] غزة بين الحرب والتهدئة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 11 آب (أغسطس) 2018

غزة بين الحرب والتهدئة

بقلم:د. ناجي صادق شراب
السبت 11 آب (أغسطس) 2018

- بقلم:د. ناجي صادق شراب

خيارات غزة باتت محصورة في خيارين رئيسيين هما: خيار الحرب المدمرة لحياة أكثر من مليوني نسمة، وهذا الخيار تداعياته لن تكون قاصرة على غزة؛ بل قد تمتد لما بعدها، وحتى «إسرائيل» لن تنجو من هذه الحرب؛ لأنها قد تفتح كل الأبواب التي كانت موصدة مثل العمليات الاستشهادية في داخل «إسرائيل».
والخيار الثاني هو الهدنة أو التهدئة الطويلة نسبياً، بضمانات إقليمية ودولية، وهنا تبرز أهمية الدور القوي والفاعل والمؤثر لمصر والمدعوم أممياً وعربياً.
والسؤال عن العلاقة بين الخيارين. الحرب ليست خياراً في حد ذاته؛ بل هي خيار لتحقيق أهداف سياسية، والأهداف السياسية منها إنهاء الاحتلال بالكامل، وقيام الدولة الفلسطينية، لكن مثل هذه الأهداف تحتاج إلى رؤية وطنية فلسطينية شاملة، في إطارها العربي والدولي.
أما الهدنة فهدفها رفع الحصار، وفتح المعابر، واستمكال بناء البنية التحتية لغزة، من كهرباء وماء وموانئ برية وبحرية وجوية، وبنية تعليم وصحة، وغير ذلك. ولا شك أن هذه الأهداف لها أبعادها السياسية في دعم صمود غزة، وتقوية عناصر المقاومة فيها، ولكن ينبغي أن يرتبط ذلك بوحدانية القضية والشعب الفلسطيني. ولا شك أن هذه الأهداف لها ثمنها السياسي، وعلى حماس وغزة والمقاومة أن تدفعه. والسؤال: أي ثمن؟
المهم تحديد الأهداف السياسية، «إسرائيل» تريد الهدوء مع غزة، وعدم انفجار غزة بسبب الحصار، وتزايد نسب الفقر والبطالة، وارتفاع درجة الإحباط الذي يعيشه أكثر من مليوني نسمة، وهذا من شأنه أن يشجع على العنف وتنامي الأفكار المتشددة، ولا شك أن «إسرائيل» سينالها نصيب وافر من تداعيات انفجار الوضع في غزة، فمثلاً ماذا لو تخيلنا والخيال يمكن أن يفتح فلسطين المحتلة.. لنتصور هذا السيناريو الكابوس ل«إسرائيل». الثمن السياسي هنا لصيغة للتهدئة، يحول دون كل هذه التداعيات، والخيار الثاني، هو التهدئة بقوة المقاومة والصمود ومسيرات العودة، وهنا النتائج والمكاسب قد تكون أكبر، وأهمها الاحتفاظ بقوة المقاومة والقدرة على الصمود.
ولا شك أن خيار التهدئة لم يأت إلا بعد مسيرات العودة، والتضحيات البشرية والدماء التي أريقت، والتي خلقت حالة دولية وإقليمية تدعو لضرورة التدخل الأممي، وإيجاد حلول للمشاكل الإنسانية والحياتية التي يعانيها سكان القطاع طوال سنوات الحصار، وإغلاق المعابر، وهذا الجديد الذي أوجدته المسيرات، أنها وضعت غزة على جدول الاهتمامات الإقليمية والدولية، وتزامن هذا الاهتمام مع الحديث عن «صفقة القرن»، ومحاولة الإدارة الأمريكية تصفية القضية الفلسطينية، وذلك ما يتوافق مع ما تريده «إسرائيل»، بعدم قيام دولة فلسطينية وقلبها الضفة الغربية، وهنا التداخل ما بين الحلول الإنسانية وهي ملحة ولا تحتمل التأجيل، والحلول السياسية.
والجانب الآخر الذي ارتبطت به هذه الحلول، يتمثل بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، والتخوفات المصاحبة للحلول الإنسانية التي يرى البعض أنها قد تحول دون المصالحة، وتقوي خيار الانفصال؛ أي انفصال غزة سياسياً عن الضفة الغربية، وهذه التخوفات قد تكون لها ما يبررها، لكن لا يمكن ربط الأوضاع الإنسانية المتردية بتحقيق للمصالحه.
وفي هذا السياق جاء دور منسق الأمم المتحدة للسلام ميلادينوف ومحاولة تفكيك العقدة الغزية، بإيجاد الحلول الإنسانية وإبعاد خيار الحرب، وهذا لن يتم إلا من خلال مسار التهدئة، وهي بيد «إسرائيل»، التي تفرض شروطاً تعجيزية لتحقيقها.
ثم إن هناك الدور المصري القوي والثابت بإنهاء الانقسام والوصول للمصالحة. لكن يبدو أن المقاربة المتبعة تقوم على الحل الإنساني، وعدم ربطه بإنهاء المصالحة، مع استمرار الجهود لتحقيقها؛ لأنه ليس من المصلحة التعامل مع غزة على أنها كينونة سياسية منفصلة.
ورغم أهمية كل هذه الخيارات، إلا أن خيار التهدئة لا يقبل التأجيل، إذا ما تخلت «إسرائيل»عن شروطها. ويبقى خيار المصالحة الوطنية هو المستقبل السياسي لغزة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28