] إنهم يترصّدون الإعلاميين ويطاردونهم! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 23 نيسان (أبريل) 2022

إنهم يترصّدون الإعلاميين ويطاردونهم!

رشاد أبو شاور
السبت 23 نيسان (أبريل) 2022

الآن نسألهم، ونعرف قِصَر نظرهم: هل تتابعون الحملة في شقها المعلن على بعض الإعلاميين الفلسطينيين والعرب، وما هو موقفكم منها؟

إنّ هُم، وهم هنا “ضمير” ميّت مبني للمعلوم!

والمعلوم هنا لصّ سرق الأرض، التي هي وطن شعب عريق، جزء من أمة، ومن منطقة قدّمت إلى العالم نبوّة متسامحة تعود إلى رّب غفور رحيم، يشمل الناس أجمعين، ولا يفرّق بين أسود وأبيض وأصفر، ويرفض اعتبار الناس عبيدا وأسياداً.

وعندما نقول “إن هم”، من يترصدون الإعلاميين العرب، وغير العرب، المنحازين إلى الحّق، والحق مع فلسطين، فنحن بالتأكيد نقصدهم، و”هم” تباهوا بما يقترفون، وأنزلوه في كتابهم، فيوشع أرسل اثنين من رجاله إلى أريحا (يريحو) الكنعانية ليَرُوداها، ويتجسَّسا على أهلها، فعادا إليه وأخبراه بما رأته عيونهم من ينابيع ماء وبيوت يسكنها أناس يتمتعون بحقول مثمرة، فأثارا شهيته وجشعه، فتحرّك على رأس جيشه و.. أحرق أسوار أريحا، وذبح وقتل كل آدمي، واحتفظ هو وجنوده بأواني النحاس، لأنها ثمينة أكثر من أرواح البشر، فالبشر جوييم (أغيار)، وهم أشبه بالحيوانات. لذا، فإن أرواحهم مستباحة. هذا ما ورد في سِفْر الخروج، وهو اعتراف ومباهاة بجريمة إحراق مدينة وذبح أهلها، بُناتها الذين لم يقترفوا ذنباً، وكانوا يعيشون في بيوتهم آمنين، وهم أوّل مجتمع بشري مستقرّ مُتحضّر!

قبل أعوام بعيدة، قرأت مقالة لكاتب بولوني عن جواسيس يوشع بن نون، الذين أرسلهم إلى أريحا، وسجّل ليوشع “براءة” اختراع الجوسسة في التاريخ البشري، والفخر بها. وهذا ما ورد في سِفْر الخروج – القصد خروجهم من مصر-، والمقالة ترجمها عن الألمانية الراحل ميشيل كيلو قبل مؤامرة تدمير سوريا وغزوها باللحى من كل العالم، وكان آنذاك يعمل في وزارة الثقافة السورية، وكنّا صديقين، لكنه نسي دور كيان أحفاد يوشع، أو من يدّعون ذلك، في تدمير منجزات سوريا، وتسخير اللحى في معركة تدمير شبكة الصواريخ السورية، لتتمكن طائرات الصهاينة من استباحة سماء سوريا وقلبها دمشق.

الجوسسة مباحة ومباركة دينياً عند الصهاينة، والاغتيالات للأشخاص المتميزين، وتحديداً المناصرين لفلسطين، ومن يفضحون ممارسات الصهاينة وأساليبهم، ويشكّلون خطراً على سياساتهم، وممارساتهم الخبيثة. وفي هذه الحرب، وهي حرب سرية مفضوحة، يتغطّى الصهاينة بحلفائهم ورعاتهم في الغرب، وتحديدا: أميركا وبريطانيا وفرنسا…

