] التيَّار القَومي العَربي.. ظروف ومنطلقات وأهداف - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 14 تموز (يوليو) 2018

التيَّار القَومي العَربي.. ظروف ومنطلقات وأهداف

علي عقلة عرسان
السبت 14 تموز (يوليو) 2018

وتواصل نضال العرب في الإطار القومي، لتحقيق الأهداف العربية، وكانت لذلك تجليات ومراحل، وكل منها كانت تُنضِج الوعي وتجدد العزيمة، “فالثورة العربية الكبرى” 1916 التي انطلقت مع الرصاصة الأولى من شبه الجزيرة العربية، لم تكن إلا تعبيرا صريحا وعميقا عن درجة من الوعي القومي الوحدوي، وفعلا عربيا شبه شامل، من أجل التحرر واستعادة المكانة وصنع النهضة، لقي دعما أوروبيا ظاهرا بصورة عامة، وأخفى التوظيف الغربي لهذا التوجه، والتحريض عليه، والمخطط الاستعماري الصهيوني الذي تضمنته اتفاقية سايكس ـ بيكو.
إشارة لا بدَّ منها: ((تتجد الدعوة منذ سنوات، وكان آخر تجديد لها، منذ أسبوع من الآن، لعقد مؤتمر، ولقاءات، وإجراء حوار، في القاهرة.. حول استعادة التنظيمات القومية العربية لدورها وحيويتها وحضورها وفاعليتها، بوصفها مؤهلة لقيادة الأمة. وفي هذا الإطار أقدم هذه المُقاربة التي لم أركز فيها على جهد المفكرين القوميين وكتاباتهم المؤسِّسة، أو المتابعة، أو المؤرِّخة، للفكر القومي وتنظيماته.. لأن الموضوع لا يتصل بقضايا الفكر القومي، وإنما بالتنظيمات القومية التي وصل بعضٌ منها إلى السلطة في بلد عربي، وما رسخ من الفكر وتبلور في صيغ وأهداف وتوجهات وممارسات وصور نضال، ونتائج فعل سياسي، تفاعل فيه الفكر مع أداء قيادات سياسية، وصب في التنظيمات وآل إليها، بالدرجة الأولى. ولا أزعم أن ما أقدمه قد أوفى الموضوع حقه، فهو موضوع واسع، ذو ظواهر وخفايا، ومستجدات ومعطيات، بعضُها استقر في السياسات وتمثلته الأدبيات السياسية الرئيسة، وبعضها ما زال تحت البحث والتجربة والممارسة بصورة ما وبدرجة ما.. وما أقدمه هنا من هذا الجانب، مفتوح للإضافات البناءة، وللتصحيح، والتصويب، والجرح والتعديل؛ بما يؤدي إلى استيفاء الموضوع. فضلا عن أنني هدفت في جانب من الموضوع لإثارة الحوار)).
* * *
كانت الشدائد وما زالت، تدفع الأفراد والجماعات والشعوب والأمم، إلى الإبداع في وسائل المقاومة والدفاع عن النفس، لترسيخ البقاء، ودرء الأخطار، وإثبات الذات، والمحافظة على الهوية والحقوق والمصالح، وعلى مقومات الحياة والوجود.
وفي ظل الشدائد التي واجهها العرب في العصر الحديث، بحثوا عما يعصمهم، ويقويهم، ويعبر عن انتمائهم، ويدفع عنهم الأخطار.. فوجدوا في القومية العربية، وفي الدعوة إلى الوحدة، غاية ووسيلة ومعتصَما، فكان ذلك رأس أهدافهم في مرحلة من تاريخهم الحديث. وراحت طلائعهم تدعو إلى الوحدة والعمل العربي المشترك، اللذين يقيمان لهم قواما بين الأقوام، ويحفظان لهم شخصية، وثقافة، ومنزلة، ويوفران قوة، لا سيما في ظل الطغيان الطوراني في العهد العثماني الذي مارس اليهود الدونما “المهتدون؟!” دورا بارزا في إظهاره وانتشاره وشدته، وفي ظل حملة التتريك التي كانت عنوانا للاستبداد والتعصب القومي الطوراني،(1) ومقدمة لمحاولات محو الشخصية العربية، بدءا من محاولة محو اللغة العربية، تلك الحملة التي تابعها الاستعمار الغربي بأساليب مختلفة، إبّان استعماره الوحشي للدول العربية. ويمكن القول إن نشأة الفكر القومي، بالمفهوم السياسي المعاصر، وقيام التنظيمات والحركات القومية عند العرب: مثل العربية الفتاة، والنهضة، بدأ في نهايات القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين، ردا على سياسة التتريك التي أخذت بها عناصر من جمعيتي “الاتحاد والترقي” و”تركيا الفتاة”.
