] جولة جون بولتون.. واستمرار الاحتلال والعدوان - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 10 كانون الثاني (يناير) 2019

جولة جون بولتون.. واستمرار الاحتلال والعدوان

الخميس 10 كانون الثاني (يناير) 2019 par علي عقلة عرسان

كيان الاحتلال الإسرائيلي يطالب على لسان نتنياهو بأن يكون الجولان السوري المُحتل، ضمن صفقة ترامب للانسحاب من سوريا، فأمن “إسرائيل” مهدد، والجولان مهم جدا لحماية أمن “إسرائيل”.. إذن فليكن الجولان ضمن صفقة سحب القوات الأميركية من سوريا.. وكان هذا المطلب قد طُرح من سياسيين وعسكريين خلال الحرب/ الكارثة في سوريا، بحجة أن هناك متغيرات في المنطقة، وأن الوضع لم يعد كما كان في السابق، و”كانت الإشارات” تنصب على وضع سوريا وجيشها في الحرب.. وجاء مَن يُسمَّى رئيس دولة “إسرائيل” رؤوفين ريفلين، ليقول في خطاب ألقاه في في الجولان المحتل، نشر بتاريخ ١٦/٦/٢٠١٧ إنَّ “على أمم العالم أن تعترف بشكل رسمي بأن هضبة الجولان هي جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل، وأنها ضرورية لوجودنا كشعب”. وبدأ دوري جولد، رئيس المركز الأورشليمي في القدس العمل على الموضوع، فعقَد ندوة حوله في موسكو خلال شهر شباط/فبراير ٢٠١٨ بعد لقاء بوتين ـ نتنياهو، وبعد قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس، دعا جولد إلى عقد ندوة في الكونجرس الأميركي تحت عنوان: “أفق جديد في العلاقات الأميركية الإسرائيلية: من نقل السفارة إلى القدس وحتى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان”، وعقدت الندوة في تموز/يولو ٢٠١٨، بدعم وجهود من السيناتور الجمهوري، “تيد كروز”، والعضو الجمهوري في مجلس النواب، “رون ديسانتس”، وبرئاسة الأخير الذي صرح: بأنه “من الجنون عودة هضبة الجولان السورية المحتلة للرئيس السوري، بشار الأسد”.
وقدم ديسانتس وآخرون من أعضاء الكونجرس مشروع قرار يعترف بموجبه الكونجرس بشرعية ضم “إسرائيل” للجولان، تمهيدا لجعله قرار دولة. وخلال زيارة بولتون الحالية للمنطقة، ابتداء “بإسرائيل”، طالب نتنياهو باعتراف الولايات المتحدة الأميركية بضم الجولان “لإسرائيل”، وعرض على مستشار ترامب للأمن القومي، جون بولتون، ما كان قد قام به “مسؤولون إسرائيليون” سابقون، مع رؤساء ومسؤولين أميركيين وأوروبيين.. عرض عليه قائلا: “.. غدا، إذا ما أتاحت حالة الطقس لنا ذلك، فسنصعد إلى الجولان. هضبة الجولان هامة جدا لأمننا. عندما ستكون هناك ستتمكن من أن تفهم جيدا لماذا نحن لن ننسحب أبدا من هضبة الجولان؟ ولماذا هام جدا أن تعترف كل الدول بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان..؟ تحادثت في ذلك مع الرئيس وآمل أن تكون لي فرصة لأن أريك هذا مباشرة غدا في زيارتنا”./ عن جريدة إسرائيل اليوم – من ايتمار آيخنر – 7/1/2019 وبولتون لا يحتاج إلى إقناع ولا إلى إغراء ولا إلى تشجيع في هذا التجاه، فهو مثل نتنياهو، وقد جاء ليعلن، في زيارته لفلسطين المُحتلة ـ إضافة لبحث علاقات مستقبل إسرائيل بالصين ـ عن تقديم بلاده لكل ما يساعد “إسرائيل” ويحميها، وأعاد تعهد الولايات المتحدة الأميركية بذلك.. وبولتون لم يأتِ للمنطقة للإعلان عن حماية إسرائيل ودعمها في عدوانها المستمر على سوريا فقط، بل لشد الحلفاء، ولحماية عملاء واشنطن من الأكراد، وليعلن عن استمرار تقديم الدعم الخفي والمعلن لهم ولمشروعهم التقسيمي على المدى الطويل، وهو إقامة “إسرائيل الثانية” في شمال سوريا، إن لم يكن الآن فبعد وقت، والزمن مفتوح.. فمن جمهورية “مهاباد”، إلى مشروع استقلال شمال العراق باستفتاء البرزاني، إلى مشروع “دولة قامشلو؟!”.
