] مسوغات الشرعية الثورية وضرورتها! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 21 آب (أغسطس) 2022

مسوغات الشرعية الثورية وضرورتها!

الأحد 21 آب (أغسطس) 2022

- جمال الطاهات
لا تكتمل الشرعية الثورية إلا بتزامن ركنيها؛ الأول مشاركة الجماهير بالفعل الثوري هو استفتاء شعبي يتضمن سحب شرعية المستبد الفاسد، وهذا تحقق في الأردن في هبة تشرين عام 2012، حيث شارك عشرات الآلاف بمئات الفعاليات وهتفوا بإسقاط النظام. والثاني منح الشرعية لبديل موثوق يقود مراكب للعبور نحو المستقبل، وهو الشرط الغائب للتغيير في الأردن منذ عام 1957.
المقاربة الثورية يستدعيها المستبد الفاسد حين يرفض الاعتراف بالمطالب الشعبية، مما يفرض على القوى الديمقراطية خياراً حاسماً وهو سحب الاعتراف به والعمل على تقويض شرعيته كخطوة للتخلص منه. فمع تغييب الشرعية الانتخابية لتبلور مشاريع الإصلاح من خلال التنافس السلمي على السلطة، تصبح الشرعية الثورية بركنيها ضرورة تاريخية لتمكين الشعب من استرداد دولته سلطة وموارد.
إن المستبد الفاسد هو الذي يقدم الأساس الموضوعي لتقويض شرعيته. فقيام مستبد فاسد مثل الملك عبد الله بالاستخفاف بالشعب، واستعمال الكلمات بخلاف مضمونها، يشير إلى إحدى احتمالين؛ إما انه عاجز عن فهم المضمون الحقيقي لمفهوم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، او أنه كاذب ويستخف بالشعب ويسعى لخداعه، وفي الحالين لا خيار أمام الشعب إلا تقويض شرعيته والمضي قدماً في مسار التغيير.
لقد قدم الملك عبد الله الثاني كل المبررات الموضوعية لسحب شرعيته، ومواجهته بمشروع وطني متكامل للتغيير. فهو يصر على الحكم بمنطق استعماري وفرض نفسه إرادة تعلو على إرادة الشعب وتلغيها، يتحدث عن الانتخابات ولكنه يزورها، ويتحدث عن الإصلاح السياسي فيعدل الدستور لتعزيز سلطاته، ويتحدث عن الإصلاح الإداري فيقوم بتفكيك مؤسسات الدولة لتمكين عائلته من نهب الموارد المالية عبر منظماتهم الخيرية، ويكلف من كان مسؤولاً عن انتهاك استقلال القضاء برئاسة لجنة تطوير القضاء، ويكلف رئيس حكومة سابق أسقطه الحراك الشعبي لتطوير الحياة السياسية، ويصر على أن لديه رؤية اقتصادية رغم الكوارث الاقتصادية المتلاحقة وأهمها تبديد الموارد وزيادة الديون وتراجع الناتج الإجمالي، وفوق ذلك كله يسعى لتشويه صورة الشعب الأردني أمام العالم وأنه شعب متخلف لا يميز اليمين من اليسار، وتعبيراته السياسية متخلفة وعنيفة.
تزوير الانتخابات وانتهاك المستبد الفاسد للسلطتين التشريعية والقضائية، تلزم القوى الديمقراطية بالعمل على تأسيس شرعيتها الثورية. لقد دمر المستبد الفاسد الانتخابات كمرجعية يمكن الاحتكام لها، وابتذل القضاء وحوله إلى مجرد أداة بين يديه، وأصدر قوانين استبدادية تجرم من ينتقد ممارساته، كما وتجرم من يشير إلى فساده وفساد عائلته ونهبهم لموارد الدولة، والنتيجة هي اعتماد عبد الله الثاني على سلطاته لتجريم المعارضين لسياساته أو “رؤاه” الاقتصادية، كما يحلو له أن يسميها. وبالتالي على القوى الديمقراطية أن تختار إما أن تنتحر سياسياً وتستسلم، أو أن تبدأ بتأسيس شرعيتها الثورية كخطوة ضرورية لعملية التغيير.
لا يمكن بناء الشرعية الثورية على خطاب سياسي “موارب” وملتبس وقابل للتأويل. ففي حين تتكيف مسارات وأدوات ووسائل العمل الثوري حسب موازين القوى ومقتضيات الصراع، يجب أن يكون الخيار والهدف واضحاً لا لبس فيه. فالشرعية الثورية تستند إلى الهدف الواضح وهو تخليص الشعب من المستبد الفاسد، وبناء دولة حقيقية تعبر عن قيم شعبها وتخدم كل مواطنيها بلا استثناء.
ولا بد من التذكير المتكرر ان الشرعية الثورية تبدأ بالتشكل من لحظة ميلاد خيار التغيير، وتكتمل عند التخلص من العقبات التي تعيق نقل مركز السلطة من القصر إلى مؤسسات الدولة. يضاف إلى ذلك أن الشعوب تتحرك نحو التغيير الثوري حين يتوفر بديل سياسي لا يخجل ولا يتردد في تقديم نفسه للشعب باعتباره مركب العبور من الواقع المرفوض إلى مستقبل أفضل، عنوانه تمكين الشعب من استرداد دولته سلطة وموارد، وتعيد تأسيس شرعية الحاكم، أياً كان، إلى صناديق الاقتراع كوسيلة لضمان التداول السلمي للسلطة.
أخيراً، إن ارتباط الشرعية الثورية مع يأس الشعوب من فرص الإصلاح السلمي، يؤكد أن الاستبداد والفساد هما الوقود الحقيقي للثورات، والمستبد الفاسد هو من يقوم بتعبئة الشعوب بضرورة الخيار الثوري وحتميته. إذ يؤكد برايان كروزويير -مؤلف كتاب الثائرون ومحرر نشرة “دراسات الصراع Conflict Studies”- أن الرافعة الحقيقية للثورات هي يأس المجتمعات من تحقيق الإصلاح بالوسائل السلمية والديمقراطية. وفي الأردن تم اقناع المستبد الفاسد بأن قهر الشعب وإلحاق الهزيمة به ضرورة لإدامة حكمه، فاستأثر بكل السلطة والموارد، وتجاهل المطالب الشعبية واحتال عليها، ونشر اليأس من فرص الإصلاح السلمي، ولكنه قدم بهذه السياسة المسوغ الكافي لخيار التغيير محلياً وعالمياً، ومسؤولية القوى الديمقراطية تأسيس شرعيتها الثورية للرد على خيارات الملك المستبد الفاسد، وضرورة لتحويل يأس الشعب من وعود الملك واكاذيبه، إلى وقود حقيقي لعملية التغيير الشامل والحاسم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28