سمحت إسرائيل، الجمعة، “مؤقتاً” بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي، مع مواصلة غاراتها الجوية المكثفة، رغم الضغوط الأمريكية لخفض حدة ضرباتها بغية حماية المدنيين.
ويهدف قرار فتح معبر أبو سالم إلى تخفيف الازدحام عن معبر رفح على الحدود مع مصر، وهو حالياً نقطة الدخول الوحيدة للشاحنات المحمّلة بالمواد الغذائية والأدوية إلى قطاع غزة المحاصر، وبمعدل أقل بكثير مما كانت عليه قبل بدء الحرب.
وقال أحد سكان مخيم جباليا (شمال) لوكالة فرانس برس، طالباً عدم ذكر اسمه: “ليس لدينا طعام ولا ماء ولا مأوى. كل الخدمات غير متوافرة في غزة”.
وصفت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية الظروف المعيشية في هذه المنطقة الصغيرة المكتظة بأنها رهيبة بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين أجبروا على العيش في مساحات تضيق يوماً بعد يوم
وأعلنت إسرائيل الحرب على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ردّاً على هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأسفر عن مقتل 1139 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قضت غالبيتهم في اليوم الأول، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومذّاك أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة عن استشهاد 18,800 شخص، من بينهم 8 آلاف طفل و6200 امرأة، وفقاً لوزارة الصحّة التابعة لحركة “حماس”.
ورحّبت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، بقرار إسرائيل السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر نقطة عبور ثانية، لكنّها دعت إلى أن تتمكّن الشاحنات من الوصول إلى كامل أراضي القطاع.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة للصحافيين في جنيف: “هذه بالطبع أخبار جيدة للغاية”، ولكن “أعتقد أننا في حاجة أيضاً إلى العمل على هذه النقطة التي تتمثل في طريقة ضمان وصول هذه الشاحنات إلى كلّ مكان في قطاع غزة، ليس فقط في جنوب غزة ولكن أيضاً في شمال غزة”.
صواريخ في أجواء القدس
وبعد أكثر من شهرين على بدء الحرب والحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على القطاع، منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر، وصفت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية الظروف المعيشية في هذه المنطقة الصغيرة المكتظة بأنها رهيبة بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين أجبروا على العيش في مساحات تضيق يوماً بعد يوم.
وأغرقت الحرب قطاع غزة في أزمة إنسانية خطرة، مع نزوح 1,9 مليون شخص، أي 85 % من السكان بحسب الأمم المتحدة اضطر الكثير منهم إلى الفرار مرات عدة بسبب توسع رقعة المعارك.
وفي خان يونس في جنوب القطاع، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة “حماس”، فجر الجمعة، سقوط “عشرات القتلى والجرحى” في ضربات جوية وقصف.
كما طاول القصف مدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر.
وقال بكر أبو حجاج: “كنا آمنين في بيوتنا، فجأة صار قصف ببراميل متفجرة. وقعت لدينا إصابات ودمار هائل”. وأضاف: “نعاني من 70 يوماً من الحرب والدمار”.
وزار مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان إسرائيل، الخميس والجمعة، للتشديد على رغبة البيت الأبيض في إمكان تحول الهجوم “إلى عمليات أقل حدة” في “المستقبل القريب”.
لكن دانيال هغاري، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، قال في المقابل: “ستشهد الأيام المقبلة المزيد من المعارك الصعبة”.
المتحدث باسم الأمم المتحدة يرحب بالإعلان عن أن معبر كرم أبو سالم الحدودي مع قطاع #غزة سيُفتح للتوصيل المباشر للمساعدات الإنسانية إلى القطاع.
“التنفيذ العاجل لهذا الاتفاق سيؤدي إلى زيادة تدفق المساعدات إلى غزة”.https://t.co/gAJxUScHBg pic.twitter.com/qVVmpfuz15
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) December 15, 2023
وقتل 119 جندياً إسرائيلياً، منذ بدء الهجوم البري في قطاع غزة، في 27 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب الجيش.