والتنظيمات الكردية المسلحة في سوريا لا تكف عن الاعتماد على الغرب و”إسرائيل” في هذا المشروع، ولا تكف عن المناورة والتلون المكشوف.. فبعد أن أعلنت عن “دولة روجآفا؟!” في ما سمته “كردستان الغربية؟!”، وحاربت تحت العلم الأميركي لبسط سيطرتها على أرض الجزيرة، شرق نهر الفرات وشماله، وضمت رهائن لها من عرب المنطقة لتلوين الصورة واستمرت بالحرب من أجل توسيع رقعة ما تسيطر عليه من أرض، بلوغا لشاطئ البحر الأبيض المتوسط عبر منفذ من عفرين، إن هي استطاعت ذلك، ونشرت خرائط الدولة العتيدة؟! بعد ذلك قالت بالفيدرالية التي “لا يمكن أن تتنازل عنها”، تلك التي رفضتها سوريا وموسكو وتركيا.. ثم رأت، بعد قرار ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، واتفاقه مع تركيا.. أن تضيق دائرة الطموح، وأن ترفع الراية السورية للحماية من الأتراك، وراج الحديث عن الاعتراف بالانتماء “السوري” مع التمسك بالحكم الذاتي، وأعلنت استعدادها للموافقة على تعاون قوات “قسد” مع الجيش العربي السوري لتحرير الشمال السوري، لا سيما استعادة السيطرة على عفرين، لكن.. ضمن اتفاق سياسي، يتضمن تغيير تسمية الجيش العربي السوري، وفق صيغة يُتّفق عليها، وذلك حسب تصريحات بعض من هم “قادة وساسة” منهم وفيهم، أعلنوا ذلك عبر الفضائيات، فـ”السورية” الآن مطلوبة تكتيكيا، لكنها مرفوضة استراتيجا، لأن المشروع الانفصالي قائم، قد تهدأ النار تحته أو تشب حسب الظروف، وتلك شطارة.. أما عن موضوع العمل ضمن جيش يحمل اسم “الجيش العربي السوري”، فأمر لا يجوز أن يستمر من وجهة نظر أولئك القادة الذين حملوا الكرد ما لا يطيقون، هم يرون أنفسهم وقوتهم فوق ذلك.. والجيش، من وجهة نظرهم، يجب أن يحمل اسم مكونات الشعب في الدولة.. أي أن نوجد له صيغة معبرة عن ما يقرب من اثنتين وسبعين أقلية وطائفة ومذهبا وفرقة و.. في سوريا؟! وهذا إبداع سياسي واختراع ديمقراطي لم يعرفهما تاريخ الدول والشعوب والديمقراطيات، وحين نبحث عن أدنى ظلال له فإننا لا نجدها مثلا في الدول الكبرى والصغرى في العالم، من الجيش الروسي “جيش روسيا الاتحادية بشعوبها وقومياتها”، إلى جيش الولايات المتحدة الأميركية بأعراقها ومذاهبها وأديانها، إلى الجيش الصيني بقوميات الصين ودياناتها، إلى جيوش فرنسا، وبريطانيا وحتى سويسرا، وما شئت من دول العالم العاشر مثلا”؟! إن أولئك “الساسة ـ القادة” القسديون، يطالبون بذلك وبسواه، ويريدون أن يتم ذلك عبر حوار ومباحثات واتفاقيات يجب أن تتم بين “قامشلو؟!” ودمشق، أي بين “أرض “القصب”، قرب مدخل نهر دجلة للأراضي السورية، وبين العاصمة دمشق “جيرون”؟! وأن يتم ذلك بوساطة موسكو وضمانتها، إضافة إلى ضمانات دولية أخرى؟!.. إنهم لا يعلنون مثلا العودة إلى حضن الوطن، والتمسك بوحدته أرضا وشعبا كما كان الأمر عليه، وعلى الجيش فيه، بل يريدون جني محصول التعامل مع الأميركيين، منذ رفع العلم الأميركي في الملعب الرياضي بالقامشلي عام ٢٠٠٣ إبان تدمير الأميركيين للعراق، وتهديدهم لسوريا، يوم قال الوزير كولن باول للسوريين “انتبهوا.. لقد أصبحنا