لا يمكن التصدي لصفقة القرن باستراتيجية دفاعية فقط.

بسام أبو شريف

الخميس 14 حزيران (يونيو) 2018

صفقة القرن قطعت أشواطا واجتثاثها يتطلب استهدااف المصادر بالهجوم
سذج هم الذين يظنون أن قرارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المتصلة بسداد ديون الاردن ، وخفض العجز في موازنته كان قرارا روتينيا فديون الاردن لم تتراكم في عام واحد ، ولابرز العجز في الموازنة لأول مرة بتاريخ الاردن ، والملك عبدالله الثاني رجل ذكي وحكيم ومسؤول عن الحفاظ على عرش الهاشميين الوحيد الذي صمد في ظل خيانة البريطانيين لتعهدهم للشريف حسين ، وتخليهم عن تعهداتهم باستقلال ووحدة العرب لصالح الوهابيين الذين باعوا فلسطين مقابل عرش أعرج تمكن من السير بصعوبة ( كما رتب البريطانيون ) ، والملك عبدالله الثاني ليس ساذجا بل هو ذكي ويفهم تماما معنى تحركات البنك الدولي والضغوط التي يحملها هذا التحرك .
مجلس ادارة صفقة القرن أراد أن يضرب أكثر من عصفور بحجر امريكي واحد
أولا: تهديد الملك عبدالله واشعاره بأن عرشه في خطر ان هو لم يسر في ركابهم . الشعب الاردني برفض الضرائب حتى يبعدوا القدس وفلسطين في يوم القدس العالمي عن الشعب الاردني عن قضية العرب الأولى والقدس وهي برعاية وحماية هاشمية ويومها العالمي كان ينتظر مليونية تنادي بحرية القدس وقدسيتها في يوم القدس العالمي . ولاشك أن قمة مكة كانت واضحة للملك عبدالله الثاني قبل وأثناء وبعد انعقادها .واستوعب رئيس الوزراء المكلف عمر الرزاز مايدور قبل استقالة الملقي وبعدها وقبل قمة مكة وبعدها لذلك أعلن أن الاردن يتعرض لضغوط تتصل ب” موقفه العربي ” ، أما عن اثنين ونصف مليار دولار فالأمر حتما لايخفى على الملك عبدالله الثاني الذي أراد لولي عهده أن يكون شاهدا على مايدور ، فالمبلغ ليس هبة وليس مساعدة بل هو وديعة لتثبيت الوضع الاقتصادي وسعر الدينار أما ماتبقى فهو وعد بمساعدة سنوية ” يقررها موقف الاردن السياسي ” ،وتمويل مشاريع تنمية ” اذا وافق عليها مجالس ادارة المؤسسات الاستثمارية التنموية الخليجية ” .
كانت هذه خطوة كبيرة لاعطاء دفعة لصفقة القرن ، ولاشك أن لقاء مكة تحدث بوضوح عن ضرورة التخلي عن دعم منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية طالما أنها ترفض صفقة العصر . لكن الملك عبدالله الثاني الذي يفكر الآن في الخيارات لم يكن الوحيد الذي استهدفته حركة نادي ” صفقة القرن ” ، فقد كانت الأجهزة الأمنية والاستخبارية الاسرائيلية والاميركية والسعودية والاماراتية مشغولة بوضع اللمسات الأخيرة لخطوات متزامنة ، وقد تبدأ قبل نشر هذا الكلام.
ـ ثانيا: هيأت الادارة الاميركية واسرائيل جيش “داعش” و”النصرة ” لخوض معارك في الشمال والجنوب السوري ، وسيستخدمون نفس الادعاءات السابقة أو ربما ادعاءات جديدة لتبرير ضربات جوية اميركية فرنسية ان لزم الأمر ” وسيلزم ” .
وسيكشف نتنياهو عن خداعه أو محاولة خداع الروس ، وتعهداته حول جنوب سوريا اذ ستشارك اسرائيل في القصف واستخدام صواريخ جو – أرض ضد الجيش العربي السوري ، وليس ضد ايران ورغم كل الدعايات والأخبار الاسرائيلية الكاذبة والتصريحات المضللة فان الروس برهنوا أنهم ثابتون على تعهداتهم وملتزمون بها ، وما تصريحات سفير موسكو ببيروت حول أهمية وجود حزب الله والخبراء الايرانيين في سوريا الا رسالة تقول : ” لن تخدعونا ” .