وفي السياق، اعترضت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي صواريخ عدة في أجواء القدس، بعد وقت قصير من دوي صفارات الإنذار، الجمعة، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
أغرق الحرب قطاع غزة في أزمة إنسانية خطرة، مع نزوح 1,9 مليون شخص، أي 85 % من السكان، اضطر الكثير منهم إلى الفرار مرات عدة بسبب توسع رقعة المعارك
وشاهد صحافيو وكالة فرانس برس طائرات عدة تم اعتراضها فوق القدس، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار التي توقفت في المدينة، منذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر.
من جانبها، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس” “قصف القدس المحتلة برشقة صاروخية رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين”.
وأكد ساليفان من تل أبيب، الجمعة، لصحافيين: “لا نعتبر أنه من المنطقي، أو من الصواب بالنسبة إلى إسرائيل، أن تحتل غزة، أو تعيد احتلال غزة على المدى الطويل”.
#فيديو يوثق الاعتداء بالضرب المبرح على المصور مصطفى الخروف في واد الجوز في القدس pic.twitter.com/q4u5XjOYML
— قناة فلسطين اليوم (@Paltodaytv) December 15, 2023
وكان نتنياهو قال، في وقت سابق من الأسبوع، إنه يريد تولي “مسؤولية الأمن” في القطاع “لفترة غير محددة” بعد الحرب.
من جهته، أكّد محمود عباس، بعد لقاء في رام الله مع المبعوث الأمريكي، أن غزة “جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله أو أي جزء منه”.
مقتل صحافي وإصابة آخرَين
وما زال الصحافيون في غزة يدفعون ثمناً باهظاً، فقد استشهد صحافي في قناة “الجزيرة” القطرية، الجمعة، وأصيب آخر، في قصف إسرائيلي، على ما ذكرت المحطة.
واستشهد أكثر من 60 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام منذ بداية الحرب.
وأصيب صحافي في وكالة الأناضول التركية في القدس الشرقية المحتلة. وتظهر مشاهد حصلت عليها وكالة فرانس برس المصور مصطفى الخروف يتعرّض للاعتداء على أيدي حرس الحدود الاسرائيليين.
ساليفان: لا نعتبر أنه من المنطقي، أو من الصواب بالنسبة إلى إسرائيل، أن تحتل غزة، أو تعيد احتلال غزة على المدى الطويل
وتعليقاً على الاعتداء على الصحافي مصطفى الخروف، قال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية دين إلسدون: “أعلمكم بأن قائد شرطة حرس الحدود قد أوقف على الفور الضباط المتورطين، في انتظار إجراء تحقيق شامل في تفاصيل الحادث”.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن قواته قتلت، الجمعة، ثلاث رهائن “عن طريق الخطأ” في غزة، بعدما اعتقدت أنهم يشكلون “تهديداً”.
وعقب الإعلان، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أسفه “لمأساة لا تحتمل” وأن “دولة إسرائيل بكاملها حزينة هذا المساء”، فيما قال البيت الأبيض إنه “خطأ مأسوي”.
وبذلك، يرتفع عدد الرهائن الذين تأكد مقتلهم إلى 22. وأطلق سراح 110، وما زال هناك 129 أسيراً، غير معروف ما إذا كانوا أحياء أو أموات.
🔴⚠️🔴
مشاهد اعتداء القوات الصهيونية على الزميل المصور الصحفي مصطفى الخروف بوكالة الأناضول pic.twitter.com/JhFRJPtfUQ
— إسلام عقل (@islamakel) December 15, 2023
وأقيمت، الجمعة، جنازة ايدن زكريا، وهي رهينة أسرتْها “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعثر على جثّتها الجيش خلال عملية في غزة واستطاع استعادتها.
وقالت والدتها: “أتمنى أن أكون والدتك في الحياة المقبلة. أتمنى أن نبدأ من جديد”.
(أ ف ب)
