نظام يشرّع احتلال دول مؤسسة فيه، كما كان الحال مع العراق بعد عام 2003، أو يشرّع حروباً وفتناً داخلية في أقطار مؤسسة كسورية، أو يستقوي بقوات أطلسية كما كان الأمر في ليبيا، أو يغطي تحالفاً عدوانياً دولياً، كما كان الأمر في اليمن….
ولا حاجة للتأكيد إن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية هو أولاً وأخيراً، قرار سورية ،قيادة وشعباً، لا سيّما بعد أن شعر السوريون ،ومعهم أحرار العرب، بخيبة كبيرة والم جارح نتيجة خذلان بعض الأنظمة العربية لسورية في محنتها، بل لانخراطها تجهيزاً وتمويلاً وتسليحاً لقوى التدمير والتخريب والإجرام في ربوعها، وهي البلد الذي ما توانى يوماً عن نصرة أي بلد عربي شقيق في محنته.
لكن قراراً يصدر عن جامعة الدول العربية بالغاء كل قراراتها الجائرة بحق سورية (وهو ما طالب به المؤتمر القومي العربي منذ دورته الثانية والعشرين التي انعقدت في تونس عام 2012، كما طالبت به العديد من الهيئات والاتحادات والمؤتمرات والاحزاب والقوى الشعبية الشريفة على مدى سنوات الحرب المدمرة على سورية التي تدخل الشهر القادم عامها العاشر)، يشكل انتصاراً تاريخياً لسورية وإقراراً هاماً ب بخطورةالجريمة التي أنزلق اليها مسؤولون عرب كبار لم يرتكبوا خطيئة الأنخراط في حرب مدمرة ضد قطر شقيق وهام فحسب، بل أرتكبوا خطأ التقدير السياسي والاستراتيجي حين أعتقدوا أنهم يواجهون في سورية واقعاً هشاً يسمح لهم بتحقيق أغراضهم.
بالطبع من حق العديد من الوطنيين السوريين والشرفاء العرب الأعتراض على عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، بعد كل ما صدر عنها من قرارات جائرة بحق سورية، وصل الى منع الجنرال السوداني محمد الدابي من تقديم تقريره كرئيس للمراقبين في سورية والمكلف من الجامعة العربية، وذلك لشعور القيمين يومها على الجامعة بأن في تقريره موضوعية لا تناسب مشاعرهم ومشروعهم لتدمير دولة ومجتمعاً وجيش كانوا دوماً عقبة رئيسية في وجه مشاريع الهيمنة الأستعمارية والصهيونية على المنطقة…
كما إن من حق القيادة السورية،ونحن معها، أن تطالب الدول التي أنخرطت في هذه الحرب المتعددة الأوجه ضد سورية، أن تعتذر للشعب السوري ولعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، مدنيين وعسكريين، من ضحايا تلك الحرب، ولملايين المهجرين الذين شجعوهم على ترك بلادهم لكي يتركوهم بعد ذلك هائمين على وجوههم في أصقاع الدنيا، دون ان يتمكنوا من الحصول على تأشيرة دخول حتى إلى بعض هذه الدول التي ساهمت في إشعال الحرب في بلادهم…
لكن صدور المبادرة من بلد كالجزائر له أهمية خاصة، لا بسبب العلاقة التاريخية بين الشعبين منذ ان اقام الامير عبد القادر الجزائري عقوداً منفياً في سورية في آواسط القرن التاسع عشر الى زمن الثورة التحريرية في الجزائر في آواسط القرن العشرين ، والتي كان لسورية، شعباً وأحزاباً وحكومة، الدور البارز في الأنتصار لها، وفي المشاركة فيها عبر متطوعين من أطباء ومقاتلين فحسب، بل أيضاً لأن المعاناة التي عاشها الشعبان في وجه الفتنة والحرب الداخلية هي واحدة، في طبيعتها وأهدافها.
ثم إن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، أو الأصح القرار بعودة الجامعة إلى سورية بعد الإقرار بالخطأ، كما الخطيئة، التي وقعت فيها الجهات المتنفذة في الجامعة، هو أمر ممنوع أميركياً وإسرائيلياً، لأن واشنطن وتل أبيب يدركان جيداً أنه ما كان ممكناً لهما التجرؤ على إعلان “صفقة القرن”، لولا تمهيد طويل لها بدأ بالحرب الأمريكية على العراق، والحرب الاسرائيلية على لبنان، وحرب الناتو على ليبيا، والحرب الكونية على سورية، والحرب اللعينة على اليمن، وهو ما يفسر أيضاً جنون الادارة الأمريكية وإرسالها لوزير خارجيتها مايك بومبيو إلى المنطقة بعد تعاظم الحديث عن عودة علاقات دول خليجية مع دمشق، واحتمال دعوة الجمهورية العربية السورية إلى قمة بيروت الاقتصادية المنعقدة في مطلع العام 2019.
إن من حق سورية، رئيساً وقيادة وشعباً، أن تقرر مدى استجابتها لأي دعوة التي تعقدها في الجامعة، لكن من واجب كل القوى الحية في الأمة، على المستويين الرسمي والشعبي، وفي مقدمها لبنان والعراق ومصر والكتويتـ رفع شعار عودة الامور إلى نصابها، وعودة الحق إلى أصحابه، وعودة سورية لاحتلال مقعدها كعضو مؤسس في الجامعة,…
أما الحديث عن جامعة شعبية عربية فحديث قديم، وله مشاريعه واقتراحات في المؤتمر القومي العربي والعديد من الهيئات القومية ،فيجب تفعيله لكي تكون الجامعة الشعبية أكثر تعبيراً عن ارادة الامة، واكثر تأثيراً في القرار الرسمي.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 60 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 25

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28