] «قانون القومية» والمفاوضات - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 4 آب (أغسطس) 2018

«قانون القومية» والمفاوضات

د. ناجي صادق شراب
السبت 4 آب (أغسطس) 2018

هل من مفاوضات بعد صدور «قانون القومية» اليهودي الذي حسم الكثير من النقاط، وقرر مسبقاً مصير القضايا التي تتكون منها القضية الفلسطينية؟ فمن ناحية حسمت قضية القدس بالنص القاطع على أنها العاصمة الأبدية والموحدة ل«إسرائيل»، وأعلن بشكل واضح أن لا عودة للاجئين. فكيف تكون «إسرائيل» دولة فقط للشعب اليهودي ويسمح بعودة اللاجئين؟ ف«إسرائيل» المشكلة لديها ليست في اللاجئين فقط، بل بما يقارب المليون ونصف المليون من عرب الداخل الذين يحملون الهوية «الإسرائيلية»، ويشكلون حوالي 20 في المئة من السكان، وهذا الرقم في تزايد كبير وقد يعادل عدد اليهود قريبا. وحصر القانون حق تقرير المصير للشعب اليهودي فقط، وإقامة بلدات يهودية كاملة، وحق كل يهودي بالعودة ل«إسرائيل» وهذا له تداعيات سياسية كبيرة تنعكس على عدم الاعتراف بدولة فلسطينية للشعب الفلسطيني.
والإشكالية الأخرى في القانون أنه لم يحدد حدوداً ل«إسرائيل» لأنها تتطلع لقيام «إسرائيل الكبرى»، وهو ما يعني عدم القبول مطلقاً بالدولة الفلسطينية. هذا جانب من جوانب القانون، ولكن الواقع السياسي قد يكون مختلفاً تماما، ف«إسرائيل» تدرك من هم الفلسطينيون، وتدرك أن لهم مطالب شرعية، ولهم هوية وطنية، وشخصية دولية لا يمكن أن تلغى بإصدار هذا القانون، ولا غيره من القوانين. ففي النهاية السمو للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وأي قانون محلي يتعارض مع هذه الشرعية سيبقى محل جدل ونقاش وحدوده ستظل محدودة.
ومن ناحية أخرى تدرك الحكومة «الإسرائيلية» أن هذا القانون سيزيد من مشاكلها الداخلية وخصوصاً مشكلة التكامل بالنسبة لغير اليهود، وتدرك أيضا أن سياسة ترحيل أكثر من مليون فلسطيني عربي داخلها لن تكون بالأمر السهل، فقد يجلب تحديات وتداعيات لا يمكن مواجهتها، وهذا بصورة أو بأخرى سيفرض تفسيراً جديداً للقانون.
والسؤال يبقى: هل من مفاوضات بعد صدور «قانون القومية»؟
من الناحية النظرية والقانونية لا توجد أية فرصة للتفاوض، ثم على ماذا التفاوض والقانون ألغى كل القضايا القابلة للتفاوض؟ لكن القانون لا يلغي الواقع السياسي القائم، ولن يلغي ويشطب صراعاً وقضية بحجم القضية الفلسطينية، ولن يلغي الشعب الفلسطيني الذي أصبح حقيقة قانونية وسياسية وقبل ذلك حقيقة تاريخية.
«إسرائيل» تدرك وتعرف أن لا شرعية لهذا القانون، ناهيك عن أن هذا القانون أضر ب«إسرائيل» أكثر من الفلسطينيين. ففي حسابات الخسارة، فإن الفلسطينيين لم يكسبوا شيئاً حتى الآن ليخسروه، ولن يتضرروا كثيراً طالما أنهم مستمرون في نضالهم ضد الاحتلال، فكم من قوانين وقرارات أصدرتها الدول الاستعمارية في مستعمراتها وفي النهاية ألغتها ورحلت. أما الخاسر الأكبر فهو «إسرائيل» داخلياً وإقليمياً ودولياً. فالقانون كشف صورة الديمقراطية والأخلاقية المزيفة التي طالما تشدقت بها «إسرائيل» وقدمت بها نفسها للعالم، كما أن القانون عرّاها كدولة عنصرية تمارس التمييز.
يبقى أن على الفلسطينيين وفي سياق رؤية شاملة وكمسؤولية عربية ودولية أن يلقوا بالمسؤولية لتداعيات القانون على «إسرائيل» ومن يقوم بحمايتها كنظام «أبارتهايد» أبشع من ذلك الذي كان قائماً في جنوب إفريقيا. السلام في حاجة لقوانين للتعايش السلمي والتسامح ونبذ الكراهية والتعصب والحقد، لا لتلك التي تطلق العنان للصراع الديني وتعمق الكراهية والتعصب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 27

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28