] في انحدار الكلام السياسي - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 6 نيسان (أبريل) 2019

في انحدار الكلام السياسي

السبت 6 نيسان (أبريل) 2019 par نسيم الخوري

يكتب الرئيس الأمريكي بسبّابته تغريدة أو أكثر، ثمّ يظهر جالساً خلف طاولة في بهو البيت الأبيض وأمامه نص (فرمان) قرار (مرسوم) جاهز مكتوب بالأسود. يمهر توقيعه أيضاً بالحبر الأسود أمام وسائل الإعلام وعيون العالم، مع أنّ الحبر الأزرق هو المعترف به رسميّاً. يرفع كرتونةً بعد ذلك بكلتا يديه، وشعره الأشقر اللامع، وشفتيه المشقوقتين عن بسمة الأنا المزمومة المالكة للتاريخ والمستقبل وماضي الشعوب ومستقبلها، وكأنّه إمبراطور الكرة.
يبحر العالم في ردود الفعل والتحليلات التي لا ندري ما يركد منها في «وادي السيليكون»، بعد أن يتمّ فرز ما ينشر في فضاءات «البيغ داتا».
في الجواب الجامعي الأكاديمي: لا يمكن لرجل واحد، ولو كان رئيساً لأكبر دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أن يقفز بأجنحته فوق التاريخ كي يضمن خضوع العالم والمؤسسات والقوانين الدولية ومستقبل البشرية لتغريداته، معلناً الأخيرة ( 25 /‏‏3 /‏‏2019) اعترافاً رسميّاً أمريكيّاً بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وبأنّ بلده سيقف إلى الأبد إلى جانب «إسرائيل»، فيطرب نتنياهو، ويصرخ من تل أبيب: لقد صنعت التاريخ. احتلت «إسرائيل» هضبة الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب 1967، وضمّت في ال1981 مرتفعات الجولان والقدس الشرقية إليها، ولم يعترف بها المجتمع الدولي.
هذا هو أسلوب السلطة والسيادة والحكم العظيم للرئيس الأمريكي، منذ أن علّق دخول اللاجئين إلى بلده، وأوقف استقبال اللاجئين السوريين، والعديد من الزائرين من منطقة الشرق الأوسط، وسحب أمريكا من اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، وأعلن إقامة الجدار الفاصل مع المكسيك ويتابعه بلا كلل، ووضع قانون باراك حسين أوباما للرعاية الصحية المعروف ب«أوباما كير» في حظيرة الإلغاء، وبشحطة تغريدةٍ أعلن في ديسمبر/‏‏ كانون الأول 2018 عن خطوةٍ وصفها بالمتأخّرة جدّاً، وهي شطب القدس والاعتراف بها عاصمةً أبدية ل«إسرائيل»، ثم نقل سفارة بلده إليها من تل أبيب، وهو ما لم يحظَ بأي اعتراف دولي، بحيث أبقت كل الدول سفاراتها في تل أبيب. وفي مايو/‏‏ أيار عام 2018 أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة العمل بالعقوبات الأمريكية على طهران.
لن أستغرق في توصيف مستقبل التغريدات وتداعياتها الدوليّة، بقدر الاهتمام بموضوع الجولان الذي رفضه العرب بالإجمال في القمة العربيّة في تونس (31 /‏‏3 /‏‏2019):
1- تحرّم شرعة الأمم المتّحدة على الدول المنتسبة إليها احتلال أراضي الدول بالقوة أو قيام دولة ما بمنح أراضي دولة إلى دولةٍ أخرى بمشاعية غير مسبوقة؛ حيث لا سند قانونيّاً مسوّغاً لها. لا قيمة لهذه الخطوة وغيرها في القانون الدولي.
2- ما إن صدر فرمان هضبة الجولان حتّى انهالت النصوص والتحليلات المرتجلة اللبنانية التي تخلط هضبة الجولان بجبل الشيخ أو جبل حرمون، وكأنّ المرتجلين «يفلشون» السجّادة الحمراء، أما التغريدات المقبلة المنحدرة كما السيول في جبل الشيخ فناتجة عن عدم معرفة سياسي/‏‏ إعلامي بحقائق التاريخ والقوانين الدولية.
3- احتلّت «إسرائيل» في العام ال1967: النخيلة، مزارع شبعا في منطقة العرقوب على السفح الغربي لجبل الشيخ، وهي كانت ولا تزال تشكّل جزءاً من قضاء حاصبيّا وفقاً للقرار 425 الصادر في 19 مارس/‏‏ آذار 1987 الذي يؤكّد على أن «تسحب «إسرائيل» قوّاتها فوراً من الأراضي اللبنانية كافةً، مع إنشاء قوّة دولية في جنوبي لبنان؛ وذلك احتراماً لوحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دوليّاً».
إنّ قرار الأمم المتّحدة 425 والقرار 1701، وخطّ الانسحاب باعتبار «وادي العسل» هو الحدّ الطبيعي النهائي للحدود إبّان فترة الانتداب الفرنسي(1937) تؤكّد لبنانية المناطق المحتلة المحاذية للجولان.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2331039

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 20

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28