] الحقوق تُنتزع ولا تُمنح - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 5 كانون الثاني (يناير) 2020

الحقوق تُنتزع ولا تُمنح

الأحد 5 كانون الثاني (يناير) 2020

بدأت السلطة الفلسطينية تخرج من حالة السكون والتلويح بخيار المواجهة والتحذير من «انفجار» في وجه حكومة بنيامين نتنياهو الأشد تطرفاً، بعدما أدركت متأخرة موقعها الحقيقي بالنسبة ل«إسرائيل». فالكيان لا يرى فيها إلا «مؤسسة إدارية صغرى» ترفع عنه عبء دفع ثمن احتلاله للأراضي الفلسطينية، بعدما أخذت على عاتقها إدارة الأمن، والاقتصاد، وتنظيم الشؤون المدنية، على أمل أن تتطور في يوم ما إلى دولة مستقلة. لكن الاحتلال حجّم هذه الآمال بممارساته التدميرية الخطيرة من استيطان متصاعد، ومصادرات بالجملة، وتطهير عرقي، ومحاصرة مالية، وملاحقة رموز السلطة في القدس، واستباحة مناطق «أ» التي تسيطر عليها بالضفة الغربية، كما ألزم الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير عنوة بتطبيق بنود اتفاق «أوسلو» الكارثي بحذافيره إلى يومنا هذا، من دون أن يلتزم هو قيد أنملة بذلك.
الحجم المتزايد للتهويد «الإسرائيلي»، وآخره مصادرة أموال عائلات الأسرى والشهداء، جعل الأبجديات السلمية ومفردات السلام الناعمة التي تمسكت بها القيادات الفلسطينية خلال الفترات السابقة، مبتذلة، وغير مقنعة، ولم تعد تلقى قبولاً لدى الشارع. فالاحتلال تجاوز الخطوط الحمراء كافة، بدعم أمريكي، وأعلنها صراحة أنه سيضم الضفة، ويعزل قطاع غزة، ولن يكون للسلطة أي مستقبل على المدى المنظور. وفي رد على ذلك، بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة خشنة إلى نتنياهو، مهدداً إياه بانفجار قد تدفع «إسرائيل» فيه الثمن غالياً إذا استمرت في تقويض جهود المؤسسة الفلسطينية.
«أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً»، فالسلطة أصبحت تعي جيداً بعد 24 سنة من أوهام السلام، أنه لا يمكن أبداً خضوع «إسرائيل» لحل عادل، وأن الأخيرة تعمل على نخرها وتقليص صلاحياتها وسحب البساط من تحتها، لذا فقد لجأت قيادة رام الله إلى استخدام النبرة المرتفعة، والتهديد بوقف التنسيق الأمني تارة، والتلويح بحل السلطة وإعادة المسؤولية الكاملة عن فلسطينيي الضفة وغزة للاحتلال تارة أخرى، كما وضعت، مؤخراً، خططاً للانفكاك الاقتصادي عن «إسرائيل».
الكيان يدرك خطورة تنفيذ السلطة لجزء من تهديداتها، إذ إنه في حال قررت رام الله رفع الغطاء الأمني وإطلاق يد الشعب للمواجهة، فيعني أن احتمالات اندلاع انتفاضة فلسطينية عنيفة ستزداد، وسيتكبد فيها الاحتلال خسائر لا حصر لها، وسيكون مرغماً على تقديم تنازلات، للتخلص من الاستنزاف الذي سيقض مضاجعه، ويكلفه الكثير، فهو غير قادر على مواجهة طويلة المدى أمام شعب لا يوجد ما يخسره عدا كرامته.
الفلسطينيون يملكون الكثير من نقاط القوة، القادرة على تلقين الاحتلال دروساً قاسية، إن هم أحسنوا استخدامها. فالسلطة أولاً مطالبة بالتوقف عن التهديد الذي لا مضمون فيه والانتقال إلى الفعل، فقد اتخذت سابقاً عشرات القرارات من دون أن تنفذها. وثانياً، يقع عليها في المرحلة المقبلة، التقدم خطوات إلى الأمام، بخطة وطنية جامعة، لبدء مواجهة شاملة مع «إسرائيل» على الصعد السياسية والشعبية والعسكرية.. وعندها سيتقاطر العالم الذي تجاهل القضية لعقود لإنقاذ الاحتلال، عبر منح الفلسطينيين بعض حقوقهم التي تنتزع ولا تمنح.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

38 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 38

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28