] حكومة نتنياهو السادسة الأكثر عدوانية للفلسطينيين وطمعا بوطنهم - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2023

حكومة نتنياهو السادسة الأكثر عدوانية للفلسطينيين وطمعا بوطنهم

الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2023

- وديع عواودة

انطلقت في الأسبوع الماضي حكومة نتنياهو السادسة التي يجمع مراقبون إسرائيليون أيضا على كونها الأكثر يمينية وتطرفا ومحافظة منذ تشكيل حكومة الاحتلال الأولى غداة نكبة فلسطين عام 1948. يأتي ذلك على خلفية مشاركة أحزاب متشددة سياسيا واجتماعيا وتعيين وزراء كانوا حتى الأمس يمارسون الترويع والإرهاب مع “شبيبة التلال” الاستيطانية أمثال ايتمار بن غفير وباتسلئيل سموطريتش. وهؤلاء ليسوا شركاء اعتياديين لنتنياهو، فقد اضطر أن يقدم مقدرات الحكومة، بل مقدرات الدولة من أجل إرضائهم ودفعهم لتوقيع اتفاق تحالفي مع حزبه “الليكود” بعد “مزاد علني مخجل وعملية ابتزاز مهينة وخطيرة” كما وصفتها أوساط إسرائيلية من اليسار ومن اليمين. نتنياهو الذي يخضع لمحاكمة بتهم فساد والطامع بالعودة بكل ثمن لسدة الحكم خضع لكل مطالب وشروط شركائه ولذا هناك من يعتبر حكومة نتنياهو السادسة أنها فعليا حكومة بن غفير وسموطريتش وقد عبّر عن هذه الحالة رسم كاريكاتيري في صحيفة “هآرتس” ظهر فيه نتنياهو ملكا عاريا من ثيابه وممتلكاته ولم يتبق سوى تاج يتيم على رأسه ومن حوله رؤساء الأحزاب الصهيونية المشاركة في حكومته وقد نهبت وسلبت كل ما وقع نظرها عليه. وعلى خلفية ذلك يكرّر رئيس حكومة الاحتلال السابق رئيس المعارضة أن نتنياهو المكلف بتشكيل حكومته السادسة هو اليوم في حالة ضعف غير مسبوقة، فيما قال نائب عن حزبه “هناك مستقبل” موشيه تور باز إن إسرائيل باتت للبيع وفق ما تكشف عنه اتفاقات الائتلاف بين حزب “الليكود” وبين الأحزاب اليمينية المتشددة. وقال تور باز في مقال نشرته صحيفة “معاريف” إن الائتلاف الجديد يقوم بتجريد وزارات من صلاحياتها، واقتلاع أجنحة من وحداتها، ويبدو كل شيء شرعياً ويسير نحو قيام أكثر الحكومات تطرفاً واستقطاباً نشهده حتى اليوم في الدولة. وتابع: “نسأل أنفسنا: صحيح أن الشعب قال كلمته، وهناك 64 عضواً في الكنيست فقط يشكلون جزءاً من حكومة نتنياهو، ولا يوجد خيار آخر. إذاً، لماذا استغرقت المفاوضات وقتاً طويلاً؟ ولماذا، من أجل الوصول إلى هناك، يقوم نتنياهو بتمزيق القطاع العام ويلحق ضرراً مباشراً بالخدمات التي سيحصل عليها المواطنون الإسرائيليون؟”.

