] بوادر فشل الحراك اللبناني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

بوادر فشل الحراك اللبناني

الأحد 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 par د.عبدالستار قاسم

واضح أن جماهير لبنان المنتفضة أو الثائرة لم تتعظ بتجارب الحراك العربي في عدد من البلدان العربية، ولم تنتبه إلى عوامل نجاح أو فشل حركة الجماهير في مصر وسوريا وليبيا واليمن في عهد علي عبدالله صالح. ومن أهم ما أغفله اللبنانيون عدم تشكيل قيادة أو لجنة تشكل عنوانا للحراك، وتتولى التنسيق الداخلي للحراك والحوارات مع من هم خارج الحراك، وعلى رأسهم رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. نجح اللبنانيون إلى حد كبير في إبقاء الجيش حارسا على الجمهور المنتفض وحارسا على الوطن، لكنهم لم يتمكنوا من وضع برنامج واضح لمطالبهم وأبقوا على العديد من الأمور غامضة وغير محددة المعنى.
من التجارب الفلسطينية، هناك أخطار تحدق بالانتفاضات أو الحراك الجماهيري وكان من الأجدر باللبنانيين أن يدرسوها قبل أن يجرفهم الحدث الذي صنعوه بأيديهم. على رأس هذه الأخطار التالي:

دخول الأحزاب إلى حلبة الحراك والتي بالتعريف لا يمكن أن تحافظ على وحدة الحراك. كل حزب يعمل على شد الحراك إلى جهته ليتبنى برامجه أو وجهة نظره، فيتحول الحراك، كما التجارب الفلسطينية، إلى فئويات وفصائل فتنفض الجماهير ويبدأ الحراك بالتراجع. هذا شاهدناه في ساحة الشهداء في بيروت وفي مواقف سياسية صادرة عن قادة أحزاب وقبائل سياسية. هناك الآن في لبنان عدة منصات تحاول جذب الشارع صوبها، وتؤكد على صوابية طرحها السياسي.
دخول الأموال إلى الحراك يؤدي إلى التنابز والاتهامات والاتهامات المتبادلة، وتتحول وحدة الصف إلى قيادات غير حقيقية متنافسة على المكاسب. وعلى الرغم من عدم توفر معلومات لدي، إلا أنني لا أشك بأن دولا بخاصة خليجية بدأت في البحث عمن يتسلمون تمويلا لتبني برامج خاصة تخدم أنظمة سياسية خارجية ودولا معادية. وهناك بالتأكيد دول ترى في الحراك اللبناني فرصة للنفاذ إلى الداخل اللبناني لإثارة فتن تؤثر سلبا على المقاومة اللبنانية.
التدخل الخارجي يمزق الصفوف ويدمر البلاد. دخول قوى خارجية يعني أن ضرب وحدة اللبنانيين، وإثارة صراعات قد تتحول إلى دموية ذلك لأن كل جهة خارجية تريد تحقيق مصالحها فتتحول لبنان إلى صراعات مصالح تضرب كل اللبنانيين. ولا مانع لدى دول كثيرة من إثارة حرب أهلية لبنانية جديدة.
السير وراء المزايدين يفسد العمل. يجب إعمال العقل في المطالب وأساليب تحقيقها، وعدم ترك الأوضاع بأيدي أناس لا يحكمهم عقل أو حكمة. هؤلاء يعطلون الحوارات ويمنعون الناس من تحقيق استقرار يفسح المجال للتفكير الهادئ والبحث عن حلول من الممكن تطبيقها.
ما أراه الآن هو خروج عن المنطق السياسي الذي يتطلب الخروج بالبلاد إلى وضع أفضل. فمثلا لا ضرورة لإغلاق الطرق. وأقول للبنانيين إن التجربة الفلسطينية تؤكد أن إغلاق الطرق وتعطيل مصالح الناس لا يخدم الأهداف الوطنية. وأرى أيضا رفضا متسرعا لمبادرة رئيس الجمهورية. كان من المفروض دراسة المبادرة، وغالبا يكون هناك تحفظات وقبول لبعض المقترحات. أما الرفض هكذا جملة وتفصيلا لا يفيد أحدا، ولا يسهل الطريق نحو الوصول إلى حل. كما أن الاحتكاك بين مختلف الفئات يزداد يوما بعد يوم، وبدل أن يكون الحراك مصدر حب ومودة يتحول إلى أحقاد وكراهية.
وما أراه على الشاشات ايضا أن الجماهير المشاركة في الحراك تنحسر، وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه سيرتفع منسوب الانحسار. ولهذا من المهم إفراز لجنة للتحاور مع رئاسة الجمهورية قبل أن ينفض الحراك بدون نتائج.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28