] مايو الفلسطيني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 16 أيار (مايو) 2017

مايو الفلسطيني

زهير ماجد
الثلاثاء 16 أيار (مايو) 2017

الكبار الفلسطينيون فارق معظمهم الحياة ومن تبقى منهم اهترأت عظامه، لكن النكبة لم تفارق أحدا، كل الأجيال الفلسطينية بدون استثناء تتذكرها كأنها عاشتها وكأنها تحيا من أجل أن تتذكر أن لها موعدا في فلسطين ليس من السهل نسيانه، لعلها الذكرى الوحيدة التي تستاهل الموت من أجلها.
في كل خامس عشر من مايو يصل عمر إسرائيل رقما جديدا، هي تستعجل الزمن كي يكون لها تاريخ بلا سواد، لكن أنى لها ذلك طالما أن هنالك فلسطينيا واحدا خارج أرضه.
بقايا كبار السن من الفلسطينيين يجلسون بأجسادهم المرتجفة على مصاطب بيوتهم الرثة .. لقد شاخوا كثيرا ولكن الأمل الذي زرعوه في أبنائهم يتعاظم، فالعروس فلسطين احتفال دائم في القلب والعقل، أنها دائمة النضارة، أكبر من حلم وأكبر من حب .. وهي أجمل التاريخ الذي يأتي غدا وسيأتي .. فكم انتظر هؤلاء الكبار ولم يملوا وفي أيديهم مفاتيح بيوتهم في فلسطين وعلى ثغرهم وجه قمرها ولون شمسها وطعم مياهها وغبار رملها وترابها ومذاق فاكهتها وشم زيتونها وزيتها …
لاتموت الأوطان من كان لها شعب كالشعب الفلسطيني الذي يسأل يوميا عن فلسطين .. الأجيال الفلسطينية تردد أن الأمر لي، القوة المفرطة لإسرائيل لاتحجب الحقيقة ولا تخيف ، كل ماتفعله أنها تقتل للحظة أو لساعة أو ليوم وأيام ، ثم تنجلي بعدها قدرة هذا العدو عن سحق فكرة أصيلة ودم يتكون من خلايا فلسطين.
تتعاظم الذاكرة، فالأجيال تكبر وتزداد، حسابات الصهيوني كثيرة من تلك الأرقام الفلسطينية التي تزيد من حجم التذكر بدل أن تتمكن من إغلاقه .. يالها من ذاكرة محشوة بالرصاص الذي لابد منه .. ربما العالم تنجح فيه التسويات السياسية إلا فلسطين، وكذلك الدبلوماسية إلا فلسطين ، كل الذين يفكرون بأن الحل سوف يأتي من مقرات الأمم المتحدة أو من خلال مواقف العالم مع الحق الفلسطيني لاينسجمون مع الحقيقة القائلة بان الكيان الصهيوني هو عكس كل تفكير وكل أفكار من هذا النوع ، لأنه استيطان .. كان لايمكن خلع فرنسا من الجزائر إلا بالقوة المسلحة بعدما استوطنتها مائة وثلاثين سنة، لاقيمة للسنوات طالما هنالك مطالب ورصاص وهوية حية وشعب حيوي لايهمل إطلاقا بلاده.
لو طالب اللبنانيون بالحسنى إعادة أرضهم التي كانت قد اغتصبتها إسرائيل في جنوبه لكانت حتى الآن كلام يروي كلاما، لكنهم الشهداء غسلوها، والنبدقية أعادت لها فجرها .. ثمانية عشر عاما ظل المقاوم اللبناني يلاحق الإسرائيلي وعملاءه إلى أن هرب الاثنان، فلم يعودا يحتملان تصميم المقاومة، والتصميم هو مايقتل العدو والثبات هو مايدحره. إنه علم قديم يحتاج دائما إلى العودة إليه فهو من ثوابت الأفكار المنتجة لحرية الأوطان.
كل شهور السنة هي 15 مايو بالنسبة للفلسطيني، وكل الأيام مساحة شوقه لبلاده، الخائبون يريدون نهجا لايليق بشعب لديه هذه القدرة العالية من البذل والدماء، وهو في كل لحظة قادر على أن يعطي حقيقة تكوينه لاتصغير أكتافه . سيأتي الأميركي ويروح، لكنه دائما يروح قبل أن يأتي، فهو يريد لإسرائيل البقاء بل المزيد من النعمة، ومن الاحتفال بتوسيع دائرتها حتى لو تسلقت إلى النجوم .. كان الفلسطيني ذات يوم رقما صعبا يوم جعل العالم يسأل دائما لماذا هنالك فلسطينيون يحملون السلاح ويموتون من أجل بلد له علم واسم ومكان وتاريخ وشعب هو هذا.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28