] مداخلات: حول الرد الصهيوني وتآكل ردعه - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 8 نيسان (أبريل) 2023

مداخلات: حول الرد الصهيوني وتآكل ردعه

السبت 8 نيسان (أبريل) 2023

الردّ الإسرائيلي الباهت وتهاوي قدرة الردع - عمر معربوني | خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية

بداية لا بدّ من الإشارة الى انّ المسببات التي ادّت الى التصعيد الاسرائيلي الأخير على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية لا تزال قائمة، وهذا يعني ان المرحلة تندرج ضمن السياق المشوب بالحذر، وهي حالة تؤشر الى إمكانية اندلاع المواجهة في أي لحظة وهو ما تعرفه جيداً كافّة اطراف الصراع.

حالياً يمكن الجزم بأن الممارسات الصهيونية في المسجد الأقصى باتت السبب الأول للتوتر، وبالتالي فإنّ استمرار وتصاعد التوحش الصهيوني سيؤدي بلا جدال الى التصعيد في البعدين العسكري والأمني.

إن الإشارة إلى السبب الأول للتصعيد لا يُلغي السبب الرئيسي للصراع، وهو احتلال فلسطين المحتلّة التي تشكّل بالنسبة للعرب والمسلمين القضية المركزية، والتي لن ينتهي الصراع الا بزوال الكيان الذي بات توصيفه بالمؤقت عند قوى ودول محور المقاومة انطلاقاً من المتغيرات الكبيرة في مسارات الصراع وموازين القوى الصاعدة لقوى المحور، وتراجع قدرات الردع لدى الكيان وعلى رأسها القدرات العسكرية والأمنية وهو ما لا يمكن لعاقل التنكر له.

اما بالنسبة للتطور الذي حصل البارحة والذي تمثّل باطلاق صليات صاروخية من جنوب لبنان فهو حدثٌ لم يحصل للمرّة الأولى بل هو حدث متكرر، لكن الجديد فيه هو عدد الصواريخ التي أُطلقت.

حتى اللحظة لم تتبنَّ أي جهة اطلاق الصواريخ وهو ما يمكن ادراجه تحت مسمّى الغموض البنّاء لأسباب أرادها من اطلق الصواريخ ان تشكّل منطلقاً لإحداث خلل في قدرة التقييم الإسرائيلية، وتالياً ارباك الأجهزة الإستخباراتية الصهيونية وتصعيب عملية اتخاذ القرار وهو ما جعل الردّ المعادي يتأخر في لبنان الى الرابعة فجراً أي بعد مرور 12 ساعة على عملية اطلاق الصواريخ.

المربك بالنسبة للإسرائيليين كان التعاطي مع عملية الإطلاق والردّ عليها بحذر، كونها أُطلقت من لبنان والتي ارست فيه المقاومة معادلات الردّ الأوضح والأقوى، والذي يمنع الكيان من المغامرة بردّ قد يذهب بالأمور الى مواجهة شاملة.

ولتحاشي التدحرج الى مواجهة شاملة، جاء الردّ الصهيوني في لبنان وغزّة باهتاً وغير متناسب مع التهديدات التي اطلقها قادة الكيان، حيث تم استهداف اراضٍ مفتوحة لم تؤدي الى حصول ضحايا سواء في غزّة وحتى في لبنان.

في كل الأحوال كنّا ولا نزال امام تطوّر كبير وخطير تمّت مقاربته على المستوى اللبناني انطلاقاً من الإنقسام الحاصل حيث كنا امام ثلاثة مقاربات:

1ــــ تصريحي رئيس الحكومة ووزير الدفاع اللذين لم يخرجا عمّا هو معتاد من التصريحات الرسمية اللبنانية عند حصول تطورات كتطور البارحة.

2ــــ تصريحات شاجبة من قوى معروفة بعدائها للمقاومة.

3ــــ تصريحات مرحّبة وهي التصريحات الطبيعية المرتبطة بالمقاومة وحلفائها.

وعلى الرغم من أجواء الإنقسام يبقى ان معادلات الردع لا تزال حاضرة وقائمة وتبقى التصريحات الرسمية تبريرية لأسباب مختلفة وتبقى تصريحات خصوم المقاومة مجرد تشويش لا يقدم او يؤخر.

