] قرارات الحمقى .. وإرادة الشعوب - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 28 آذار (مارس) 2019

قرارات الحمقى .. وإرادة الشعوب

الخميس 28 آذار (مارس) 2019 par علي عقلة عرسان

حليفان يقفان على أبواب العدالة بتهم الاحتيال والرشوة والكذب، يتجاوزان القوانين الدولية والقيم الأخلاقية والإنسانية، ويمارسان العدوان، ويستثمران في الإرهاب، ويقومان بكل ما من شأنه أن يهدد السلم والأمن الدوليين على المستوىين الإقليمي والعالمي، ويضعان العالم في مآزق، وعلى أبواب مواجهات عسكرية دامية ومدمرة.. نتيجة تطرف عنصري، وحمق وقصر نظر، واتباع سياسة رعناء. كل منهما آفة تصيب الديمقراطية والعدالة والقيم والأخلاق، ومع ذلك يدَّعي كلٌّ منهما أنه سادنُ تلك القضايا والقيم، وراعيها، ومصدر إثرائها، وحامي حماها، والمدافع عنها، وناشرُها في العالم؟! كذب وافتراء وتدليس وتهويش هو ما يميِّز هذا النوع من الأشخاص والساسة والسياسة الذين هم على هذه الشاكلة؟!.. فأيُّ بلاء وأيُّ ابتلاء يُصاب به عالمنا بسببهما، وبسبب أمثالهما ومَن هم خلْفهما، مِن عنصريين إرهابيين وقتلة مجرمين، وصهاينة متعصبين مزورين للحقائق والوقائع والتاريخ، يحولون حياة الناس في دول وشعوب إلى أزمات وضائقات وفِتَنٍ وصراعات دموية، ويفتحون أبواب الجحيم؟!
نفاق يمارسونه، ونفاق يعيشونه ويستثمرون فيه، ونفاق يصنعون ويصدِّرون.. هم وكل من يواليهم ويتعاون معهم ويحتمي بظلهم ويسكت على جرائمهم وممارساتهم، فأيُّ عارٍ وخزي في صمت يصمته عالم ذو مؤسسات وقوانين ومواثيق دولية على تصرفات وسياسات من هذا النوع، وعلى إفساد في الأرض، وإزهاق للأرواح، وعدوان على دول وشعوب وحقوق، واتِّجار بالسلاح والقتل والدم البشري؟! ذلك ما يفعله منافقون كبار، وأتباع لهم بتدرجات نفاق.. يتواطؤون مع القوة الغاشمة، والظالم المعتدي، والقاتل الشرير المُنفلت من كل قيد وخُلُقٍ ودين.
ومن أسف أن أشخاصا من هذا النوع يشكلون ملح السياسة الرائجة اليوم، ويؤسسون بذلك لتعاسة البشر في المجتمعات والدول.. ولكلٍّ من أولئك وجوه وأقنعة، وتحل الأقنعة بأشكالها وألوانها محلَّ الوجوه، بل تصبح وجوها شائهة.. وكلٌّ منهم يلبس لكل حالة لَبوسها، ويسهم في الفساد والإفساد وإشقاء العباد. إنهم يشكلون شبكات وتكتلات وتحالفات ذوات أهداف وتطلعات تستند إلى ممارسة القوة بأنواعها، ويتواطؤون ضد دول وشعوب وقضايا، ويقتنص كلُّ حلف أو طرف أو عضو منهم الفرص لتحقيق ما يلائم أغراضه الخاصة، وشخصيته المتورِّمة، وأحقاده التاريخية، وطموحاته المُتأججة.. ويعمل ليصل إلى مطامع ومنافع على حساب حقوق الآخرين وبؤسهم واستقرارهم وحياتهم؟!.. ويزيد في حجم مصائب عالمنا، بسبب هؤلاء، أولئك الإمَّعات والأتباع وصغار الأنفس والقامات، ممَّن هم القصورُ والعجز، لكن يسكنهم الطمعُ والصَّلفُ والكِبْرُ، وتحدوهم الرَّغبة في أن “يكونوا ويبقوا ساسة وقادة وذوات”، وأصحاب دول ومؤسسات وسلطات وثروات، يفرضون وجودهم وبقاءهم بكل الأساليب الممكنة، ويبقون واجهات وظلالا لِمن يستظلون بظلالهم من الأقوياء.. ويسخِّرون لهم دولا ومؤسسات وأموالا وثروات وبشرا شبه أدوات، يساقون إلى حتوفهم مُبَلَّمين، مُكبَّلين بالحاجة والخوف، يركضون وراء لقمة العيش، أو يندفعون بطاعة عمياء ولاء ونُصْرَة لزعامات وآراء وسياسات يفرضها الاستعمار والجهل والتجهيل وما هو أسوأ منها، مِن أمراض اجتماعية وعقائدية ودينية وطائفية وعرقية ـ تعصبية، فيكونون الشَّقاء والإشقاء والبلوة والابتلاء.