نتنياهو ضعيف

وبرأيه الجواب بسيط: نتنياهو ضعيف، يتعرض للضغط وللابتزاز، وشركاؤه يدركون ذلك. هم يدركون أن نتنياهو يريد الانتهاء من محاكمته وتفادي السجن ومن أجل هذه الغاية هو بحاجة إلى حكومة وهذا برأيه تجلى خلف السماح لبن غفير بالقيام باقتحام الحرم القدسي رغم علمه بالأثمان المتنوعة المترتبة خاصة على علاقات التطبيع. فهو يضطر لتأجيل زيارته للإمارات بعدما كان يفترض القيام بها هذا الأسبوع. ويضيف “ولعدم وجود خيار غير حكومة يمين بالكامل، فإنهم يمارسون الابتزاز. وكلنا خاسرون وهذه التصريحات الأمريكية المتتالية تدلل على كونها زيارة حمقاء وتنم عن دوافع شعبوية تمت أمام نتنياهو العاجز”.
ومقابل المزاعم بأن نتنياهو يتعرض للضغط السريع والابتزاز المهين هناك من يرجح أنه معني فعلا بالخطوات المتطرفة هذه كي يبدو العاقل الوحيد داخل هذه المركبة الحكومية المنفلتة، إن كان بعيون الإسرائيليين أنفسهم أو أمام العالم.
بين هذا وذاك تدلل نصوص الاتفاقات الائتلافية بين “الليكود” وبين بقية الأحزاب المشاركة في حكومة نتنياهو السادسة أنها عدوانية ومتطرفة وطامعة جدا باستكمال الاستيلاء على وطن الفلسطينيين وفيها أوساط معنية بالدفع نحو حسم الصراع معهم. ولذا من غير المتوقع أن لا يكّرر “نتنياهو السادس” موقفه الرافض لتسوية الصراع مع الشعب الفلسطيني ورفض التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية كما فعل في حكوماته السابقة. نتنياهو الذي بلغ سدة الحكم للمرة الأولى في 1996 بعدما رفع شعار معارضة تقسيم القدس والدعوة للتمسك باحتلال البلاد من بحرها إلى نهرها، من المتوقع أن يحاول تعميق وتوسيع التطبيع مع دول عربية من دون تسوية القضية الفلسطينية تطبيقا لشعار رفعه منذ سنوات رفض فيه مبدأ “الأرض مقابل السلام”.

مستقبل التطبيع

والسؤال هل تأخذ الأنظمة العربية جرائم حكومة الاحتلال بالحسبان في تطبيعها معه؟ محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس” دكتور تسفي بارئيل يوضح معقبا على اقتحام بن غفير بدوافع حسابات المصالح الإسرائيلية المتنوعة بالقول إن ردود الفعل على “صعود بن غفير للجبل” تظهر أنه رغم اتفاقات إبراهام- الدول العربية لا تنوي إزالة القضية الفلسطينية عن الطاولة.
في تحليل بعنوان “قمة محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وبن غفير في الحرم بدون أبو يائير” يرجح بارئيل أن سلوك وزراء نتنياهو المنفلتين سيضيقّون هامش مناورته السياسية ويحّدون من احتمالات تطوير التطبيع كما وكيفا رغم أن عملية التطبيع تخضع لاعتبارات وحسابات ومصالح متنوعة كثيرة. كذلك يعتبر بارئيل أن سلوك بن غفير وسموطريتش سيبعد حلمه بإدخال السعودية لنادي التطبيع رغم أن ولي عهدها محمد بن سلمان معني ويريد بالتقرب من إسرائيل لحسابات تتعلق به وبمصالحه خاصة العلاقة مع البيت الأبيض.

العلاقات مع الولايات المتحدة

رغم التحذيرات والتحفظات الصادرة عن البيت الأبيض من تعيين بن غفير وزيرا مركزيا في حكومة الاحتلال الجديدة ورغم تسريبات من أنها لن تتعامل معهما، فقد أعلنت واشنطن نهاية الأسبوع المنصرم أنها مستعدة لفرض قرار النقض “الفيتو” على أي قرار أممي تتخذه الأمم المتحدة بإدانة إسرائيل على اقتحام بن غفير الذي أدانته أوساط صهيونية إسرائيلية وعالمية. ويبدو أن هذه الازدواجية تنطبق على بقية دول الغرب التي تؤثر منظومة المصالح على منظومة القيم في علاقاتها مع إسرائيل ما يدفعها لصرف النظر عن جرائمها وانتهاكاتها للقوانين الدولية والقرارات الأممية منذ عقود أو الاكتفاء باستنكارات فارغة من أي جدوى ومن أي عقوبات وخطوات فعلية بعكس الموقف من احتلال روسيا لأوكرانيا على سبيل المثال.