كان بإمكان قادة الكيان المؤقت توجيه التهمة لحزب الله، لكنهم اختاروا توجيهها لحركة حماس، ليتم الرد في قطاع غزة واعتباره ردا متماثلا، ولذلك فإن الرد في لبنان كان متوقعاً كما حصل فجراً وهو ردٌّ لا يتجاوز حفظ ماء الوجه، نظرا إلى طبيعة المعادلات التي فرضتها المقاومة، على الرغم من ان قادة العدو حمّلوا الحكومة اللبنانية المسؤولية، كون الصواريخ انطلقت من ارض لبنانية، وهو اتهام بصيغة مناورة وسيتم الاكتفاء به دون ترجمته إلى اجراءات عسكرية تتجاوز قواعد الإشتباك القائمة، خاصة وان الحزب حذر من ان اي رد اسرائيلي سيقابل برد مماثل، وهذا اذا حصل قد يدفع الوضع نحو التصعيد المتدحرج وهو ما ترغب به القيادة الاسرائيلية، ولكن ليس على الجبهة اللبنانية، لهذا فإن الرد سيكون امنيا في الضفة والقدس وعسكريا في قطاع غزة وليس بالضرورة بشكل فوري الا بما يرتبط بالقصف الذي استهدف قطاع غزة والقصف الذي استهدف لبنان.

اذاً الكيان المؤقت، ليس في وسعه خوض القتال على ثلاث جبهات لذلك سيبقى ضمن النمطية الحالية انطلاقا من ضرورة تحقيق اهداف ترتبط بتحسين شروط الردع من خلال:

1ـــ الابقاء على لبنان كجبهة هادئة (يصنفها جبهة خطرة).

2ــــ تكثيف الهجمات في قطاع غزة (يصنفها جبهة رخوة).

3ــــ الابقاء على نمط المعركة بين الحروب في سورية.

وانطلاقا من هذه الوضعية ستكون الضربة الأكبر في غزة التي تتعرض منذ ليل الخميس ـــ الجمعة الى غارات شنتها “اسرائيل” على أهداف تابعة لحركة حماس، وسيحرص العدو على ان تكون الضربة في لبنان خفيفة ليكون الرد عليها مماثلا ولا تذهب الأمور إلى حرب شاملة، إضافة إلى توجيه ضربات في سورية بالنمط الحالي وهو امر بتقديري لن يستمر الى ما لا نهاية.

ختاماً لا بدّ من التأكيد على ان الردّ الإسرائيلي سجّل تراجعاً كبيراً في قدرات الردع العسكرية والأمنية معاً، وهنا لا بدّ من التأكيد ايضاً ان الجبهة الأمنية ستكون وبقوة الجبهة الرابعة التي سيضطر الجيش الإسرائيلي للقتال فيها وهو ما يتصاعد يومياً من خلال المواجهات التي تحصل في القدس والضفة الغربية.

في التقدير اعتقد اننا سنكون قريباً امام تكامل بين القدرات العسكرية والأمنية المتصاعدة بمواجهة القدرات العسكرية والأمنية للعدو والتي تشهد تراجعات كبيرة يوماً بعد يوم.

معادلات الردع تتقدم مع تقدم وحدة الساحات- د. زكريا حمودان

تطورات دراماتيكية تعيشها منطقة غرب آسيا على المستوى الأمني، السياسي والاقتصادي. هذه التطورات التي أربكت الأميركي سياسيًا، وبدلت خريطة المنطقة إقتصاديًا، بدلت المشهد الأمني مؤخرًا لتضعه في مكان جديد وأمام معادلة جديدة بعيدة كل البعد عن سابقاتها وذات أبعاد متعددة على الشكل التالي:

إرباك العدو الإسرائيلي المأزوم سياسيًا وأمنيًا

لم يكن مستغربًا لدى محور المقاومة أن يقف العدو مذهولًا من مشهد الصواريخ التي تساقطت عليه من جنوب لبنان، فالمُخطط يعلم مدى متانة الساحات اليوم وخاصة ساحة الجنوب.

المشهد الجديد اليوم ارتبط بالوقت، فالعدو اضطر ان يجتمع ويتشاور ويتباحث ثم يعود ليقصف بخجل بعض المساحات المفتوحة كرد فعل خجول لا يرتقي الى مستوى المواجهة.

