] يوم الأرض الفلسطيني ومحور كوشنير - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 30 آذار (مارس) 2022

يوم الأرض الفلسطيني ومحور كوشنير

حاتم استانبولي
الأربعاء 30 آذار (مارس) 2022

عندما انتفضت الجماهير الفلسطينية في قرى المثلث والجليل والنقب، ردًا على سياسة مصادرة الأراضي الخاصة والمَشاع لواجهات القرى الفلسطينية، من أجل بناء المستوطنات الصهيونية في سياسة ممنهجة للتضييق على الفلسطينيين، كانت انتفاضة تحمل معاني عميقة وحدوية ونضالية وسياسية. الانتفاضة في آذار ١٩٧٦، كانت أول عمل جمعي نضالي فلسطيني واعي منظم منذ النكبة، أكدت من خلاله الجماهير الفلسطينية في ال١٩٤٨ حضورها الوطني، وبأنها جزء رئيسي من الحركة الوطنية الفلسطينية.

الذكرى هذا العام تأتي في ظروف اشتداد الهجمة الصهيونية الممنهجة على الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني، هذه الهجمة التي توسع أطرافها لتشمل محور كوشنير الرباعي الذي عقد أول لقاء معلن تحت العلم الإسرائيلي، تنفيذًا لبنود صفقة القرن، تحت عنوان اللجان الأمنية من رباعية وسداسية. إن اللقاء الوزاري (الإماراتي - البحرين ي – المغربي - المصري - الإسرائيلي) برعاية أمريكية، هو في الجوهر موجه ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه، وهو تشريع للهجمة الإسرائيلية الاستيطانية على الشعب الفلسطيني، خاصة أنه ينعقد في النقب الذي يشهد الآن أشرس هجمة صهيونية استيطانية من تهجير ومصادرة للأراضي الفلسطينية.

اجتماع محور كوشنير في النقب الفلسطيني بحضور وزير خارجية الولايات المتحدة (الديمقراطي)، يؤكد أن إدارة بايدن (الديمقراطية)، لا تختلف مع سياسة إدارة ترامب (الجمهورية)، بما يخص صفقة القرن، بل هي استمرار لها، واجتماع هذ المحور يأتي للتنسيق السياسي، بالرغم من أنه على مستوى وزراء الخارجية، إلا أن عواصم المجتمعين كل منها تريد من اللقاء أن يوظف لمصالح خاصة، على حساب الحقوق الفلسطينية؛ فالجانب المصري يريد أن يسعفه اللقاء لتسهيل الحصول على قرض البنك الدولي، لرأب الصدع في الحالة الاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت بعد الأزمة الأوكرانية. والمغرب يريد من اللقاء المساعدة لمواجهة تصاعد الأعمال العسكرية مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. والبحرين تريد من اللقاء استمرار الدعم الإسرائيلي والأمريكي للتغطية على ممارساتها القمعية والتمييزية الغير انسانية ضد شعبها. والإمارات تريد من اللقاء تأكيد أنها لاعب إقليمي، يحظى بعلاقات ممتدة ما بين طهران ودمشق وتل أبيب. أما إسرائيل، فتريد من اللقاء الذي يعقد على وقع الأخبار الإيجابية الواردة من فيينا، من أجل إرسال رسالة إلى واشنطن تؤكد فيها: أن الموقف من أي اتفاق متوقع مع إيران، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مواقف دول محور كوشنير، كما أنها تسعى لتعميم مفهوم، أن مستقبل أمن الأنظمة التابعة، مرتبط بإقرارها بالدور الإسرائيلي كعامل ضامن لأمن نظمها في مواجهة محور مقاومتها. إن النشاط السياسي الإسرائيلي في عدة عواصم عربية؛ يسعى لمشاركة هذه العواصم لزيادة الضغط السياسي والاقتصادي والاجتماعي على الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، بوقف تصعيدها النضالي الذي سيضع الموقف الإسرائيلي والأوروبي والأمريكي في حالة من الإرباك، في ظل مواقفهم من الأزمة الأوكرانية، وفي هذا الإطار، توضع كل التحركات والاجتماعات المتتالية وزيارات التهدئة إلى رام الله ورسائل الوسطاء لغزة.

إن الظروف التي تحيط بالذكرى ال٤٦ ليوم الأرض، تتطلب من الشعب الفلسطيني وقواه اليقظة لما يحاك، من قبل محور كوشنير، لتحويل نصوص صفقة القرن إلى وقائع من خلال البوابة الخلفية، وهذا يتطلب عمل فلسطيني واعي لمواجهة التحديات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطيني وتحويلها من قضية تحررية وطنية إلى قضية معيشية سكانية، واعتبار المقاومة، تحدي أمني لمحور كوشنير، وعليهم جميعا مواجهتها بشكل جمعي ضمن سياسة أمن جماعي، بمظلة إسرائيلية.

مواجهة هذا التحدي فلسطينيا، يتطلب إعادة صياغة المواجهة الفلسطينية برؤية وطنية فصائلية جمعية، من خلال توسيع هامش التقاطع الوطني والتعامل مع فتح كفصيل عليه مسؤولية وطنية تختلف عن مسؤولية السلطة الفلسطينية التي حشرت نفسها في إطار رؤية سياسية، أثبتت الوقائع أنها سياسة عقيمة يستفيد منها الاحتلال الإسرائيلي الإحلالي للتمدد في المحيط العربي.

إن يوم الأرض الذي وحد الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، أعطى درسًا وطنيًا بأهمية الوحدة الوطنية القائمة على أساس سياسة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الإحلالي، هذا الدرس هناك ضرورة لإعادة قراءته وتحمل المسؤولية الوطنية من قبل كافة الفصائل الفلسطينية، واعتبار التحدي المقاوم الجمعي للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، مؤشرًا مهمًا لإمكانية تحقيق الوحدة الوطنية بين فصائل المقاومة الفلسطينية.

على أبواب الذكرى ال٤٦ مرة أخرى، أعطى شعبنا في الداخل، درسا في المقاومة والفداء في النقب والخضيرة وفي بني براك، ليسقط المقولة الإسرائيلية بإمكانية تدجين فلسطينيو ال١٩٤٨، فالنقب والخضيرة تابعتا مقاومة اللد والرملة التي ساندت مقاومة الفصائل في مواجهة العدوان الإسرائيلي في معركة سيف القدس التي ناصرت أهالي الشيخ جراح.

الحقيقة الدائمة، أن المقاومة هي عامل وحدة جمعي فلسطيني، بغض النظر عن أشكالها، ولكن إذا ما تم جمعها في إطار برنامج وطني فلسطيني مقاوم، يرى الإيجابي في أشكال المواجهة ليبني عليها، ويوظف إمكانيات الشعب الفلسطيني المتعددة والمنتشرة بشكل خلاق، نستطيع تحقيق توازن نسبي في ميزان القوى، خاصة بعد أن شهد العالم ازدواجية المعايير، في ضوء الأزمة الأوكرانية التي أسقطت الأخلاقيات الغربية وكشفت جوهرها التمييزي بما يخص مشروعية المقاومة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 20

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28