واعلان لافروف عن مسرحية جديدة للكيماوي في دير الزور رسالة للاميركيين واضحة تماما ، وماحرق صناديق الاقتراع ببغداد وهذه الخلافات حول نتائج الانتخابات الا من صنع مطبخ واشنطن والسعودية اللتين تعملان للسيطرة على العراق ونفطه ، وضرب قوى المقاومة التي وجهت ضربات لداعش جنبا الى جنب مع الجيش العربي العراقي ، والهجوم الذي يشنه نادي صفقة القرن وصل تونس ومحاولةالانقلاب على يد وزير الداخلية السابق بتخطيط وتمويل اميركي – اماراتي ، والغريب أن البعض في تونس مازال يتمسك بمقاطعة سوريا وعدم اتخاذ موقف ضد الارهابيين ..النهضة أو غير النهضة المتحالفة مع السعودية الى جانب التطبيع مع اسرائيل ومع اسقاط النظام في سوريا وابرام صفقة العصر ، وللأسف تبقى مصر مهمشة ومكبلة على يد النظام الذي سيعرف آجلا أم عاجلا أن الارهابيين الذين يستهدفون جيش مصر العربي البطل هم اسرائيل وواشنطن والسعودية تمدهم اسرائيل بالسلاح وتسهل مرورهم لسيناء من خلال أم الرشراش ، وتمولهم السعودية وتدعمهم واشنطن لأنها تريد تقسيم مصر ، التي اشترت مضيق تيران المصري كي تقدمه لاسرائيل كقاعدة تتحكم بالبحر الأحمر .
ـ ثالثا: في فلسطين شكل صمود الشعب الفلسطيني أزمة في اسرائيل ، ورغم أن الكابينيت أعلن أنه لم يتوصل لقرار حول تخفيف الحصار عن قطاع غزة الا أن المعلومات تشير الى اتخاذ قرار بهدف ذر الرماد في العيون ، والتخفيف من الحملة العالمية لادانة اسرائيل ولتغطية جرائمها البشعة ضد أطفال وممرضات ونساء ورجال مسيرة العودة ، وسرعت الاستيطان الاحتلالي الي بدأ يصادر الأراضي في الضفة الغربية دون رقيب أو حساب ، وقامت بسن قانون لا أساس شرعي له ولايحق لها سنه وهو اقتطاع قيمة معاشات أسر الشهداء والأسرى من دخل السلطة من جمرك البضائع الفلسطينية التي تدفع لاسرائيل التي تقوم بتحويلها لاحقا للسلطة .
اذا نادي صفقة القرن يتحرك بسرعة خشية امتداد نيران المقاومة الى أماكن اخرى خارج قطاع غزة ، أما مواجهة هذ التحرك المعادي لكل ماهو وطني وقومي وحقوق الانسان فان الأمر يتطلب شجاعة تصل الى حد مفاجأة العدو ، فالعدو يتوقع أن تبقى قوى المقاومة في موقع الدفاع أو رد الفعل وان المبادرة ستبقى بيد النادي الخياني ، أما الهجوم فهو غير المتوقع ، وهو الذي يتطلب الشجاعة ، والأمر لايعني بالضرورة اللجوء للسلاح فقط ، بل هناك وسائل اخرى أهمها حركة الشعب التي لايمكن لأي قوة عاتية أن تقهرها الهجوم يتطلب مواقف شجاعة وصلبة ، غزة تحت الحصار فماخوفها من الحصار ؟ والاردن محاصر فماخوفه من الحصار ؟ واليمن تحت القصف فماخوفه من القصف ؟ والشعب المصري يجوع تحت سنابك البنك الدولي والسعودية فماخوفه من التصدي للجوع ؟ لقد لجأ جمال عبدالناصر للشعب العربي في مصر بعد هزيمة 1967، وكانت مصر محطمة ، والجيش محاصرماليا وقناة السويس معطلة ، وخط بارليف بالمرصاد وخاطب الشعب المصري بصراحة ، وطلب منه أن يعيد بناء الجيش وأن يصمد ويصبر وهب الشعب العربي في مصر ابتداء بام كلثوم الى آخر صنايعي يتبرعون لبناء الجيش ، وجاء عام 1968 بمفاجأة كبرى للعالم خاصة لصندوق النقد الدولي ، لقد حقق الشعب المصري نسبة 3,4% من النمو ممايعد معجزة كبيرة ، للاردن حدود حيوية اقتصاديا ، وحيوية لحياة المواطن : حدوده مع سوريا وحدوده مع العراق ، هذه الحدود وحدها قادرة على سد العجز في الموازنة الاردنية – افتحوا الحدود ودعوا المواطنين يتحركون اقتصاديا وتجاريا وسيرتفع الدخل تدريجيا ، الخيار يجب الا يكون الرضوخ لنادي صفقة القرن ، فهذا يعني ” حتى بمعنىالتسويق ” ، انخفاض قيمة الموافق وارتفاع قيمة الرافض قد يظن البعض أن الملك عبدالله الثاني لايستطيع ضمن المعطيات مواجهة هذا الحصار ، ونحن نقول ان الملك عبدالله الثاني هو أقوى من نادي ” صفقة القرن ” ، وأقوى من أي حاكم عربي يسعى لبيع القدس ، أقوى بشعب الاردن ، وهو الأقوى وهم يخشونه ، وسيبقى الأقوى اذا بقي حاميا للقدس وداعما للحق الفلسطيني ورافضا لصفقة القرن ، فرفض الاردن للصفقة هو مصدر القوة استنادا للموقف الشعبي ، فالشعب الفلسطيني الذي يعرف العدو حق المعرفة ويصمد ويقاوم ويبقى عميق الجذور سوف يستمر في المواجهة ، وهو يعلم أنه آجلا أم عاجلا ستظهر الجماهير العربية موقفها الحقيقي ، فابن الجزيرة عربي أصيل، ولايقبل بالتنازل عن أولى القبلتين ، القدس ليست قضية سياسية وتحررية فقط ، بل هي في صلب العقيدة الاسلامية ، في صلب قرآننا ونحن لا نؤجر قرآننا بل نحميه وندافع عنه ونرفعه فوق رؤوسنا ، أما الذين يبيعون العهد والوعد والأمة فلهم نار صالية ، ولا أقصد النار في الآخرة فهذه مضمونة لهم لكنني أقصد النار التي سيشعلها الشعب في قصورهم الفاسدة ، هؤلاء الذين يبيعون مقدسات المسلمين والمسيحيين ، ويبيعون القدس مسرى ومعرج النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء هم الكفرة الذين سيحاسبهم الشعب قبل أن يحاسبوا في الدنيا الآخرة ، خيارنا الوحيد هو الصمود وأن نكيل للعدو بمكيال لايتوقعه ولم يعهده من دير الزور الى النتف الى درعا الى الحديدة الى فلسطين .
ولاشك بأن رص صفوف الرافضين لصفقة القرن دولا وشعوبا سوف يجعل من هذا الرفض العقبة الكأداء في وجه الصفقة ، فرفض فلسطين والاردن وسوريا والعراق ولبنان واليمن والجزائر وليبيا وتونس ، والشعوب سوف يترك نادي ” صفقة القرن ” وحيدا دون طرف للتفاوض معه أو المساومة .
ويحاول النادي تمديد الحرب في سوريا لتبقى تحت بند التدمير ، وسوف يحاول كما قلنا تصعيد هجمات الارهابيين بمشاركة اميركية واسرائيلية للاستمرار في ضرب الجيش العربي السوري كما سيصعد في اليمن ، وسيحاولون ترتيب انقلابات وتهديد أنظمة بالتغيير وتعيين أسر جديدة لتحكم باسمهم كما تهدد السعودية قطر وهكذا … لكن موقف رفض الصفقة والاسستمرار في الحراك الشعبي سوف يلحق الهزيمة بالصفقة .
والحقيقة أن في جعبتنا معلومات خطيرة حول مايخطط للسعودية والكويت واليمن ومصر لأن حكامها لايتذكرون المثل الصحيح : أكلت يوم أكل الثور الأبيض.