إنه النفاق الذي يجلب الدمار والعار، والنفاق آفة مهلكة تفتك بالأفراد والمجتمعات والدول، ومن أسف أنه خبز سياسات وماؤها.. حيث يزين المنافقون للساسة الطُّغاة البُغاة عدوانَهم، وللظُّلام ظلمَهم، وللحمقى والمجانين حُمْقَهم وجنونَهم.. فيتمادى أولئك في صَلَفهم وطغيانهم وإجرامهم.. يعتدون ويقتلون وينهبون، ويرتكبون الجرائم ويبقون بمنجى من العقاب، ويعيشون بأمان، تحميهم قوة غاشمة، ويرفع من شأنهم وشأن أفعالهم البغيضة جحفلُ المنافقين والإمعات والأتباع والعملاء الذي يهلِّل لهم.. فيمضون في الغي والتغوُّل إلى أبعد مدى، فيتلاعبون بالدول وسيادتها وأرضها وحقوقها، وبالشعوب ومصائرها، وبالقوانين والمعايير والقيم، وبالثوابت والمبادئ، وبالدين والأخلاق.. يتلاعبون بكل شيء، ويستبيحون كلَّ شيء، فلا مقدَّس ولا مُحرَّم لديهم.. إنهم يسيطرون على القرارات والأعمال والأموال والثروات وعلى مفاصل حياة الناس، ويتربعون في الرؤوس والأعناق، ويبقون فوق، “في الأعالي بأمان؟!”، لا يهمهم أن تكبر مصائب العالم، ولا أن تكرج كرات النار في طول الأرض وعرضها مسببة الكوارث للبشر، ومدمرة العمران والحضارة..
في ظل هكذا ساسة وسياسة، “اقرأ على العدل والسلم والأمن والسلم الدولي والإقليمي السلام”.. فلا عدل في عالم يحكمه ساسة عنصريون حمقى ومجرمون، وأشباهٌ وأتباعٌ لهم مسكونون بأطماع وأمراض شتى.. ومِن خلف أولئك وهؤلاء منافقون وإمَّعات ومطبلون وأدوات، يبقونهم فوق رقاب الشعوب، يتلاعبون بالأوطان والمواطنين، بمصائر الدول والشعوب، بالجغرافيا والتاريخ، بالحقائق والوقائع.. يزورون ويفترون، ويشيعون الفوضى في العالم، ويسوقون أمما إلى الحروب ويغرقونها في مناقع الدم والبؤس واليأس، ويفتحون أمام الخلق دروب الهلاك واسعة وتتسع.
