] ليبرمان ليس الصهيوني الأخطر - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 21 أيار (مايو) 2016

ليبرمان ليس الصهيوني الأخطر

برهوم جرايسي
السبت 21 أيار (مايو) 2016

حالة الغضب والقلق الإسرائيليين من تعيين العنصري الشرس أفيغدور ليبرمان وزيرا للحرب، ليست نابعة من الاعتقاد بأنه في اليوم التالي لتوليه المنصب، سيفتح جبهات النار في كل اتجاه؛ بل نظرا لشخصيته الحادة. فهو معروف بنهجه “الأزعر” المنفلت؛ وأنه منذ ظهوره على الساحة السياسية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، ولاحقا نائبا ووزيرا، وحتى اليوم، ارتبط اسمه بسلسلة شبهات وتهم فساد، كان خروجه منها “سالما” نتيجة قرارات في جهازي النيابة والقضاء، تنبعث منها رائحة فساد.
فليبرمان ليس الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الصهيونية. وأمثاله ومن هم أشد خطورة منه، حاضرون في الكنيست وفي الحكومة، وأولهم بنيامين نتنياهو. ويؤكد أحد المحللين العسكريين، أن مواقف وزير الحرب الحالي موشيه يعلون، ليست أقل حدة من ليبرمان، بل قد تكون أشد، إلا أن يعلون يعكس التزاما أكثر بنهج المؤسسة العسكرية وقيادة جيش الاحتلال، وفق ضوابط محددة للعمل، بما يخدم الأهداف الاستراتيجية العليا للصهيونية، وضمنها إسرائيل.
وهذا لا يعني أبدا أن الجيش وعقلية قادته الحاليين، هم أخف عنصرية وعدائية، إلا أن لديهم استراتيجيات يعملون بموجبها، كي يحققوا النتائج “الأفضل”. وكما ظهر في الأشهر الأخيرة، على ألسن عدد من قادة الجيش، وضمنهم رئيس الأركان غادي أيزينكوت ونائبه يائير غولان وغيرهما، فإنهم لا يريدون عرض جيشهم، الذي يُعد من الأقوى في العالم، كمن أصابعه خفيفة على الزناد أمام الأطفال الفلسطينيين، بحسب ما تريده العصابة الحاكمة بزعامة نتنياهو. وفي الوقت ذاته، وكي لا يكون هناك أي وهْمٍ بشأن ما يسمى “أخلاقيات الجيش الاسرائيلي”، فإن قادة العسكر الحاليين أنفسهم، قادوا حروبا واجتياحات دموية، منها الحرب على غزة قبل عامين، وتدمير آلاف البيوت وقتل المئات خلال أيام.
وكي نضع الأمور في نصابها، نشير الى أنه على الرغم من تراجع “هيبة” المؤسسة العسكرية وقيادتها في المؤسسة الحاكمة، بعد أن باتت عرضة دائمة لانتقادات اليمين المتطرف المنفلت، وضمنه نتنياهو، إلا أن قرار شن الحروب و“العمليات العسكرية المحدودة”، تبقى أساسا بيد الجيش؛ وكل تصريحات ليبرمان في الأشهر الأخيرة، والتي دعا فيها إلى شن حرب إبادة وغيرها، لن تغير جوهريا في نهج جيش الاحتلال، الدموي أصلا.
رغم هذا، فإن لدى المؤسسة العسكرية وقادة الجيش وأجهزة الاستخبارات قلقا واضحا، عبّر عنه عدد من المحللين والمراسلين العسكريين المعروفين بقربهم لقادة المؤسسة العسكرية. وهذا القلق نابع من مواصفات شخصية ليبرمان، كونه عربيدا منفلتا أزعر. فحينما تسلم ليبرمان حقيبة الخارجية العام 2009، شرع يعربد على السلك المهني في الوزارة، ويومها أطلق أحد المحللين الإسرائيليين البارزين على نهج ليبرمان، لقب “الديبلومافيا”.
كما أن القلق نابع من صلاحيات الوزير في تعيينات الجيش الكبرى. صحيح أن لرئيس الوزراء صلاحية مماثلة، خاصة في تعيين رئيس الأركان، إلا أنه سيكون للوزير ليبرمان تأثير واضح، وهذا ما يتخوف منه سلك الضباط الكبار، بحسب محللين عسكريين. إلى جانب أنهم يتخوفون من نهج خطابه العنيف، في الوقت الذي سيكون محظورا على أولئك الضباط الرد.
في ملخص مرحلي للوضع القائم، نقول إن العنصرية والارهاب الصهيونيين لم يظهرا مع ظهور نتنياهو وليبرمان، بل هما الأساس القائم عليه الفكر الصهيوني، الذي ارتكب النكبة وما قبلها وما بعدها حتى يومنا. ولكن على مدى سنين، كان للمؤسسة الحاكمة ضوابط عمل، ومقاييس قادرة على استيعاب الغالبية الساحقة من الجمهور الإسرائيلي؛ أما ما يجري في السنوات الأخيرة، في ظل حكومات نتنياهو الثلاث، فهو استفحال سطوة عصابات اليمين المتطرف المنفلت على مقاليد الحكم. وهذه العصابات سيطرت، بداية، على حزب “الليكود”، وهي الداعم الأساس لنتنياهو، وإلى جانبه تحالف أحزاب المستوطنين “البيت اليهودي”، وبطبيعة الحال حزب ليبرمان “إسرائيل بيتنا”.
هذا المشهد مصدر قلق لا يمكن الاستخفاف به، لدى جمهور واسع من العلمانيين و“الليبراليين” الذين لا يجدون قوة سياسية حقيقية تمثل توجهاتهم. والأحزاب التي ينتخبونها، مثل “العمل” و“يوجد مستقبل”، تغرق هي أيضا في اليمين المتشدد وبرامجه. وهذا القلق يشتد، ليقين هذا الجمهور أن سطوة هذه العصابات ستمتد لاحقا إلى تفاصيل الحياة اليومية، مستهدفة هذا الجمهور الذي إما أنه سيخرج إلى مواجهة مباشرة، أو أنه سيقرر العودة الى بلدانه الأصلية التي هاجر منها إلى فلسطين.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28