كانت أسرة محمد علي باشا تحكم مصر، وتقيم علاقات خاصة مع بريطانيا وفرنسا، وتحصنت في إطار جغرافية القطر المصري، بعد أن تراجع إبراهيم باشا عن ضم بلاد الشام، وانتهت حربه على الباب العالي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وبعد سيطرة الاستعمار الإنجليزي 1882 على مصر أخذ يؤسس لدعوات منها مصر فرعونية، وقومية مصرية منقطعة الصلة عن محيطها العربي، ومصر جزء من أوروبا ولا علاقة لها بالعرب، ولا حتى بالشرق.. ولكن الدعوة المناهضة لهذا التوجه، ولمن تبناه من المصريين، ظلَّت حية ومؤثرة، لدى مفكرين، وتنظيمات مصرية، بقيت قائمة ومستمرة في عملها، أو أنشئت لهذا الغرض، وأخذت تعمل في إطار رؤيتها العربية الإسلامية. وجاء تأثير كل من ثورة أحمد عرابي 1919 وسلبيات معاهدة عام 1936(2) وحصار بعض قطع الجيش المصري في الفالوجة، ونتائج حرب 1948 المدمرة، وقيام الكيان الصهيوني ليؤسس بمجمله، لحركة مصرية عربية، واعية لأهدافها وأغراضها ومحيطها ودورها، متأثرة بكل ذلك الكم من الأحداث العربية عامة، والمصرية خاصة، ومؤثرة فيها.
وفي السودان كانت ثورة المهدي 1881 ـ 1882 التي قتلت الحاكم البريطاني جوردون، تقوم بجهاد تحريري، واستمر النضال ضد الاستعمار البريطاني، ومن ذلك ثورة 1924. وكان النضال ضد الاستعمار مشوبا بتداخل العلاقة المصرية الرسمية مع ذلك الاستعمار من جهة (3) وتواشج حركة التحرير السودانية مع الشعب المصري ومناضليه وتنظيماته الوطنية، ذات الأفق الأوسع، من جهة أخرى.
والمغرب العربي كان في دوامة المواجهة مع الاستعمار، بعد أن احتلت فرنسا الجزائر عام 1830 وأخذت تمد نفوذها نحو مناطق أخرى فيه. ولم تستطع الخلافة العثمانية أن تتدخل تدخلا حاسما، للمحافظة على استقلال المغرب، أو لإبعاد حملات الغرب العدوانية عليه، بلدا بعد بلد (حملات اسبانية، والبرتغال، وإيطالية، وفرنسية..إلخ). وقد امتد الضعف العثماني، ثم النفوذ الاستعماري، على معظم دول المغرب، إلى العقد الثاني من النصف الثاني للقرن العشرين. وفي هذه المدة كانت ثورات في كل أقطار المغرب العربي، من ثورة عبد القادر الجزائري وأحمد باي والثورة الجزائرية الكبرى لاحقا، إلى ثورة عمر المختار في ليبيا، وعبد الكريم الخطابي في المغرب الأقصى، والقبائل الموريتانية.. وكل ذلك الفعل الجهادي ضد المستعمرين ومَن ارتبط بهم، ترافق مع حركة فكرية مرتبطة بمحيطها العربي ـ الإسلامي، وهي بمجملها، كانت مؤثرة بنسب متفاوتة في المناخ العربي العام، الفكري والسياسي. ولم تكن تلك الأفكار والتوجهات القومية النضالية بمجملها، غائبة عن ساحة وعي العرب، العاملين في هذه المجالات، ولكنها لم تكن من النضج والتواشج والتعاون والقوة، بحيث تشكل تيارا أو تنظيما واحدا قويا. وقد كان التداخل عضويا بين العروبة والإسلام، في الرؤية والممارسة المغاربية العامة على الخصوص، ولم يكن الأمر كذلك في بعض دول المشرق العربي وتنظيماته.