دونالد ترامب أعلن في يوم الخميس ٢١/٣/٢٠١٩ أن “الوقت حان للولايات المتحدة أن تعترف بسيادة إسرائيل على الجولان الذي يحظى بأهمية استراتيجية وأمنية حيوية بالنسبة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة”، ووقَّع يوم الاثنين ٢٥ من الشهر ذاته مرسوما رئاسيا يتعارض مع كل عدل وعقل وقانون، يتضمَّن اعترافا أميركيا بذلك، بحضور الإرهابي العنصري الصهيوني بنيامين نتنياهو، وقال “إنني أتخذ اليوم خطوة تاريخية لدعم قدرات إسرائيل في الدفاع عن ذاتها والتمتع بمستوى عالٍ من الأمن الذي تستحقه. إسرائيل سيطرت على مرتفعات الجولان عام 1967 لحماية نفسها من التهديدات المقبلة”.. فأيُّ افتراء، وأيُّ فجور، وأية وقاحة، وأي عدوان على سيادة دولة وحقوق شعب، “سوريا وشعبها”، وعلى أمة وتاريخ.. إذ الجولان أرض سورية مُحتلة، وسيبقى سوريا ويُستعاد بكلِّ الوسائل، مهما طال الزَّمن، وعَظُمَت التضحيات..؟! وكان إسرائيلي الهوى هذا قد أعلن قبل ذلك “أن القدس عاصمة لإسرائيل”، وقرر نقل سفارة بلاده إليها.. هكذا بجرة قلم وباستعراض طُغياني جنوني.. يعطي ما لا يملك لمن لا حقَّ له ولا يستحق، وكأنه حاكم العالم، ومالكه، وصاحب الأمر والنهي فيه؟!
أصحاب الحق في الموضوعين، “القدس والجولان”، قالوا “لا، وألف لا.. وأن حقهم لن يُمَسَّ ولن يضيع ولن يموت..”، ومعظم دول العالم استنكرت ذلك التصرف الهمجي واستنكرته ورفضته، وجدَّدت تمسكها بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصِّلَة:
أولا: بالقرار رقم 242 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بتاريخ 22 نوفمبر1967، ونصه الآتي: ((إن مجلس الأمن: إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراضٍ بواسطة الحرب. والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن، وإذ يؤكد أيضا أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقا للمادة 2 من الميثاق.
1 ـ يؤكد أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويستوجب تطبيق كلا المبدأين التاليين:
أ – سحب القوات المسلحة من أراض (الأراضي) التي احتلتها في النزاع.
ب – إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة.
2 ـ يؤكد أيضا الحاجة إلى:
أ- ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة.
ب- تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
ج – ضمان المناعة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق إجراءات بينها إقامة مناطق مجردة من السلاح.
د- وقف إطلاق النار)).
ثانيا: بالقرار رقم 338 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بجلسته رقم 1747 بتاريخ 22 تشرين الأول/أكتوبر، 1973، ونصَّه الآتي: ((إن مجلس الأمن:
1 ـ يدعو جميع الأطراف المشتركة في القتال الدائر حاليا إلى وقف إطلاق النار بصورة كاملة، وإنهاء جميع الأعمال العسكرية فورا في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار، وفي المواقع التي تحتلها الآن.
2 ـ يدعو جميع الأطراف المعنية إلى البدء فورا بعد وقف إطلاق النار، بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (242) (1967) بجميع أجزائه.
3 ـ يقرر أن تبدأ فور وقف إطلاق النار وخلاله، مفاوضات بين الأطراف المعنية تحت الإشراف الملائم بهدف إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط)).
ثالثا: بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 497، الذي اتخذه بالإجماع في جسلته رقم 2319 بتاريخ 17 ديسمبر 1981.. ونصُّه الآتي: (إن مجلس الأمن، وقد نظر في رسالة الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية، المؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981 والمنشورة في الوثيقة (S/14791)
وإذ يؤكد مجددا أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة،
يعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة ملغيا وباطلا ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي؛
يطلب من إسرائيل، القوة المحتلة، أن تلغي قرارها فورا؛
يعلن أن جميع أحكام اتفاقية جنيف المعقودة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب ما زالت سارية المفعول على الأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967؛ يرجو من الأمين العام أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن بشأن تطبيق هذا القرار خلال أسبوعين، ويقرر أنه في حال عدم امتثال إسرائيل، يجتمع مجلس الأمن بصورة استثنائية، وفي مدة لا تتجاوز 5 كانون الثاني/يناير 1982، للنظر في اتخاذ الإجراءات الملائمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة)).