جيرانكم”، فراق ذلك التهديد لقصيري النظر من قادة مشروع دولة “قامشلو”، ورفعوا علم المجرم جورج بوش الإبن، وهددوا سوريا الوطن؟! إن هذا مؤسف، ومن المؤسف أكثر أن نستعيده ونتحدث عنه.. في وقت يحتاج فيه الشعب إلى التصالح والتسامح، لكن على أرضية من الثقة، وفي ضوء الوضوح والانتماء، والصدق، والأخوة الحقة.. تلك التي جمعت العرب والكرد عبر تاريخ طويل، وخربها “متأدلجون” سقطت أيديولوجيتهم، ولم تسقط أوهامهم بعد.. هذا مؤلم، ومؤسف، ولا نريده.. لكن لا بد من فتح الجرح لتنظيفه وتضميده، إذا لا يجوز أن يربط على ما ينغَل فيه، فيؤدي إلى مضاعفات خطيرة، تضر بالجسم كله.
من المؤكد أن جون بولتون ليس صديقا مخلصا إلا لما ينتمي إليه، وطابع الغدر الأميركي أصبح مكشوفا، وحين يجتمع الغدر والمكر والقوة الغاشمة والطمع الشرير، فإن على المستهدفين ومن في حكمهم أن يأخذوا حذرهم. سيعمل بولتون في العواصم التي يزورها خلال جولته الحالية في المنطقة، على تأمين مصالح بلاده، وعلى تعزيز العدوان والاحتلال والتوسع الصهيوني أولا وقبل كل شيء، وعلى ضمان الأمن والحلم الكرديين، لأن إسرائيل الأولى لن تتخلى عن مشروع “إسرائيل الثانية” الذي عملت وتعمل وستعمل عليه، مثلما في العراق وسوريا منذ ستينيات القرن العشرين.. وكل الصهاينة، بالإضافة إلى دونالد ترامب وجون بولتون، هم “إسرائيل” وما تريد، وما تحيى به، وتعمل عليه.. لكن حين يستدعي الأمر تضحية “بالدم والمال” فهم في صلب القول “اللهم نفسي، واللهم مصلحتي”، ويتربع شايلوك على عرشه العالي ومعه المال والسكين. إن أطماع “إسرائيل” لم تتوقف ولن تتوقف عند حد.. وهي الآن “تصيغ لنفسها أهدافا استراتيجية حيال الجار الجديد ـ القديم من الشمال”، أي حيال سوريا التي أوشكت الحرب فيها على أفق مغاير لما ساد خلال السنوات الثماني الماضية، وضد لبنان، بذريعة حزب الله، وضد البلدين بذريعة إيران.. لكن أن تقترب من إيران مباشرة، فتلك قضية أخرى.. فالكل يتحارب بنا وعلى أرضنا.. وبشأن مطامع “إسرائيل” وتوسعها ومعاركها نشرت وزارة الخارجية الأميركية إعلانا استثنائيا، في توقيته على الخصوص، إذ جاء بعد العدوان الأخير على سوريا، وربما في ظل تمخض ترامب عن قرار الانسحاب من سوريا.. قالت فيه: “الولايات المتحدة تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها إزاء النشاطات الإقليمية لإيران التي تعرض للخطر المصالح الأمنية الوطنية لإسرائيل.. وتواصل التأكد من أن يكون لإسرائيل القدرة العسكرية للعمل ضد إيران بصورة حاسمة”.. أما بشأن لبنان، فقد قال داني دانون، سفير كيان الإرهاب “إسرائيل” في الأمم المتحدة، قال أمام مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة مناقشة المجلس لموضوع الأنفاق في شمال فلسطين المحتلة: “إذا تجرأ حزب الله على مهاجمة إسرائيل، فسندفنه في الخرائب التي ستحل على لبنان”./جريدة معاريف – 2/1/2019/. ولم يعلق أحد على تصريح إرهابي، وعلى تهديد مُعلَن من هذا النوع في المجلس، لأن إدارة ترامب تضمن لجم الألسنة، عندما يتعلق الأمر بـ”إسرائيل”.