وفي اليمن كان هناك حكم لا يخضع لِلْباب العالي بصورة تامة، ومملكة الحجاز وسلطنة نجد ومحميات الخليج العربي وإماراته، كانت على أبوب مخاض داخلي، ولم يكن هناك توجهات قومية بالمعنى السياسي الناضج، ولا تنظيمات قومية كذلك.
ويوم تمكَّن “الماسون” من استقطاب “طورانيين” متعصبين للطورانية، خلقتهم حملات استشراق ـ استعماري أوروبي، ويهودي ـ صهيوني، كانت تعمل لمصلحة الاستعمار الأوروبي، ووظفتهم في خدمة مشاريعها.. يوم ذاك تمكَّن اليهود، من أمثال رئيس المحفل الماسوني في سالونيك “إيمانويل كراسو”، من أن يصبحوا أعضاء في مجلس “المبعوثان” العثماني بعد عام 1908، وأن يتوصلوا إلى المساهمة في إسقاط أعلى سلطة في الخلافة العثمانية “السلطان عبد الحميد الثاني 1842 ـ 1918″، حيث سلمه إيمانوئيل كراسو وأسعد باشا توتاني، قرار خلعه عن العرش عام 1909؛ وكان ذلك بالدرجة الأولى ثمنا دفعه السلطان “الجائر”، لرفضه تقديم فلسطين وطنا قوميا لليهود، مقابل قيام الحركة الصهيونية بتسديد جميع ديون الدولة العثمانية بالليرات الذهبية.. حيث قال لهم: “فلسطين أمانة في عنقي، ولن أفرط بها”.
وفي مواجهة هذا المد الطوراني ـ الماسوني الذي يغذيه اليهود الدونما “المهتدون” من داخل مفاصل الحكم في الخفاء، ويدعمه وينشره الاستعمار الغربي في السر والعلن، ويغذي به القوميات الأخرى، ويستثمره من أجل تمزيق الخلافة أو الدولة العثمانية، “الإمبراطورية كما سموها”، والسيطرة على تَرِكَة الرجل المريض.. في مواجهة ذلك، نادى رجالات العرب بالقومية العربية تأثرا بالمناخ العالمي السائد، وبتأثير من كان يدفع في هذا الاتجاه من جهة، وتعبيرا عن الانتماء والأصالة والتمسك بالهوية، وسعيا للتخلص من التعصب، والظلم، والقهر، والتهميش من جهة أخرى، وبتفعيل خبيث ينطوي على تآمر وتواطؤ من الاستعمار الأوروبي من جهة أخرى.. فذكّروا “الأمة العربية” بمفهوم سياسي محدد واضح وموظف لهذا الاستعمال، وصولا إلى تلك الغاية.(4)
وكان المبعوثون العرب الذين يناضلون مع ممثلي القوميات الأخرى التي تتعرض للاضطهاد الطوراني في الدولة العثمانية، يرفعون أصواتهم في مجلس المبعوثان باسم “الأمة العربية” ليدافعوا عن حقوق العرب وهويتهم وحرية وطنهم ووحدة هذا الوطن، أرضا وشعبا، لا يفرِّقون بين مغرب عربي ومشرق عربي، أو بين قطر عربي وآخر، أو بين دين وآخر، ومذهب وآخر، وأقلية وأخرى.
وكان أهل الشام والعراق، من بين أولئك العرب، سبَّاقين إلى هذه الرؤية القومية، وإلى تأكيد ذلك الانتماء وتلك النظرة الشاملة، ففي 21/7/1912، قال خالد البرازي مبعوث حماة في مجلس المبعوثان حين كانت قضية طرابلس الغرب مطروحة في الساحة السياسية، قال:
“أيها الأخوان، شاع في المحافل أن الصلح سيُعقد، ومع أنني واثق بالحكومة، وأمين من وجدان رجالها.. فلنفرض أنها استحصلت على فرمان بالاعتراف بإلحاق طرابلس الغرب بإيطاليا.. فإنني أقول باسم “الأمة العربية” إننا نمسح هذا الفرمان بدمنا، ولا نرضى بذلك ولو لم يبقَ عربي على وجه الأرض”.