لكن ذلك الرئيس ترامب، لم يلتفت لكل ذلك.. مستندا إلى قوة، وتاريخ من العبث بالمنظمات الدولية بسيادة الدول وحقوق الشعوب..!!؟ ومما يؤسَف له أن هناك تاريخا طويلا لهذا النوع من العبث.. فمنذ ٧١ سنة على صدور القرار ١٨١، و٧٠ سنة على القرار ١٩٤، و٥٢ سنة على القرار ٢٤٢ و.. و.. ودول العالم تقول لا للاحتلال الصهيوني وقرار الضَّم، لكنها لم تسِر خطوة واحدة جادة وحاسمة، باتجاه تنفيذ أيٍّ من تلك القرارات، وبقيت الأمور في تفاقم مستمر، والاحتلال الصهيوني والاستهتار الأميركي بالحقوق في تطاول ومستمر، وبقي الطلب إلى أهل الحق “العرب”، أن يتنازلوا ويتفاوضوا، مستمرا أيضا.. ولم يجدِ تنازل ولا تفاوض، بل شجع ذلك كلُّه المعتدين والعنصريين على التمادي في عدوانهم وطغيانهم وجشعهم.. إن عودة الجولان لسوريا ووضع حد للاحتلال لم يتم، ومثل هذا حصل للقدس وللضفة الغربية، ولحصار غزَّة، و.. وبقيت قرارات مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة ذات الصلة بقضية فلسطين وما نتج عنها وتم في إطارها.. حبرا على ورق، وبقي الاحتلال العنصري قائما يتوسع ويقتل ويفتك بالحقوق والحقائق والناس، ويلقَى دعما وتشجيعا..
إن علينا ألا نستهين بما قام به ترامب باسم الولايات المتحدة الأميركية، وألا نكتفي بالقول: “إن هذا لا قيمة قانونية له، ويعتبر باطلا ولا مفعول له وكأن لم يكن، وأن الشرعية الدولية ترفضه”، فالشرعية الدولية وقراراتها وقوانينها وسلطتها وسطوتها و.. لا تحكمها ازدواجية معايير فقط، بل يرسمها وينفذها ويتسلط عليها أصحاب القوة والنفوذ والمصالح من مزدوجي المعايير، والوجوه الأقنعة أو الأقنعة الوجوه. ومن ثمَّ فهي ذات وجوه وأحوال وتقلبات.. فهي ذات أنياب ومخالب عندما يشاء الساسة المنافقون الكبار أن تكون كذلك، إذ يُشهر الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد دول وشعوب مُستهدَفة دوما، منها نحن العرب والمسلمين، فتزحف جيوش وتدمر المعنيَّ بالأمر، متجاوزة هيئة الأمم المتحدة وميثاقها ومؤسساتها وقراراتها كليا، وتفعل فعلها مطمئنة إلى قوتها وإلى سكوت نظرائها الأقوياء، “في ادعاء حماية الأمن والسلم الدوليين”، ويغدو الكل شركاء.. فالكبار لا يصطدمون من أجل “الضعفاء والصغار؟!”؟!.. ولذا فالمؤسسة الدولية “الأعلى” ذات سيف مزدوج الماهية والحد والقدرة، فهو من فولاذ مُحَمَّى آنا، ومن خشب نخره السوس في أحايين.. وهكذا تصبح المنظمة الأممية، شاءت ذلك أم أبت، ذات تواطؤ ضد دول وشعوب وقضايا، إذ تصمت صمت القبور، أو تلغو بما لا قيمة له من كلام، وتترك العدوان والاحتلال والقوة الغاشمة والظلم يسرح ويمرح في أرض البشر، يبيد ما يشاء من دول وبشر.. وتسكت عمن يُمِدُّ القوي المعتدي بما يعزز قوته ويفاقم خطره وعدوانه.. والشواهد على ذلك أكثر من أن تُحصى، لا سيما حين يتعلق الأمر “بدول قوية، ومعتدين أشرار، وعنصريين مجرمين، و.. و..”، وبمواقف تكتلات وتحالفات ذات أنواع وأصناف من التبعيات والموالاة.. وعندما يكون الضحايا فقراء، وضعفاء أو عربا ومسلمين؟!