هذا الارباك الامني يتداخل بشكل كبير مع عاملين رئيسيين هما:

١ــ عدم قدرة العدو على فتح معركة على الجبهة الجنوبية للبنان بعد تهديدات سماحة السيد حسن نصرالله الأخيرة والتي تشير المعلومات أنها مبنية على معطيات أمنية دقيقة.

٢ــ الأزمة السياسية الكبيرة التي يشهدها الكيان المؤقت والتي تنذر بأنَّ ديمومته باتت في خبر كان.

لا شك أن هذا الارباك الكبير على مستوى العدو تأثر كثيرًا بحراك الضفة الغربية الذي يشكل نقطة التحول الكبرى في مسار القضية الفلسطينية.

تبدلات المواقف الاقليمية

أتت التطورات الاقليمية على المستوى السياسي في منطقة الشرق الاوسط لترخي بثقلها على العدو المأزوم سياسيًا، الأمر الذي جعل المواجهة مختلفة على المستوى الاقليمي، فمشاريع التطبيع التي أسقطتها ساحات المقاومة لم تعد تستطيع رفع سقف الاستنكار الى المستوى المعتاد، وباتت محرجة أمام أعمال العدو تجاه الفلسطينيين من جهة، وتجاه المسجد الأقصى من جهةٍ أخرى، وهنا أسئلة عديدة تطرح أهمها:

١ــ هل أيقن المطبعون أن الكيان المحتل بات يتدحرج ويتقهقر اقليميًا؟

٢ــ هل علموا أن الضامن الأساسي للاستقرار في منطقة غرب اسيا هم أهل هذه المنطقة ونبضها الدائم وليس الكيان المؤقت والطارئ عليها.

٣ــ هل نحن أمام مرحلة تخلي تدريجي عن الكيان المحتل وعودة جديدة الى ساحات النضال؟

أثر هزيمة الكيان المحتل في بعض النفوس في لبنان

تأثر بعض المغرضين من عدم قدرة العدو الاسرائيلي على الرد مباشرة على تطورات الأحداث الأخيرة، والمؤسف أن تأثرهم لم يكن محدودًا في مجالسهم الضيقة، بل شكلوا منصة دفاع عن العدو الاسرائيلي عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهم بذلك يكونوا قد قدموا أوراق اعتماد قديمة جديدة لهم مع العدو الاسرائيلي.

ما حصل مؤخرًا من مواقف غير مسؤولة لا يمكن ان يؤثر في عزيمة الانتصارات الغير محدودة، لا بل سيزيد الشرخ داخليًا بالرغم من حرص المقاومة الشديد على الحفاظ على الوحدة المحلية وعدم الانجرار الى اية تفاصيل تشوه مجد الانتصارات التي لن تتوقف الى مع التحرير الكامل لفلسطين.

في الخلاصة، ساحات الصراع اليوم باتت اكثر تكاتفًا، وهي تمتلك قوة نار غير محدودة، ومتكاملة الى حد كبير بين الضفة الغربية، وقطاع غزة، وجنوب لبنان، وجنوب سوريا، والعراق واليمن، بحيث قد تحمل الأيام المقبلة تطورات دراماتيكية في حال حاول العدو الاسرائيلي المغامرة في أيٍ من الساحات المذكورة.

ردّ المقاومة المركَّب على التعرض للأقصى: تآكل إضافي في قدرة الردع الإسرائيلية- علي عبادي

كما بدأت هذه الجولة على نحو فاجأ العدو، انتهت على نحو فاجأ الكثيرين الذين أُخذوا بالتصريحات الإسرائيلية الساخنة وظنوا أن حرباً على وشك الاندلاع. ولم ينطلق هذا الظن من فراغ، ذلك أن تشغيل جبهتي غزة ولبنان في آن واحد ضد انتهاكات العدو في المسجد الأقصى أصاب غرور العدو في الصميم، وهو اعترف بأن تقديراته الاستخبارية لم تتوقع انطلاق صواريخ من لبنان وبهذه الوتيرة غير المسبوقة منذ سنوات طويلة.

