] في يوم الأرض.. الأرض تزهر ورودًا وسنابل، والشعب يقاوم ويقاتل - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 30 آذار (مارس) 2022

في يوم الأرض.. الأرض تزهر ورودًا وسنابل، والشعب يقاوم ويقاتل

طارق أبو بسام
الأربعاء 30 آذار (مارس) 2022

تصادف اليوم الذكرى الـ 46 ليوم الأرض، يوم الانتفاضة الشعبية العظيمة، التي انطلقت شرارتها الأولى من عرابة وسخنين وكفر كنا في منطقة الجليل، وعمت كافة مدن وقرى فلسطين المحتلة عام 1948 واتسعت لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس ، والخارج واشعلت الأرض تحت اقدام العدو المحتل. وفي هذا اليوم اتوجه بالتحية كل التحية، تحية الاعتزاز والافتخار لصانعي يوم الأرض، المتمسكين بها والمدافعين عنها، تحية لهم وهم يصنعون المجد، ويكتبون التاريخ بدمائهم من جديد.. تحية لهم في كل موقع من مواقعهم، في كل قرية ومدينة من فلسطين.. تحية لهم في النقب والجليل، في غزة والخليل في أم الفحم وبيت لحم، في نابلس وبيتا في القدس والشيخ جراح، في الناصرة وعكا وحيفا ويافا وبئر السبع ورام الله وطولكرم وجنين وعرابة وسخنين.. تحية لهم وهم من تصدى لقوات ودبابات العدو بأجسادهم وعزيمتهم التي لا تلين، وأعلنوها صريحة مدوية أن مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات عليها في الجليل بهدف تهويد المنطقة لن تمر.. التحية لشهداء وجرحى يوم الأرض، اللذين سالت دماؤهم وامتزجت بتراب فلسطين، لتسقي الأرض، وتبدد اليأس وتنتج الأمل والمقاومة.. تحية لكل من ساهم في صنع يوم الأرض، هذا اليوم الذي أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، ودعا لرحيل الاحتلال، وأكد أن الأرض أرضنا والسماء سماؤنا والبحر بحرنا والهواء هواؤنا والشجر والحجر، كلها لنا ولن نتنازل عن حبة تراب منها.

في هذا اليوم المجيد، لا بد أن نتوجه بالتحية لشعبنا الفلسطيني المنتفض في الضفة الغربية والقدس والشيخ جراح نابلس وجنين والخليل وفي كل المواقع، رغم كل إجراءات العدو القمعية وتعاون سلطة أوسلو معه، لمنع قيام الانتفاضة القادمة في كل الأحوال.

والتحية لشعبنا الصابر المرابط والمكافح في غزة الكرامة والعزة ومقاومته، هذا الشعب الذي يعاني من الحصار والتجويع بتآمر عربي وشراكة من السلطة، ورغم ذلك تصدي للعدو في حروبه المتعددة ضد القطاع، وخاض معركة سيف القدس دفاعاً عن الأقصى والشيخ جراح، هذه المعركة التي حققت نتائج كبيرة لصالح المقاومة مقابل خسائر كبيرة في صفوف العدو، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وفرضت معادلات جديدة لم يستفاد منها كما يجب.

وفي هذا اليوم نتوجه بالتحية الخاصة للمقاومين الأبطال محمد القيعان بطل عملية النقب، وخالد وايمن اغبارية، أبطال عملية الخضيرة الذين احتفلوا بهذه المناسبة على طريقتهم، ووجهوا من خلال عملياتهم الرسائل في كافة الاتجاهات، للاحتلال والمطبعين العرب الذين اجتمعوا في نفس الفترة في النقب، عندما التقى وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب مع وزير الخارجية الصهيونية وبرعاية وزير خارجية الولايات المتحدة. لقد أكد الأبطال من خلال عملياتهم ان المقاومة هي الطريق إلى التحرير، هذه العمليات التي أكدت وحدة الشعب والأرض والمصير، وقالت للخونة والمطبعين العرب طبعوا كما شئتم، العدو لن يحميكم وهو غير قادر على حماية نفسه، ومصيركم جميعاً إلى مزبلة التاريخ.

يوم الأرض مناسبة عظيمة، نحتفل فيها في كل عام، ليس من أجل توجيه التحيات والتمجيد فقط، وهذا واجب علينا، وإنما، وهذا هو الأهم، من أجل استخلاص الدروس والعبر منها والوقوف أمام الأسباب التي أدت إلى اندلاعها، حتى يتسنى للأجيال الشابة معرفة ذلك.

لقد اندلعت هذه الانتفاضة الشعبية، بعد أن اتخذت سلطات الاحتلال قرارا بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الجليل في عرابة وسخنين ودير حنا وغيرها، حيث رفضت جماهير الشعب الفلسطيني هذا القرار وتصدت له بكل قوة ودعت إلى إضراب شامل بتاريخ 30/03/1976، وفعلاً تمت الاعتصامات وانطلقت المظاهرات والمسيرات في كافة أنحاء فلسطين، قامت قوات العدو بالتصدي لهم، وارتقى الشهداء وسقط الجرحى

حيث استشهد في هذا اليوم كل من: خير أحمد ياسين من عرابة، وخديجة قاسم ورجا أبو ريا، والشهيد خضر خلايلة من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت علي زهدي من مخيم نور شمس واستشهد في الطيبة.