لقد خضنا التجارب القاسية المُرَّة، المَرَّة تِلو المرَّة، ودفعنا الأثمان الفادحة وما زلنا ندفع.. وآن لنا أن نقرأ دروس الماضي القريب بمسؤولية ووعي، وأن نتَّعظ بما جرى لنا وبما يجري، وألا نستيهن على الإطلاق بما حدث ويحدُث، مكتفين بالأقوال، وبالاستناد إلى الشرعية الدولية..
إن هذين الحليفين “ترامب ونتنياهو” وأمثالهما، هما رأس قوة تمارس الافتراء وغيره، وتفتري بما لا يمكن لطفل أن يصدقه من افتراءات مكشوفة، وتتشدق بالديمقراطية والحرية وحماية الحقوق.. وتلك القوة تمارس سطوتها على الآخرين، “دولا وشعوبا”، متبعة سياسة تفرض منطق القوة باسم دول هذا هو قانونها وما تفهمه، وهي لا تخشى دفعا ولا ردعا، ففيما تملك من سلاح ومال وإعلام وقدرة على الفساد والإفساد، قوة ساحقة تسخِّر العملاء، وتشتري الضمائر والأدوات وكلَّ من/ وما يُشترى ويُباع، وتُكَتِّل خلفها والإمعات والأتباع.. ولا يجرؤ أحد على أن يقول لها “لا..” ذات معنى وقيمة ومدلول ومفعول.. إن أولئك ومَن وراءهم يزيفون الحقائق والوقائع، الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، ويعطلون القوانين، ويُعلون راية النفاق بأنواعه وأشكاله وألوانه، فوق كل راية.. ويزرون بالحق والعدل وبمن ينادون بهما على أصولهما.. وتسحقهم سحقا إذا لم يملكوا قوة ذاتية “علمية – عملية – تقنية” تردع عدوان القوة..
إن دونالد ترامب الذي يتصرف بملكنا وبأوطاننا وحقوقنا ومصائرنا، ويهب حلفاءه الصهاينة “أرض الجولان السوري المحتل” باستهتار عام، وعمى تام، وجنون مطبق، و”يعطي ما لا يملك لمن لا يستحق ومَن لا حق له مطلقا فيما يغتصِب..”، ينتهك القانون الدولي والقرارات والمواثيق الدولية، ووحدة سوريا وسيادتها.. إنه يفعل ذلك باسم الولايات المتحدة الأميركية التي نشأت ويغرق تاريخها.. ولقد سبق لنا أن واجهنا مثل هذه القرارات والتصرفات وأفعال القوة الاستعمارية الغاشمة أبرزها عام ١٩١٧ يوم أعطى اليهودي الصهيوني لورد بلفور، باسم بريطانيا الوصية على فلسطين، يوم أعطى وعده المشؤوم لليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين على حساب أهلها وأمتها وتاريخها ومقدساتها ومكانتها العربية والإسلامية والعالمية.. لقد قلنا يومها “لا.. وألف لا، وما زلنا نقولها..”، وقلنا ونقول: “أعطى من لا يملك لمن لا يستحق”.. لقد اعترضنا نحن أصحاب الحق العرب، فلسطينيين وغير فلسطينيين، واعترضت دول كثيرة في العالم على ذلك الفعل، لكن الوعد المشؤوم تم تنفيذه، والدولة العنصرية الصهيونية أُقيمت.. وها هي تحتل وتتوسع وتحاصر وتقتل وتقيم معسكرات اعتقال أسوأ بكثير من معتقلات النازيين في “أوشفيتز وبوخنفالد وغيرهما”.. وتجد من يبارك ما تقوم به، ومن يحميها، ويشجِّعها، ويُموِّلها، ويُعزَّز قوتها، ويحرضها على مزيد من الإرهاب والإجرام والتوسع والطمع.. ويعينها على أن تملك، وهي تملك بالفعل، أسلحة نووية وجرثومية وكيمياوية محرمة دوليا من دون اعتراض على ذلك، وتملك طائرات حديثة وصواريخ مدمرة.. وتمنع غيرها من دول المنطقة