حكومة ظلاميةوتعتبر حكومة نتنياهو الأكثر يمينية وظلامية على المستوى الإسرائيلي الداخلي أيضا، فهي تناصب العداء للعرب وللأقليات والنساء (خمس نساء من بين 35 وزيرا) والمثليين وغيرهم. وشرعت الأحزاب الدينية على أنواعها بتشريع قوانين ونظم تقرّب إسرائيل من دول الشريعة بلغت لحد زيادة مضامين اليهودية على حساب الرياضيات والعلوم واللغات الأجنبية في المدارس، وتمكين الأطباء وأصحاب الفنادق من عدم تقديم علاج أو خدمة للمثليين، وهناك أنباء عن نية لإصدار نظم لفصل الرجال عن النساء في المسابح على سواحل البحر. وبما يتعلق بفلسطينيي الداخل فهناك سلسلة تشريعات ونظم لتضييق الخناق عليهم أخطرها تغيير نظم الفتح بالنار ودفع كتائب حرس الحدود لقمع المظاهرات في المدن الفلسطينية التاريخية مثل حيفا وعكا ويافا واللد والرملة على خلفية “هبة الكرامة” التي شهدتها هذه المدن وغيرها من البلدات في أيار/مايو 2021.
وبالتزامن تشهد إسرائيل ثورة في مجال التشريعات يقودها وزير القضاء المقرب جدا من نتنياهو ياريف لافين وفيها يقوم بتقليص صلاحيات السلطة القضائية لصالح السلطتين التنفيذية والتشريعية وبتقليم أظفار محكمة العدل العليا وإخضاعها بواسطة ما يعرف بمشروع قانون الاستقواء الذي يمنع المحكمة العليا من التدخل وإلغاء قوانين يسّنها الكنيست. هذه الثورة القضائية التي يقودها لافين وتعتبرها أوساط إسرائيلية واسعة أنها “انقلاب” على الديمقراطية تواصل إشعال نقاش ساخن حول تبعاتها وماهيتها. قاضي المحكمة العليا المتقاعد يتسحاق زمير قال في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” يوم الجمعة إن دولة تمنع فيها المحكمة العليا من إلغاء قرارات حكومية ليست ديمقراطية بل هي نظام استبداد. في المقابل يرى البروفسور في القضاء المحاضر في جامعة بار ايلان اليمينية التوجهات إنه لجانب الحفاظ على استقلال الجهاز القضائي ينبغي عدم الخوف من التغيير داعيا للانفتاح عليه.

«الزيارة الحمقاء»

كما تسعى حكومة نتنياهو فعليا لتغيير ما يعرف بـ “الوضع الراهن” داخل الحرم القدسي الشريف بواسطة الزحف خطوة خطوة وصولا لفتح المكان للصلاة أمام اليهود ضمن مشروع أخطر غير معلن يقضي ببناء هيكل ثالث مزعوم في باحات الأقصى وقبة الصخرة وهذه واحدة من أهداف خفية لبن غفير في اقتحاماته للحرم. هذا الأمر يدفع أوساطا في إسرائيل خاصة لدى خريجي المؤسسة الأمنية للتحذير من أن ذلك هو نوع من العبث ببرميل بارود من شأنه أن يشعل نارا الكل يعرف أين وكيف تبدأ ولا أحد يعرف كيف وأين تنتهي وربما تشعل حربا دينية خطيرة كما جاء في تحذيرات رئيس القسم الأمني السابق في وزارة الأمن الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد الذي دعا نتنياهو للتدخل بسرعة ومنع تكرار مثل هذه “الزيارة الحمقاء”.

وزيران للأمن والأمن الحقيقي مفقود

ومن تجليات عدوانية ودموية هذه الحكومة استئثار الوزير الغيبي المهووس باتسالئيل سموطريتش بصلاحيات أمنية. فعلاوة على تعيينه وزيرا للمالية هو وزير داخل وزارة الأمن مسؤول عما يعرف بـ “الإدارة المدنية” وما يعرف بـ “منسق أعمال الحكومة في المناطق” ما يعني تحويله لحاكم فعلي للضفة الغربية ورأس حربة تنفيذي لتوسيع وتسمين المستوطنات. ويثير منح سموطريتش صلاحيات وزير أمني نقاشا صاخبا في صفوف الإسرائيليين حول المخاطر الأمنية المترتبة فيحذّر كثيرون من ازدواجية في إصدار الأوامر إضافة لتسييس المؤسسة الأمنية. بين هذا وذاك تعتبر حكومة نتنياهو السادسة الأكثر عدوانية تجاه الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر والأبعد عن فكرة تسوية القضية الفلسطينية وهناك توقعات بانفجار وشيك مع الفلسطينيين ينطلق من القدس وينتشر في أرجاء البلاد. في المقابل هناك من يراهن على أن نتنياهو يدرك مخاطر حكومته التي يؤيد نصف وزرائها تغيير “الوضع الراهن” داخل الحرم القدسي الشريف ويعرف مدى انفلات بعض وزرائه سيعمل على استبدالهم بحزب “بيني غانتس” عما قريب بعدما تستقر الأوضاع ويجد مبررا لذلك.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع اخترنا لكم  متابعة نشاط الموقع عين الخبر   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28