خسرنا،ـ نحن الفلسطينيين، عشرات الكفاءات من مثقفينا وإعلاميينا برصاص الصهاينة، وطرودهم الملغومة: الروائي والإعلامي والفنان الكبير غسان كنفاني، والمثقف وائل زعيتر، بالإضافة إلى كثيرين غيرهما. وبعض إخوتنا خسروا شيئاً من أبدانهم، وعانوا عاهات رافقتهم حتى رحيلهم: الدكتور المفكر والباحث الكبير أنيس صايغ، والإعلامي بسام أبو شريف، الذي ما زال حيّاً على الرغم مما ألحقه التفجير بسمعه وبصره، وغيرهما كثيرون…

لجأ الصهاينة، بعد تأسيس الكيان الصهيوني في أرض فلسطين، للاغتيالات، وبدأوها باللورد السويدي، فولك برنادوت، الوسيط الدولي في فلسطين، وتمّ اغتياله بتاريخ الـ17 من أيلول/سبتمبر 1948، لأنه اقترح وضع حد للهجرة اليهودية إلى فلسطين. تمثاله النصفي موضوع في مدخل مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، التي تعترف بالكيان الصهيوني، والتي لم تعاقب إسحق شامير المجرم الذي اغتاله، ولم تعترض على شغله منصب رئيس وزراء الكيان الصهيوني!

لائحة اغتيال المباني ونسفها على مَن فيها في فلسطين، قبل إعلان الكيان، كانت تهدف إلى بث الذعر في نفوس الفلسطينيين، وإرغامهم على الهرب من قراهم، وترك كل ما يملكون للصهاينة. وهذا تَحَقَّق بدعم دول الغرب، وفي المقدمة أميركا وبريطانيا وغيرهما. وعنوان مسلسل الإجرام: مذبحة دير ياسين…

حالياً، يشنّ الصهاينة حرباً إعلامية ضارية على رموز إعلامية من أجل تخويفها، وتشويهها في الغرب، ولابتزاز الجهات الرسمية في دول الغرب كي تسنّ قوانين تهدف إلى تجريم كل من ينحاز إلى القضية الفلسطينية، ومن يُجرّم الممارسات الصهيونية: مصادرة الأراضي، وهدم البيوت، واغتيال الفلسطينيين علناً، والزّجّ بالألوف في السجون، و..الحروب، وخصوصاً على قطاع غزة، وتدمير الأبنية التي أنشأها الفلسطينيون بجهدهم وعرقهم، وتحتها أناس أبرياء، كل ذنبهم أنهم فلسطينيون.

حالياً، يشنّ الصهاينة حرباً إعلامية تستهدف كُتّاباً وصحافيين وإعلاميين فلسطينيين وعرباً، لأكثر من هدف: تخويفهم، وإخافة غيرهم بالتحريض عليهم في الغرب. وهم غالباً يحملون جنسيات البلاد التي يعيشون ويعملون فيها. والعجيب أن هؤلاء تعرّضوا لحملات تشويه من جهات فلسطينية، كلما رفعوا أصواتهم منتقدين، وخصوصاً بعد جناية أوسلو! ومنهم صديقنا عبد الباري عطوان، الذي يتعرّض حالياً لحملة صهيونية في “صحافتهم”، وفي مقدمتها “الجويش كرونيكل”.

بلغ الشطط ببعض السُّذّج، ولا أقول أبعد، أن يكتبوا ويصرّحوا بعد “دخولهم” فخّ “أوسلو”، عبر القول إن كل من يعيشون في “الخارج” ينتمون إلى البلدان التي يعيشون فيها!

هكذا “تنازلوا” عن عودة ملايين الفلسطينيين وهويتهم! وهكذا ينظرون إلى تضحيات الذين ضحوا وبطولاتهم واستشهادهم وجراحهم وسَجنهم من أجل عودة مُشرّفة كريمة لفلسطين العربية الحُرّة!ّ

الآن نسألهم، ونعرف قِصَر نظرهم، وبؤس تفكيرهم: هل تتابعون الحملة في شقها المعلن – فهناك جانب كبير غير معلن – على بعض الإعلاميين الفلسطينيين والعرب، وما هو موقفكم تجاهها؟ ولماذا لا ترفعون أصواتكم و.. تعيدون النظر في سلام “أوسلو” ومسيرة التيه والضياع؟!