والواقعين تحت احتلالها، مِن امتلاك سلاح للدفاع عن النفس والحق والأرض، وتلاحق من تشاء بتهم الإرهاب إن هو اعترض على سلوكها، ورفض أن تذبحه وتذبح أطفاله في فراشهم.. تفعل ذلك كله، وتفعل ما هو أكثر بكثير، ولا أحد يجرؤ على رفع الصوت ضدها.. فالقوى العظمى معها، وشركاء لها في الأطماع والأهداف والاستهداف معها، وأجنحة أخرى لتلك القوة ترفرف في ظلالها.. وكل قوة عُظمى تناوئ قوة أخرى عُظمى تتودد لها، وتنسق معها، وتحاول أن تُمدّها بما يزيدها احتلالها وإجرامها وغطرستها.. وتمتنع عن أن تقف بوجهها موقفا ذا معنى، مهما فعلت..؟! فالنفاق كاسح ويكتسح، والمصالح “رأس الحِكْمة في سياسة تحتقر الأخلاق والأخلاقيين والعدل والعادلين”، والقوة العمياء الظالمة حاكمة ومتحكِّمَة ومنتشية.. والعنصرية في تشدُّدٍ وتمدد.. وقانون العالم: “مَن يقتُل ويملك أدوات القتل، يحكُم ويتحكَّم ويفعل ما يريد بمن يريد، متى شاء وكيف شاء؟!”
فلنكف نحن العرب عن الهرب مما نحن فيه من تشتت وضعف وتبعية و”إمَّعيَّة”، ولنرفض الاستباحة، والارتماء في أحضان الأعداء وخوض معاركهم بالوكالة، واستعداء القوى الأخرى على بعضنا بعضا.. ولنكف عن تعليق كل أمورنا وقضايانا ومستقبلنا بالشرعية الدولية.. إنَّ علينا ألا نخسرها بل نتمسك بها، ونبقيها مرجعية دولية، سياسية وقانونية، وفي أرصدتنا الرئيسة.. لكن لا نتوقف عن كل فعل يقتضيه تحرير الأرض واستعادة الحق، بانتظار أن تنجز هي ذلك.. وحقائق الأمور، منذ قرنٍ ونيِّفٍ من الزمن على الأقل، مِن عُصْبَة الأمم إلى الأمم المتحدة.. تشير إلى أن مَن يستند إلى الشرعية الدولية، والقوانين الأممية المرعية الاعتبار، وينتظر أن تنصره القوى المتواطئة عليه، وينصره عالم النفاق السياسي ـ العنصري ـ المَصلحي ـ اللاأخلاقي.. واهم.. ثم واهم.. ثم واهم.. وهو يعيش وهما، وينشر وهما، ويفرِّخ وهما.. وأحداث التاريخ شواهد، وقضايا شعوب أخرى ومواقفها من قضاياها شواهد أيضا.
إن علينا أن نعتمد على أنفسنا في حماية أنفسنا، وفي استعادة المحتل من أرضنا، والمُستباح من حقوقنا، وأن نحمي ما تبقَّى لنا مِنا ومما نملك ونمثل، وأن نسير في الدروب الصحيحة المفضية إلى استعادة سيادتنا وكرامتنا ومكانتنا بين الأمم، وما استُلب واغتصب ونُهب منا.. فما أُخذ بالقوة لا يُستعاد بغير القوة”.. إن إرادة الشعوب والقوة العادلة، قادرتان على ردع الحَمقى وإفشال سياسة العنصريين.. إنهما تبنيان وتحميان وتحرران، وتصونان الحق وتستعيدانه إذا اغتُصِب، إنهما تحرران الإنسان، وتكوِّنان المواطن الحرَّ المِحرِّر، وتردعان الطغيان والعدوان، وتقفان بوجه العنصرية والصهيونية والإرهاب والتطرف.. وهما كفيلتان بإقامة العدل وإسناد الحق، إن تمسكتا بالقيم الوطنية والقومية والإنسانية، وبأخلاق وقيم رفيعة متينة قويمة وقوية.. فعلينا بذلك.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8535 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 27

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28