أشرف الهور
غزة- “القدس العربي”: تجّلت بشكل خطير خلال الأيام الماضية، علاقة التواطؤ بين منصة “فيسبوك” وسلطات الاحتلال، في إطار محاربة المحتوى الفلسطيني، ومنع وصول الرواية الفلسطينية إلى العالم للتغطية على الهجمات الدامية التي تنفذها قوات الاحتلال، وهجمات المستوطنين الرامية لنهب المزيد من الأراضي الفلسطينية.
واندفعت منصات التواصل الاجتماعي كعادتها وخاصة “فيسبوك”، التي سبق وأن أبرمت اتفاقا مع حكومة الاحتلال لمراقبة المحتوى الفلسطيني، نحو حجب العديد من الصفحات الفلسطينية الإخبارية، فيما يتهدد صفحات أخرى خطر الحظر والإغلاق بشكل كامل، وأبرزها صفحة تلفزيون فلسطين الرسمي.
ويرجع الأمر، إلى قيام تلك الصفحات التي تعود لصحافيين ومؤسسات إعلامية معروفة ومشهورة، بسبب تغطيتها للأحداث الميدانية على الجارية في هذه الأيام، والتي ينفذ فيها جيش الاحتلال عمليات اغتيال وقتل وحشية، بالإضافة إلى عمليات توسيع الاستيطان، وهجوم الجماعات الاستيطانية المتطرفة على المزارعين خلال موسم حصاد الزيتون، وما تخللته تلك الهجمات من اعتداءات على متضامنين أجانب، من خلال طعنهم بآلات حادة، وضربهم، في مشاهد وثقتها كاميرات الهواتف النقالة، ونشرت على مواقع التواصل.
وكتب تلفزيون فلسطين الرسمي، على صفحته في “فيسبوك” معلقا على ما جرى: “نحن في خطر، بسبب سياسات فيسبوك المنحازة للاحتلال، صفحة تلفزيون فلسطين مقيدة ومهددة بالإغلاق”.
وقد دعا المتابعين إلى الانضمام للصفحة الاحتياطية “فلسطين +”.
جاء ذلك بسبب قيام تلفزيون فلسطين، بتغطية واسعة وشاملة للأحداث الميدانية التي تشهدها المناطق الفلسطينية، ونقله أولا بأول اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، ونشرها على صفحته في موقع “فيسبوك”.
ويقول ناشطون على مواقع التواصل، جرى تقييد أو حذف حساباتهم مؤخرا، إن السبب كان بعد أن نشروا تدوينات تنعى الشهداء، أو تغطيتهم لاعتداءات المستوطنين، إضافة إلى تدوينات تنتقد الاحتلال وسياساته العنصرية.
وانتقد رئيس الوزراء الفلسطيني عمليات الحجب التي تتم، وكتب منشور على “فيسبوك” جاء فيه: “حول تقييد المحتوى الفلسطيني عبر فيسبوك، ندعو المنصة إلى مراجعة سياساتها، والانحياز إلى قيم الحق والعدل والحرية، وحق المتلقي بالمعلومة والصورة الحقيقية دون حذف أو إجحاف، أو تقييد؛ أو تمييز؛ وفق الأصول، والقواعد المهنية في صناعة الإعلام الحر”.
وفي هذا السياق، أكد مركز “صدى سوشال” المختص بالإعلام الرقمي ومتابعة الانتهاكات التي تقوم بها إدارات مواقع التواصل، أنه مع تصاعد الأحداث بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وتزايد الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، تزامن الأمر مع “تقييدات وحذف للمحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي للتغطية على جرائم الاحتلال وإسكات الصوت الفلسطيني”.
ونقل المركز أيضا، عن اليوتيوبر والناشط المقدسي صالح زغاري، قوله إن المخابرات الإسرائيلية حققت معه بسبب منشورات على “فيسبوك”، لافتا إلى أن تلك المنشورات تم حذفها في اليوم التالي من قبل إدارة المنصة، مُشيرا إلى أن الاحتلال أخبره أنه حذف قناته على “يوتيوب” منذ شهر.
وكان زغاري اعتقل نهاية الشهر الماضي، وتم الإفراج عنه في السادس من الشهر الجاري بشروط منها: منعه من استخدام مواقع التواصل لفترة زمنية معينة.
والشهر الماضي، وثّق المركز أكثر من 130 حالة انتهاكٍ للمحتوى الفلسطيني، منها 93 انتهاكا تمثلت في حذف الحسابات والصفحات بشكلٍ كامل عن القضاء الرقمي.
وكان “صدى سوشال” قد رصد منذ بداية العام أكثر من 990 انتهاكا بحق المحتوى الفلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، 49% منها كانت بحق الصحافيين والحسابات الإعلامية، وعزز ذلك رصد دولة الاحتلال ميزانيات ضخمة لمحاربة المحتوى الفلسطيني، والضغط على إدارات منصات التواصل الاجتماعي للتضييق على الرواية الفلسطينية وحذف حتى المضامين الصحافية.