] لماذا تريد واشنطن القضاء على المقاومة؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 7 كانون الأول (ديسمبر) 2023

لماذا تريد واشنطن القضاء على المقاومة؟

الخميس 7 كانون الأول (ديسمبر) 2023 par هدى رزق

شكّل الدعم الغربي لـ“إسرائيل” والإبادة الجماعية التي تقوم بها من أجل القضاء على الفلسطينيين صدمة للعرب والمسلمين، في الوقت الذي تقوم بعض الدول العربية والإسلامية بتطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، فيما دانت بعض الأصوات الغربية التي كانت تعدّ متعاطفة مع الفلسطينيين خطف “المدنيين” الإسرائيلين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتبنى القسم الأكبر منها الدعاية الإسرائيلية حول الاغتصاب وقطع رؤوس الأطفال.

ولم يتردد أساتذة جامعون وأطباء صهاينة في إظهار كراهيتهم وحقدهم ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، فاجتاحت العنصرية شاشات التلفزة الغربية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحول التحريض إلى عطش للدم الفلسطيني، وبات العالم يشاهد حلقة من حلقات عرس الدم، ما يذكّر برقصات الموت عند القبائل البدائية، بدفع غربي يشدد على حق “إسرائيل” بالانتقام من الحجر والبشر واسترداد الهيبة والقوة التي أُهينت على يد حركة حماس.

صرخات الكراهية عمت الغرب وصمّت آذان العالم. صدم الليبراليون العرب الأميركيين ومثقفيهم الذين عملوا في العقود الماضية على إبراز صورة الليبراليين الغربيين والمحافظين الذين تغيرت نظرتهم إلى الفلسطينيين والمسلمين. لا يتزعزع الدعم الغربي لـ“إسرائيل” الذي بلغ مداه، وكان واضحاً في تحريضه بعد عملية طوفان الأقصى.

يزدري الغرب الأبيض العرب والمسلمين، فيما تدفع فلسطين ثمن تحالف المسيحية البروتستانتية مع اليهود الصهاينة. اعتقدت شخصيات فلسطينية ليبرالية متحمسة ومثقفون ورجال أعمال ونخب سياسية أنه مع بروز منظمة التحرير في أواخر الستينيات تمت إعادة إحياء القضية الفلسطينية وعبر تاريخ من النضال والانتفاضات. وعام 1993، اختلفت النظرة الغربية إلى القضية الفلسطينية.

ومن شأن هذا التغيير أن يساعد في دفع النضال الفلسطيني إلى الأمام. يسود اللغط نظرة المعسكر الليبرالي الفلسطيني في عملية فهمه لطبيعة المعتقدات الغربية الأساسية التي تحكم العلاقة باليهود الأوروبيين. سرديتهم تقوم على أن اليهود هربوا من الاضطهاد النازي ليجدوا أنفسهم في مواجهة حملة “معادية للسامية” عنيفة جديدة يقودها العرب الفلسطينيون والدول المجاورة، وأن المقاومة الفلسطينية هي جزء من حملة “معادية للسامية” ضد اللاجئين اليهود.

أما المتعاطفون الغربيون القلائل مع الفلسطينيين، فهم يرفضون أي شكل من أشكال المقاومة التي يتبناها الفلسطينيون، والتي تقف بوجه النظام الاستعماري والعنصري الإسرائيلي. يمكن القول إن معظم الغربيين، على اختلاف تنوعهم السياسي، دانوا صراحة عملية طوفان الأقصى، ودعموا المستعمرين الصهاينة، بعدما جرى تقديمهم كضحايا يجب الانتقام لهم من “إجرام”المقاومة الفلسطينية، وجرى في المقابل هدم بيوت الفلسطينيين في غزة، باعتبارهم مذنبين بارتكاب جريمة التجرؤ على مقاومة المستعمر.

أما العرب المصدومون من رد الفعل الغربي الأوروبي والأميركي، فهم لم يميزوا بين ماهية التعاطف الغربي مع الفلسطينيين كضحايا الاحتلال طبقاً لحقوق الإنسان ودعم المقاومة الفلسطينية للتحرر من المستعمرين الصهاينة. أما الغربيون المتعاطفون مع القضية الفلسطينية، فهم يطالبونها على الدوام بالوقوف سلمياً في وجه العنصرية الإسرائيلية.
تجذر الصهيونية ومعادلة تجريم معاداتها

تعززت الفلسفة الصهيونية الغربية بقوة بسبب الشعور بالذنب والتعاطف مع فكرة “الدولة” اليهودية، واستمرت بالتطور، بحيث أصبحت استعمارية، ووصلت إلى تأييد فكرة الإبادة الجماعية في غزة باسم الدفاع عن أمن “الدولة” اليهودية.