وتواصل نضال العرب في الإطار القومي، لتحقيق الأهداف العربية، وكانت لذلك تجليات ومراحل، وكل منها كانت تُنضِج الوعي وتجدد العزيمة، “فالثورة العربية الكبرى” 1916 التي انطلقت مع الرصاصة الأولى من شبه الجزيرة العربية، لم تكن إلا تعبيرا صريحا وعميقا عن درجة من الوعي القومي الوحدوي، وفعلا عربيا شبه شامل، من أجل التحرر واستعادة المكانة وصنع النهضة، لقي دعما أوروبيا ظاهرا بصورة عامة، وأخفى التوظيف الغربي لهذا التوجه، والتحريض عليه، والمخطط الاستعماري الصهيوني الذي تضمنته اتفاقية سايكس ـ بيكو(5) 1916 إلى أن ظهر لاحقا، بكشف ثورة 1917 في روسيا للاتفاق.. ولكن بعد أن جاءت النتائج والمواقف والممارسات مخيبة لآمال العرب، ومؤكدة لنوع من الاستغلال الاستعماري البشع، للنزوع القومي العربي النظيف. وقد دفع العرب، من أجل التحرر تضحيات كثيرة، ولكنهم وقعوا في شراك الغدر، والخداع، والتآمر، تلك التي نصبها الاستعمار الأوروبي الذي أراد منذ البداية، أن يوظف ثورتهم للمساهمة في إضعاف “الإمبراطورية” العثمانية وتدميرها من جهة، ولتمزيق الرابطة الإسلامية، والخلافة العثمانية، وتمزيق الوطن العربي واحتلاله، وإطلاق وعد بلفور، تنفيذا لاتفاق سايكس ـ بيكو، والبدء بتنفيذ مشروع الحركة الصهيونية لاحتلال فلسطين وتهويدها من جهة أخرى. وقد واجه أعضاء المؤتمر العربي الأول، ثم المؤتمر السوري، واجهوا هذه الأوضاع، بمسؤولية، وحماسة، ومشاعر صادقة.. لكنهم كانوا يطفون على حقل من الألغام الفرنسية ـ البريطانية الخفية.. فقد وُضع تحركهم في إطار تجزئة قومية، تبعتها تجزئة قطرية. وتم التأسيس للتحرك بهدف توظيفه لخدمة الأهداف الاستعمارية ذاتها. وقد قام أشخاصٌ من الداخل، يحملون جنسيتين، الثانية فرنسية، بعمل في الاتجاه المطلوب فرنسيا في المؤتمر العربي الأول (6).. منهم السكرتير العام للمؤتمر شكري غانم الذي كان على علاقة وطيدة مع فرنسا آنذاك ريمون بوانكاريه، وقد ألقى غانم كلمته في المؤتمر العربي الأول باللغة الفرنسية يوم ختام المؤتمر ٢٣ /٦/١٩١٣.. وقد جاءت النصوص ملبية في الظاهر لتطلعات “السورية – الشامية”، وتعبر عنها بقوة، وترضي العواطف، وتتساوق مع الانفعالات، بينما هي في العمق تخدم الفرنسيين خاصة والأروبيين عامة، وتعطي ظهرها للبعد القومي، والتطلع القومي، حيث تركز على سوريا الطبيعية “الشام”، ولا تنظر فيما قد يكون خفايا، لا سيما والأطماع، بل الحضور الفرنسي ـ البريطاني الذي كان موجودا في بلاد الشام، حيث كانت قد جرت قبل ذلك أحداث عامي 1840 و1860 في لبنان الشامي” إن صح التعبير، وكانت السلطة العثمانية شبه عاجزة عن التدخل.. فلم نر في المؤتمر العربي الأول ١٨ – ٢٣ حزيران/يونيو ١٩١٣، “مؤتمر باريس”، الذي عقد قبل الحرب العالمية الثانية (7)
( ) برئاسة الشيخ عبد الحميد الزهراوي (1855 – ت. 1916) – وكان لا يعرف الفرنسية – ولا في المؤتمر السوري الذي عُقد في دمشق بتاريخ 2 تموز 1919 بعد تلك الحرب، لم نر شيئا من الأفق القومي، الذي عبَّر عنه مبعوث حماة إلى مجلس المبعوثان، خالد البرازي، باسم العرب، والقومية العربية، بتاريخ 21/7/1912 في ذلك المجلس بشأن طرابلس الغرب.
