عندما طرحت هذه الفكرة للحوار المفتوح كنت أتوقع أن يتسرع بعض أبناء شعبنا فيجدونها فرصة لنبش قبور قادة رحلوا ، أو لتجديد وتنشيط مرحلة صراعات فصائلية مؤسفة وعبثية ، أو لتفريغ كبت ونقمة نتيجة الفشل في إنجاز الأهداف الوطنية ، أو نتيجة ما يتداوله الناس من أخبار فساد وقمع وسوء أداء إجمالي أو فردي ، أو لتسديد حسابات مع السلطة أو أفراد في السلطة سواء في رام الله أو غزة ، أو لفضح دور مسؤولين في تفاقم معاناة ثمانية ملايين ونيف من الفلسطينيين المنفيين خارج وطنهم في شتى بقاع الأرض . كما توقعت في المقابل أن تستفز الفكرة وتخيف موالين للسلطة أو موظفين لديها أو منتفعين بها فيعتبرونها ( دعوة للفتنة !) ، وأن يقابلها بعض المحبطين بمقولة (فالج لا تعالج )!
يحق لكل من يتلقى الفكرة أو يناقشها أن يجد فيها ما يرضي رغبة له أو اقتراحا لديه ، إنما أوضح هنا أن وراء طرحي هذه الفكرة هدف رئيس أعمق وأشمل هو الدعوة إلى استعادة تربية جمعية تتخطى مسلكيات مدمرة سادت المجتمعات العربية ، وسواها من مجتمعات متخلفة معاصرة ، سببها مزيج تناقضات يغذيها مآل التصدي السلطوي الفلسطيني والعربي الفاشل للغزوة الصهيونية، تناقضات تشمل الخوف من قمع السلطة بما ينعكس ابتعاداً عن الاهتمام بالشأن العام ، وحقداً دفيناً عليها ، وطمعاً في مكاسبها ، ونفاقاً لرموزها وصولاً إلى تأليه رأسها !
لا تغيب عن وعيي وذاكرتي كلمات ذلك الأعرابي مخاطباً الخليفة عمر : والله لئن وجدنا فيك اعوجاجاً لقومناه بهذا السيف ! ورد الخليفة : الحمد لله الذي جعل في أمتي من يقوم اعوجاجي بسيفه ! هذه التربية الجمعية هي ضمانة المشاركة الشعبية الفاعلة في الشأن العام ، والرقابة الجمعية على أداء من هم في خدمة المجتمع ابتداء من رأس السلطة وقيادات المجتمع وانتهاء بأصغر موظف أو عامل في الشأن العام ، وليسوا سادته وطغاته ومستعبديه ومستغليه وأصحاب (حق إلهي ) بالتصرف بالشعب أفراداً وجماعات كما يحلو لهم .
هذه التربية الجمعية المأمولة هي جوهر فكرة المحاكم الشعبية .
الأحد 15 أيلول (سبتمبر) 2019
حول المحاكم الشعبية
بقلم: خيرالدين عبدالرحمن
الأحد 15 أيلول (سبتمبر) 2019
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
103 /
2342227
ar وجهات وقضايا wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
34 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 34