المفكر ناجي علوش في ذكرى رحيله!

د. جورج جبور

الأحد 31 تموز (يوليو) 2022

شعرت باللجنة العربية لدعم القرار 3379 تزداد قوة وقدرة وحصافة حين أعلمني المفكر الكبير الذي كنت اتابع مقالاته منذ الخمسينات انه يود الانضمام. هو ناجي علوش الذي لا يناضل بفكره فقط بل بعمل تنظيمي يحوز الإعجاب العام وان جهلت تفاصيله.
أعلن تأسيس اللجنة في 10 ت الثاني 1986 في دمشق.
قبل عام واحد، في 10 تشرين الثاني 1985، عقد في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك مؤتمر غير حكومي حاز موافقة الأمين العام للأمم المتحدة. هدف المؤتمر: رفع الصوت لإلغاء القرار 3379 الصادر في 10 ت الثاني 1975 والذي يصف الصهيونية بالعنصرية.
دعوت إلى تأسيس جسم مناهض للحملة المطالبة بالالغاء.
تلاقت دعوتي مع دعوات من كثيرين في عداد هم د. غازي حسين و د. عبد الحسين شعبان و ا. عبد الفتاح إدريس وغيرهم من المثقفين العرب المقيمين في دمشق.
أشهرت اللجنة عل نحو غير رسمي ولم تسجل.
كنت الأول بين متساوين ثم تم التوافق علي رئيسا.
تدفق زملاء جدد أبرزهم ناجي علوش وانعام رعد.
وفي إطار اللجنة تعمقت معرفتي بالأستاذ ناجي.
هو أولا مطالع ممتاز. هو اذن مطلع. هو اذن ليس غريبا عن الأفكار بل صانع لها. هو اذن مفكر قادر على الابتكار العملي والسياسي. هو قائد.
واستمر لدي محافظا على تلك الصفة.
صلاته كثيرة. قدرته على النفوذ إلى صميم الحراكات السياسية أمر لا شك فيه. اكتب هذا فيلزمني ما كتبت على تقديم الدليل. حين فاتحته بالنية في تأسيس “الجمعية العربية للعلوم السياسية” ، وأنني ابذل جهودا في هذا السبيل ، عاد ذات يوم وحدثني أن أول رئيس لها سيكون الدكتور وميض نظمي. أفاض في تبيان اطلاعه على ما يخطط له الدكتور خير الدين حسيب رحمه الله.
وكانت لي من الأمر جائزة متواضعة جدا.
أخذ مني بحثا عن جنوب افريقيا فنشره في مجلة ” المستقبل العربي”، باسمي طبعا. هو البحث الوحيد الذي ظهر لي في مجلة توافق اسمها مع سلسلة محاضرات ألقيتها في السبعينات تحت عنوان: “مستقبل الوحدة العربية”.
جولاته الفكرية معروفة لدي. جمعتنا أيضا جلسات عائلية. وكان يعجبني فيه خاصة افتخاره بابنه إبراهيم. إذ أراه أحيانا بصحبة كتاب ضخم الحجم بالإنجليزية فأسأل: من أين لك هذا؟ يجيب بنشوة الأب الفخور: من ابني إبراهيم في أمريكا.
أثر ناجي علوش، كيف نعاينه؟ كيف نوازنه مع غيره من مفكري زمنه، زمننا، فهو منا على مبعدة سنوات قليلة؟
ذلك سؤال هام ولا أغامر إذ اقول أننا في مضمار الإجابة عن ذلك السؤال مقصرون.
والوم نفسي أولا. ألم يكن بالإمكان عقد ندوة عن المفكر المناضل ناجي علوش في الذكرى العاشرة لرحيله؟
… وترد إلى الذهن أسماء أخرى عديدة.
ناجي علوش، أشعر بالفخر لأننا عملنا معا في مرحلة من حياتي كنت قبلها من قرائك وتابعت قراءتي لك بعدها وان بحرص أشد وفهم أعمق.
“من ثمارهم تعرفونهم”، ذلكم قول مأثور. أما أنت يا أبا إبراهيم فقد عرفنا إبراهيم منك. من الشجرة عرفنا الثمرة، وأنها لشجرة وارفة. رحمك الله يا صديق أيام غنية.