بعد ذلك، لا بد من تسجيل أن الهدف الرئيس من يوم الأرض تمثل في توجيه رسالة واضحة للعدو، وكل من يقف معه، أن الشعب الفلسطيني هو صاحب هذه الأرض ولن يتخلى عنها وسيقاوم ويستمر في مقاومته حتى تحريرها، وأن سياسة مصادرة الأراضي واقتلاع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه لن تنجح ومصيرها الفشل، ولتؤكد بشكل واضح أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب وأرض وقضية احتلال يجب أن يزول، وليست قضية حقوق ومساواة فقط.

أما الدروس من انتفاضة يوم الأرض فهي كبيرة ومتعددة، نسجل أهمها:

١_ أكدت الانتفاضة في يوم الأرض أن فلسطين واحدة موحدة شعبا وأرضا ولا تقبل القسمة أو التقسيم.

٢_ فشل المراهنات الصهيونية على نظرية طالما رددها كبار قادة العدو، تقول بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، حيث أثبتت الانتفاضة في يوم الأرض أن الجيل الجديد متمسك بأرضه وهويته، بشكل لا يقل عن الجيل القديم، وسوف يناضل شعبنا جيلا بعد جيل من اجل تحريرها

٣_ فشل المراهنات على عامل الزمن وسقوط الحق بالتقادم، الحقوق ثابته لن يمحوها الزمن وتغيير موازين القوي كفيل باستعادتها وتصحيح مجرى التاريخ.

٤_ أكدت أن الطريق لتحرير الأرض هو طريق المقاومة والتمسك بالحقوق لا غير، اما طريق التنازل والمساومة لن تكون نتيجته سوى المزيد من التراجع والخسارة.

٥_ أثبتت الانتفاضة حقيقة دولة الكيان بصفته كيان عنصري اقتلاعي استبدادي، يقوم على مصادرة الأراضي والاضطهاد والتمييز.

٦_ أكدت أن شعبنا الفلسطيني في منطقة الـ ٤٨ هو جزء أصيل من الشعب الفلسطيني وهو القادر على تغيير معادلة الصراع مع العدو والانتصار عليه، وهو عامل أساسي ورئيس، في تفكيك الكيان وتفجيره من الداخل.

نحتفل اليوم في هذه المناسبة، في ظل متغيرات كبيرة تجري على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى المستوى الفلسطيني ما زال الانقسام سائدا وتتحمل السلطة المتنفذة المسؤولية الأولى والأساسية عنه، بسبب تمسكها باتفاقيات أوسلو والتنسيق الأمني ورفضها لتطبيق القرارات الوطنية، وإصرارها على الهيمنة والتفرد والرهان على الحلول والتسويات الاستسلامية ورفض خيار المقاومة، دون أن يعني ذلك ان الأطراف الأخرى في الساحة خالية المسؤولية، وهي بالتأكيد تتحمل جزءا منها.

ورغم الصورة السلبية للوضع الفلسطيني متمثلا بالانقسام، إلا أنه هناك صفحات مشرقة يجب أن نراها، انتفاضة القدس والشيخ جراح وتزايد أعمال المقاومة الشعبية المسلحة في كافة أنحاء فلسطين.

أما على صعيد العدو فهو يعيش في حال تراجع، وتزداد عوامل تفككه من الداخل، ويسير نحو هزيمته المحتومة، وها هو اليمن ينتصر وصواريخه تدك عمق دول الأعداء، وغيران تفرض شروطها في مباحثات الملف النووي وترد الصاع صاعين للمعتدين كما حصل في عين الأسد وأربيل. وسوريا تتقدم وتحقق الإنجازات ومن بوابتها يعاد الآن رسم خرائط المنطقة، بل وخرائط العالم الجيوسياسية، وتفك عزلتها ويفشل حصارها. ولبنان صامد بمقاومته وجيشه وشعبه ويفرض معادلات التوازن والردع مع العدو. ولا شك أن الحدث الأبرز والأهم على المستوي العالمي هو ما يجري الآن من معركة تدور في أوكرانيا، هي حرب عالمية ثالثة بكل المقاييس وإن اختلفت أساليبها، يخوضها الأطلسي والغرب بقيادة أمريكا ضد روسيا وحلفائها. حرب وضعتنا على أبواب متغيرات كبرى على الصعيد العالمي، ومن البوابة الاوكرانية سيعاد رسم خرائط العالم الجيوسياسية من جديد، وسينتهي عهد الهيمنة والتفرد وأحادية القطبية والدولار (ليس المجال هنا للحديث عن ذلك).

لقد شكل يوم الأرض يوما فاصلا في تاريخ وحياة الشعب الفلسطيني عموما والداخل خصوصا، واستحق عن جدارة هذا الاسم كونه كتب بالدم.. صحيح أن يوم الأرض لم يحرر قرية أو مدينة، لكن الصحيح أيضا أنه أفشل مخططات العدو، وحرر الوعي الفلسطيني وهذا هو الأهم، كونه لا يمكن تحرير الوطن والأرض دون تحرير الوعي والإرادة، كون الخطر الأكبر الذي يهدد الشعوب أن يقبع وعيها في الأسر ويغفو حسها الوطني وينام، وهذا ما لا تقبله ولا ترضى به الشعوب الثائرة من أجل حريتها واستقلالها.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28