] جالياتنا في الشتات ليست خلايا نائمة! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 20 تموز (يوليو) 2019

جالياتنا في الشتات ليست خلايا نائمة!

علي الصالح
السبت 20 تموز (يوليو) 2019

«لقد نفد صبرنا. نحن على وشك الانفجار. إذا لم يتم رفع هذا الحصار، سننفجر في وجه أعدائنا، بإذن الله. الانفجار لن يكون في غزة فحسب، وإنما أيضا في الضفة (الغربية) وفي الخارج، أن شاء الله. أشقاؤنا (في الشتات) ما زالوا يستعدون. إنهم يحاولون الاستعداد. إنهم يقومون بالإحماء. لقد مرّ وقت طويل وهم يقومون بالإحماء. إلى السبعة ملايين فلسطيني في الخارج، كفاكم إحماء، هناك يهود في كل مكان، وعلينا أن نهاجم كل يهودي في العالم من خلال الذبح والقتل، بمشيئة الله. كفى إحماء».
لا يمكن أن تصدر مثل هذه الدعوة الداعشية عن إنسان يمكن أن يكون متزنا، ناهيك من كونه مسؤولا كبيرا تعد عليه أنفاسه؟ المؤسف أنها صدرت عن مسؤول كبير في حركة حماس. ولا تقل إنها صدرت في لحظة غضب فهذا هو الفرق بين المسؤول والإنسان العادي فالمسؤول يفترض أن يكون قادرا على أن يمسك لسانه ويضبط نفسه وأعصابه.
من المؤكد أن الكثير سبقني إلى الكتابة عن هذه التصريحات سلبا أو إيجابا، ولكنني وجدت أن واجبي يحتم عليّ أن أتحدث عن هذه الجريمة الإعلامية، دفاعا عن فلسطينيي الخارج، باعتباري واحدا من الذين يدعوهم فتحي حماد عضو المكتب السياسي لحماس لذبح اليهود!
هذه حقا جريمة إعلامية متكاملة الأطراف، لما لها من انعكاسات وتداعيات سلبية ومدمرة على الفلسطينيين في الداخل والخارج، خاصة في الخارج الذين يقودون معارك شرسة ضد اللوبيات الصهيونية في العالم. إنه فيها وكأنه يحرض دول العالم على هذه الجاليات ويعطي اللوبيات الصهيونية مادة دعائية جديدة ضدهم، هذه اللوبيات التي تتسقط للفلسطينيين الأخطاء كي ينقضّوا عليهم واتهامهم بمعاداة السامية، كتصريحاتك التي أصابتنا في مقتل. هي ليست مجرد تصريحات عابرة، بل جريمة بكل ما في الكلمة من معنى. ويجب ألا تمر مرور الكرام، ولا ينفع الندم والاعتذار أو التراجع، لأن الضرر القاتل وقع ويحتاج إلى وقت طويل لإصلاحه ومحو آثاره، ويجب أن يدفع حماد ثمن جريمته غاليا وغاليا جدا.
وقبل الخوض في التفاصيل يجب توضيح أننا لا نستهين بالمعاناة اليومية، والأوضاع المأساوية والسجن الكبير الذي يعيش فيه أبناء شعبنا في قطاع غزة، والحصار الظالم الذي مرّ عليه نحو 13 عاما، ويحرمهم من كل حقوقهم، حصار لا بد من كسره بكل الوسائل المتاحة، حتى يعيش شعبنا هناك حياة كريمة، لكن بالتأكيد ليس بالطريقة الداعشية التي يدعو إليها فتحي حماد، فالفلسطينيون ليسوا قتلة ولا مصاصي دماء وإن كان من حقهم مقاومة الاحتلال والحصار بكل الاشكال المتاحة، وهم خلاقون في اختراع أساليب نضالهم ومقاومتهم، وهذا ينسحب على أهلنا في الضفة المحتلة والقدس. والفلسطينيون ليست لديهم مشكلة مع اليهود بشكل عام، إنما مشكلتهم مع الحركة الصهيونية، التي استغلت اليهود بل ضحت بالكثير منهم من أجل اغتصاب فلسطين من أهلها وإقامة كيانها. ولابد من الاشارة إلى أن الكثير من اليهود الذين يطالبنا حماد بذبحهم بالسكاكين يقفون إلى جانب الحق الفلسطيني، ويناضلون إلى جانب الشعب الفلسطيني في معركة كسب وعي الرأي العام الدولي، الذي هو خطوة مهمة في نضالنا وتحقيق أهدافنا.
قد يقول قائل، ولكن إسرائيل تذبحنا وتقتلنا في كل ساعة من ساعات اليوم، ولا تفرق بين طفل ومسن، وبين امرأة ورجل، ومدني أعزل ومقاتل، واعضاء حكومتها يدعون بل يعملون من أجل ترحيلنا عن أرضنا حتى عن الضفة الغربية، رغم أنها لا تمثل سوى 22% من فلسطين التاريخية، ويصفوننا بالصراصير، ومنهم أيضا من يدعو إلى قتل المدنيين الفلسطينيين، وبقر بطون الحوامل اللاتي يحملن في أحشائهن أفاعي. وهناك سياسيون منهم يدعون إلى الرد على كل بالون حارق يطلق من غزة نحو مستوطنات، بصاروخ. هذا ليس غريبا على دولة قامت على أساس اغتصاب أراضي الغير ومحاولة مسح اثارهم، وارتكاب المجازر، بل تعمل على سرقة تراثهم على كل الصعد، من الزي الوطني إلى الاكلات الشعبية والحلويات وغيرها الكثير. ولهذا هم مجرمون وقتلة وسفاحون وسفاكو دماء وعنصريون، ونحاول نحن ـ فلسطينيي الشتات ـ نقل هذه الصورة إلى الرأي العام العالمي وإقناعهم بجرائم الاحتلال. نحن مناضلون ومقاتلون من أجل الحرية والعدالة واسترجاع حقوقنا وتحرير أرضنا وإقامة دولتنا والقدس عاصمتها.