يبدو أن الذين يعيشون في “الخارج” باتوا مستهدَفين أيها “الأخوة”. والاستهدف سببه مواقف الكتّاب والإعلاميين المقاومين حيثما كانوا، و.. ربما لا يُستهدَف من يعيش في فلسطين، سواء أكان مثل منصور عباس شريك الصهاينة الشكلي، والمستخذي لهم، أو مثل من يروجون السلام مع الاحتلال على الرغم من كل ما دفعه الشعب الفلسطيني من شهداء وما يعانيه أبطاله في السجون، بعد مسيرة “سلام الشجعان”.

يعرف شعبنا وأحرار أمتنا، والشرفاء في العالم، أن الصهاينة يترصدون ويتجسسون على كل صاحب رأي في العالم، ولاسيما مَن ينحاز إلى فلسطين، ويعرفون خطورة الإعلام الشريف والصادق، والذي يشق أثلاماً في الفضاء تشع نوراً يهدي ويوقظ، في وجه حملات التزييف والتزوير والتشويه الصهيونية، التي تستهدف أفراداً مثل الإعلامي الكبير عبد الباري عطوان، ومؤسسات إعلامية متميّزه، مثل “الميادين”، التي باتت ملء السمع والبصر، عربياً وعالمياً، والتي يقودها الإعلامي الكبير المستهدَف غسان بن جدو.

هذه معركة تستهدف “كل” الإعلاميين الشرفاء، وغير مغفور لمن يسكت، فالعنوان فلسطين، والعنوان حقوقنا كشعوب عربية، من دمشق إلى صنعاء.. ويشمل شعوباً تكافح من أجل نيل حُريتها، مثل فنزويلا وكوبا وإيران…

ويستهدف الإعلام الإرهابي الصهيوني حتى اليهود أصحاب الضمائر، ولا يغيب عن البال تشويههم لسمعة المفكر الدكتور إسرائيل شاحاك وغيره من اليهود، الذين فضحوا تجارة الصهاينة بـ”الهولوكوست” واستثمارها، مثل المفكر فنكلشتاين، واعتبروا أن كل يهودي يُبدي أدنى تعاطف مع الفلسطينيين كارهٌ لنفسه!

عندما كنّا في بيروت، أنتجت الفنانة البريطانية العالمية فانيسيا رديغريف فيلماً وثائقياً تعاطف مع الفلسطينيين، عنوانه “الفلسطيني”، فشنّ الإعلام الصهيوني والمتصهين حملة على الفنانة لأنها رقصت بالعلَم الفلسطيني، وتمّ تغريمها بعد محكمة مغرضة بـ75 ألف باوند إسترليني. وعندما اختيرت للمشاركة في فيلم “قائمة شندلر”، استهدفها الإعلام الصهيوني، رافضاً أن تمثل في فيلم يتناول معاناة اليهود في إبّان الفترة النازية!

إن.. هُم يلاحقون كل إعلامي في العالم، وكل صاحب رأي يُنصف الفلسطينيين، ويرفض العنصرية. وهم يوجهون وسائل الإعلام الغربية، في أغلبيتها، من أجل خدمة أغراضهم التي لا تعرف النزاهة، والتي عادت دائماً قضايا الشعوب وهي تخوض معارك حريتها.

ومع ذلك، ستبقى فلسطين عنواناً وامتحاناً لكل صاحب ضمير في هذا العالم المبتزّ بالتزوير والعنصرية، والذي لن يرضى بالاستبداد والهيمنة للإعلام القائم على التخويف ، والتزوير، وتشويه الحقائق.. وتشويه السمعة، فالعالم ملّ.. ملّ كثيراً، والكتّاب الشجعان تزداد أصواتهم علوّاً وشجاعة. وعلينا أن ندافع عنهم، ونلتفّ حولهم، لأنهم يخوضون أنبل وأصدق وأشرف معركة؛ معركة الحق العربي الفلسطيني.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

42 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 43

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28