من المؤكد أن الجولان سيكون هدفا سياسيا، وربما هدفا عسكريا.. ومن المؤكد أيضا أن الولايات المتحدة الأميركية ستدعم كيان الإرهاب في كل خطواته الرامية إلى إعلان مشروعية ضمه للجولان، وقد بدأت خطوات عملية يتعلق بمنتجات الجولان الزراعية وتسويقها، إضافه للعمل السياسي المتصاعد في هذا المجال. إن كيان الإرهاب الإسرائيلي يحتل ما يزيد على ١٢٠٠ كم٢ من أرض الجولان العربي السوري، منذ الخامس من حزيران/يونيو ١٩٦٧، ولم يبق من هضبة الجولان بيد سوريا سوى ما يقرب من ٥٢٠ كم٢.. والجولان السوري أرض محتلَّة حسب القانون الدولي، ويسري عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 لعام 1967، وهو قرار ينص على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها، في ذلك العام، ويتم التأكيد على ذلك منذ واحد وخمسين عاما.. لكن “إسرائيل” لم تنسحب، ولم تنفذ أي قرار من قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة المتصلة بالجولان، أو بالقدس، أو بقضية فلسطين كلها.. وهي تبني في الجولان مستوطنات، وتزيل قرى سورية، وتستثمر هناك، وتريد أن تتوسع أكثر فأكثر، بعد أن أعلنت في عام ١٩٨١ عن قرار بضم الجولان إلى كيانها، وهو قرار باطل وغير قانوني ولا أثر له، وقد رفضته سوريا ويرفضه العالم كله.. لكن “إسرائيل” تستمر في العدوان والاحتلال والضم والقضم، تفعل ذلك في الجولان، وفي الضفة الغربية وفي القدس.. وفي سياسات عربية أيضا، تقضمها من أطراف، وتستوعبها من أطراف، وتنهبها من كل الأطراف..
فإلى متى يبقى الجولان السوري محتلا، والشعب الفلسطيني تحت الاضطهاد وقيد الحصار والتقتيل، وأرضه قيد الابتلاع والتهويد، وعاصمته القدس نهبا لليهود.. وإلى متى تبقى “سياسة تعاسة، أو كياسة؟!؟”، بلا إرادة تحرير، وقوة تحرر وتردع الطامعين، وتبني أرض الأمة، وتصون مصالحها وكرامتها، وتحمي شعبها وتستعيد وجودها..؟!
إنه سؤال ألقيه في المطلق وعليه، لأنه نار في الكبد، وغصص عمر، ونير على الرقبة.. ولا يبدو أنه يعني كثيرين، ممن ينالهم ما ينالهم من ظلم وضيم وتهديد، وممن ينتظرهم أن يصابوا بما أصاب غيرهم من أبناء أمتهم، إن هم رافعو الرأس والصوت والساعد.. لتكون حياة؟!
والحياة موقف، وكرامة، وحرية، وأمن من جوع وخوف، ووثقة متبادلة بين الأحياء، واعتماد متبادل بين الدول، وحضور حي بين الشعوب والأفراد، للأمم الحيَّة؟!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3799 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 25

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28