] ولادة عسيرة للمصالحة الفلسطينية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 14 أيلول (سبتمبر) 2018

ولادة عسيرة للمصالحة الفلسطينية

بقلم: حافظ البرغوثي
الجمعة 14 أيلول (سبتمبر) 2018

عادت «حماس» إلى نفخ بوق مسيرات العودة بعد خفوتها خلال الأسابيع الأخيرة على وقع مفاوضات التهدئة في القاهرة. لكن ما كانت «حماس» تسربه حول اتفاق التهدئة كان مجرد أمنيات للاستهلاك المحلي ولامتصاص الغضب الشعبي فقط. فبعد التسريبات عن ميناء في قبرص ومدرج في مطار إيلات وفتح الحدود، وإقامة منطقة صناعية حدودية لتشغيل الأيدي العاملة تبين أن الاتفاق المتفاوض عليه كان مجرد العودة إلى تهدئة سنة 2014 الذي أبرم برعاية مصرية ومنظمة التحرير لا أكثر، لكن كانت هناك جهود قطرية وتركية موازية لحث «إسرائيل» على توقيع اتفاق مرضٍ ل«حماس» مع منفذ بحري خارجي. ولذلك كانت التسريبات عن المصالحة تشير إلى أن وفد «فتح» كان يرفض المقترحات المصرية بشأن المصالحة التي هي في الحقيقة مقترحات سربتها حركة حماس وليس مصر وربما كان التسريب لإحراج مصر. وقد اضطرت السلطة الفلسطينية إلى مقاطعة المبعوث الدولي نيكولاي ميلادينوف الذي كان يتوسط بين «إسرائيل» و«حماس» بتنسيق مع قطر وتركيا. وكان ميلادينوف يقوم بجولات مكوكية بين «الإسرائيليين» و«حماس» دون إبلاغ السلطة بما يقوم به وكأنها غير موجودة وهو الذي عمل في موضوع استئجار رصيف قبرصي لغزة بطلب قطري.
أما حسابات الاحتلال فتختلف عن حسابات «حماس» بشأن التهدئة، فالاحتلال يريد إملاء شروطه، بحيث لا توضع حكومة اليمين في موضع انتقاد من اليمين المتطرف المتحفز للانتخابات المبكرة خاصة وأن الأحزاب الدينية في خلاف مع رئيس الوزراء نتنياهو حول قانون الخدمة العسكرية للمتدينين، مما يسهل على أحزاب اليمين المتطرف إسقاط الائتلاف الحالي. وكان مطلب نتنياهو المبكر هو الحصول على معلومات عن الأسرى والدخول في مفاوضات بشأنهم في موازاة التهدئة، لكن هذا لم يحدث ف«إسرائيل» تخشى في حالة توجهها إلى تهدئة برعاية قطرية أو تركية أو أممية أن تزعج مصر التي تمسك بزمام الملف.
وفد «فتح» في زيارته الأخيرة للقاهرة سلم رد الحركة بشأن المصالحة وهو عودة حكومة الوفاق إلى ممارسة عملها بالكامل دون نقصان وتولي الصلاحيات كلها من حيث توقفت بعد حادث تفجير موكب رئيس الوزراء الحمدالله. أما بشأن التهدئة فإن «فتح» ترفض أن يكون ثنائياً بين «إسرائيل» و«حماس»، بل العودة إلى منظمة التحرير ومصر كما حدث في اتفاق 2014. وبالطبع توقفت الوساطة المصرية عند هذه النقطة لأن مطالب «حماس» من أجل تنفيذ المصالحة لا تستقيم مع المصالحة نفسها من حيث إن حركة حماس تحبذ المسار القطري - التركي والوساطة التي يقوم بها ميلادينوف على المصالحة بإشراف مصر، أي أنها تطمح في تهدئة بعيداً عن مصر وعن السلطة وهو ما كان مستحيلاً.
الوفد الأمني المصري الذي زار رام الله مؤخراً أكد موقف مصر الثابت تجاه القدس، كما أكد أن المصالحة لها الأولوية كمقدمة للتهدئة وليس العكس، وأن مصر ترفض أية حلول كميناء ومطار خارج غزة بل يجب أن تكون داخل غزة. فالموقف المصري وإن بدا واسع الصدر إلا أنه لا يساوم على الثوابت في السياسة المصرية لكنه لم ييأس من مواصلة المساعي بشأن التهدئة والمصالحة بمقياس وطني فلسطيني وليس بمقياس حزبي انقسامي.
أما الاحتلال وقد عادت المسيرات على الحدود ولو بقوة أقل من بداياتها فهو وضع سيناريوهات مختلفة منها أنه يريد حرباً تكون بصفر في الخسائر البشرية، وهذا يعني قصفاً جوياً ومدفعياً مركزاً وشديداً لعدة أيام لإنهاك «حماس» وبنيتها التحتية من الأنفاق، وهذا يعني تلقي صواريخ بالمئات يومياً، وهو ما لا تقبله الجبهة الداخلية الاحتلالية. أما خيار اجتياح غزة والقيام بعمليات تمشيط وملاحقة وتدمير واعتقالات فهو مكلف بشرياً ويعني القضاء على «حماس»، وعدم وجود بديل لأن «إسرائيل» تحبذ بقاء «حماس» ضعيفة ومنفصلة عن الضفة إلى ما لا نهاية. والخيار الثالث هو شن حرب اغتيالات لقادة كبار في «حماس» وهو الأرجح إذا استمر الوضع تصاعدياً. حتى اللحظة لا يوجد أمل في إنجاز مصالحة أو تهدئة بينما الوضع المعيشي في غزة يتجه نحو كارثة حقيقية، وستحاول مصر تجديد مساعيها، على أمل أن تنجح في إلزام «حماس» باتفاق المصالحة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28