] الضفة تنتفض.. لكن! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 16 كانون الأول (ديسمبر) 2018

الضفة تنتفض.. لكن!

الأحد 16 كانون الأول (ديسمبر) 2018 par علي جرادات

بعد نحو 10 سنوات على انطفاء الانتفاضة «الثانية»، تخللتها عدة هَبَّات شعبية، أطلقت الضفة، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، هَبَّة شعبية امتد لهيبها إلى قطاع غزة و«مناطق 48»، هَبَّة فاجأت قادة الاحتلال، وأربكت حساباتهم، هَبّة وصفتها أجهزة أمن الاحتلال بالانتفاضة، هَبَّة تصدَّرها جيل جديد، استعاد زمام المبادرة، وأطلق موجة متصلة وغير مسبوقة من الفعل الانتفاضي، عماده عمليات الطعن والدعس، وإطلاق النار، عدا الاشتباك مع جيش الاحتلال عند نقاط التماس.
لقد امتلكت تلك الهَبَّة، بالفعل، كل شروط التحول إلى انتفاضة شعبية منظمة شاملة ممتدة، لكن غياب شرط القيادة الوطنية الموحدة، أي عدم توافر الركائز السياسية والتنظيمية والاجتماعية والمعنوية اللازمة لإدامتها وتطويرها، هو ما قاد إلى خفوت جذوتها، بينما ظلت إمكانية تجددها قائمة، فقد شهدنا، (مثلاً)، الهَبَّة الشعبية التي أجبرت الاحتلال على التراجع عن نصب الكاميرات عند بوابات الأقصى. هذا عدا أن التحركات الجماهيرية، وعمليات الطعن والدهس وإطلاق النار لم تنقطع، اتصالاً بتصاعد الهجوم السياسي والميداني للاحتلال.
وعلى خلفية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، و«نقل السفارة» إليها، شهدت الضفة موجات متقطعة من التحركات الجماهيرية. وقد جاءت العمليات الفدائية الأخيرة التي وقعت، الأسبوع الماضي، في منطقة رام الله والقدس لتؤكد أن الضفة تغلي كمرجل يوشك على الانفجار، وأن هدوءها النسبي خادع، وأن السؤال، هنا، هو: ليس إذا ما كانت، (أي الضفة)، ستنفجر أم لا؟ بل متى، وكيف ستنفجر؟ وهو الأمر الذي طالما حذر منه قادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية.
أما حكومة الاستيطان والتهويد، بقيادة نتنياهو، المثقلة بالخرافات التلمودية، والمدعومة، بصورة شاملة ومطلقة، من الولايات المتحدة، بقيادة رئيسها ترامب، فركبت رأسها، واستباحت الضفة، وأمعنت في استفزاز الحالة الشعبية والرسمية فيها، ظناً منها أن ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بالمزيد من القوة، وأن حالة الانقسام الفلسطينية السائدة بين الضفة والقطاع لا يمكن تجاوزها، لا بالمعنى السياسي، ولا حتى بالمعنى الميداني. ففي يوم الثلاثاء الماضي، غداة عملية «عوفرا» الفدائية الأولى، جدد رئيس حكومة ووزير حرب الاحتلال، نتنياهو، خلال حضوره مراسم افتتاح شارع قرب قرية جبع شرق رام الله، عَزْم حكومته مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية بالقول: «هنا عاش أجدادنا قبل آلاف السنين، وما تمت استعادته منها، (أي الضفة)، سيبقى للأبد».. إنهم يريدون أن يقتلعونا من هنا، ولكنهم لن يحققوا ذلك.. وطالما بقيتُ رئيساً للحكومة لن يتم اقتلاع يهودي واحد من منزله، بل سنبني المزيد من المنازل». وفي يوم الخميس الماضي، قبل ساعات قليلة على وقوع عملية «عوفرا» الفدائية الثانية، وعملية الطعن البطولية في القدس، تبجح نتنياهو هذا، وكال المديح لأجهزته الأمنية، ووصفها بصاحبة «الذراع الطويلة»، على خلفية ارتكابها جريمة الإعدام الميداني للمناضل صالح البرغوثي، وجريمة اغتيال المناضل أشرف نعالوة، علماً أنه كان بالإمكان اعتقالهما.
على أية حال، يُذَكِّر الانفجار الجاري في الضفة منذ مطلع الأسبوع الماضي بمقدمات اندلاع هَبَّة القدس في أكتوبر/تشرين الأول 2015. هذا يعني أن الضفة، على الأرجح، مقبلة على هَبّة، وربما على انتفاضة شعبية، تجعل ما قبلها غير ما بعدها، آخذين بالحسبان أنه بقدر ما يتعلق الأمر بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، فإن استكمال ابتلاع الضفة، (وقلبها القدس)، وتهويدها، وتقطيع أوصالها، وتكريس فصلها عن قطاع غزة، هو الحلقة المركزية في تطبيقات خطة «صفقة القرن»، و«قانون أساس القومية» اليهودي، لتصفية القضية الفلسطينية. غاية الكلام أعلاه القول إن انفجار الحالة الشعبية في الضفة، وبالتالي، في القطاع، قادم لا محالة، سواء تقدم الأمر أو تأخر، لكن السؤال، هنا، هو: هل يكون الانفجار عفوياً وجزئياً ومثقلاً بأهداف سياسية حزبية مختلفة، أم منظماً وشاملاً ويطرح هدفاً سياسياً وطنياً مُوحداً واضحاً ومحدداً؟ يتوقف الأمر، هنا، على قادة الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهم قادة حركتيْ «فتح» و«حماس»، أي على استعدادهم، وتوافر الإرادة السياسية الجدية لتشكيل قيادة سياسية وطنية موحدة تقود الفعل الميداني، وتحدد هدفه، وتوجهه، وتوفر الركائز الوطنية اللازمة لإدامته، والحيلولة دون انطفاء جذوته.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2339748

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

4 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 4

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28