سيحضر الدم العربي في القمة العربية في مدينة عمَّان بالأردن، لمناقشة سبل إيقاف نزيفه، الدم الذي لا يزال يكتب قصة طويلة مع الصراع الذي دفعه، في الجزائر، وفي لبنان، وفي مصر، وسوريا، واليمن، والعراق، وليبيا، والصومال، وتونس، وفي سوريا حيث أغزره.
نعرف كعرب بواكير الدم، نقرأه في شعرنا ونثرنا، نكتبه كلما جد تهديد لمستقبل، أو وعيد لحلم .. ذهبت مرة إلى العراق وكان قتاله مع إيران قد توقف، زرت إحدى مكتبات الأصدقاء فرأيته معلقا ثلاث صور لشباب أعرفهم، كانوا شركاءه، فأخبرني أنهم استشهدوا .. لا يخلو بيت دون صورة شهيد، سواء في العراق أو سوريا، وفي أماكن عربية لا يعرف المرء من يقاتل من، ولماذا يتقاتلون، وما هي الأسباب؟!
لو حكينا قصة التاريخ العربي لقلنا إنه الدم من يحكيها، ولو اخترعوا آلة لتسجيل صوت الآلام التي مرت على المنطقة، لانفردنا بالأكثف منها، ولو كانت هنالك كاميرات في الزمن القديم الذي سبق اختراع الكاميرا، لوجدنا التفاصيل المضنية لمسيرة أمة.
كرسي للدم العربي علمه من شرايين شبابنا، ومن سمرة خدود نسائنا، ومن دموع أطفالنا وحس خوفهم المسجل في ضمير غائب، ومن رجفة يد عجوز لم يستطع أن يهرع للاختباء من بربري قادم. من عادة الأحلام أن تكون رجع صور لأفكار تاهت في الذاكرة ثم تزاحمت أثناء النوم، أكاد أعرفها عند أطفال سوريا الملاحقين بالخوف والهلع وبرؤية أقاربهم وهم يولولون، وأمام رؤية التائهين الهاربين من جحيم معارك الموصل وهم يقطعون المسافات كي يصلوا الأمان وعلامات الوجع المضني تملأ الوجوه فيما الأصوات ترتجف .. كل الذين حكوا للكاميرا مصيبتهم مع “داعش” كان صوتهم يرتجف، هم رأوا غولا وبربريا بأنياب وعيون تخرج منها النار وعلى شفتيه بقايا طفل كان لا يزال يلعكه.
ثم هذا الطفل ابن الثمانية أعوام الذي اعتقله الجنود الإسرائيليين كي يدلهم على أطفال وهو بالكاد يتذكر حتى اسمه في هذه اللحظة البائسة، وكما يقال فإن دمه نشف من خوفه، مع أنه فلسطيني اعتاد الخوف فرآه كذبة، واكتشف أن الحياة لا تليق بالخائفين.
نريد من القمة العربية أن تحدث انقلابا على كل القمم، خير أمة أخرجت للناس عليها أن تمارس هذه الفكرة، أن تقدم الدليل عليها، وهي ترى الدم يتصدر أقطارنا، والخراب يزيد ويتعمم .. قادة العرب مطالبون بالأمل، بمسح عيون أطفالنا التي ملأتها الدموع، وغسل لهاث نسائنا وهن يهربن من مكان إلى آخر، واحترام شيبة شيوخنا الذين تاهوا مع الزمان. قادة الأمة يمكنهم أن يقرروا وهم باتحادهم يشكلون القوة، وإذا خبطوا على الطاولة سيسمع العالم ارتجاجًا لا مثيل له، بإمكانهم أن يقولوا الكلام الذي يوقف النزيف، وأن يعلي من شأن الإنسان العربي ويجعل لغده صورة حلم جميل.
في أصعب لحظات الهزيمة العربية في يونيو 1967 لم يذهب العرب إلى الاستسلام، بل خبطوا رؤوس العالم بقول تاريخي أن لا صلح ولا اعتراف ولا مصافحة. كانت مفاجأة للإسرائيلي الذي ظن أن العرب سيكونون على طاولة الاستسلام كما فعل الياباني أمام الأميركي إثر سقوط القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي.
الاثنين 27 آذار (مارس) 2017
الدم العربي وآمال إيقاف نزيفه
زهير ماجد
الاثنين 27 آذار (مارس) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
33 /
2346416
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 21