عاشت مدينة جنين ومخيمها يوما داميا لم تشهده منذ عدوان “السور الواقي” قبل 20 عاما، بسقوط أربعة شهداء برصاص قوات الاحتلال التي اقتحمت المخيم على غير العادة في ساعات الصباح. وأحد الشهداء شقيق شهيد عملية شارع ديزنغوف في تل ابيب رعد خازم، وثانيهم ينتمي لجهاز الاستخبارات العسكرية.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية بلسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة أن قوات الاحتلال تجاوزت يهذه المجزرة كل الخطوط الحمر. وأكدت حركة فتح في الأقاليم الشمالية أن جريمة الاحتلال في جنين تصعيد خطير يفتح أبواب معركة شاملة في ميادين المواجهة. ودعت الحركة في بيان، إلى الزحف نحو نقاط التماس وفاء لشهداء جنين الأبطال وتوحيدا لساحات المواجهة مع الاحتلال الذي يحاول الاستفراد بجنين وعزلها. وشددت الحركة على أن اليوم هو يوم غضب وتصعيد على كافة نقاط الاشتباك، وإضراب شامل في كافة محافظات الوطن.
واعتبر ماهر الأخرس، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أن أحداث جنين تظهر مبادرة وجرأة وتقدما من الشباب في مواجهة قوات الاحتلال، حيث أصبح الشبان يقابلون الاجتياحات الاحتلالية بمبادرة واضحة في مواجهتها. ونعت فصائل المقاومة في قطاع غزة الشهداء الأربعة وتوعدت بالتصعيد بكل أشكال المقاومة.
ولأول مرة منذ فترة طويلة تتوحد مدن الضفة الغربية في إعلان الإضراب التجاري الذي شمل الجامعات في المدن المختلفة حدادا على الشهداء الأربعة أحمد نظمي علاونة (26 عاما) الذي يعمل في جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، وعبد الرحمن خازم (27 عاما)، ابن المطارد فتحي خازم وأخ الشهيد رعد، والشهيد محمد محمود الونة (30 عاما) والشهيد محمد أبو ناعسة بعد أن أصيب بجراح خطيرة.
وعادت أجواء الانتفاضة الثانية إلى المدينة مع اندلاع أعنف الاشتباكات التي عاشتها منذ سنوات. واعتبر مراقبون الاقتحام بأنه الأكبر حيث استخدمت قوات الاحتلال فيه طائرات مسيّرة وهليكوبتر ووحدات خاصة ومستعربين، إضافة إلى أكثر من 60 عربة عسكرية.
ونفذت قوات الاحتلال الاقتحام في تمام الساعة التاسعة صباحا للمخيم، حيث تمت محاصرة مبنى مكون من ثلاثة طوابق تبعه دخول أكثر من 60 آلية إلى مناطق متفرقة من مخيم ومدينة جنين حيث دارت اشتباكات واسعة وعنيفة أسفرت عن أكثر من 44 إصابة بعضها في حال الخطر.
وفور انسحاب الجنود تمكن المواطنون والإسعاف الفلسطيني من الوصول إلى جثث الشهداء حيث تبين أن جنديا قام بالتمثيل والتنكيل بجثة أحدهم وكتب على جسده كلمة “انتهى” بالعبرية.
وشارك في تشييع الجنازات آلاف المواطنين الغاضبين وانطلقت الجنازات من مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي باتجاه مقبرة الشهداء في المخيم حيث توعدت فصائل المقاومة بالرد على جريمة الاغتيال.
ودعا والد الشهيدين، عبد الرحمن ورعد خازم، إلى توحد المقاومة والفصائل في جنين، تعقيبا على استشهاد نجله عبد الرحمن برصاص الاحتلال.
وظهر المطارد خازم محاطا بعشرات المسلحين حيث اتيحت له مساحة خاصة لوداع ابنه من خلال تأدية التحية العسكرية له، وقال: “لن أبكي دمعة واحدة على ابني، لقد استشهد فداء للأقصى”.
وأضاف في تصريحات صحافية موجهة لفصائل المقاومة: “إن المخيم أمانة في أعناقكم، ووحدة المخيم أمانة في أعناقكم، ووحدة الفصائل، إياكم أن تضيعوها، إياكم أن ننكسر”. وأضاف: “استمروا يدا واحدة، وروحا واحدة، وعلى قلب رجل واحد”.
واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في مناطق التماس تلبية لدعوات الفصائل الوطنية والإسلامية حيث أصيب عشرات المواطنين بالاختناق والرصاص المطاطي.
كما وأصيب 21 مواطنا، مساء أمس، في اعتداء للمستوطنين على منازل المواطنين في قرية مادما جنوب نابلس.
وأفادت مصادر في الهلال الأحمر الفلسطيني بأن 8 مواطنين أصيبوا بعد أن اعتدى عليهم المستوطنون وقوات الاحتلال التي وفرت الحماية لهم، بالضرب، بينما أصيب 13 آخرون بالاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال.