باتت “إسرائيل” تنفذ بشكل منهجي حملة الأرض المحروقة، ولا تستثي المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمخابز. تكشف الحركة الصهيونية بشكل أكثر وضوحاً من أي وقت مضى عن المعايير المزدوجة التي تكمن وراءها، إذ يتم احترام تاريخ وحياة اليهود الإسرائيليين. أما تاريخ الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين العرب وحياتهم، فلا يتم الاهتمام بها.

وفيما يتصارع التيار الصهيوني الرئيسي مع معاداة السامية العنصرية في أوروبا، يتم العمل في الولايات المتحدة على إصدار قانون يعتبر معاداة الصهيونية تهمة كمعاداة السامية.

أصبحت محاباة السامية متشابكة تماماً مع دعم “إسرائيل” ومع دعم الصهيونية بالنسبة إلى الغربيين، فدعم اليهود واليهودية يعني بالتالي دعم “دولة إسرائيل” الجديدة التي أنشئت باسمهم في خمسينيات القرن الماضي.

أعادت الحركة الصهيونية تنظيم صفوفها حول “دولة إسرائيل”، واستثمرت باستمرار في تعبئة المجتمعات اليهودية وتنظيم الحملات من أجل هيمنة الأيديولوجيا الصهيونية. ومن بديهياتها الاعتقاد أن معنى أن تكون يهودياً هو أن تكون صهيونياً.

ينظر الصهاينة الاستعماريون إلى الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين على أنهم عقبة حقيقية أمام توسع دولتهم ويجب طردهم من الضفة وغزة. في نهاية المطاف، الهدف هو طرد السكان الأصليين إذا ما تخلوا عن الأمل في المقاومة.
التوحش الغربي المتصهين حين يدافع عن مصالحه

سعت الولايات المتحدة علناً إلى تغطية الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” بحق الفلسطينين حفاظاً على استراتيجيتها الأساسية المتمثلة بحماية أمن “إسرائيل” والدفاع عن سطوتها وقوتها ومصالحها في المنطقة.

لم يجد بايدن حرجاً في نصح الاستخبارات الإسرائيلية بتأكيد اتهام الفصائل بقصف مستشفى المعمداني، وهو يعلم تماماً أنها جريمة حرب. هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها الوكيل الإسرائيلي من دون أي تحفظ تحت قيادة الأصيل الأميركي من دون أي التباس.

إنها هيبة الولايات المتحدة في المنطقة التي تقود حرب أوكرانيا عن بعد، والتي تهدد الصين في المحيط الهادئ، وتريد وضع اليد على الممرات البحرية والسهر على نفط المتوسط وتنفيذ الممر الهندي في وجه مشروع طريق الحرير الصيني.

تدافع الولايات المتحدة عن هيبتها، وهي التي احتلت العراق 2003 واجتاحت أفغانستان بعد 11 أيلول/سبتمبر من دون نجاح. وقد اعتبرت أن ما حدث في “إسرائيل” شبيه بما حدث في أميركا. يحمل هذا التشبيه في طياته تبرير المجزرة وتشريعها وطرد أهالي غزة إلى رفح من أجل التطهير العرقي.

وفي حال فشل الجيش الإسرائيلي في مهمته، فسيدفع نتنياهو وحكومته المتطرفة الثمن، وستخرج الولايات المتحدة بمشاريع ما بعد غزة التي بدأت تروجها منذ شهر تقريباً. الولايات المتحدة تملك قرار وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، لكنها على العكس تدعمها بكل أنواع الأسلحة. “إسرائيل” وأميركا لا تكترثان بالرأي العام ولا بالمجتمع الدولي، ولا بأي مناشدات أو جهود دولية من أجل وقف هذه الحرب.

لم تتردد الولايات المتحدة في الماضي في مطالبة “إسرائيل” بالتصرف وفقاً للمصالح الأميركية؛ ففي عام 1948، أجبر هاري ترومان ديفيد بن غوريون على سحب القوات الإسرائيلية التي دخلت مصر. وبعد الحملة الفرنسية البريطانية على قناة السويس عام 1956، أجبر الرئيس دوايت أيزنهاور “إسرائيل” على الانسحاب من جانب واحد من سيناء التي احتلتها.

وعام 1973، فرض هنري كيسنجر وقف إطلاق النار على “إسرائيل”، إلا أننا اليوم أمام رغبة أميركية في تحقيق أهدافها التي تتساوى مع أهداف “إسرائيل”، وهي تحدد لها أسابيع ثلاثة، أي نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر، قبل بداية العام الجديد؛ أي بداية العام الانتخابي الأميركي.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28