وقد جاء في قرارات المؤتمر السوري الأول، الذي ناصر الملك فيصل الأول، ملك سوريا، ما نصه:
“قرر المؤتمر السوري الذي عقد في دمشق بتاريخ 2 تموز 1919
1 ـ إننا نطلب الاستقلال السياسي التام الناجز للبلاد السورية التي تحدّها من الشمال جبال طوروس، وجنوبا رفح فالخط المار من جنوب الجوف إلى جنوب العقبة الشامية والعقبة الحجازية، وشرقا نهر الفرات فالخابور والخط الممتد شرق أبي كمال إلى شرق الجوف،(8) وغربا البحر المتوسط، بدون حماية ولا وصاية.
7 ـ إننا نرفض مطالب الصهيونيين، بجعل القسم الجنوبي من البلاد السورية، أي فلسطين، وطنا قوميا للإسرائيليين، ونرفض هجرتهم إلى قسم من بلادنا، لأنه ليس لهم منها أدنى حق، ولأنهم خطر شديد جدا على شعبنا، من حيث الاقتصاد، والقومية، والكيان السياسي. أما سكان البلاد الأصليون من إخواننا الموسويين، فلهم ما لنا وعليهم ما علينا”. وجاء في المؤتمر نص قوي، ضد تجزئة سوريا، وتأكيد على الاستقلال: ” إن المؤتمر السوري العام، الذي يمثل الأمة السورية العربية(9) بمناطقها الثلاث الداخلية والساحلية والجنوبية “فلسطين”، تمثيلا تاما، يضع في جلسته العامة المنعقدة نهار الأحد الواقع 16 جمادى الثانية سنة 1338هـ وليلة الاثنين التالي له الموافق لتاريخ 7 آذار 1919 القرار التاريخي الآتي: “إن الأمة العربية ذات المجد القديم، والمدنية الزاهرة، لم تقم جمعياتها وأحزابها السياسية في زمن الترك لمواصلة الجهاد السياسي، ولم تُرِق دم شهدائها الأحرار، وتثُر على حكومة الأتراك.. إلا طلبا للاستقلال التام، والحياة الحرة.. بصفتها أمة ذات وجود مستقل، وقومية خاصة. لها الحق في أن تحكم نفسها بنفسها، أسوة بالشعوب الأخرى التي لا تزيد عنها مدنية ورقيا.”
وقد أدت الأوضاع والظروف المتداخلة، إلى ضياع الثورة العربية، بصرف النظر عما حاق بالشريف حسين من غدر، وما شاب مسيرته من شوائب، وما فيه من غفلة، وتفسيره للأمور وكشفه للخطط المعادية من قصور، كما أدت إلى احتلال مباشر وغير مباشر، للأراضي العربية التي كانت في إطار الخلافة العثمانية. ولم يُمِتْ ذلك فكرة الثورة العربية ولا أهدافها، ولم يقتل الوعي القومي وأهدافه، بل أخذ يصهر ذلك كله في أتون المقاومة، وحروب التحرير، والتصدي للاحتلال، ولمخططات الاستعمار والصهيونية، والتنبه لمسلسلات التآمر البعيدة المدى، ومقاومتها، كحلف بغداد، ولحالات الاستلاب، وفرض التبعية، والاستغلال، والتسلل إلى التكوين الثقافي العربي، بهدف التخريب بأشكال مختلفة.
وأصبحت شعارات: العروبة، والوحدة، والحرية، والتحرير.. زادَ السالكين في طريق الوعي والمعرفة والسياسة والفكر والعمل، على الصعيد القومي، ولدى طالبي التحرر من الاستعمار في وطن العرب(10).


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28