في الساعات الأولى على إطلاق الصواريخ والقذائف بعدد كبير ومن أماكن إطلاق عدة، تجمَّد العدو في مكانه ولم يتمكن من القيام بأي رد فعل، على الأقل تشغيل مدفعيته التي تنطلق في العادة بعد كل حدث من هذا النوع، وانشغل بتحليل ما وراء الحدث ومن يقف وراءه بالتحديد، وكان الغموض من الطرف الآخر باعثاً على قلقه الكبير. وبقيت تصريحات قادة الاحتلال في حدود تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن إطلاق الصواريخ، وحاول أن لا يلزم نفسه بالرد، ثم حصَرَ المواجهة مع حركة “حماس”، معتبراً أنه لا يريد أن يمنحها ما تصبو إليه من توسيع ساحات المواجهة. غير أن رسالة المقاومة وصلت: حماية المسجد الاقصى في أولوياتها، والمعادلة تم تثبيتها على هذا الأساس من دون الحاجة إلى تكبير الحجر في الوقت الحالي.

انطلق سلوك العدو في هذه الجولة من محاولة الحفاظ على الوضع الحالي وعدم المخاطرة بعمليات واسعة. ويمكن في هذا الإطار تسجيل الآتي:

- لم يمرّ اقتحام العدو للمسجد الأقصى بالشكل المروّع الذي ظهر في وسائل الإعلام من دون مقابل. وبهذا، تؤكد المقاومة بمختلف فصائلها أن حماية المسجد الأقصى برمزيته الإسلامية والعربية الكبيرة تقع ضمن نطاق مسؤولياتها الأساسية.

- كان رد المقاومة على جبهتين صادماً للعدو الذي أخفق في توقّع تعدّد ساحات الرد بهذه السرعة والاتساع.

- الأهم من الأضرار المادية والبشرية الناجمة عن سقوط الصواريخ أن ماء وجه الاحتلال أريق، وهيبته ضاعت لساعات عدة دون أن يجرؤ على الرد الفوري، خلافاً لطبيعة سلوكه العدواني، لأنه يدرك أن الأمور قابلة للتدحرج.

- تداعى عدد من قادة العدو إلى المطالبة بعملية عسكرية كبيرة، غير أن تأخير الغارات الجوية واقتصارها على مناطق مفتوحة أشّرا الى أنه لا ينوي المسّ بالمعادلة الحالية. وهذا تراجعٌ مهم بالقياس الى أن مفهوم الردع تضرَّر بالقصف الصاروخي المقاوم على عمق مناطق العدو المأهولة.

ردّ المقاومة المركَّب على التعرض للأقصى: تآكل إضافي في قدرة الردع الإسرائيلية

- استوْفَتْ المقاومة الرد على انتهاكات العدو مسبقاً، بادرت وفاجأت، وكانت الاستجابة الاسرائيلية محدودة وفاقدة القيمة تقريباً من الناحية العسكرية (“بنك أهداف” متواضع جداً).

- العدو لم يَجْبِ ثمناً ذا قيمة برغم كل التصريحات التي أوحت بأنه سيستهدف رموزاً في فصائل المقاومة. بالطبع، لا نلغي من الحساب لجوء العدو مستقبلاً الى اغتيالات، لكن قدرته مقيّدة في الوقت الحالي.

- أرسل العدو عبر أطراف ثالثة أنه سيضبط إيقاع الرد على قصف مستوطناته. ولذلك بقيت وتيرة المواجهة في حدودٍ دنيا من الجانبين. ولم تكن المقاومة مضطرة لتصعيد الموقف طالما أن أهدافها تتحقق بالنقاط، مع الاحتفاظ بهامش وافر من الردع.

- تمكنت المقاومة الإسلامية في لبنان من إيصال رسالة بليغة وهي تقف في الظل؛ كانت بصمتها واضحة من دون أن تضطر الى الإعلان والتصريح عما جرى على الأرض وما يمكن أن تقوم به. ونتيجة لذلك، لم يجرؤ العدو على أن يستفرد بغزة ويذهب الى عملية واسعة، لأنه كان يدرك أن محور المقاومة يُنضج خياراته الميدانية برؤى ثابتة ومفتوحة على التطورات.

بعد ذلك كله، علينا أن نرى كيف ستؤول الأمور لاحقاً: هل تكون هذه الجولة مجرد استطلاع بالنار قبل جولة أخرى أشدّ، في ضوء انتهاكات العدو واستفزازه المتواصل، ونحن نلاحظ أن قدرة العدو على الردع تتآكل مع كل جولة، ومأزقه الداخلي يتفاقم مما يمكن أن يؤثر على، ويتداخل مع، مسار المواجهة مع المقاومة؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 9

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28