إن ما نطق به فتحي حماد، الذي تبرأت منه حركة حماس، وكانت صائبة في ذلك، كفر لم يسبق أن صدر عن أي مسؤول فلسطيني في تاريخ الثورة المعاصرة، ولا حتى قبل قيام الكيان الاسرائيلي. لذا فإن تنصل حماس ليس كافيا، وعليها أن تحاسبه بإقالته من عضوية المكتب السياسي للحركة، ومنعه من الإدلاء بأي تصريحات بعد اليوم.
يذكر أن حماد شغل منصب وزير الداخلية في إحدى حكومات إسماعيل هنية، بعدما سيطرت حماس على قطاع غزة في منتصف يونيو 2007 ما أدى إلى الانشقاق الذي لا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمنه حتى اللحظة، رغم الكثير من المحاولات لتحقيق المصالحة.. لا نحمّل حماس المسؤولية الكاملة على ذلك، بل محمد دحلان الذي كان يخطط مع الجنرال الأمريكي كيث دايتون المنسق الأمني مع الجانب الفلسطيني، للاستيلاء على قطاع غزة توطئة لسيطرة دحلان على السلطة. نحن نقول ما نقول ليس دفاعا عن اليهود فحسب بل دفاعا عن إنسانية قضيتنا وأخلاقياتنا ومبادئنا، ونؤكد مجددا أننا لسنا ضد اليهود، بل ضد العنصريين الاحتلاليين المغتصبين الفاشيين، وهناك عشرات الآلاف من اليهود الذين لا يعترفون بحق إسرائيل في الوجود (ناطوري كارتا) وهناك اليهود السمرة، الذين عاشوا ولا يزالون يعيشون في أوساطنا، وهم فلسطينيون من الدرجة الأولى. واذا كان هناك وزراء ومسؤولون إسرائيليون يتحدثون عن ذبح الفلسطينيين وترحيلهم، فهذا ليس مبررا أن تصدر مثل هذه التصريحات عن مسؤول كبير في حماس، فنحن ـ الفلسطينيين ـ أصحاب قضية إنسانية وأخلاقية بالدرجة الأولى، قبل أن تكون وطنية وسياسية وحقا. أما هم فعنصريون وفاشيون وقطاعو طرق ومحتلون ومغتصبون ونحن نقاتل عنصريتهم واحتلالهم.
وأخيرا أنت بتصريحك هذا إنما تزود ماكنة الإعلام الصهيوني، بما تبحث عنه دوما، كما فعل زميلك في المكتب السياسي لحماس صلاح البردويل من قبل، وإن يكن على نحو أقل ضررا، عندما أسقط عن المتظاهرين على حدود قطاع غزة الشرقية سمة الشعبية والسلمية، بقوله إن نصف شهداء الاثنين الأسود (14 مايو 2018) وعددهم نحو60 شهيدا من حركة حماس، فغيّر في لحظات لهجة الإعلام العالمي من تعاطف مع الضحايا الأبرياء الذين يقتلون بدم بارد إلى لوم حماس واتهامها باستخدام المدنيين دروعا بشرية. وأنت لم تكتف بتوريط أهل غزة والضفة وحسب، بل اقحمت فلسطينيي الشتات.
ونختتم بالقول إن شعبنا وجالياتنا في الشتات يا حماد ليسوا خلايا نائمة، ولا فرقا من الانتحاريين، شعبنا في الشتات هو رافد أساسي من روافد القضية الفلسطينية… شعبنا في الشتات لا يقف متفرجا في معركة المصير، فهو يقف في الصفوف الأمامية في الدفاع عنها ويخوض معارك شرسة مع الحركة الصهيونية ووكلائها، معارك لكسب وعي الجمهور، يحققون فيها الانتصار عبر منظمات التضامن مع الشعب الفلسطيني والحركة العالمية، مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها «BDS» والشيء بالشيء يذكر، فإن الكثير من الداعين لمقاطعة إسرائيل هم من اليهود.
شعبنا في الشتات يأخذ على عاتقه محاربة الصهيونية بكل ما لديه من إمكانات، شعبنا في الشتات لا يحتاج لدعوات كدعواتك يا حماد لذبح اليهود الذين يقف العديد منهم إلى جانبنا في نضالنا ضد الحركة الصهيونية، وصنيعتها اسرائيل. حقيقة يجب أن تفهمها يا فتحي حماد انك لا تتحدث باسم الشعب الفلسطيني لا في قطاع غزة ولا في الضفة الغربية وبالتأكيد ليس في الشتات. وشعبنا في الشتات لا يأتمر بأمرك.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 6

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28